يقول عصام الإسلامبولي المحامي بالنقض إن قانون الإجراءات الجنائية من أهم القوانين التي تحتاج إلي التعديل من أجل المساعدة علي سرعة الفصل في القضايا، وتعديلات وزير العدل الأخيرة علي القانون التي تضمن سرعة إجراءات التقاضي واجهت اعتراض مجلس الدولة، وهو اعتراض في محله، لأن التعديل يتناول الاستغناء عن شهادة الشهود وهي أهم وأخطر دليل لإدانه أو براءة المتهم يُطرح أمام المحكمة، لأن محكمة الجنايات أو الجنح تتعرض دائما لوقائع مادية يصعب تحديدها غالبا بأوراق، وإنما تكون قائمة علي الشهود، سواء في حالة الإدانة أو البراءة، وبالتالي لا يجوز بأي حال أن أعطي للقاضي الحق في أن يقبل سماع الشهود أو يرفضه، لأن القضاء الجنائي يقوم علي عقيدة المحكمة ووجدانها وسماع الشهادة ومناقشة الشاهد، وعندما أعطي القاضي الحق في أنه لا يسمع شهادة الشهود سواء كان نفيا أو إثباتا تُهدر أهم ضمانة من ضمانات الدفاع عن المتهم وبالتالي حق من الحقوق الدستورية التي لا يجوز المساس بها. يتابع الإسلامبولي: لتحقيق العدالة الناجزة تصدر محاكم الجنايات حكمها ثم تنظره محكمة النقض وهي محكمة موضوع، لأنها تنظر الناحية القانونية فقط فليست درجة ثانية من التقاضي، لأنها لا تتصدي للموضوع إلا في حالات استثنائية جدا لو يُعاد طرحه عليها مرة أخري، إنما يمكن لو تم تعديل قانون الإجراءات الجنائية وتحولت محكمة الجنايات إلي كونها محكمة موضوع في الطعون علي أحكام الجنايات، هنا سيسهل ذلك كثيراً في إجراءات التقاضي، لكن ما يحدث الآن أن درجات الجنايات درجة واحدة، ثم يُطعن علي الحكم وهو طعن غير عادي لا يعتبر درجة من درجات التقاضي، لأنه لا ينظر في موضوع الدعوي، وعندما يحدث إجراء ترجع الدعوي مرة ثانية إلي دائرة أخري، وهنا يمكن تعديل هذه الإجراءات بطريقتين، إما أن تصبح محكمة النقض في الطعن محكمة موضوع وهنا يكون هناك درجة من درجات التقاضي أو أن ننشئ دوائر في محاكم الجنايات تقضي في أول درجة ودوائر مخصصة للدرجة الثانية للتقاضي. يؤيد هذا الاقتراح المستشار طارق أمين المستشار بمحكمة الاستئناف سابقاً حيث يقول: حتي يتم الإسراع في عملية التقاضي لابد من إجراء تعديلات، طالما أنه في حالة قبول النقض ستُرجِع محكمة النقض القضية إلي دائرة أخري، وأيضا طالما سيتم الطعن بالنقض مرة ثانية، لأنه إذا كان الحكم الصادر من محكمة الجنايات الثانية بالبراءة، فالنيابة العامة ستطعن بالنقض عليه، ولو كان الحكم بالإدانة فالمتهم سيطعن بالنقض، فآجلا أم عاجلا ستنظر محكمة النقض القضية كمحكمة موضوع في المرة الثانية، لكن لو نظرت الموضوع من المرة الأولي ستوفر كثيرا من الوقت والمجهود الذي سيُبذل أمام دائرة جنايات ثانية ومحكمة نقض أخري. فيما يقول المستشار أحمد عبدالرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض سابقا: نحتاج لثورة تشريعية لتعديل قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات وقانون السلطة القضائية وقانون النقض وإجراءات المحاكمة أمام محكمة النقض، حيث أصبحت الأمور معقدة حاليا في ظل وجود كم كبير من القضايا، فالمحاكمة تستغرق وقتا طويلا بالنسبة للرأي العام وأهالي الضحايا والمحكوم عليهم، فهذه الإجراءات كانت موضوعة لتحقيق أكبر ضمانة للمتهم في محاكمته والتعديلات التي نطالب بها لن تخل بحقوق وضمان الدفاع عن المتهم. وتابع: وزارة العدل تجري حالياً تعديلات من خلال مشروعات بعض القوانين ينظرها مجلس النواب ليعاد النظر في كافة القوانين المتعلِّقة بمنظومة العدالة وسيتم القضاء علي الشكاوي المقدمة ومحقق للعدالة والحفاظ علي حقوق المجني عليهم، لعل من أهم التعديلات التي ننادي بها هي أن تنظر محكمة النقض الطعن وتتصدي لنظر الموضوع دون إعادتها مرة أخري إلي محكمة الجنايات أو الجنح، لكن هذا الرأي يواجه عقبات قانونية تحتاج لتعديلات في القوانين وإلي إمكانيات بشرية ومادية من قاعات محاكم جديدة. هذا ما طالب به أيضاً الدكتور إبراهيم نايل أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة عين شمس، حيث يطالب بضرورة إجراء تعديل تشريعي يحل مشكلة بطء التقاضي، عبر إلغاء التقاضي علي درجتين في الجنايات حتي يصبح الطعن لمرة واحدة فقط، فلو قبلت محكمة النقض الطعن المقدم فهي التي تتولي القضية دون تحويلها مرة أخري بمحاكمة أخري ومرافعة وشهود آخرين وذلك حتي تفصل في القضية بحكم نهائي بات غير قابل للطعن عليه أمام أي جهة أخري مما سيوفر 50% من وقت المتقاضين.