20عاماً مرت من عمر سيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت، لذلك جاءت الدورة العشرون استثنائية محلية شديدة التميز، حيث تم اختيار الفنان آدم حنين، ضيف شرف هذه الدورة التي كانت شاهدة علي تواصل أجيال مختلفة من النحاتين المصريين التي تبعث برسالة فنية وثقافية هامة الدلالات، فالأيادي التي صنعت هذا الإبداع الرائع، أتت من دول مختلفة وثقافات متباينة، ولكنها الآن تتجاور في حوار مهم ورائع وتدل علي أن مصر حاضنة لكل الثقافات، وحاضنة لكل الحوارات، وليس للشر ،وتؤكد علي أن الفن قادر علي قبول الآخر، والتحاور معه، والتشارك معه في فضاء واحد. في هذه الدورة التي كانت بأيدي نحاتين مصرين تبشر بميلاد جيل جديد من الشباب والفتيات الذين حملوا الأزميل والمطرقة ليكملوا قصة المصري القديم في الإبداع. من الفراعنة مرورا بمحمود مختار إلي آدم حنين وبين أحضان الجبل يتناغم الهواء مع قوة التناسب الجبارة لأحجار الجرانيت لتبدع باليه دار الأوبرا المصرية ومخرج العرض وليد عوني ليقدموا لنا عرضا يتسلم فيه محمود مختار الأزميل من معلمه النحات المصري القديم ويلتقيان ويتصارعان في ميلودرامية النحت والموت وفي النهاية فإن موت الفنان هو مرحلة انتقال الإرث وولادة الفن الحديث هذا العرض الذي شاهده الدكتور عبدالواحد النبوي وزير الثقافة في أول حضور فاعلية ثقافية لصندوق التنمية الثقافية الذي يرأسه المهندس أبوسعدة، حيث قال الوزير في كلمته التي ألقاها في بداية الحفل التي تبعث برسالة فنية وثقافية هامة الدلالات: إن الأيادي التي صنعت هذا الإبداع الخلاب، أتت من دول مختلفة وثقافات متباينة، ولكنها الآن تتجاور في حوار مهم ورائع وتدل علي أن الأمة المصرية حاضنة لكل الثقافات، وحاضنة لكل الحوارات، وحاضنة لكل المبادئ السامية، تعمل علي أن تجمع البشر لبناء الخير، وليس للشر، وتؤكد علي أن الفن قادر علي قبول الآخر، والتحاور معه، والتشارك معه في فضاء واحد. أضاف الوزير، أن الثقافة والفن أداة في مواجهة كل التحديات أيا كانت، فهي صغيرة جدا أمام عظمة هذا الشعب، وثالث المفارقات التي تثير في نفسي الفخر، هذا الحدث الذي نتحلق حوله الليلة، إننا نحتفي بفن النحت، هذا الفن الذي خلد المصري القديم والذي وصلت لنا آثاره والتي أثبتت أن هذه الأمة عظيمة وراقية، وبنت الحضارة وتقدمت في العلوم والفنون، وهي قادرة علي صنع التسامح، ولم تكن يوما معتدية، ولم تكن يوما ضعيفة، وإن ضعفت بعض الأحيان، عادت بشكل أقوي، وشكل أعظم، وشكل أكبر، وستتجلي في الأيام القادمة، إننا نستعيد مجدنا، من خلال هذه الروائع التي نراها، وفي الوقت الذي تعاني فيه بعض الدول من محاربة هذا الفن. وفي سابقة تعتبر الأولي من نوعها في تاريخ السيمبوزيوم أن يشارك في ورشة العمل 16 شابا معظمهم يشاركون لأول مرة حيث تعتبر هذه الدورة موجهة أساسا للشباب ولإلقاء الضوء علي التغيير الذي طرأ علي النحت المصري في العشرين عاما الماضية. وقال المهندس محمد أبوسعدة مدير صندوق التنمية الثقافية أن سيمبوزيوم أسوان الدولي شارك فيه 138 فنانا ينتمون إلي 44 دولة علي مستوي العالم علي مدار 20 عاما وانتجوا 199 عملا فنيا مختلفا منهم 27 عملا في ميادين مدينة أسوان و24 عملا فنيا في ميادين 7 محافظات أخري والباقون موجودان في المتحف المفتوح بمنطقة الشلال جنوب مدينة أسوان. وبما أن الدورة كانت لآدم حنين فقد