وزير الأوقاف يشارك في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد نيابة عن الرئيس السيسي    وزير الكهرباء يكشف عن أسباب سرقات التيار وإهدار ملايين الجنيهات    4 مواجهات خارج القاهرة.. تعرف على جدول مباريات الأهلي في الدوري المصري    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    جامعة دمنهور تعقد أولى الجلسات التعريفية حول سوق الصناعات الغذائية (صور)    رفع الإشغالات بمنطقة السيد البدوى بطنطا بعد انتهاء الاحتفالات    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    أمين عام حماة الوطن: انتصار أكتوبر المجيد يجسد عزيمة الشعب المصري    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    وزير الكهرباء: زيادة سعر بيع المليون وحدة حرارية ل 4 دولارات    المشاط تلتقي المدير الإقليمي للبنك الدولي لمناقشة تطورات المشروعات والبرامج الجاري تنفيذها    سفير تركيا بالقاهرة يعلن عن 25 ألف فرصة عمل مرتقبة بالعاصمة الإدارية    أمريكا ترسل قوات كوماندوز سرا إلى إسرائيل للمساعدة في استعادة الأسرى    مدبولي: الحكومة طورت 60 محطة صرف صحي لتحويها لصرف ثنائي وثلاثي    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة الأمم الأفريقية للكرة الشاطئية بالغردقة    رياضة البحيرة تواصل تدريبات قوافل "مشواري" بجميع مدارس المحافظة (صور)    مرموش ضمن قائمة أكثر اللاعبين تسجيلًا للأهداف بالدوريات الخمسة الكبرى    السيطرة على حريق مخزن خردة في أبو النمرس    أمن القاهرة يضبط عاطل بحوزته مبلغ مالى ومشغولات ذهبية قام بسرقتها من أحد المساكن    مصرع مزارع دهسًا أسفل عجلات جرار زراعي في قنا    من أرض الفنون.. النغم يتكلم عربي    «كلب» على قمة الهرم.. رحلة الصعود والهبوط تبهر العالم    الحكومة: تشغيل مستشفى العدوة المركزي تجريبياً خلال شهر لخدمة أهالي المنيا    فرق المتابعة تواصل المرور على الوحدات الصحية لمتابعة الانضباط الإداري بالزرقا بدمياط    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    مؤتمر سلوت: أنت تقللون من لاعبينا.. ولست الشحص الذي يتفاوض مع الوكلاء    رئيس مياه المنيا يتفقد محطتي مياه بني مزار الجديدة والعدوة الجديدة لمتابعة حسن سير العمل    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    الدرجة الثانية - خطأ إداري يسقط البداري أمام طامية    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    مدبولي: القطاع الصحي ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    محافظ السويس يشارك أبطال أفريقيا و100متسابق في ماراثون الدراجات بالكورنيش الجديد    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    الرئيس السيسي لوفد النواب الأمريكي: يجب وضع حد للحرب في غزة ولبنان    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    5 لاعبين أمام المحاكم.. ضرب إمام عاشور وسحر مؤمن زكريا الأبرز    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    حزب الله يستهدف تجمعًا كبيرًا من جنود الاحتلال    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    موعد صرف حساب المواطن لشهر أكتوبر 2024 / 1446 وكيفية الاستعلام عن الأهلية    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    قرار هام من النيابة بشأن نصاب انتحل صفة محام شهير بالدقي    الدوري الإسباني، بلد الوليد يفوز خارج ملعبه 3-2 على ديبورتيفو ألافيس    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم أنه أمل مصر الوحيد لتفادي الفقر المائي بعد اكتمال سد النهضة
وزارة الري تعرقل مشروع ربط نهر الكونغو بالنيل

صورة نهر الكونغو تكشف وفرة المياه في منزل صغير يشبه كل المنازل في إقليم «بني شنقول» في أثيوبيا، تسللت أشعة الشمس لتسقط علي وجه إسحاق لتنذره بموعد استيقاظه لقراءة أسفاره اليومية، التي واظب علي قراءتها منذ عدّة سنوات. تهيّأ للقراءة وبدأ بالإصحاح الثلاثين من سفر «حزقيال»: « إذ يُجرد السيف علي مصر يعم الذعر الشديد عندما يتهادي متكأ مصر، ويستوي علي ثروتها وتنفض أسسها، ثم نُسقط معهم بالسيف أثيوبيا ونوط ولوط».
