الظاهرة ليست جديدة فالإساءة للإسلام تمتد عبر التاريخ بل وتحولت لحروب علي معتنقيه من الحروب الصليبية إلي الموجات الاستعمارية التي امتدت لعدة قرون وقضت في نهايتها علي أحد أشكال التوحد الإسلامي المتمثل في الدولة العثمانية وكان الملمح البارز في هذه الصدامات العنيفة أن الطرف المبادر بالعدوان علي العرب والمسلمين هو الغرب وترك كل ذلك ميراثا كريها من العداء ولكن العامل المشترك في معاداة الغرب للإسلام والمسلمين كان الكنيسة الكاثوليكية التي باركت الحملات الصليبية وعززت وجودها خلال الحقبة الاستعمارية وحتي يومنا هذا ترفض الاعتذار عن الجرائم التي ارتكبت بمباركتها علي مدي القرون الماضية وهذه الكنيسة الآن تحاصرها فضائح بارتكاب قساوستها للمئات من جرائم الإعتداء الجنسي علي الأطفال في كافة أنحاء العالم وانصراف رعاياها عنها وفقدانهم الثقة فيها فتحولت إلي أطلال كنيسة تثير الغضب من بشاعة تلك الجرائم التي تزكم الأنوف وانتشار موجات الإلحاد في الغرب في وقت تخشي فيه الكنيسة من تزايد أعداد المسلمين مع تراجع نسب الإنجاب في أوروبا وتحولها لقارة مسلمة خلال عقود زمنية قصيرة. دوافع وراء الإساءات لم تكن أحداث سبتمبر وحدها وراء حملات الإساءة للإسلام فهي بدأت مبكرا من خلال الجماعات العنصرية واليمين المتطرف وتضييق الدول علي ممارسة المسلمين لشعائرهم وأماكن العبادة ومافعلته أحداث سبتمبر أنها وسعت دائرة الضوء علي الإسلام فزادت من الهجمات العنصرية علي المسلمين وزادت من فضول الغربيين لمعرفة الإسلام مما زاد من أعداد المسلمين الجدد الذين صدموا بجهلهم بمبادئه السمحة والفهم الدقيق للطبيعة الإنسانية ومن هنا كثرت الأحجار التي تلقي علي هذه الشجرة المثمرة وتحركت كل القوي المعادية للإسلام من أنظمة وجماعات تطرف للنيل من هذا الدين وأتباعه ووقفت وراء هذه الحملات جماعات الضغط اليهودية (اللوبي في أمريكا وأوروبا) بما تملكه من نفوذ علي وسائل الإعلام الغربية وهي حملات اتهمت المسلمين والإسلام بعدم التسامح والعنف والدموية وانتهاك حقوق البشر وخاصة المرأة وشارك فيها بعض المحسوبين علي المسلمين ولعل اللوم يقع في جانب منه علي عجز الإعلام والدعوة الإسلامية عن الوصول لشعوب الغرب كما أن مصالح الكثير من بلدان الغرب وأطماعها تصطدم مع وجود الإسلام كقوة فاعلة في المجتمعات العربية والإسلامية تقف حائلا أمام المشروع الغربي ولذا سعي الغرب لتصفية كل ماله صلة بالإسلام بعد أحداث سبتمبر من جمعيات خيرية بتهمة تمويل الإرهاب وتغيير المناهج التعليمية التي يزعمون أنها تحض علي عدم التسامح مع غير المسلمين وخلق عداوات طائفية ومذهبية وعرقية داخل الوطن الواحد والأمثلة لاتعد ولاتحصي لهذا النهج المدمر من العراق إلي السودان ولبنان ومصر والجزائر وغيرها من البلدان وخلق فوضي منظمة أو خلاقة داخل هذه الأوطان فالمشروع الإسلامي الآن في مواجهة المشروع الغربي الاستعماري فالإسلام وكذا المسلمون ليسوا علي عداء مع شعوب الغرب وإنما مع أنظمته وخاصة تلك التي تسلك سلوكا عدوانيا ضد كل الآخر خاصة إذا كان عربيا أو مسلما وأنشأ الغرب هذا الكيان العدواني إسرائيل لتكون شوكة وجسرا لمصالح الغرب لتمزيق المنطقة ويدافع عنها بكل الوسائل للبقاء واستمرار عدوانها علي العرب . مسلسل الانتهاكات لم تتوقف الانتهاكات الموجهة للمسلمين والإسلام طوال السنوات الماضية حيث تسارعت وتيرتها وزادت حدتها حيث تعرض المسلمون في أمريكا لموجات من الأعمال العنصرية من هجوم علي المساجد وتدنيسها والاعتداء علي المسلمين ووضعهم في قوائم الاشتباه والملاحقة وتشديد إجراءات دخولهم البلاد وتطاول رجال الدين المسيحيين المتطرفين علي الإسلام وفي أوروبا إساءات بالجملة من المخرج الهولندي (ثيو فان جوخ) قادت لمقتله علي يد شاب مغربي إلي الصور المسيئة للنبي