مجدي سليم رئيسًا للجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بالشيوخ    سناء خليل: مايا مرسي تستحق منصب وزيرة التضامن بجداره    وزير التموين يفتتح «هايبر وان» باستثمارات تصل مليار ونصف.. «يوفر 1000 فرصة عمل»    الحكومة تدرس نقل تبعية صندوق مصر السيادي من التخطيط إلى مجلس الوزراء    رئيس الوزراء: نعمل على استفادة ذوى الهمم من التيسيرات الموفرة لهم    الجيش اللبناني يعلن مقتل أحد جنوده وجرح آخر إثر غارة إسرائيلية في جنوب البلاد    مستشار بحملة هاريس يجتمع بقيادات للمسلمين لاحتواء الغضب من دعم إسرائيل    الدفاع الروسية: تدمير منشآت الطاقة التي تغذّي المنشآت العسكرية الأوكرانية    هشام نصر: العقد الجديد ل"زيزو" سيكون الأعلى في الدوري المصري    زغلول صيام يكتب: سوبر إيه بس!.. من ينقذ كرة القدم من هذا العبث؟! وإيه حكاية زيطة الإداريين في الجبلاية    الزمالك يُشدد على ضرورة عودة ميشالاك وفرج قبل استئناف التدريبات    افتتاح مقر جديد للجوازات بالسادس من أكتوبر بالجيزة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تفاصيل الظهور الأول لبسمة داود في مسلسل تيتا زوزو    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات المياه والصرف الصحي بدمياط    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    حلاوة رئيسًا للجنة الصناعة والتجارة بمجلس الشيوخ    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    سفير مصر بالدوحة يلتقى مع وزير الدولة للشئون الخارجية    أزمة المحاضرة.. قرار مهم ضد أستاذ الحقوق بجامعة المنوفية    «في مجال الهيدروجين».. تعاون بين مصر وحكومة بافاريا الألمانية    "الإسكان" يُصدر قراراً بحركة تكليفات وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن الجديدة    جون دوران بعد هدفه أمام بايرن: سجلت في شباك أحد فرق أحلامي    لحسم الشكاوى.. وزير العدل يشهد مراسم إتفاقية تسوية منازعة استثمار    للخريف سحر لا يقاوم.. 15 صورة من شواطئ عروس البحر المتوسط    إصابة عاطلين في معركة بالأسلحة النارية بالمنيا    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    قرار عاجل من مدير تعليم الجيزة بشأن المعلمين    ضبط 367 عبوة دواء بيطري مُنتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بالشرقية    محافظ المنيا: افتتاح معرض «بداية جديدة» لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة في ملوي    في أول أيامه.. إقبال كبير على برنامج «مصر جميلة» لرعاية الموهوبين    فى احتفالية كبرى، الأوبرا تحتفل بمرور 36 عامًا على افتتاحها بمشاركة 500 فنان    بعد إعلان اعتزالها.. محطات في حياة بطلة «الحفيد» منى جبر    لطفي لبيب: جربت الشغل فى الصحافة سنة ونصف ولقيتها شاقة واعتذرت    تعرف على موعد حفل وائل جسار بدار الأوبرا    محافظ المنيا يعلن موعد افتتاح مستشفيات حميات وصدر ملوي    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    «التضامن» تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    محامي أحمد فتوح يكشف تفاصيل زيارة اللاعب لأسرة ضحيته لتقديم العزاء    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    باحث سياسي: حرب إسرائيل بلبنان تستعيد نموذج قطاع غزة.. فيديو    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر لن تموت
نشر في آخر ساعة يوم 04 - 01 - 2011


كم عمر مصر؟..
آلاف السنين، عشرات القرون، دهر طويل عاشه هذا البلد ضاربا جذوره في عمق التاريخ، بلد بهذا العمر، وبهذا الحجم الحضاري، كم تعرض لمحن وأزمات وكم مر عليه من أهوال، كم من مرة احتلته جيوش وغزاة، وكم من مرة تحرر وطرد المحتلين، وكثيرا ما بلع وهضم ثم لفظ كل الذين جاءوا ليحتلوه أو يغيروه وجعلهم يتغيرون علي شاكلته.