«يا بن آدم ولول علي أرض مصر حينئذ يسقطون صرعي وقتلي بالسيف وقد أسلمت مصر للسيف وأسروها مع كل حلفائها.. هؤلاء الذين أشاعوا الرعب في قلب الأحياء، كلهم قتلي وصرعي بالسيف».
وتبعه بسفر «أشعيا» الإصحاح التاسع عشر: «وأصبح مصريون علي مصريين فيتحاربون، كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه، مدينة مدينة ومملكة مملكة وتراق روح مصر داخلها، وتنشف المياه من البحر ويجف النهر وييبس، وتنتن الأنهار وتجف سواقي مصر، ويتلف القصب والأسل والرياض علي النيل، وعلي حافة النيل وكل مزرعة علي النيل تيبس وتتبدد ولا تكون، والصيادون يولولون، وكل الذين يلقون شصّاً في النيل ينوحون. وفي ذلك اليوم يكون في أرض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان.. إن النيل متكأ المصريين يجف ويعم البوار، وتسحق البلدان والصيادون».
حملت الرياح أصوات العمال من موقع بناء سد النهضة، فتنبه إسحاق إلي مرور الوقت الذي داهمه، وانطلق مسرعاً إلي عمله في الموقع. لم يكن ما حدث في المنزل الصغير بإقليم «شنقول» جزءا من أسطورة قديمة أو حكاية خرافية، لكنه كان مشهداً حقيقياً يحكي عن السر الدفين في عمق المعتقدات اليهودية وراء بناء سد النهضة.
المهندس إبراهيم الفيومي خبير التنمية الأفريقية والدولية كان أول من بحث عن بديل لكارثة بناء سد النهضة، وأدرك أن القصة ليست «سد وكهرباء ونيل»، لكن وراءها كارثة أكبر يتم التخطيط لها منذ مئات السنين لتدمير مصر وتقسيم الشرق الأوسط. ليعكف علي دراسة مشروع «تنمية أفريقيا وربط نهر الكونغو بنهر النيل» مُكوناً فريقاً متكاملاً من الخبراء المتخصصين في جميع المجالات المتعلقة بالقضية، لدراسة آخر البدائل الممكنة لإنقاذ مصر من الكارثة المحققة. «آخرساعة» التقته هو وفريق عمله لكشف آخر تفاصيل المشروع، حيث فجر مفاجأة من بينها تقديم بلاغات ودعاوي قضائية لسحب ملف سد النهضة من رئيس الوزراء ووزير الري، وتسليمه لوزارة الدفاع والمخابرات العامة والحربية.
الجهود التي بذلها فريق الفيومي قوبلت بحركة واسعة من النقاش والجدل، حول إمكانية تنفيذ المشروع، التي قوبلت في نهاية الأمر برفضه من جانب المهندس حسام المغازي وزير الري، مستنداً في أسباب الرفض إلي 22 سبباً قابلها الفيومي بتقديم بلاغ إلي النائب العام ضد الوزير ومستشاريه، مستنداً إلي أخطاء جاءت في تقرير الوزير تُخالف حقيقة المشروع وما يحويه من دراسات كاملة. وأشار متعجباً إلي أن أحد مستشاري الوزير عمل استشاريا لوزارة الموارد المائية الأثيوبية خلال الفترة من عام 2005 وحتي عام 2008 وهو أمر في نظره يستحق التوقف أمامه.
المشروع بما يحمله من إمكانية مواجهة خطر الشح المائي الذي قد تتعرض له مصر خلال الأعوام القادمة بعد قرب اكتمال بناء سد النهضة، يقابل بوضع عقبات بعيدة عن الحقائق العلمية، فالدراسات التي قام بها الفيومي تستحق التوقف عندها بشكلِ أوفي. خاصة أن البدائل المطروحة لتعويض نقص حصة مصر من النيل بعد اكتمال بناء السد، تتعلق بتحلية مياه البحر وهو ما سيكبد الدولة مليارات الجنيهات سنوياً، غير أن استخدام المياه الجوفية لا يمكن أن يسد هذه الفجوة لأنها غير متجددة.
