لبنان جاءت ريتا بدر الدين حاملة معها تراثاً طويلاً من الثقافة وعشق الأدب تعلمتها في منزل والدها الدكتور والشاعر والبرلماني علي بدر الدين الذي كان له صالون ثقافي يجتمع فيه أهل الأدب والفن من كل أنحاء الوطن العربي، وكان يناقش فيه أحدث الإصدارت الأدبية والعلمية التي تصدر في العالم كله، وخاصة ما يتعلق منها بالحركةالأدبية في مصر، ولم يقتصر الصالون علي منزله فقط، بل كان يقيمه في عيادته أسوة بالشاعر الكبير إبراهيم ناجي. في تلك الأجواء نشأت ريتا وعشقت الحوارات الأدبية والفنية وأدركت منذ صباها أن لها دورا لن تتخلي عنه وأنها لابد وأن تكمل مسيرة والدها، ولم يكن ذلك غريبا عليها كامرأة عربية ورثت حب الفكر والأدب عن سيدات عربيات كان لهن الريادة في إقامة هذه الصالونات. فأول صالون أدبي أقامته "السيدة سكينة بنت الحسين بن علي" رضي الله عنهم وكان صالونها يمتاز بتردد الشعراء والأدباء عليه حتي قيل إن الشعراء الفرزدق وجرير وجميل اتفقوا في موسم الحج علي الذهاب إلي "صالونها" ليحتكموا إليها بشأن من هو أفضلهم وكانت تستمع إليهم من وراء حجاب، ومن بعدها بسنوات طويلة أقامت "الولادة بنت المستكفي" في قرطبة صالوناً ثقافياً كان به نجوم الشعر والأدب في ذلك الوقت، ولم تترك السيدات العربيات الريادة في إقامة الصالونات الثقافية فقد شهد العصر الحديث إقامة الصالون الأدبي للأميرة نازلي فاضل وكان يتردد عليه الإمام محمد عبده وسعد باشا زغلول وقاسم أمين. وفي نفس الزمن تقريبا كان صالون الكاتبة مي زيادة يثري الحياة الثقافية في مصر واستمر لأكثر من ثلاثين عاما، لتأتي ريتا بدر الدين وتستكمل مسيرة الرائدات وتقيم صالونها الثقافي مرتين في الشهر ليتحول إلي مرآة تعكس هموم وأحلام وقضايا المجتمع المصري الذي تراه لا ينفصل عن هموم العالم العربي كله، ويطرح فيه من خلال ضيوفه رؤيتهم وأفكارهم التي تتخطي أحيانا حاجز المستقبل لتنتج أفكارا تشبه النبوءات، وتتذكر الصالون الثقافي الذي أقامته في 19 يناير 2011 قبل الثورة بأيام قليلة وكان من ضمن ضيوفه الدكتور عصام شرف الذي أصبح بعد الثورة رئيسا لوزراء مصر وكان النقاش يدور حول "المرأة والفساد السياسي" والعلاقة بين الفساد والاقتراب من السلطة، وتري أن المناقشة غالبا ما تنتج أفكارا تصب في مصلحة الوطن فقضية مثل "الإرهاب" تحتل جزءا كبيرا من المناقشات في الصالون، وتقول: أتمني أن يتنامي عدد الصالونات الأدبية في مصر، وأن تتحول المنازل التاريخية إلي أماكن لعقد الصالونات التي يشارك فيها الشباب الذي سيكون لهم دور مهم في المستقبل القريب. قبل أن أودعها لفت نظري مجموعة ضخمة من اللوحات الفنية التي تحمل توقيع فنانيين كبار مثل صلاح طاهر وجورج بهجوري ومحمد الطراوي وفاروق شحاتة، فلم تخف عني عشقها للفن واقتناء لوحات لكبار الفنانين، وخاصة صلاح طاهر الذي كان ضيفا دائما في صالونها الأدبي.