مصر تتفرد من بين الدول القديمة أنها عاشت عمرا مديدا، عاشت في الوقت الذي اختفت فيه إمبراطوريات جثمت علي أنفاس الشعوب ومنها الشعب المصري. مر علي مصر أجناس وأشكال مختلفة من الشعوب الأخري، لم تغيره ولم تؤثر فيه، والعكس هو الصحيح.
وكما حدث في الماضي ، حدث بالأمس في الإسكندرية، محنة تمر بها مصر، دماء مصرية سالت بدون ذنب، إرهابيون قتلة اغتالوا فرحة الأبرياء بالعيد. لا كلام يمكن أن يصف حالة الفزع.. القلق.. الصدمة.. الذهول.. الغضب.. الرغبة في الانتقام من المجرمين.. الخوف علي مصر.. الاستنفار وتشمير السواعد لحماية البلد العريق الذي حفظه الله من كل سوء حتي لو كان قد مر بمحن وكوارث، فهو حي، ربما يمرض، ربما يصيبه الضعف، لكنه لايموت، وسيظل كذلك لأنه البلد العبقري الذي يحمل في جنباته كل عوامل الحياة وكل عناصر الاستمرار.
في وقت الحدث، غليان في المشاعر، الناس معذورة، عبارات تتناثر للتعبير عن الغضب، مسيحيون ثائرون، مسلمون غاضبون. المسيحيون ثائرون لأن بعضهم يعتقد أن من ارتكب الجريمة النكراء.. مسلم .. فكل ما يأتي ضدهم لابد أنه آت من مسلم أو مسلمين.. هكذا تغذت بعض العقول علي ما يأتي من الخارج ويزكي الفتنة.. والمسلمون غاضبون لأن تلصق بهم هذه التهمة.. فالمسلم الحق لا يرتكب مثل هذه الجريمة.. والمسلم الحق حريص علي الحياة بجانب أخيه المسيحي في سلام ووفاق.. ولماذا تلصق التهمة دائما بمسلم.. لماذا لا يكون إرهابيا لا دين له.. ببساطة لماذا يجب أن يكون هناك مسيحي ومسلم..!!! الصحيح أن يكون هناك مصري.
الدولة المصرية تحترم دستورها.. يقوم رئيس الدولة ومؤسساتها علي حراسة الدستور وحمايته وتطبيقه.. الدستور المصري يؤكد علي حق المواطنة.. ولم يقل أنها مقصورة علي مسلم أو مسيحي.. رئيس الدولة لم يغمض له جفن فقد خرج للحديث مع مواطنيه بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث الذي وقع بعد منتصف الليل.. قال إن العمل الإرهابي استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه.. امتزجت دماء الشهداء والجرحي علي أرض الإسكندرية لتقول إن مصر هي المستهدفة وأن الإرهاب أعمي لا يفرق بين مسلم وقبطي. وأن الحادث ما هو إلا حلقة من حلقات الوقيعة بين المسلمين والأقباط.. لكن الله رد كيد الكائدين في نحورهم.. وتأكد من جديد أننا جميعا في خندق واحد.
إن الرئيس مبارك يعي أن الإرهاب مازال متربصا بنا ويطل علينا بوجهه القبيح بين الحين والآخر. وجاءت حادثة الإسكندرية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية تهدف إلي جعل مصر ساحة لشرور الإرهاب الذي ينتشر في منطقتنا ومن حولنا.
وبالطبع لابد من أن الرئيس اتخذ من الإجراءات ما هو كفيل بحماية البلد، فهو لا يترك الأمور للصدف لكن ليس كل ما يتخذه الرئيس من إجراءات قابلا للإعلام أو النشر. وقد أكد الرئيس للمواطنين جميعا أن قوي الإرهاب لن تنجح في مخططاتها وأنها ستفشل في زعزعة استقرار مصر أو النيل من أمان شعبها ووحدة مسلميها وأقباطها، وشدد علي أن أمن مصر القومي مسئوليته الأولي التي لن يفرط فيها أبدا ولن يسمح لأحد مهما كان أن يمسه أو يستخف بأرواح ومقدرات شعبه.