أسباب الفشل الذي لحق بمفاوضات الفريق المصري مع المسؤولين الأفارقة، الذي يكاد يطال مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل، تقوم بالأساس علي عدم إدراك المسؤولين المصريين لطبيعة سكان القارة الأفريقية، وانقطاع الصلات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لسنوات طويلة مع دول حوض النيل، وهو الأمر الذي تنبه له الفيومي وجعله يضم إلي الفريق بعضا من المتخصصين في دراسة تاريخ وطبيعة القبائل الأفريقية، للإسهام في رأب الصدع بيننا وبين القارة السمراء، واضعاً أمام المسؤولين خلاصة ما توصل إليه الفريق بعد سنوات عمل طويلة.
الدكتورة رودينا ياسين خبيرة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية لدول حوض النيل، كرّست وقتها للبحث في أصول القبائل الأفريقية وتشريح هذه المجتمعات المعقّدة، ما دفعها للانتقال إليها ومعايشة تلك القبائل حتي تستطيع نقل صورة واضحة عن طبيعة حياتها. أهمية ما توصلت إليه كما تشير يكمن في أن هناك فرصاً ذهبية يُمكن أن تُغيّر مسار القضية حال اقتنصتها مصر واستغلتها لصالحها، وهذه الفرص ترتبط بطبيعة إقليم «بني شنقول» الذي يُبني فيه سد النهضة وخصائص سكانه.
تُفاجئنا ياسين بأن هذا الإقليم يتبع مصر تاريخياً لأن جذور تبعيته تعود إلي السودان عندما كان تحت ولاية مصر، والأهم أن هناك خمس قبائل تسكنه مكوّنةً ما يُعرف بشعب «الأورومو». هذا الشعب يُشكّل نسبة 75-80% من سُكان أثيوبيا منهم 30 مليون شخص يسكنون الإقليم. وما لا ينتبه إليه كثيرون أن هذا الشعب يسعي إلي الاستقلال عن الحكومة الإثيوبية الممثلة في قبيلة «التجراي» للانضمام إلي السودان أو الصومال بسبب ما يعانيه هذا الشعب من اضطهاد وتهميش، ومع اختلاطنا بهم ودراستنا لأوضاعهم وجدنا أنهم رافضون لكل سياسات الحكومة الإثيوبية التي تسعي إلي خلق المنازعات بين بلادهم والدول الأخري وعلي رأسها مصر، بإصرار أثيوبيا علي بناء سد النهضة.
تتابع: للأسف أخطأنا خطأً كبيراً في التعامل مع هذه الدول وتجاهلنا احتياجاتها الفعلية، والإخفاق في ذلك هو ما أوصلنا إلي هذه المرحلة الحرجة في قضية بناء سد النهضة. كما أن معرفة كيفية التعامل مع القبائل الأفريقية سيساهم في إنجاح مشروع «تنمية أفريقيا وربط نهر الكونغو بنهر النيل» الذي نتطلع إليه، ما يزيد من أهمية توطيد علاقتنا بالأب الروحي لهذه القبائل في الدول الأفريقية التي تعد سلطته أقوي من سلطة الرئيس نفسه.
وأشارت إلي أن المشروع واجهته مشكلة تتعلق بأن المسار الأصلي للنهر يمر بمنطقة مستنقعات في جنوب السودان، وفقاً لدراسة الدكتور أحمد عبدالخالق الشناوي الخبير الدولي في الموارد المائية والسدود، الذي استطاع إيجاد حلول هندسية لهذه المشكلة واستغلال منطقة المستنقعات بعد التطوير كمراعٍ للثروة الحيوانية، لكن كان لابد من التواصل مع القبائل الأفريقية لمعرفة احتياجاتها والعمل علي توفيرها. كما سيتم استغلال فائض المياه في تلك المنطقة لزراعة أنواع من المحاصيل تحتاج إلي مياه غزيرة، ووجدنا أن أنسب المحاصيل لزراعتها الأرز الفيتنامي في هذه المنطقة. وهذا ما جعلهم يوقعون بالفعل علي عقود مع فريقنا، لاستغلال تلك المنطقة في المشروعات التنموية التي ستقوم علي ضفاف المشروع الجديد.
القائمون علي المشروع يرون أنه لا يعد بمثابة المنقذ لمصر من خطر الفقر والشح المائي فقط، لكنه سيغير وجه الحياة في القارة الأفريقية بإحداث تنمية شاملة لجميع الدول التي ستمر بها وصلة النهر الجديد، وهي الخطة التي أطلعنا علي تفاصيلها المهندس إبراهيم الفيومي رئيس فريق المشروع، موضحاً أن المشروع سيضمن نقل ما لا يقل عن 110 مليارات متر مكعب من مياة نهر الكونغو إلي نهر النيل علي مدار السنة لحل أزمة مصر وتوفير احتياجاتها المائية، خاصة أن البلاد ستشهد ارتفاعاً للعجز بنحو 7.4 مليار متر مكعب إلي 50.78 مليار متر مكعب بحلول عام 2050.
