مع سعي الولاياتالمتحدةالأمريكية لأن تكون القوة العظمي الأولي في العالم بتفكيكها الاتحاد السوفيتي، ولتحقيق أطماعها في الشرق الأوسط؛ عملت مع حلفائها لعقود علي نشأة ودعم التنظيمات الجهادية بداية من تنظيم القاعدة مروراً بالإخوان ومؤخراً الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة ب«داعش».. أي تحرك غادر للولايات المتحدةالأمريكية يسبقه ولادة جماعة متطرفة ترعاها وتهتم بها علي أراضيها ثم تصدرها للمنطقة التي تريد تدميرها. الكثيرون يعلمون أن واشنطن ستستمر في محاولتها لتمرير مخططها في الشرق الأوسط ومن ثم فرض سيطرتها وإشاعة الفوضي من خلال مساندتها لهذه الجماعات المتشددة، التي تتخفي وراء الدين. بلاد العم سام وبلدان القارة العجوز تحتضن منظمات إرهابية منذ عقود وتوغلوا في مراكز صنع القرار بها، بحجة الحريات والديمقراطية، إلا أن الهدف وراء ذلك هو المنطقة العربية والشرق الأوسط. كشفت العديد من وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية منذ قرار الولاياتالمتحدة بشن هجمات ضد داعش في سورياوالعراق، بمساندة 50 دولة، عن أن هذه الضربات ليس الهدف منه القصاص من الجهاديين «صنيعة أمريكا»، بل للدخول والسيطرة علي سوريا مثلما كان الأمر في غزو العراق وأفغانستان. وأوضح تقرير لمجلة «فرونت بيج» الأمريكية عن وجود تنظيمات وجمعيات جهادية علي الأراضي الأمريكية منذ منتصف الستينات وتتلقي الدعم من الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومن ثم تصدر المتطرفين إلي الدول التي يريد صناع القرار بالبيت الأبيض خلق بؤر توتر بها، وعلي رأسهم «الجمعية الإسلامية في بوسطن» ISB بولاية كومنولث ماساتشوسيتس، و»مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية» CAIR بولاية فلوريدا، «الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية» ISNA في ولاية انديانا وغيرها من المنظمات التي لم يحظر نشاطها علي الأراضي الأمريكية. جدير بالذكر، أن كل هذه الأسماء سواء للأفراد أو الجمعيات والمؤسسات تم إدراجها علي قوائم الإرهاب وحظر أنشطتها إلا أنها لم تُفعل داخل الولاياتالمتحدة أو حتي سعت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي إلي الوصول إليهم مثلما فعلت مع «أسامة بن لادن» زعيم تنظيم القاعدة السابق.. فهل هذا فشل أم لغرض في نفس يعقوب؟ ووفقاً للمجلة الأمريكية، فإن «أحمد أبو سمرة» الأمريكي من أصل سوري، إحدي قيادات «الجمعية الإسلامية»، كان هارباً من مكتب التحقيقات الفيدرالي لسنوات بعد أن اتهم بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب عام 2009. وفي عام 2004 سافر أبو سمرة إلي الشرق الأوسط، وسرعان ما بدأ العمل في الجناح الإعلامي لتنظيم القاعدة في العراق. وأوضحت المجلة أن احترافية «أبو سمرة» في مجال الكمبيوتر، دفعت التنظيم إلي تجنيده لاستقطاب الأمريكيين والعديد من مواطني الدول الغربية لضمهم إلي التنظيم الإرهابي. وأضاف التقرير، أن الأخوين تسارنييف، مرتكبي تفجيرات ماراثون بوسطن، ينتمون إلي نفس الجمعية، وكانوا يترددون عليها مع غيرهم من الجهاديين أمثال طارق مهني وعافية صديقي. فالأول يحمل الجنسية الأمريكية، متهم بالعمل مع أبو سمرة لقتل وخطف أمريكيين في العراق منذ عام 2004. أما عافية، فهي طبيبة المخ والأعصاب، مدانة بالإرهاب وبمحاولة القتل. وفي عام 2004 أدرج مكتب التحقيقات الفيدرالية اسمها علي قوائم المطلوبين، معتبراً إياها شخصاً يهدد الأمن القومي. خاصة أنها متزوجة من ابن شقيقة خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر. ويندرج تحت مظلة الجمعية الإسلامية العديد من المنظمات الإرهابية التي عملت من خلالها داخل الولاياتالمتحدة وعلي رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وفقاً للكاتب الأمريكي «روبرت سبنسر»، الذي استند علي إحدي الوثائق الداخلية لهذه الجمعيات التي تهدف إلي الجهاد الكبير والقضاء وتدمير الحضارة الغربية. فيما رصدت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية تحقيقات يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأمريكية والاستخبارات الداخلية البريطانية MI5 حول انضمام فتيات أمريكيات وبريطانيات إلي صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. كما رصدت الصحيفة فتاتين في إحدي الولايات انقطعتا عن دراستهما الثانوية لتكشف عن وصولهما إلي سوريا، دون معرفة كيفية حصولهم علي المال أو إنهاء إجراءات السفر. فيما كانت «يسرا حسين» 15 عاماً، آخر بريطانية انضمت لمقاتلي التنظيم، وحيث تم الإيقاع بالفريسة الجديدة عبر عمليات غسيل المخ من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وفقاً لحوار أجرته الصحيفة مع أسرة يسرا. وأشارت الصحيفة إلي أن «يسرا»، تعرضت للتجنيد عبر شبكة الإنترنت، وسافرت إلي إسطنبول تحت مرأي ومسمع من رجال الشرطة ومسئولي المراقبة في مطار «هيثرو»، حتي تمكنت من دخول المناطق التي يسيطر عليها «داعش» بسوريا. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين بوزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، انضمام حوالي 100 من الأمريكيين إلي صفوف المتشددين المسلحين في الشرق الأوسط، أبرزهم الشاب «دوجلاس ماكآرثر ماكين» الذي قتل في شهر أغسطس الماضي أثناء قتاله في صفوف داعش، وأرجع المسؤولون تجنيدهم إلي وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك وتويتر»، التي يستخدمها «داعش» في تجنيد الجهاديين داخل أمريكا والقارة العجوز.