أوبرا وينفرى تتوسط مجموعة من سيدات المجتمع الأمريكى سبعة أرقام قياسية جعلت منها »امرأة العقد المنصرم«2010-2000)) ليس فقط لأنها الإعلامية الأشهر والأغني عالميا، إذ تبلغ ثروتها 7,2 مليار دولار، وليس لأن متوسط عدد مشاهديها يصل لخمسين مليون نسمة، من 145دولة، أسبوعيا، وليس أيضا لأنها وحدها استطاعت إقناع مليون ونصف مليون أمريكي بالتصويت لباراك أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008، و لكن لأنها عاشت حياة تستحق أن نقف أمام تجربتها طويلا لنتعلم منها كثيرا ..إنها مقدمة البرامج الأمريكية اللامعة "أوبرا وينفري". صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية صنفتها، مؤخرا، ضمن قائمة أكثر مائة شخصية تأثيرا في العالم و أهم إعلامية علي الإطلاق، فملكة برامج "التوك شو"صاحبة ال56 عاما، و التي لا تملك جمال و رشاقة نجمات هوليود، توصف بأنها ماكينة لإنتاج الدولارات و تحقيق أحلام البسطاء، وعلي مدي خمسة وعشرين عاما، هي عمر برنامجها"أوبرا شو"تمكنت من غزو قلوب مشاهديها و التربع علي عرش إمبراطورية الميديا الأمريكية و الأهم أنها بلغت القمة و استطاعت الحفاظ عليها، و إذا كان العام الجاري هو الأخير في عمر برنامجها الشهير فإنها في الوقت نفسه ستطلق شرارة بدء برنامجها الجديد Operah Winfery Network(OWN)"، و ذلك علي موجات قناتها الفضائية الخاصة. في الثانية و الثلاثين من عمرها أصبحت أول أمريكية من أصول أفريقية تلتحق بنادي المليونيرات..لا تشعر بأي عقدة نقص بسبب بشرتها السمراء، بل هي فخورة بها، ولا تجد حرجا في مواجهة منتقدي وزنها الزائد، فهي أكثر من يسخر من نفسها لدرجة قولها إن الرب كان يعنيها هي حينما طالب الناس في الكتاب المقدس"بألا يحجبوا نور السماء"..عزباء بلا أطفال، اختارت أن تعيش وحيدة وأن تكرس أموالها وحياتها لمساعدة كل محتاج، وعادة ما تلعب دور القديسين في برامجها حينما تخاطب مشاهديها" Follow me، my fellows أو "اتبعوني يا إخوتي سأدلكم علي الطريق"..رسالة إنجيلية في مهمتها الإعلامية. "أوبرا وينفري"وحدها قادرة علي أن تجعل مشاهديها يبكون و يضحكون في وقت واحد حينما تريد هي ذلك، وتاريخها المهني يشهد علي أنها قادرة علي أن تنتزع من ضيوفها مالا يقدر غيرها علي انتزاعه، ففي عام 1993اختار أسطورة البوب الراحل "مايكل جاكسون" أن يتحدث إليها بعد صمت استمر أربعة عشر عاما أمام وسائل الإعلام، وفي عام 2005 اعترف أمامها النجم "توم كروز"بحبه "لكاتي هولمز"، أما المطربة"مادونا"فقد كشفت لأوبرا، حصريا في عام 2006، عن نيتها في أن تتبني طفلا من مالاوي..و لكي تشجع أوبرا الأمريكيين علي القراءة ليلا فقد طافت الولاياتالمتحدة بصحبة الكاتب الأمريكي (الروماني الأصل) "إيلي ويزل"الحائز علي جائزة نوبل في الأدب. التوعية بأهمية القراءة هو أهم ما يشغل بال "أوبرا"، ومن أجل هذا الهدف أنشأت"نادي كتاب أوبرا"، الذي يعد من أكثر المؤسسات الثقافية تحقيقا للأرباح من بيع الكتب في بلد عرف عن شعبه عدم اهتمامه بالقراءة، و يكفي أن يحمل أي كتاب أو رواية شعار"نادي كتاب أوبرا"كي يحصل علي لقب best-sellers ، فقد أعادت طبع رواية "آنا كارنينا"للأديب الروسي العظيم "ليو تولستوي"، و كذلك رواية "عناقيد الغضب"للكاتب الأمريكي"جون شتاينبك"، اللتين نشرتا منذ عشرات السنين، لتحققا من خلال ناديها مبيعات هائلة، و هو ما دفع الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن للهرولة إليها لتنشر له مذكراته"قرارات حاسمة"، و كذلك فعلت"ساره بيلين"مرشحة الجمهوريين لمقعد نائب الرئيس في انتخابات الرئاسة السابقة، لعلهما يلقيان شيئا من القبول. مواقف شجاعة يحسب لها كثيرون مواقفها الشجاعة تجاه العديد من القضايا فقد عارضت بشدة الحرب علي العراق، وهي أول من أدان بالعنف و التعبيرات الجنسية الفاضحة في أغاني الراب التي يغنيها أصحاب البشرة السمراء، وفي عام 1993أفضت حملاتها الإعلامية لإصدار قانون جديد يغلظ عقوبة مرتكبي الجرائم الإعتداءات الجنسية بحق الأطفال..