الفيومي نوه أيضاً إلي أنه رغم احتياج مصر للمياه لكون المشروع بالأساس يعتمد علي نقل مياه نهر الكونغو، إلا أن أهمية المشروع وجدواه الاقتصادية تفوق ذلك بكثير، لأنه ينطوي علي خطة لإحداث التنمية الشاملة بأفريقيا من خلال شراكة حقيقية مع جميع الدول الأفريقية، تعيد مصر إلي قلب القارة وتعيد الأفارقة إلي القاهرة. حيث يوفر المشروع للكونغو إمكانية توليد الكهرباء التي تحتاجها معظم مدنها وقراها. حيث يقول: «وقعنا حزمة اتفاقيات لإقامة محطات كهرباء باستغلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وإقامة بنية تحتية لإنشاء تجمعات سكنية، تتضمن إقامة سكك حديدية ومدارس ومستشفيات، غير الاتفاقيات التي تتضمن التعاون المشترك للاستفادة من الثروة المعدنية متضمنة مناجم الذهب والألماس والتنقيب عن البترول».
يضيف: للأسف العوائد الاقتصادية الهائلة لمشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل معطلة، بسبب رفض وزير الري الحالي المهندس حسام المغازي للمشروع، الذي تقدم بتقرير للرئيس عبدالفتاح السيسي يحمل 22 سبباً فنياً لرفض المشروع، لكن الكارثة أن هذا التقرير يستند إلي معلومات خاطئة، تكشف عدم اطلاعه تماماً علي الأوراق والخرائط للأقمارالصناعية والرادارية والمعلومات التي تضمنتها دراساتنا حول المشروع. مما دفعنا إلي تقديم بلاغ للسيد المستشار النائب العام ضد وزير الري بصفته وشخصه بواسطة فريق من المحامين يترأسهم المحامي عصام الديب.
يواصل: اللجنة الفنية التي شكلها وزير الري برئاسة الدكتور علاء ياسين مستشار الوزير للسدود ومياه النيل، التي اطلعت علي كافة البيانات التي قُدّمت للوزارة من قبل وزارة الجهة السيادية المعنية، التي أمددناها بكافة الدراسات الخاصة بالمشروع لتحصل علي كود سري، لكن اللجنة خلصت إلي عدم إمكانية تنفيذ المشروع. هذا الأمر أثار دهشتنا كون أن كافة النقاط التي تحدثت عنها وزارة الري تم إدراجها في التقارير التي تم تسليمها للجهة السيادية المعنية، لما تحويه من معلومات تخص الأمن القومي المصري.
وهذا ما جعلنا نشك في أنه نتيجة إهمال وزارة الري لم يتم قراءة الملف المسلم لها من قبل الجهة السيادية. فكيف لوزارة الري أن تقرر أن المشروع لم يمر بدورة المشروعات، وهي لم تتطلع بالأساس علي الدراسة والخرائط ورسومات التصميمات الهندسية، علما بأن كافة الرسومات والبيانات الهيدرولوجية المسلّمة ضمن مستندات المشروع، تحتوي علي تصريفات نهر الكونغو. كما أن المسار المقترح لا يمر أصلا بمناطق المستنقعات أو السدود، فضلاً عن أن التكلفة التقديرية الأولية من لجنة وزارة الري والمقدرة بمائتي مليار جنيه تكلفة خاطئة تماما لاعتمادها علي بيانات غير حقيقية قامت هي بافتراضها. علماً بأنه تم التنسيق بواسطه فريق عمل المشروع مع السادة مسؤولي الدول الأفريقية، بعلم الجهات السيادية ضمن مشروع تنمية أفريقيا، لتكون الفائدة العائدة علي الدول الأفريقية هي مقومات تنمية شاملة ومستدامة.