كان الرئيس محددا وحاسما عندما أكد لمواطنيه أن دماء أبنائنا لن تضيع هدرا وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا. وعندما يقول الرئيس ذلك فهو يعني تماما ما يقوله.. فقد كسبت مصر بقيادة مبارك معركتها ضد الإرهاب في التسعينات.. لذلك فمن لا يعي من الإرهابيين ذلك يخطئ خطأ فادحا.. فلن يفلتوا من العقاب.. فنحن جميعا في خندق واحد.. وسنقطع رأس الأفعي ونتصدي للإرهاب ونهزمه.
في الأزمات والمحن التي تمر بها الشعوب ينبغي أن يسود صوت العقل وأن يسيطر الجميع علي أعصابه، فلا وقت للمشاحنات خاصة لو لم يكن لها مبرر، وإذا كان البعض من الأقباط يتصور أن المسلمين هم الفاعلون فهذا خطأ يجب تداركه سريعا، لأن ما من مصلحة لمصري يدين بالإسلام أن يشعل النار في بلده.. وكذلك الأمر بالنسبة للمصري الذي يدين بالمسيحية.. فالمصريون جميعا ليس لهم مصلحة في تدمير بلدهم.. وإنما المصلحة لآخرين يتابعون الآن وينتظرون اشتعال الفتنة بين مواطني الشعب المصري.
قدرت تماما ما صرح به البابا شنودة.. فالرجل يدرك بوعيه وخبرته أن ما حدث يستهدف مصر وزعزعة استقرارها وأمنها.. فهناك قوي لاتريد الخير لهذا البلد.. ارتكبت هذا العمل الإجرامي.. فالذين يستهدفون مصر هم أعداء للمسلمين والمسيحيين علي السواء.. ويسعون لإثارة الفتنة علي أرض الوطن. وكان البابا حازما وهو يؤكد أن كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض مصر.. لن يجد سوي جسد منيع قوي يأبي الانهيار وقادر علي التصدي لكل المؤامرات وكشفها ودحرها.
إن الصوت الواعي للبابا شنودة يجسد روح مصر.. فهناك إدراك لطبيعة حادث إرهابي يهدف إلي الإضرار بالمجتمع كله، والفرق بينه وبين حوادث أخري قد يفسرها البعض بأنها ضد الأقباط، فحادثة الإسكندرية تهدف إلي الإضرار بالأمن القومي وليس مجرد قتل مواطنين انتقاما من شيء ما، فالهدف الكبير.. مصر.. فعندما يثور الأقباط.. ويرد المسلمون بنفس الفعل.. هنا يتحقق الهدف الخبيث.
الهدف الخبيث الذي تورط فيه بعض الشخصيات التي ما كان يجب أن تتورط، مثل بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر الذي دعا قادة العالم للدفاع عن المسيحيين من الانتهاكات وعدم التسامح الديني. قال البابا أثناء قداس رأس السنة في كاتدرائية القديس بطرس، أوجه مرة أخري دعوة ملحة إلي عدم الاستسلام للإحباط والانصياع أمام التوترات التي تحمل تهديدا في الوقت الراهن وأمام أعمال التمييز. وألح الرجل في طلبه وتحريضه وقال إنها مهمة شاقة لا تكفي من أجلها الأقوال ويتعين الالتزام العملي من مسئولي الأمم.
ونحا نحوه أسقف كانتربري رويان ويليامز الذي قال إن الهجوم علي مسيحيين في الإسكندرية هو تذكير جديد رهيب بالضغوط التي تتحملها الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط ويذكر بالفظائع التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة.
ماذا يريد بندكت وماذا يريد الأسقف؟
هل يريدان حربا صليبية جديدة؟.
إذا كان البابا شنودة المصري الصميم يدرك المعني وراء العملية الإرهابية وإذا كان الرجل أكد أن وراءها أيدي تهدف للضرر بمصر، فما دخلك يا بابا الفاتيكان في شأن مصري لايرتبط بديانة أو بفئوية؟
لقد زار شيوخ الإسلام البابا شنودة، فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب وفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ود.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وقدموا واجب العزاء للشهداء من المصريين الذين راحوا ضحية الإرهاب الخسيس في الإسكندرية.. ودعا البابا شنودة الأقباط إلي الهدوء وضبط النفس مؤكدا اهتمام الدولة بكل مستوياتها بالتصدي لهذه الجرائم ومكافحتها.