صلي الله عليه وسلم في الدنمارك ثم محاضرة بابا الفاتيكان (بيندكتوس 16) التي أساء فيها للإسلام وللنبي الكريم ورفضه الاعتذار عما ورد فيها ثم القوانين المشددة للتضييق علي المسلمين مثل حظر الحجاب والنقاب ومآذن المساجد وبنائها والإساءات عبر وسائل الإعلام الغربية من جانب شبكات التليفزيون والصحف التي تتبع بعض الكنائس المتطرفة وكذلك التي يسيطر عليها اليهود . ولايمكن إغفال الحروب التي خاضها الغرب في بلدان عربية وإسلامية كأفغانستان والعراق وتهديد إيران وممارسة الضغوط علي البلدان العربية وزرع القواعد العسكرية ببعضها كل ذلك ينضوي تحت استهداف الإسلام واجهاض أي مشروع لإعادة نهضته السابقة وإبقاء أتباعه في ذيل الأمم ووأد أي محاولة لقيام أي شكل من التضامن والتوحد بين دول العالم الإسلامي ال57 من ماليزيا حتي المغرب فالقضية إذن لاتقف عند حدود الإساءات وإنما تمتد لمشروع هيمنة وسيطرة علي العالم الإسلامي وإخضاع المسلمين للمشاريع الغربية وضمان عدم ظهور حقيقي وفاعل ومؤثر ينضم لميزان القوي الدولية. إذن فالغرب لم يفوت فرصة إلا وانتهزها للنيل من الإسلام والمسلمين وإخضاعهم لمشروعه الاستعماري الذي لم ولن يتوقف ولكن المشكلة الأخطر تكمن في أننا كمسلمين نساعده بإرادتنا أوبدونها حيث يهاجم الإسلام من داخله عبر إشعال الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية والتي يغذيها الغرب وأخطرها الصراع بين السنة والشيعة وتدور رحاه في كافة مناطق العالم الإسلامي من العراق ولبنان إلي دول الخليج إلي باكستانوإيران وإذكاء نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في عدة بلدان عربية كمصر ولبنان والجزائر وغيرها . مواجهة الإساءات طالما أن الإساءات لن تتوقف وإنما تتزايد حدتها فلاسبيل أمام العالم الإسلامي إلا المواجهة وبقوة، فقراءة الغرب وباقي العالم للتسامح الإسلامي علي أنه ضعف وهوان يجب تصحيحها فالإسلام لايقبل بالعدوان علي كتاب الله ولاعلي رسوله الكريم ولا علي المسلمين كافة لذا يعد الرد علي العدوان فرضا علي كل مسلم ومسلمة وإلا تحولنا للقمة سائغة لكل الأفواه وإذا أصابنا الوهن فلابد من علاجه وحرق المصاحف جريمة بكل المقاييس لكننا لن نرد بالمثل لأن الإيمان بالكتب السماوية والرسل جزء لايتجزأ من عقيدة المسلم لكننا نملك الكثير لرد هذا العدوان : أن تتحرك منظمة المؤتمر الإسلامي لوضع قوائم سوداء لكل من أساءوا للإسلام والرسول الكريم والقرآن لمنعهم من دخول أي بلد مسلم وخاصة أتباع الكنائس التي تهاجم الإسلام وتواصل إساءاتها للمسلمين وكذلك الكتاب والسياسيون وفي وسائل الإعلام مثلما تفعل دول الغرب التي لديها قوائم للمشتبه بعلاقاتهم بجماعات إرهابية كما يزعمون وضرورة التزام البلدان الإسلامية بهذه القوائم والتلويح وتجميد أو قطع العلاقات مع هذه البلدان. التواصل الجاد والواقعي مع الأقليات الإسلامية في الغرب ودعمهم والدفاع عن حقوقهم. وحث المجتمع الدولي علي احترام المقدسات الإسلامية وعدم المساس بها تحت دعاوي حرية الرأي والتعبير. المعاملة بالمثل في قضية بناء المساجد وكذلك حرية إقامة الشعائر لغير المسلمين وربطها بمعاملة الإقليات المسلمة في الغرب وغيره. إطلاق حملات إعلامية في الغرب والاستفادة من خبرات وجهود مواطني هذه البلاد الذين اعتنقوا الإسلام لقربهم من ثقافتها وفهمهم بطبيعة الحياة فيها. التصدي بقوة للمشاريع الاستعمارية التي تستهدف العالم الإسلامي ودعم قوي المقاومة بكل أشكالها وخاصة المشروع الصهيوني المدعوم غربيا . وأخيرا فإن حرق المصاحف ليس سوي جزء من استهداف الإسلام ولايجب أن يبقي المسلمون في سباتهم العميق حتي تمحي هويتهم فلن ينقذ المسلمين غير عودتهم للتضامن من جديد والتصدي للمؤامرات التي لن تتوقف وإنما يجب القضاء عليها لكي تعلو كلمة الحق .