ولذلك التمسنا في البلاغ المقدم إلي النائب العام التحقيق في بلاغنا حول ادعاءات وزارة الري واتخاذ الإجراءات القانونية بهذا الشأن، ونطالب بسحب ملف المياه من وزارة الري، ومحاكمة اللجنة المزعومة بتهمة تضليل الرأي العام، وتقديم معلومات مضللة للجهات السيادية، وتعريض الأمن القومي للخطر بسوء إدارة ملف الأزمة المائية. ونطالب أيضاً بتكليف مجموعة علمية متخصصة ومحايدة لا تنتمي لوزارة الري، للتنسيق معنا في سبيل تنفيذ المشروع، وتكليف الجهات السيادية ووزارة الخارجية بتسهيل إجراءات المشروع.
وأوضح الفيومي ل آخرساعة أن الادعاء بارتفاع تكلفة المشروع غير صحيح، لأن المشروع لن يكلف مصر شيئاً، فمن خلال سعينا في عقد الاتفاقيات توصلنا إلي توفير مصدر للتمويل، من خلال إحدي المؤسسات الكبري، ستتولي الإنفاق علي تنفيذه بالكامل مقابل مشاركتها في عدة مشروعات تنموية. وبسبب تعنت وزارة الري في الموافقة علي المشروع، تلقينا عرضا من إحدي الدول العربية لتولي مسألة التمويل، مقابل نقل المياه إلي تشاد ومنها إلي الجزائر دون المرور إلي مصر، وكذلك تم عرض دولة أوروبية معروفة بتاريخها الاستعماري في أفريقيا تحويل مجري النهر الجديد، ليدخل إلي تشاد أيضاً، لكننا بالطبع رفضنا هذا العرض.
وطالب الفيومي بضرورة العمل فوراً علي تنفيذ المشروع لأن مصر لا تملك رفاهية الوقت، إذ كانت المدة المحددة لتنفيذ المشروع تستغرق ثلاثين شهراً، ومع ما حدث من تأخير في بدء التنفيذ لا بديل عن تكثيف العمل لضغط المدة، فضلاً عن أهمية العمل تدريجيا حيث يبدأ ضخ المياه بكميات محدودة فور تركيب الطلمبات بصورة أولية وزيادتها مع اكتمال المشروع، وصولاً إلي الكمية المستهدفة التي تقدر بنحو 110 مليارات متر مكعب من المياه.
المشروع كان لابد أن تكتمل أركانه بوجود المتخصص في الجيولوجيا وتحليل صور الأقمار الصناعية التي يعتمد عليها المشروع في تنفيذه، وهو الدور الذي قام به الدكتور عبدالعال حسن عطية الخبير الجيولوجي الذي يعد أول من اكتشف إمكانية الربط بين مساري النهرين عبر نقطة التماس أو الالتقاء بين النهرين، خاصة أن نهر الكونغو يعد من الأنهار المتوحشة، إذ يبلغ حجم المياه التي يحويها 1248 مليار متر مكعب سنوياً، والتي تصل مسافة اندفاعها داخل المحيط الأطلنطي إلي 130 كيلومتراً بواقع 42 ألف متر مكعب في الثانية الواحدة مياه مهدرة في المحيط الأطلنطي، في حين تبلغ مياه نهر النيل بالكامل 84 مليار متر مكعب سنوياً، غير أن معظم مياه نهر الكونغو غير مستغلة لأنها من الدول المطيرة المستمرة لمرور خط الاستواء علي النهر.
وفرة مياه نهر الكونغو كانت الأساس الذي انطلق منه الدكتور عطية لدراسة تضاريس المنطقة للكشف عن أفضل نقطة يمكن من خلالها نقل المياه. ومن خلال عشرات الدراسات اطلع عليها وساهمت في تطوير الفكرة والدراسات التي أجراها توصل إلي 98 سيناريو لاختيار مسار نقل المياه من نهر الكونغو، ليستقر علي أفضل السيناريوهات الممكنة الذي يتضمن نقل المياه علي ارتفاع 105 أمتار، وهو ما لا يختلف كثيراً عما تم في محطات رفع المياه بمشروع توشكي، أو في قناة بنما التي ترفع السفن من المحيط الأطلنطي إلي المحيط الهادي لمسافة 56 متراً.
إلا أن هذه المعلومة غيبتها وزارة الري في تقريرها، مدعية بأن ارتفاع نقل المياه سيصل إلي 200 متر بسبب ارتفاعات الجبال التي تنتشر في مسارات النهر، ما أدي إلي زيادة تكلفة المشروع بشكلٍ وهمي. غير أن الوزارة أيضاً ادعت أن مسافة الربط بين النهرين تبلغ 800 كيلومتر في مناطق جبلية ذات طبيعة وعرة، رغم أن المسافة الفعلية تتراوح بين 150-160 كيلومترا، ولن تحتاج إلي الحفر لأنها منطقة أخاديد سيتم استخدامها كمسارات جاهزة للمياه.