أما أعمالها الخيرية فقد طالت حتي جنوب الجنوب، هناك في جنوب أفريقيا تملك مدرسة خاصة لتعليم و إيواء مئات اليتامي، وفي عام 2005تبرعت بمليون دولار لصالح ضحايا إعصار كاترينا، هذا فضلا عن جهودها في محاربة العنصرية..تلك العنصرية التي منحتها اسما غير الذي أرادته لها أمها ، ففي التاسع عشر من يناير عام 1954، ذهبت تلك الأخيرة لمكتب صحة مدينة"كوسيتشكو"بولاية "ميسيسيبي"لتسجيل ابنتها باسم "أورباه Orpah" ولكن الموظف المختص قام بقلب حرفين مستكثرا علي رضيعة سمراء اللون أن تحمل اسم فتاة طاهرة جاء ذكرها في العهد القديم..و بالرغم من أن منتجي برامجها حاولوا إقناعها بتغيير اسمها إلي "سوزي"إلا أنها فضلت الاحتفاظ بإسم "أوبرا"كي تتذكر دوما أن لها معركة ضد العنصرية و التمييز. طفولة بائسة طفولتها كانت بائسة فقد عرفت حياة الفقر و التشتت، نظرا لكونها ابنة لخادمة و حلاق من غير المؤكد أنه أبوها الفعلي، و بعد انفصال والديها تعرضت لما هو أبشع فقد اغتصبها أحدهم و هي في التاسعة من عمرها و في الرابعة عشرة أنجبت ، سفاحا، طفلا لم يعش كثيرا..ومع تشكيك البعض في قصة تعرضها للاغتصاب و اتهامات البعض الآخر لها بأنها متقلبة المزاج و تهوي الإيقاع بالرجال، تقول "كيتي كيلي"كاتبة سيرتها الذاتية:"الشيء المؤكد أن أوبرا عانت كثيرا في طفولتها"..في الخامسة عشرة من عمرها انتقلت للعيش مع أبيها في ولاية"تينيسي"، حيث أصبحت مجبرة علي قراءة كتاب أسبوعيا بل وتقديم ملاحظتها لأبيها علي ما قرأته، و كان ذلك سببا في سعة أفق و بلاغة ميزتها كثيرا عن أقرانها في المدرسة فكانت دائما الأولي، وفي سن العشرين كانت أول سمراء تقدم نشرة الأخبار عبر موجات الأثير، و بعد تنقلها بين أكثر من محطة راديو استطاعت في عام 1983أن تزيح "فيل دوناوي"ملك برامج التوك شو في ذلك الوقت، من علي عرش الشاشة الصغيرة. ربع قرن من النجاحات المتواصلة وكأن النجاح هو الذي يعشقها ويسعي إليها، .. فمجلتها "O Magazine"توزع 4,2مليون نسخة شهريا، ويرتفع الرقم إذا ما تصدرت هي الغلاف، و"نادي كتب أوبرا"لا يتوقف عن تحقيق أرباح مليونية في ظل أزمة اقتصادية منشأها أمريكي بامتياز، أما جمعيتها الخيرية"شبكة ملائكة أوبرا "فتجذب آلاف المتبرعين لثقتهم في أن أموالهم ستذهب لمن يستحق.. وبالنسبة لبرنامجها الجديد ، علي موجات قناتها الخاصة التي ستبث من لوس أنجلوس، فهو موجه لسبعين مليون أسرة، و تعد "أوبرا" بأن ما ستقدمه سيكون أكثر إثارة و تنوعا وتشويقا مما قدمته من قبل علي مدي الخمس وعشرين عاما الماضية، وتشير ملكة "التوك شو":"أعمل منذ ثلاث سنوات علي إنشاء قناتي الخاصة .. أعتبرها الطفل الذي رزقتني به السماء .. لدي رؤيتي لما ستكون عليه خلال ثلاث أو خمس أو عشر سنوات.. لن أجعلها إلا مصدرا للأمل ومتنفسا لكل من لا متنفس له". أوبرا في أرقام: - 7,2مليار دولار حجم ثروتها. - 50 مليون عدد مشاهديها أسبوعيا في 145 دولة في أنحاء العالم علي مدي 25 عاما. - حصلت علي 35 جائزة في التميز الإعلامي. - مجلتها الشهرية توزع 4,2 مليون نسخة. - جمعت 3 ملايين دولار لدعم الحملة الانتخابية لباراك أوباما في 2008. - تقدر قيمة الأرض التي تملكها في ولاية كاليفورنيا فقط ب90 مليون دولار.