حالة من القلق والترقب تسيطر هذه الأيام علي المشهد العراقي بعدما أقدمت عليه «داعش» في الأيام الأخيرة وتمددها في أكثر من منطقة انطلاقا من مركز قوتها في محافظة الأنبار ونجاحها في السيطرة علي الموصل.. ومناطق أخري.. فهل ستنجح الحكومة والجيش العراقي في عملية التصدي لجحافل «الدولة الإسلامية في العراق والشام». يذكر أن الأمر الذي ساعد «داعش» علي السيطرة علي هذه المساحة هو أن الحدود أصبحت مفتوحة بين سورياوالعراق.. والأخطر من ذلك وجود بيئة حاضنة لهذه الجماعات وهي لا تقتصر علي أبناء البلد.. لأن أفواجا من المسلحين العرب والأجانب ومن جنسيات عدة يشاركون في هذا الهجوم والدعم المادي واللوجستي الذي تلقوه في الأسابيع الأخيرة ساعدهم في تنفيذ عملياتهم وتمددهم.. فهل تستطيع هذه الجماعات الوصول إلي العتبات المقدسة في كربلاء وسامراء.. علما بأنها ليست بعيدة من المناطق التي سيطر عليها المسلحون؟!! بعض المصادر ترجع تراجع الفرق العسكرية للجيش العراقي في المناطق التي انسحبوا منها إلي سلاح «الشائعات» الذي يخدم داعش وينعكس علي معنويات الضباط والجنود.. لا سيما أن الجماعات التكفيرية هذه لا تقاتل بطريقة الجيوش الكلاسيكية.. بل تعتمد علي أسلوب حرب العصابات.. ومن المتوقع أن يقدم البرلمان العراقي علي إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر للتجول في مختلف المحافظات.. والحديث الآن عن استعانة وحدات الجيش بالعشائر لحماية الحدود خاصة من ناحية سوريا والسعودية مع استبعاد أي استعانة بقوات إيرانية أو أمريكية.. إلا إذا دعت الحاجة للاستفادة بالاتفاقية الأمنية مع الأمريكيين في الإمكان الاستفادة منها خاصة في سلاح الطيران. تصاعد الخلافات السياسية يأتي كل ذلك وسط تصاعد للخلافات السياسية التي تفاقمت في الآونة الأخيرة خصوصا بين القوي الشيعية في ظل سعي رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي إلي ولاية جديدة. فهل نحن أمام سيناريو لتفتيت العراق وتركه لداعش؟ أم سيستطيع الجيش العراقي بالتعاون مع البرلمان والعشائر مواجهة هذه الجماعات ومنعها من تطبيق مخططها.. من جانبه أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي تضامن الجامعة الكامل مع العراق وشعبه علي خلفية الأحداث في محافظة نينوي معبرا عن التنديد بجرائم عصابات «داعش» الإرهابية ضد العراقيين.. وأعرب العربي عن بالغ القلق من تصاعد موجة التفجيرات وعمليات المجموعات الإرهابية ضد العراقيين التي استهدفت آخرها وعلي نحو خطير ومروع مدينة الموصل.. ونقل البيان الذي أصدرته الجامعة العربية تنديد العربي بالأنشطة الإجرامية التي يقوم بها تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق.. داعيا إلي تضافر جهود جميع القوي والفعاليات السياسية والوطنية العراقية في مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره.. درءا للمخاطر وحفاظا علي وحدة العراق وأمنه واستقراره.. وأكد الأمين العام تضامن الجامعة العربية الكامل مع العراق وشعبه في مواجهة هذه المحنة ودعمها للجهود التي تبذلها الحكومة العراقية من أجل محاربة الإرهاب وبسط سلطة الدولة في ربوع البلاد مؤكدا ضرورة تحقيق التوافق الوطني في هذه المرحلة الخطيرة. الفخ الأمريكي فيما يري خبراء استراتيجيون.. أن سيطرة داعش علي مناطق حيوية بالعراق وإعلان الدولة الإسلامية ب«الفخ الأمريكي» خاصة بعد هروب الجيش العراقي تاركا خلفه الأسلحة الثقيلة والصواريخ وقواعد الطائرات والأموال وآبار النفط وبالتزامن مع إفراج أمريكي لسجناء الخليج خصوصا السعودية. الخبير العسكري اللواء محمد مختار قنديل يقول إن أمريكا تضع مصر بين خيارين الأول التزامها بضمان أمن السعودية ودول الخليج وفي هذه الحالة لابد من مواجهة قوات داعش بقوات مصرية وانزلاق الجيش المصري «علي حد قوله» في فخ معركة خارج أرضه.. والثاني التخلي عن أمن السعودية والخليج لتدخل أمريكا لتأمينها مقابل تخلي السعودية ودول الخليج عن دعم مصر.. ماديا ومعنويا لافتا إلي أن الإدارة المصرية بمنطقها المعتاد ستخرج من هذا المأزق بحل مصري لم يخطر علي بال الإدارة الأمريكية. ويري الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم أن المشهد العراقي مليء بالتخبط والارتباك بسبب الحالة التي تمر بها أمريكا حاليا.. لافتا إلي تعهدها بتزويد المعارضة السورية بأسلحة متطورة لمواجهة تفوق قوات الأسد شريطة ألا تصل هذه الأسلحة إلي أيادي عناصر «داعش» وهنا تنقلب الموازين وتحدث المواجهات بين فصائل المعارضة السورية وينتهي الأمر بتوجه داعش بأسلحة أمريكية إلي العراق. ويشير «مسلم» إلي أن تقدير أمريكا تغافل انضمام قيادات عسكرية عراقية إلي «داعش» بعد تسريحها عقب سقوط دولة صدام حسين.. وتناسي أن هناك تيارا غالبا في الجيش العراقي يرفض التبعية للولايات المتحدةالأمريكية ولإيران الشيعية لاعتبارات عديدة أهمها وطني وطائفي. وعن الحلول التي يجب اللجوء إليها للخروج من مأزق داعش في المنطقة قال الخبير العسكري اللواء مصطفي كامل.. إنه يجب الاتفاق علي مواجهة الإرهاب في المنطقة من خلال تفعيل دول الجامعة العربية لاتفاقية الدفاع العربي المشترك وعدم السماح للاعتبارات المذهبية في الهيمنة علي القرارات بين الدول المشاركة والتصدي لمفهوم المصالح من جانب بعض الدول مع التنظيمات الإرهابية مع الأخذ في الاعتبار أنه لن يسمح بمبدأ المراجعات مع المضبوطين منهم.. لأن تجربة السجون المصرية معهم مليئة بالدروس المستفادة.. خاصة أصحاب الفكر التكفيري والجهاديين الذين وقعوا علي مصالحات مع الأجهزة الأمنية.. وخرجوا نفذوا عمليات تخريبية وإرهابية في مناطق تكتظ بالأبرياء. واختتم قائلا.. الحل العسكري آخر حل يمكن اللجوء إليه لأن مصر والمنطقة العربية تملك الكثير من الأوراق التي تمكنها من مواجهة داعش وباقي التنظيمات التي يتعدي قوامها 600 ألف لافتا إلي ضرورة تفعيل التنسيق الأمني والمعلوماتي بقدر أكثر احترافية بين الدول العربية ومنطقة الخليج للخروج من هذا المأزق..