وتعجب عطية من أن كل هذه العراقيل توضع أمام المشروع رغم أنه لا يوجد بدائل لمصر غيره لتوفير المياه لاستخدامات الشرب والزراعة خلال السنوات القادمة، واصفاً البدائل المطروحة بأنها مكلفة وغير عملية، فتحلية مياه البحار التي يتحدث عنها البعض تصل تكلفة تحلية المتر المكعب الواحد إلي نصف دولار تقريباً، وبما أن العجز لدينا الآن يصل إلي 40 مليار متر مكعب، يعني ذلك أن مصر تحتاج إلي 20 مليار دولار سنوياً (ما يوازي 160 مليار جنيه) لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المياه، وهي فاتورة سيتحملها الفقراء خاصة أنه مع الوقت سيتم مضاعفة حجم المياه، وذلك بالطبع لن تتحمله ميزانية الدولة.
أما البديل الثاني كما يُشير فيكمن في خدعة استقطاب فواقد النهر، المتمثلة في فواقد البخر أو تسرب المياه في التربة، وهذا غير منطقي في كل الحالات ومن المستحيل تنفيذه، فالبخر ومعدلاته ترتبط بالعوامل المناخية ومن المستحيل تغييرها، أما معدلات التسرب فتتطلب تبطين جميع مسارات النهر وفروعه وجميع روافده وليحدثنا خبراء وزارة الري عن تكلفة تبطين قيعان كل الروافد والفروع لتقليل كمية المياه المتسربة ومن سيسمح بذلك لإحداث خلل بيئي في منظومة واتزان الخزانات الجوفية عبر مسار النهر وفروعه وروافده.
والبديل الثالث هو إعادة تدوير المياه، وهو محدود الجدوي لأن عملية التدوير لا يمكن أن تتجاوز عدة مرات محدودة وبكميات شحيحة وبتكلفة باهظة أعلي من تكلفة تحلية مياه البحر والتي تعد أكثر أمانا من إعادة التدوير لعدم وجود تركيزات عالية من العناصر الثقيلة ولا الملوثات العضوية والبكتيرية. ويتم أيضاً الترويج للاعتماد علي المياه الجوفية علي الرغم من أنها غير متجددة وتزيد نسبة الملوحة فيها بمرور الوقت ما يجعلها غير صالحة للزراعة.
أما البديل الأخير الذي يبقي لنا أن نخوض حروباً في إفريقيا للحصول علي المياه وهذا يعني نهاية وجودنا الاستراتيجي في القارة. وبالتالي هذه البدائل غير منطقية ويبقي الحل الوحيد مشروع ربط النهرين، وهذا المشروع كفيل بتوفير احتياجات مصر من المياه التي يهددها بناء سد النهضة الأثيوبي.
ويعتبر سد النهضة مشروعاً يتجاوز فكرة احتجاز المياة خلف جسم السد فقط، لكنه مشروع يحمل أبعاداً أخري من شأنها إعادة تغيير المشهد في القارة كلها. فوفقاً للدكتور عبدالعال عطية تكمن خطورة السد في المنطقة التي يُبني عليها باعتبارها من أخطر بؤر الزلازل، حيث إن التركيب الجيولوجي لها قائم علي صدع في القشرة الأرضية، يُعد امتداداً للأخدود الأفريقي العظيم، ما يعني أن بناء السد يُشكل خطورة كبيرة عند امتلاء بحيرته بطاقته القصوي البالغة 74 مليار متر مكعب، حال تعرّض لزلزالٍ قوي. سيؤدي ذلك إلي انهيار السد واندفاع المياه لتدمر السودان بالكامل، مهددة السد العالي بالانهيار وإغراق ثلثي مصر. وهذا ربما يُحدث تغييراً علي المدي البعيد علي جيولوجية أفريقيا ما يفصل أثيوبيا عن القارة لتتحول إلي جزيرة معزولة في المياه المالحة ومعها نهر النيل.
