سلسلة من النجاحات السياسية والاقتصادية والثقافية حققتها قطر خلال السنوات الأخيرة، لذا لم يكن صدفة اختيارها لاستضافة مونديال 2022 لكرة القدم. بهذه العبارة الواثقة عبر د.حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث القطري عن امتنانه لهذه الخطوة التاريخية التي اتخذتها قطر لترسخ وجودها علي خريطة الأحداث المؤثرة عالميا. وقال الكواري في حوار أجرته معه »آخر ساعة« في مكتبه بالطابق 21 بأحد أبراج الدوحة بمناسبة قرب انتهاء فعاليات »الدوحة عاصمة للثقافة العربية«: قطر تنطلق بسرعة الصاروخ، تسابق الزمن إلي المستقبل بخطي مدروسة ورؤية واضحة، فموقع قطر علي الساحة الدولية أكبر بكثير من موقعها الجغرافي المحدود.. مزيد من التفاصيل في سياق السطور التالية.. ❊ نجحت قطر في تنظيم الفعاليات الكبري الرياضية والاقتصادية فهل كان هذا النجاح بنفس القدر في تنظيم فعاليات »الدوحة عاصمة للثقافة العربية«؟ نشعر بكل الرضا عن الخطة التي وضعناها وعما حققناه ونشعر فعلا بحجم المسئولية وبأن قطر التي نجحت في كل الفعاليات السياسية والاقتصادية والرياضية لايجب أن تكون أقل من ذلك في »الدوحة عاصمة الثقافة العربية« وكان يجب أن نعمل بجد واجتهاد لأجل أن يكون التميز ويكون الإبداع الذي حققته قطر في كل المجالات الأخري أيضا في مجال الثقافة ومانسمعه يشير إلي هذا الاستنتاج. ❊ العواصم العربية تتبادل فيما بينها استضافة أنشطة عواصم الثقافة العربية بالتتابع في أي شيء تميز العام القطري؟ ثمة أمور أعتقد أننا تميزنا بها من خلال دراستي لملفات العواصم السابقة وهي: أولا أننا غطينا كل أدبيات الثقافة فليس ثمة جانب لم نتناوله مابين شعر ونثر وندوات واستعراض وموسيقي وفنون تشكيلية. الأمر الآخر أننا راعينا الثقافة بأبعادها المختلفة المحلية والعربية والإقليمية والدولية انطلاقا من أن الثقافة العربية ذات صلة بعدد من الثقافات الأخري كالثقافة الفارسية والهندية والتركية وبالتالي كل هذه الثقافات كانت ممثلة في الدوحة كعاصمة بالإضافة إلي الثقافات الأخري كالأوروبية وأمريكا اللاتينية وغيرها وهذا لم يكن موجودا في الملفات السابقة. الأهم في اعتقادي والذي ميز »عاصمة الدوحة« عن غيرها أن هذا العام هو عام »الشباب الدولي والعالمي« وقليلون هم الذين فكروا في هذا الموضوع وتعاملوا معه. والدوحة كعاصمة للثقافة العربية تعاملت مع هذا الموضوع ولذلك لم يمر أسبوع خلال هذا العام إلا وتضمن فعاليات للشباب تسير بشكل متواز مع بقية الفعاليات. وفي قطر ظاهرة جميلة وهي أنه عندما تكلف جهة معينة للقيام بمهمة فإن كل الجهات في الدولة تتعاون معها وتعتبر أيضا معنية بإنجاح هذه الفعاليات وبالتالي كل الجهات حتي لو لم تكن تحمل الطابع الثقافي تعاونت معنا مما حقق لنا النجاح وأيضا معظم الدول العربية كانت موجودة في أسابيعها الثقافية وهذا كان له دور كبير جدا في إثراء الفعاليات في الدوحة. ❊ ماهي أنجح الأسابيع الثقافية التي تم تنظيمها؟ لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال لأنه ليس من واجبنا أن نقول هذا أفضل من ذاك ولكننا نترك الأمر للصحافة وللمراقبين والمثقفين والذين تابعوا فعاليات الدوحة عليهم أن يجيبوا عن هذا السؤال ونحن نحيي ونشكر كل من أتي وشارك معنا. ❊ ماهو نتاج عام »الدوحة عاصمة الثقافة العربية«؟ خرجنا بتجربة غنية جدا خرجنا بشباب اكتسبوا خبرة لأن هذه أطول فاعلية ثقافية لمدة عام وخرجنا بقرار أن الدوحة يجب أن تستمر بنفس التألق والقدرة علي الإبداع في السنوات القادمة في الثقافة. وأيضا خرجنا بقناعة أن الدوحة يجب أن تكون عاصمة دائمة للثقافة وليس عام 2010 متسلحين في ذلك بإرادة قوية وبدعم ورؤية قائدنا صاحب السمو أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وأيضا بتجربة مهمة خضناها هذا العام وبنية تحتية كبيرة تحققت لقطر لم تكن موجودة في بداية العام مثل الحي الثقافي وهو حي فريد ليس له شبيه وصرح ثقافي كبير وسوق واقف مما يعنيه من ارتباط بالتراث وأيضا لدينا المؤسسة الأم مؤسسة قطر التي تقوم بنشاط ثقافي كبير جدا وكذلك مجموعة من المتاحف مثل المتحف الإسلامي الذي أصبح صرحا جميلا ومزارا سياحيا ومتحف الفن الحديث الذي افتتح منذ عدة أيام ويظم لوحات لأشهر الفنانين العرب في كل أنحاء الوطن العربي. والعمل جار ليل نهار بالمتحف الوطني الذي لن يكون أقل من المتحف الإسلامي وسيفتتح إن شاء الله في 2013 وهيئة المتاحف برئاسة الشيخة »المايسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني«.. تقوم بدور ونشاط ثقافي ومخلص ومتواصل من أجل إنهاء عدد من المتاحف خلال وقت وجيز وهناك متاحف متخصصة كمتحف للطفل ومتحف الرياضة وما إلي ذلك ما يعني أننا خرجنا بكثير من النتائج أهمها هذه الثروة البشرية. ❊ نجاح قطر في انتزاع حق تنظيم مونديال 2022 ليس مجرد حدث رياضي بقدر ما هو حدث اقتصادي وسياسي.. ماهو دور الثقافة في هذا الملف؟ هذا الانتصار أولا كما قال صاحب السمو أمير البلاد ليس انتصارا قطريا إنما هو انتصار عربي ونحن نعتز أن نهديه لإخواننا العرب جميعا في وقت عز فيه أن يفرحوا فلذلك من حق الشعب العربي أن يفرح وهذا حدث كبير ربما الكثيرون لم تكن لديهم القناعة بأن قطر ستفوز ولكن الحمد لله نحن كعرب تعودنا أن نخاف الكبار ولاننافسهم.. قطر تجرأت ونافست الكبار وحققت النصر والحمد لله. ولكن أستطيع أن أقول إن هذا الحدث ماكان يمكن أن يكون لولا سلسلة من النجاحات حققتها قطر في كل المجالات ومن ضمنها المجال الثقافي لمدة عام كامل وهذا بالتأكيد ساهم مساهمة فعالة في إقناع العالم أن قطر أهل للقيام بهذه المهمة ونحن سعداء بهذه النتيجة وفي نفس الوقت هو مسئولية كبيرة يجب علي الجميع أن يواصلوا الجهود فيها، لأن العالم عندما صوت لنا لم يصوت فقط ثقة فيما حققناه ولكن ثقة ومصداقية فيما يمكن أن نحققه من خلال الملف الذي قدمناه وبالتالي فإننا نشعر الآن أن كل جهة من الجهات عليها أن تتحمل مسئوليتها لأن هذا الحدث ليس حدثا رياضيا وإنما هو حدث ثقافي حضاري ورجال الثقافة والمسئولون في الثقافة يتحملون مسئوليتهم في أن تكون الدوحة في عام 2022 بقدر ما تتلألأ وتبدع في كل المجالات يجب أن تكون الثقافة جنبا إلي جنب مع كل القطاعات الأخري. ❊ باق 12 عاما علي المونديال هناك أجيال جديدة وستكون قد وصلت إلي مرحلة الشباب هم الذين سيقودون الدفة في هذا الوقت.. هل هناك توعية ثقافية لهذا الجيل من الآن للتعامل مع الحدث وجمهوره؟. ربما العالم فوجيء أننا حصلنا علي المونديال ولكننا لم نفاجأ وخططنا مستمرة وعندنا رؤية استراتيجية اسمهما »رؤية 2030« وهذه الرؤية كان من ضمن اعتباراتها حصولنا علي المونديال وبالتالي هذا الاستعداد الكبير مستمر وواضح في أذهاننا متطلباته، ووزارة الثقافة تقوم بدورها لأنها مسئولة أيضا عن قطاع الشباب وبخاصة فيما يتعلق بالتثقيف ولدينا مراكز شبابية حوالي 24 مركزا في الدوحة غير المراكز الأخري خارج العاصمة تقوم بدورها يوميا حتي خارج أوقات العمل الرسمية لتساهم في مسئوليتها تجاه إعداد الشباب للقيام بمسئوليته الوطنية. »2022« هو استحقاق دولي يجب أن تقوم به قطر لكن أيضا أمامنا مسيرة تنمية مترابطة ومتكاملة علينا تطبيقها. ❊ ماذا عن قطاع الثقافة بعد 2010؟ الحمد لله أدينا الأمانة ونحن نعتقد أن ماسيحدث يوم 12/26 ليس حفلا ختاميا وإنما حفل للانطلاق من جديد بالدوحة كعاصمة دائمة للثقافة العربية بعد أن كانت لمدة عام كامل ونحمد الله أن شعار »الدوحة للثقافة العربية وطنا« أصبح له صدي كبير في العواصم العربية جميعا ولدي كل المثقفين ولذلك سعدنا وتشرفنا بأن إخواننا الليبيين والذين ستكون العاصمة لديهم في العام القادم طلبوا منا أن يكون شعاره »الثقافة العربية وطنا« كما كان في الدوحة ونحن في قطر سنبدأ مرحلة جديدة وقد توفر لنا مالم يكن متوفرا في 2010 وهو تعزيز البنية الثقافية القطرية في قطر بمسارح جديدة والحي الثقافي الذي انتهي العمل به وبتجربة خضناها هذا العام لابد أن تعكس نفسها علي مسار الثقافة في السنوات القادمة. ❊ كيف تقيمون شكل ومستوي التعاون الثقافي مع مصر؟ مصر بلد عزيزة علينا. والقاهرة هي العاصمة الثقافية الأولي بكل ما تعنيه الكلمة والتعاون مع مصر في القطاع الثقافي لايمكن أن يكون إلا في قمته وأوجه ونحن متعاونون تعاونا كبيرا مع إخواننا في مصر، وأيضا لاننسي دور الجالية المصرية في قطاع الثقافة في قطر ولدينا في وزارة الثقافة العديد من الإخوة الخبراء من مصر ونحن والحمد لله سعداء بتعاوننا معهم. ❊ هل ثمة تعاون مشترك بين البلدين لتعزيز العلاقات الثقافية بين مصر وقطر في الفترة المقبلة؟ ربما فاجأتني بالسؤال ولكننا لانستغني عن مصر ولاتستغني عنا في كل القطاعات ودائما هناك تعاون مشترك.