هو الفنان القدير مغني الأوبرا العالمي التينور حسن كامي يملك الإحساس الراقي بعلاقة شديدة الخصوصية التي ربطته بجمهور الأوبرا، ووحده يملك التفسيرات لقوة الأداء الصوتي واللمسات السحرية علي المسرح الذي كان يأتي به ليفجر بركان المشاعر في لحظة ويسيطر علي جماهيره تماما في اللحظة التالية. وعلي مدار زمن اقترب من نصف القرن قدم كامي بطولات أوبرالية عالمية كانت سببا في وضع سيرته داخل موسوعة "النيوجروڤ" العالمية المتخصصة وكانت مفاجأة للجماهير المثقفة عندما اتجه مغني الأوبرا إلي التمثيل علي يد المخرج محمد فاضل الذي اختاره ليشارك في بطولة مسلسل "أنا وأنت وبابا في المشمش" وسرعان ما استفاد من نصيحة الراحل حسن عابدين بخروجه من عباءة الأوبرا حتي يعرفه ملايين المشاهدين وبالفعل استخرج جواز سفر جديدا إلي عالم الأحلام الفنية الطموحة وانطلق مع مسرحية انقلاب مع الراحل محمد نوح وصلاح جاهين والمخرج جلال الشرقاوي التي كانت بالفعل انقلاباً في حياته الفنية وفتحت له أبواب النجومية. النجومية ليست مجرد وسامة بدليل فريد شوقي وأحمد زكي ما العلاقة التي ربطت بين حبك للغناء الأوبرالي والسياحة ودراستك للحقوق؟ لقد بدأ حبي للغناء في الثامنة من عمري وزاد غرامي بعدها بسماع وتقليد مشاهير مغنيي الأوبرا العالميين وبالذات «كاروزو» أعظم مغني أوبرا في التاريخ و«ماريو لانزا» وكان منزلنا يزخر باسطوانات الأوبرات لأن أسرتي كانت تهتم وتهيم حبا بكل أنواع الموسيقي والغناء الشرقي والغربي.. وفي السادسة عشرة بدأت الدراسة الأكاديمية وتتلمذت في البداية علي يد الدكتورة جيلان رطل والتحقت بمعهد ليوناردو دافينشي لتعلم الغناء الأوبرالي في ذات الوقت الذي لم تسمح فيه أسرتي بالغناء رغم اهتمامها بالموسيقي ووقتها رفضت أسرتي الإنفاق علي تعليمي الغناء الأوبرالي فاضطررت للعمل في شركة سياحة لمعرفتي بأربع لغات أجنبية وكنت في ذات الوقت طالبا بكلية الحقوق ونجحت وانتقلت للعمل في شركة طيران الشرق الأوسط منذ عام 1691 حتي 8691 أي بعد التخرج ثم عملت في الخطوط الجوية التونسية ثم العمل في المطار وانتهي بي المطاف إلي صاحب شركة سياحة.. ونجاحي يرجع لعلاقاتي الطيبة مع الآخرين وابتكاري لسياحة الفن بمعني استخدامي أوبرا عايدة نواة للجذب السياحي.. وقد كنت أول من استقدم أوبرا عايدة ونفذها في الهرم وكانت خلفيتها أبوالهول. أكثر من ربع قرن في مضمار الفن، كيف تقيم هذه المسيرة، وما تخللها من صعوبات؟ الفترة طويلة ولذا لابد أن تتخللها صعوبات ونجاحات أيضا لكن لايمكن أن يمر أي شيء علي الإنسان دون أن يكون له مردود إيجابي فحتي الفشل يكون دافعا للعطاء ولذا يجب أن نسعي دائما للأفضل ونبقي جاهزين لالتقاط الأمور الإيجابية وبالطبع مررت بمراحل.. منها الجيد ومنها الوسط ومنها محطات لامعة.. إلا أنني تعلمت من هذه التجارب واستطعت أن أنجز رصيدا فنيا متميزا.. ومازلت أسعي لتحقيق الأفضل سواء علي صعيد السينما والمسرح والتليفزيون. ما المحطة البارزة في حياتك الفنية وتعتبرها محطة العبور لجمهورك؟ بداية أذكر أن الفضل في اتجاهي للعمل بالدراما التليفزيونية والسينما يرجع لصديقي الراحل الفنان حسن عابدين حيث قال لي ونحن نعمل سويا في مسلسل «أنا وأنت وبابا في المشمش» مهما كنت من العشرة الأوائل في الأوبرا لن يشاهدك سوي الآلاف من المتفرجين في المسرح ولكن في التليفزيون سيشاهدك قرابة 120مليونا في العالم العربي، وبالفعل عملت بنصيحته وعندما رشحني الفنان الراحل محمد نوح للمشاركة في بطولة مسرحية «انقلاب» وأقنعني جلال الشرقاوي قبلت علي الفور لكونها عملا جيدا متميزا كتبه المبدع الراحل صلاح جاهين وتولي إخراجه جلال الشرقاوي وألحانه محمد نوح وكانت زهرة المسرح وبطلة العرض الفنانة نيللي وإحقاقا للحق كانت بمثابة الانقلاب في حياتي الفنية وفتحت لي الطريق للإبداع في فنون السينما والتليفزيون وأيضا المسرح التجاري. هل أنت مع مقولة أن يأتي الشيء متأخراً أفضل من ألا يأتي؟ برأيي الوقت هو العامل الأساسي لحل الأمور ربما منذ فترة عملي بالأوبرا لم أكن جاهزا للتمثيل، ولكن بعد تجربتي الناجحة في انقلاب ثم تقديمي لدور أعجب الناس في مسلسل أنا وأنت وبابا في المشمش توقفت عندما قرأت نص فيلم الحب والرعب وشعرت أن هذا العمل هو الذي يجب أن انتقل من خلاله إلي الدراما السينمائية وفي نفس الوقت الذي بدأت فيه خوض غمار الدراما التليفزيونية خاصة أن فكرته كانت جيدة للغاية، والحمد لله الناس أحبوني وأنصفوني لأنهم هم الحكم. وما قناعتك التي ستظل متمسكا بها في عملك الفني؟ أحب أن أقدم ما يصلح للجميع بدون جرح أو خدش حياء لهم من كلمة أو مشهد أقدمه.. وأحب أن أقدم فنا حقيقيا حتي لو كان بسيطا وخفيفا يحمل معني وبسمة أو رسالة إنسانية أو قيمة حياتية معتمدا علي قيمة العمل الفني والنص الجيد والمخرج القادر علي إخراج طاقات الممثل وأخيرا الأمور المادية التي تحمل تقديرا لمكانتي كفنان. هل آذتك الشللية وسرقت منك أدواراً؟ الشللية في الوسط الفني موضة سيئة وأنا لا أحب أن أكون محسوبا علي أحد وأؤمن بأن رزق الإنسان من عند رب العالمين ولا أريد الغوص في بعض الأمور غير الصحية أو تفاصيل ما يحدث مع البعض في الوسط الفني حتي لا يفسر الأمر علي أنه غيرة فنية مثلا. النجومية اليوم لم تعد تعتمد علي الوسامة، هل تتفق مع ذلك؟ عمري ما نظرت للنجومية بهذا المنظار، بل أعتمد دائما علي موهبتي فهي سلاح وسامة الأدوار عندي ولو نظرنا للسينما العالمية سنجد مثلا آل باتشينو والممثل الأسمر ويل سميث لا يتمتعان بوسامة روبرت تايلور، ولكنهما حققا نجاحات متميزة ونجومية خاصة وعندنا الفنان الكبير الراحل فريد شوقي كسر أيضا نظرية الوسامة وقدم كل الأدوار وبات له رصيد حب كبير عند المشاهدين حتي الآن ونفس الشيء فعله العبقري الراحل أحمد زكي الذي لمست أعماله قلوب وتقدير المشاهدين لمجرد أنه يقدم فنا راقيا يعكس انسجامه في التمثيل وموهبته في الأداء بعيدا عن وسامة الشكل. لو كنت وزيراً للشئون الفنية ماذا ستفعل؟ كنت أبني دارا للأوبرا في الأقصر تهتم بالأعمال المصرية لأن وطننا بلد سياحي ثم أنظم الإعلام المرئي والمسموع، ولا أسمح ببث أغنية لا تحمل الحد الأدني من المستوي اللائق من ناحية الكلمات أو الأداء أو اللحن، وسأكون قاسيا علي الأعمال الدرامية غير الجادة وتحمل داخل نسيجها مظاهر قبح وشتائم ورقصا مبتذلا. صرحت بعشقك لأدوار الريحاني وسليمان نجيب، فلماذا لاتفكر في إعادتها؟ السينما زمان قدمت نماذج رائعة لأفلام ممتازة لايزال الجمهور مرتبطا بها حتي الآن ويأتي في مقدمتها أفلام نجيب الريحاني وسليمان نجيب وأنا شخصيا متعلق بأفلام غزل البنات لعبة الست ياسمين وكانت سينما تبرز فيها الموهبة وعشق العمل والهواية لكن السينما الآن مجرد «بيزنس» يعني شغل وفلوس والسينما زمان كانت تقدم الاستعراضات والأفلام الغنائية وسينما اليوم تحاول أن تصل إلي شيء من هذا ولكنها تفشل وفي هذا المضمار لا أؤيد المثل القائل «في الإعادة إفادة» بل أقول علينا أن نتعلم من روائع الريحاني وسليمان نجيب وغيرهما، ومن يحاول تقديم أعمالهما سيبوء بالفشل الذريع لأن ذلك استخفاف بعقلية المشاهد. ولكن يتردد أنك حبست نفسك في الأدوار الرومانسية والأرستقراطية والتاريخية؟ كل عمل قدمته يبقي ضمن مساحة التحدي الخاصة بي كممثل أمام نفسي فمثلا قدمت شخصية ديلسبس في بوابة الحلواني واللورد كرومر في مسلسل قاسم أمين وسفير متقاعد في أميرة من عابدين والملك أرينا ملك إيطاليا في ملاعيب شيحة ومدير مركز تجارب نووية في مسلسل الأصدقاء ودور شاحال الإسرائيلي في رأفت الهجان وتاجر سلاح في فيلم الحب والرعب ودور المدعي العام الاشتراكي في قليل من الحب كثير من العنف وقدمت شخصية ابن البلد والطباخ والنصاب ودور علاء مهيب ابن الذوات المفلس وعزيز بك الأليت في ناس وناس هذا بخلاف تنوع شخصياتي في مسلسلات منها علي سبيل المثال الخواجة عبدالقادر الهاربة ولاد الليل وسكة اللي يروح ونقطة نظام وأفلام سمع هس يامهلبية يا كريستال ليلة سقوط بغداد صايع بحر مبروك وبلبل كونشرتو درب سعادة ناصر 56 كشف المستور زكي شان ومسرحيات انفلات كعب عالي بحبك يامجرم دلع الهوانم لا مؤاخذة يامنعم.. وكل هذه الأدوار أوسمة علي صدري.