وكان شيخ الأزهر واضحا وحاسما عندما رفض دعوة بابا الفاتيكان الذي يذكرنا وأسقف كانتربري بدعوات الحروب الصليبية، فالدعوة غير مقبولة من شخصية مثل بابا الفاتيكان الذي تحتم عليه مكانته أن يتحلي بالعقلانية والحكمة. لقد تساءل شيخ الأزهر وهو محق: لماذا لم يطالب بابا الفاتيكان بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال القتل في العراق من قوات الاحتلال المسيحية؟.
كان علي بابا الفاتيكان أن يتروي قبل أن ينطق بمثل هذا الكلام ولا يجب عليه أن ينظر بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين.
أقول لكل مصري.. مسلما أو مسيحيا.. إن الخطر يأتي من داخلك إذا نظرت بريبة إلي أخيك.. لقد عاش الجميع في ظل كل ما مر بمصر من محن وأهوال عبر التاريخ.. لم يكن أحد من الدخلاء المستعمرين يفرق بين مسلم ومسيحي، كان الجميع لديه سواء، الجميع يتعرض للظلم والتعذيب والبطش.
اعرفوا أن مصر ستكون قوية بكم جميعا.. فلا تكونوا أنتم سبب الضرر لمصر. لقد انتفض الشعور العربي للإحساس بالخطر بضرب مصر.. فلا تكونوا أقل شعورا من أشقائنا العرب الذين يدركون أن ضرب مصر يعني ضرب العروبة.. وأن تفتيت مصر هو البداية لخطوات تآمرية عديدة تستهدف النيل من البلد الذي صمد طويلا.
اللهم احفظ مصر وأهل مصر.
كم عمر مصر؟..
آلاف السنين، عشرات القرون، دهر طويل عاشه هذا البلد ضاربا جذوره في عمق التاريخ، بلد بهذا العمر، وبهذا الحجم الحضاري، كم تعرض لمحن وأزمات وكم مر عليه من أهوال، كم من مرة احتلته جيوش وغزاة، وكم من مرة تحرر وطرد المحتلين، وكثيرا ما بلع وهضم ثم لفظ كل الذين جاءوا ليحتلوه أو يغيروه وجعلهم يتغيرون علي شاكلته.
مصر تتفرد من بين الدول القديمة أنها عاشت عمرا مديدا، عاشت في الوقت الذي اختفت فيه إمبراطوريات جثمت علي أنفاس الشعوب ومنها الشعب المصري. مر علي مصر أجناس وأشكال مختلفة من الشعوب الأخري، لم تغيره ولم تؤثر فيه، والعكس هو الصحيح.
وكما حدث في الماضي ، حدث بالأمس في الإسكندرية، محنة تمر بها مصر، دماء مصرية سالت بدون ذنب، إرهابيون قتلة اغتالوا فرحة الأبرياء بالعيد. لا كلام يمكن أن يصف حالة الفزع.. القلق.. الصدمة.. الذهول.. الغضب.. الرغبة في الانتقام من المجرمين.. الخوف علي مصر.. الاستنفار وتشمير السواعد لحماية البلد العريق الذي حفظه الله من كل سوء حتي لو كان قد مر بمحن وكوارث، فهو حي، ربما يمرض، ربما يصيبه الضعف، لكنه لايموت، وسيظل كذلك لأنه البلد العبقري الذي يحمل في جنباته كل عوامل الحياة وكل عناصر الاستمرار.
في وقت الحدث، غليان في المشاعر، الناس معذورة، عبارات تتناثر للتعبير عن الغضب، مسيحيون ثائرون، مسلمون غاضبون. المسيحيون ثائرون لأن بعضهم يعتقد أن من ارتكب الجريمة النكراء.. مسلم .. فكل ما يأتي ضدهم لابد أنه آت من مسلم أو مسلمين.. هكذا تغذت بعض العقول علي ما يأتي من الخارج ويزكي الفتنة.. والمسلمون غاضبون لأن تلصق بهم هذه التهمة.. فالمسلم الحق لا يرتكب مثل هذه الجريمة.. والمسلم الحق حريص علي الحياة بجانب أخيه المسيحي في سلام ووفاق.. ولماذا تلصق التهمة دائما بمسلم.. لماذا لا يكون إرهابيا لا دين له.. ببساطة لماذا يجب أن يكون هناك مسيحي ومسلم..!!! الصحيح أن يكون هناك مصري.
