ورش عمل أثناء وضع الخريطة علي مدار السنوات الخمس الماضية قامت وزارة التربية والتعليم بإدخال تعديلات جذرية علي عدد كبير من المناهج الدراسية إلا أنه كان من الواضح للغاية أنها تتم دون رؤية موحدة يتم علي أساسها تطوير المناهج وهو ما جعل مركز تطوير المناهج التابع لوزارة التربية والتعليم يفكر في وضع "خريطة لأسس تطوير جميع المناهج الدراسية". وهو مايأتي متوازياً مع دعوة أطلقها الرئيس السيسي خلال كلمته في احتفالية يوم الشباب مع مطلع الأسبوع الجاري. الدكتور حازم محمود راشد مدير مركز تطوير المناهج قال إن المركز لجأ إلي وضع خريطة محددة يتم علي أساسها تطوير المناهج في المستقبل وتسمي علمياً ب"المصفوفة" مشيراً إلي أن المركز وضع بالفعل مبادئ تلك الخريطة علي أن ينتهي منها في شهر فبراير المقبل. وأضاف أن الخريطة الجديدة سيتم علي أساسها وضع المناهج الجديدة في العام الدراسي بعد القادم مشيراً إلي أن المركز لجأ إلي وضع تلك الخريطة بعد ما تم ملاحظته من تكرار المواد العلمية في المناهج الدراسية بالإضافة إلي عدم وجود تناسق في الأفكار داخل المناهج المصرية بشكل عام. وأوضح أن الخريطة الجديدة عبارة عن رصد وتطوير للمعايير والمؤشرات الخاصة بالمناهج الدراسية مشيراً إلي أن المركز لجأ إلي الخرائط الموضوعة في العديد من دول العالم ك" سنغافورة وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية" التي يتم علي أساسها تأليف المناهج الجديدة. وأكد أن الخريطة الجديدة يشرف علي وضعها كل من أساتذة الجامعات المتخصصين في كل مجال علي حدة وتم الاستعانة بأساتذة من جامعات القاهرة وعين شمس والمنصورة بالإضافة إلي الباحثين في المراكز البحثية المتخصصة وبعض موجهي المواد الدراسية المختلفة ومستشاري المواد الدراسية بجانب بعض عينات من المعلمين في المواد المختلفة مشيراً إلي أن المركز راعي في اختياراته بجانب وجود المتخصص وجود أساتذة في قطاع أساليب التربية. وأشار إلي أن المركز قام علي مدار الأسبوع الماضي بعمل العديد من ورش العمل لكل المواد التي انتهت بوضع المبادئ الرئيسية للخريطة الجديدة مشيراً إلي أن المركز سينجز هذا المشروع علي أمل أن تأخذ به وزارة التربية والتعليم خلال السنوات المقبلة لافتاً إلي أنه سيسلم الخريطة الجديدة إلي الوزارة عقب الانتهاء منها. وقال إنه بعد الانتهاء من وضع المصفوفة سيصبح لدينا فرصة لتطوير جميع المناهج من الصف الأول الابتدائي وحتي الثالث الثانوي وفقاً لرؤية محددة وواضحة لجميع المراحل الدراسية مشيراَ إلي أن الخريطة الجديدة توفر في المناهج المصرية معايير الحداثة والشمول والتكامل فيما بينها. وأضاف إن تطوير المناهج دون الرجوع للخريطة الجديدة سيظل يتم في دائرة من العشوائية والتخبط وربما يتم حذف أو تعديل مهارات محددة يترتب عليها مشكلات في مناهج دراسية في نفس الصف أو في صفوف تالية.. وتابع إن هناك العديد من الأسس التي تمت مراعاتها خلال وضع المبادئ الرئيسية للخريطة منها زيادة الجرعة العلمية القائمة علي تنمية مهارات التفكير وإبراز المادة العلمية التي تنمي القيم والأخلاق وتحديداً في مناهج (اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية والمسيحية) وكذلك ربط المناهج بالنظريات العلمية الحديثة وتحديداً في مواد (العلوم والرياضيات) وتنمية دور الطالب في دراسة كل منهج بأساليب مختلفة بعيداً عن الكتاب المدرسي. وأكد أنه بالنسبة لمناهج التاريخ فإن الخريطة الجديدة تقوم بشكل أساسي علي عدم تسييس المناهج مشيراً إلي أن المناهج في الوقت نفسه تركز علي المناسبات الوطنية لتعزيز قيمة الوطنية والانتماء لدي الطلاب متوقعاً أن تبتعد المناهج التي سيتم تأليفها وفقاً للخريطة الجديدة عن الأحداث السياسية المعاصرة. وأكد أن وضع الخريطة الجديدة للمناهج يعزز من دور مركز تطوير المناهج في الرقابة علي الكتب التي يتم تأليفها وفقاً للمسابقات التي تجريها وزارة التربية والتعليم مشيراً إلي أن المركز يقوم أيضاً بوضع أدلة تأليف التي علي أساسها يتم وضع المناهج الجديدة بالإضافة إلي أدلة التحكيم التي يستند إليها المحكمون