وكشف عطية عن مفاجأة من العيار الثقيل تكمن في وجود السد علي أكبر الفوالق الأرضية، سيؤدي إلي تسريع العجلة الزلزالية بالمنطقة في محاولة يائسة من القشرة الأرضية في استعادة توازنها المفقود بفعل دخول عامل جديد هو سد الخراب. علاوة علي الارتباط الوثيق بين الفوالق المذكورة والفالق السوري الأناضولي القادم من الشمال الشرقي والذي يعمل بدوره كمرآة عاكسة للأحداث الزلزالية بالمنطقة ويزيد من شدتها وتكراريتها وهو يفسر حدوث ردة فعل ظهرت في شكل زلزال ضرب منطقتي نجران وجيزان جنوب غرب السعودية، وهي المنطقة التي تتعرض لسلسلة زلازل، وكان أشدها الزلزال الذي حدث يوم 23 يناير 2014 بقوة 5.1 بمقياس ريختر، والذي وقع مركزه علي بعد 50 كيلو شمال شرق جيزان علي عمق 10 كيلومترات. ما يكشف خطورة السد علي بنية المنطقة الغربية للسعودية بالكامل، وذلك يمكن أن يترتب عليه زلازل مدمّرة بعد امتلاء بحيرة السد، ما يشكل تهديداً علي وجود مكّة والمدينة. ويعطي أبعاداً أخري لفكرة بناء السد تتجاوز ما هو اقتصادي إلي ما هو عقائدي.. الفكرة الأخيرة التي أثارها الدكتور عطية أكدتها الدكتورة نانسي عمر الخبيرة في إدارة المشروعات والمنسق العام لفريق العمل، موضحة أن خيوط المؤامرة تبدأ من العملية «موسي»، وهي التي تم فيها نقل يهود «الفلاشا» من أثيوبيا إلي إسرائيل عن طريق السودان، بواسطة الرئيس السوداني السابق جعفر النميري، الذي تم وضع 49 مليون دولار في حسابه في سويسرا لتنفيذ ذلك، وبعد وصول يهود الفلاشا إلي إسرائيل اكتشفت الأخيرة أن بعضهم ينتمي إلي قبيلة التجراي ذات الأصول اليهودية، وهي القبيلة الحاكمة التي خرج منها الرئيس الأثيوبي، لتتدخل إسرائيل بشكل واضح لإعادة الحكم إلي هذه القبيلة، بعدما حدثت ثورة من شعب الأورومو الذي يشكل الأغلبية ضد الحاكم «منجيستو» ذو الميول الشيوعية.
نجحت اسرائيل في الالتفاف علي هذه الثورة وإعادة حكم الأقلية الممثلة في هذه القبيلة التي تمثل 20% من الشعب الأثيوبي، هذه الخلفية التاريخية كانت القاعدة التي انطلقت منها فكرة بناء سد النهضة، وهو جزء في تنفيذ المخطط الصهيوني التوراتي في إنشاء دولة إسرائيل الكبري، والتي علي عكس ما يتوقع البعض بامتدادها إلي النيل والفرات فقط، لكنها دولة بلا حدود، وفقاً لبن جوريون الذي قال إن الحدود اليهودية لا يحددها إلا شعب اليهود.
فأسفار اليهود ورد فيها لفظ أرض 1500 مرة دون تحديد ماهية الأرض، ما يكشف النوازع التوسعية لديهم. فحتي اختيار بناء السد علي أكبر فالق زلزالي في أفريقيا يصنع سيناريوهات خطيرة في المنطقة تشمل صناعة كوارث طبيعية، تشكل إحدي وسائل الحروب المستقبلية، من خلال صنع الزلازل والبراكين والأمطار الحمضية المؤدية إلي حدوث السيول.. الأخطار الكارثية لسد النهضة دفعت المهندس إبراهيم الفيومي إلي تحريك دعوي أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس الوزراء بصفته ووزير الري، والتي حملت رقم 75475 لسنة 68 قضائية. وطالب فيها بوقف تعامل وزارة الري مع ملف سد النهضة وتحويله إلي وزارة الدفاع والمخابرات العامة، متهماً وزير الري بالتقاعس والإهمال المتعمد وتضليل الرأي العام في مفاوضات سد النهضة، وذلك لعدم اللجوء للتحكيم الدولي عن طريق الأمم المتحدة، خاصة أن وزير الري لم يتقدم بطلب لوزير الخارجية بتحريك شكوي لمجلس الأمن لاستصدار قرار دولي بوقف أعمال بناء السد، ما يعد إهداراً لحقوق مصر المائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.