الدولة المصرية تحترم دستورها.. يقوم رئيس الدولة ومؤسساتها علي حراسة الدستور وحمايته وتطبيقه.. الدستور المصري يؤكد علي حق المواطنة.. ولم يقل أنها مقصورة علي مسلم أو مسيحي.. رئيس الدولة لم يغمض له جفن فقد خرج للحديث مع مواطنيه بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث الذي وقع بعد منتصف الليل.. قال إن العمل الإرهابي استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه.. امتزجت دماء الشهداء والجرحي علي أرض الإسكندرية لتقول إن مصر هي المستهدفة وأن الإرهاب أعمي لا يفرق بين مسلم وقبطي. وأن الحادث ما هو إلا حلقة من حلقات الوقيعة بين المسلمين والأقباط.. لكن الله رد كيد الكائدين في نحورهم.. وتأكد من جديد أننا جميعا في خندق واحد.
إن الرئيس مبارك يعي أن الإرهاب مازال متربصا بنا ويطل علينا بوجهه القبيح بين الحين والآخر. وجاءت حادثة الإسكندرية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية تهدف إلي جعل مصر ساحة لشرور الإرهاب الذي ينتشر في منطقتنا ومن حولنا.
وبالطبع لابد من أن الرئيس اتخذ من الإجراءات ما هو كفيل بحماية البلد، فهو لا يترك الأمور للصدف لكن ليس كل ما يتخذه الرئيس من إجراءات قابلا للإعلام أو النشر. وقد أكد الرئيس للمواطنين جميعا أن قوي الإرهاب لن تنجح في مخططاتها وأنها ستفشل في زعزعة استقرار مصر أو النيل من أمان شعبها ووحدة مسلميها وأقباطها، وشدد علي أن أمن مصر القومي مسئوليته الأولي التي لن يفرط فيها أبدا ولن يسمح لأحد مهما كان أن يمسه أو يستخف بأرواح ومقدرات شعبه.
كان الرئيس محددا وحاسما عندما أكد لمواطنيه أن دماء أبنائنا لن تضيع هدرا وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا. وعندما يقول الرئيس ذلك فهو يعني تماما ما يقوله.. فقد كسبت مصر بقيادة مبارك معركتها ضد الإرهاب في التسعينات.. لذلك فمن لا يعي من الإرهابيين ذلك يخطئ خطأ فادحا.. فلن يفلتوا من العقاب.. فنحن جميعا في خندق واحد.. وسنقطع رأس الأفعي ونتصدي للإرهاب ونهزمه.
في الأزمات والمحن التي تمر بها الشعوب ينبغي أن يسود صوت العقل وأن يسيطر الجميع علي أعصابه، فلا وقت للمشاحنات خاصة لو لم يكن لها مبرر، وإذا كان البعض من الأقباط يتصور أن المسلمين هم الفاعلون فهذا خطأ يجب تداركه سريعا، لأن ما من مصلحة لمصري يدين بالإسلام أن يشعل النار في بلده.. وكذلك الأمر بالنسبة للمصري الذي يدين بالمسيحية.. فالمصريون جميعا ليس لهم مصلحة في تدمير بلدهم.. وإنما المصلحة لآخرين يتابعون الآن وينتظرون اشتعال الفتنة بين مواطني الشعب المصري.
قدرت تماما ما صرح به البابا شنودة.. فالرجل يدرك بوعيه وخبرته أن ما حدث يستهدف مصر وزعزعة استقرارها وأمنها.. فهناك قوي لاتريد الخير لهذا البلد.. ارتكبت هذا العمل الإجرامي.. فالذين يستهدفون مصر هم أعداء للمسلمين والمسيحيين علي السواء.. ويسعون لإثارة الفتنة علي أرض الوطن. وكان البابا حازما وهو يؤكد أن كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض مصر.. لن يجد سوي جسد منيع قوي يأبي الانهيار وقادر علي التصدي لكل المؤامرات وكشفها ودحرها.