في اختيار الكتب الفائزة. وفيما يتعلق بتطوير المناهج خلال الفترة المقبلة قال رئيس المركز إن هناك ثلاثة أنواع لعمليات التطوير ينتجها المركز كل عام في التعامل مع المناهج الدراسية وهي (التطوير المتتابع والمستمر التطوير الجذري ونسف المنهج القديم) مشيراً إلي أن المركز يحدد ذلك وفقاً للمنهج الدراسي وصلاحيته للتعليم قبل بداية العام الدراسي الجديد. وأشار إلي أن خطة المركز لتطوير المناهج الدراسية التي وافقت عليها الوزارة خلال العام الدراسي المقبل تشمل مناهج الرياضيات للصف الثالث الثانوي بالإضافة إلي مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية للصفوف الثلاثة الأولي. وأوضح أنه فيما يتعلق بمنهج الرياضيات سيتم تأليفه وفقاً لنظام المسابقة أما فيما يتعلق بكتاب التربية الدينية فسيتم من خلال مركز تطوير المناهج بمشاركة الأزهر والكنيسة ومستشار المادة بالوزارة مشيراً إلي أنها ستركز علي القيم والأخلاق والسلوكيات الحياتية السليمة. وأكد راشد أن مسألة إدخال تعديلات علي المناهج تتم وفقاً لردود أفعال الميدان من المعلمين والطلاب وما يتم تداوله في وسائل الإعلام المختلفة وبعدها نتخذ قرارات سريعة بتعديل المنهج. وأشار إلي أنه يفضل العمل بنظام المسابقة فيما يتعلق بتطوير المناهج بحيث يتيح لنا التعرف علي مزيد من الخبرات في مجال تأليف الكتب واختيار ما يناسب التعليم المصري وفقاً للقواعد التي يتم وضعها من خلال المركز مشيراً إلي أن المركز يقوم أيضاً بتنقية المناهج ومراجعتها بعد اختيار الجهة المؤلفة للكتاب. ويتمني راشد أن تتم مسابقة تأليف المناهج خلال إطار زمني أكبر حتي يأخذ المؤلف أكبر فرصة للتجويد بحيث يكون لدينا منتج علمي سليم يستفيد منه الطلاب. وقال: "مهمة المركز خلال السنوات القليلة الماضية وخلال الفترة المقبلة أيضاً تتلخص في السياسة العامة للمناهج الدراسية في مصر بجانب التعاون مع الجهات المختلفة لإثراء المواد العلمية". وأضاف: "تعاونا مؤخراً مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وذلك لتوعية التلاميذ بالتعداد السكاني والتعرف علي تأثير ذلك علي المجتمع وتعاونا أيضاً مع صندوق مكافحة الإدمان لنعرف التلاميذ أخطاره وكذلك تعاونا مع العديد من الجمعيات الأهلية العاملة في مجال الإعاقة وبالذات متعددي الإعاقة لوضع مناهج جديدة تناسبهم". وأوضح راشد أن المركز ينسق أيضاً مع الجهات الرسمية التابعة لوزارة التربية والتعلم التي يأتي علي رأسها المركز القومي للامتحانات بحيث يكون هناك ربط بين ما يتم تطويره من مناهج حيث يكون مناسباً لطرق وضع الامتحانات مشيراً إلي أن المركز ينسق أيضاً مع مركز التطوير التكنولوجي بجانب الأكاديمية المهنية للمعلمين. من جانبه قال الدكتور محب الرافعي وزير التربية والتعليم سابقاً إن الخريطة الجديدة أو ما يتم وصفه علمياً ب"مصفوفة التتابع والتكامل" خطوة مهمة للغاية ومن المفترض أنها تجيب علي سؤال ماذا نريد من التعليم في مصر؟. وأضاف في تصريحات ل"آخرساعة": "المصفوفة الجديدة كانت ضمن أفكاري أثناء فترة تواجدي في الوزارة مشيراً إلي أنه طبقها العام الماضي بشكل مبدئي علي المناهج للقضاء علي الحشو والتكرار وكان من المفترض أن يتم تشكيل مجلس علمي يقوم بوضع أسس لتطوير التعليم ومن ثم يتم وضع المصفوفة التي تعمل وزارة التربية والتعليم حالياً علي تدشينها".. وأوضح أن المصفوفة الجديدة من المفترض أن تحدد المهارات التي نرغب في تنميتها لدي الطلاب كالقيم والأخلاق والاعتماد علي مهارات البحث والتفكير وكذلك إلمام المناهج الجديدة بالمهارات الأساسية للقرن ال"21" والتي يتم تدريسها في جميع دول العالم. وأكد أن المصفوفة من المفترض أن تحدد المهارات الأساسية التي يجب أن يتعلمها طالب الثانوية العامة قبل دخوله الجامعة ففي القسم العلمي يجب وضع أساسيات كليات الطب والصيدلية وباقي الكليات العلمية وكذلك الحال في باقي الأقسام. وأضاف أنه بالنسبة للتعليم الفني فيجب أن تتضمن المصفوفة المهارات الأساسية التي يتطلبها سوق العمل في كل تخصص علي حدة بحيث يترجم في شكل مناهج تفيد الطلاب عقب تخرجهم.