شارك العديد من الشباب في معاونة آدم حنين لاكتمال منحوتته التي تقف شامخة بين أحضان الجبل في أسوان وقال الفنان عصام درويش إن وجود آدم كضيف شرف لهذه الدورة إضافة كبيرة لتاريخ السيمبوزيوم فهو الأب الروحي للسيمبوزيوم وهو الفنان الرئيسي المشارك فيه . أما الفنان شريف عبدالبديع، فكان يدرك أن المهمة سهلة ولكنها تستحق حتي يرد الجميل للفنان الذي ترعرع علي يديه وكان الفنان شريف معاونا للفنان آدم حنين في تنفيذ منحوتاته. بيت الروح، هو العنوان الذي استقر عليه آدم بعد بدء الإعلان عن تنفيذ هذا الصرح الضخم ويجد فيه معاني السكينة والدفء والوطن. وفي أسوان يقف عمل آدم حنين بين أحضان الجبل هذا العمل المركب الضخم من سبع قطع جرانيت عملاقة تتدرج ألوانها من الأحمر إلي الوردي الفاتح مكونا بها عملا تفاعليا يتحاور مع مشاهده ويجعله يتمتع بالسير بين جنباته وكأنه يتأمل معبدا مصريا قديما وهنا يتلاعب حنين بالحجم والارتفاع والمساحات وحركة الضوء والظل مقدما سيمفونية ضوئية لها دلالتها الخاصة. بالإضافة إلي الشباب الذي شارك هذا العام كان هناك أكثر من 10 فتيات يداعبن حجر الجرانيت الصلب.. ورغم صلابته استطاعت الفتيات أن يتعاملن مع حجر الجرانيت بأناملهن الرقيقة التي أمسكت الأزميل. أمينة عاطف تجد السعادة بتواجدها في هذا السيمبوزيوم وقدمت أمينة هذا العام ثلاثة أعمال، أما إيمان بركات فاعتبرت مشاركتها في سيمبوزيوم أسوان هذا العام اختبارا لقدرتها التي لايظهرها سوي حجر الجرانيت، لكن تيريز أنطون تجد نفسها وتميزها في النخت كان سبب وراء التحاقها بالسيمبوزيوم هذا العام وقدمت عملا يحمل الطابع الهندسي حيث يميل إلي المدرسة التكعيبية. مريم مكرم الله تؤمن أن عشقها للنحت هو طريقها الوحيد لسبر أغوار حجر بصلابة الجرانيت إلا أنها هذه هي المرة الأولي التي تواجه فيها حجر الجرانيت ورغم قلقها إلا أنها تعرف أن حبها للنحت سيتغلب علي خوفها وستسطيع الوصول إلي لغة تفاهم مع الجرانيت. الفنانة مني هيكل تري أن سيمبوزيوم أسوان الدولي هو دنيا الأحجار التي تمنت دخولها. وتقول ياسمينة حيدر، كانت الفنون هي ونيسي منذ صغري فأبدعت في النحت والرسم والعزف وأيقنت أن الفن هو صديقي. وفي النهاية وبعد عشرين عاما من الأشغال الشاقة الفنية تم الافتتاح الرسمي للمتحف المفتوح الذي يعد أكبر متحف مفتوح ويقع علي مساحة 33 فدانا فوق هضبة تطل علي بحيرة نيلية في المسافة بين خزان أسوان والسد العالي. لأن فن النحت هو السبب الرئيسي في حفظ التاريخ المصري، والوسيلة الهامة التي حافظ بها المصري القديم علي تراثه وثقافته وحضارته والسمبوزيوم حدث سنوي علي أرض مصر يعيد الاعتبار إلي فن النحت القديم الذي تميز به قدماء المصريين، من جانبه، أكد السكرتير العام لمحافظة أسوان، محمد مصطفي، خلال الكلمة التي ألقاها في حفل ختام المهرجان، أن ختام فعاليات السيمبوزيوم شهد افتتاح المتحف المفتوح، الذي يقع في منطقة ساحرة علي مساحة 33 فدانا تتعانق فيها عبقرية المكان مع عبقرية الإنسان، لافتا إلي حرص المحافظة علي احتضان الأعمال الفنية للسيمبوزيوم في منظومة التطوير والتجميل داخل الميادين وبالشوارع الرئيسية، لتشكل معا بانوراما فنية تليق بمكانة أسوان. وتوضع عشرات التماثيل من أعمال المشاركين في الدورات السابقة في حدائق وميادين بعض المدن المصرية، أما بقية التماثيل فتوجد في المتحف المفتوح.