إن الصوت الواعي للبابا شنودة يجسد روح مصر.. فهناك إدراك لطبيعة حادث إرهابي يهدف إلي الإضرار بالمجتمع كله، والفرق بينه وبين حوادث أخري قد يفسرها البعض بأنها ضد الأقباط، فحادثة الإسكندرية تهدف إلي الإضرار بالأمن القومي وليس مجرد قتل مواطنين انتقاما من شيء ما، فالهدف الكبير.. مصر.. فعندما يثور الأقباط.. ويرد المسلمون بنفس الفعل.. هنا يتحقق الهدف الخبيث.
الهدف الخبيث الذي تورط فيه بعض الشخصيات التي ما كان يجب أن تتورط، مثل بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر الذي دعا قادة العالم للدفاع عن المسيحيين من الانتهاكات وعدم التسامح الديني. قال البابا أثناء قداس رأس السنة في كاتدرائية القديس بطرس، أوجه مرة أخري دعوة ملحة إلي عدم الاستسلام للإحباط والانصياع أمام التوترات التي تحمل تهديدا في الوقت الراهن وأمام أعمال التمييز. وألح الرجل في طلبه وتحريضه وقال إنها مهمة شاقة لا تكفي من أجلها الأقوال ويتعين الالتزام العملي من مسئولي الأمم.
ونحا نحوه أسقف كانتربري رويان ويليامز الذي قال إن الهجوم علي مسيحيين في الإسكندرية هو تذكير جديد رهيب بالضغوط التي تتحملها الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط ويذكر بالفظائع التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة.
ماذا يريد بندكت وماذا يريد الأسقف؟
هل يريدان حربا صليبية جديدة؟.
إذا كان البابا شنودة المصري الصميم يدرك المعني وراء العملية الإرهابية وإذا كان الرجل أكد أن وراءها أيدي تهدف للضرر بمصر، فما دخلك يا بابا الفاتيكان في شأن مصري لايرتبط بديانة أو بفئوية؟
لقد زار شيوخ الإسلام البابا شنودة، فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب وفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ود.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وقدموا واجب العزاء للشهداء من المصريين الذين راحوا ضحية الإرهاب الخسيس في الإسكندرية.. ودعا البابا شنودة الأقباط إلي الهدوء وضبط النفس مؤكدا اهتمام الدولة بكل مستوياتها بالتصدي لهذه الجرائم ومكافحتها.
وكان شيخ الأزهر واضحا وحاسما عندما رفض دعوة بابا الفاتيكان الذي يذكرنا وأسقف كانتربري بدعوات الحروب الصليبية، فالدعوة غير مقبولة من شخصية مثل بابا الفاتيكان الذي تحتم عليه مكانته أن يتحلي بالعقلانية والحكمة. لقد تساءل شيخ الأزهر وهو محق: لماذا لم يطالب بابا الفاتيكان بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال القتل في العراق من قوات الاحتلال المسيحية؟.
كان علي بابا الفاتيكان أن يتروي قبل أن ينطق بمثل هذا الكلام ولا يجب عليه أن ينظر بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين.
أقول لكل مصري.. مسلما أو مسيحيا.. إن الخطر يأتي من داخلك إذا نظرت بريبة إلي أخيك.. لقد عاش الجميع في ظل كل ما مر بمصر من محن وأهوال عبر التاريخ.. لم يكن أحد من الدخلاء المستعمرين يفرق بين مسلم ومسيحي، كان الجميع لديه سواء، الجميع يتعرض للظلم والتعذيب والبطش.
اعرفوا أن مصر ستكون قوية بكم جميعا.. فلا تكونوا أنتم سبب الضرر لمصر. لقد انتفض الشعور العربي للإحساس بالخطر بضرب مصر.. فلا تكونوا أقل شعورا من أشقائنا العرب الذين يدركون أن ضرب مصر يعني ضرب العروبة.. وأن تفتيت مصر هو البداية لخطوات تآمرية عديدة تستهدف النيل من البلد الذي صمد طويلا.
اللهم احفظ مصر وأهل مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.