أختلف تماما مع وزير التربية والتعليم في موافقته علي حذف مادة التربية الفنية من المجموع الرسمي للتلامذة.. وأتمني إعادة النظر، قبل الانزلاق فيما هو أسوأ من قرارات، تهبط بأولادنا إلي بئر القبح والعنف وإظلام البصيرة وتشويه الفطرة.. فلا يري الطفل ولا يصدق ولا يتمني إلا كل ماهو مادي محسوس، ولا يؤمن بما لايري. فكلنا نعلم أن قرار حذف الرسم والتذوق الفني من المجموع، سيتبعه إلغاء الحصة من الجدول، وبهذا نفصل التربية الفنية للذوق والسلوك عن التعليم !. أعلن الوزير، أنه ليس قراره ، إنما لجنة خبراء رأت أن الرسم موهبة من الله ، وليس من العدل ظلم غير الموهوبين !!!.. والعدل هو إتاحة كل الأنشطة ليختار الطالب المنافسة فيما يجيده.. مع أن حصص الموسيقي والرياضة في الجداول !.. فلماذا لم يعدلوا المسار بدلا من تشميعه؟. المحزن، أن مصر سبقت شعوب الدنيا في مجال الإبداع . ومنذ حوالي مئة عام، أقام وزير المعارف المصرية المستنير، أكاديمية فنية في روما، لإدراكه أهمية تواجدنا وتفاعلنا مع الحضارات العريقة المماثلة لفرنسا وانجلترا وبلجيكا وإسبانيا وألمانيا.. بالأمس احتفل الرئيس مبارك رسميا بتجديد هذه الأكاديمية وتأكيد شموخنا. واليوم يخلط خبراء التعليم مابين موهبة الرسم وبين التربية الفنية، التي هي العزف علي أوتار الحس والأخلاق والضمير والمبادئ، من خلال التوازن النفسي والبصري الذي تحققه رؤية وفهم جمال إبداع الخالق لكل مفردات الكون.. وهذا ما تبرزه الفنون.. ياسيادة الوزير لا تنزلق معهم.. لاتنزع البذرة الطيبة.. الأجدي هو إعادة تأهيل المدرسين، وتقويم المنهج ليشمل زيارة المتاحف والمعارض لكل فروع الفن.. وامتحان الطلبة في النقد وسعة الخيال ونتائج تذوق الأعمال الفنية.. الفن ليس حصة رسم وكتابا للصم، بل هو إدراك للذات وللخالق وتثبيت للدين بتصويره لعظمة الخالق.. وحذفه هو التبشير بجيل لا يري أبعد من قدميه، جيل يحمل الخناجر بدلا من الألوان.. التلميذ المحروم من التذوق الفني اليوم هو الموظف المرتشي غدا، الخائف العاجز عن تحديد أحلامه وعن تحدي مفاجآت الحياة .