في اجتماعنا الأخير بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية بقصر مصطفي باشا النحاس بجاردن سيتي وفي الغرفة الأمامية من القصر المطلة علي شارع النباتات وهي في الأصل غرفة استقبال رئيسية لضيوف الباشا وبينما نحن في اجتماع لمناقشة هموم الإعلام الإسلامي وتلك الحرب المذهبية الدينية بين الشيعة والسلفية وموقف المنهج الوسطي المتخاذل بينهما في هذا الجو فاجأني الصديق العزيز الكاتب الصحفي فريد إبراهيم مدير تحرير الجمهورية بإهداءين عظيمين من آخر مؤلفاته، أولهما تجليات وهو ديوان في الشعر جديد في شكله وموضوعه عذب في مفرداته وثانيهما ديوان "البكاء دما " وهو سباحة جريئة في "مانش" الشعر يضرب بقلمه في المعاني الدافئة ليعبر بنا حياة مضطربة الأمواج، في تجليات تفرد فريد إبراهيم بالشكل والمضمون فقد رصد عددا من الأحاديث النبوية الصحيحة وترجمها الي أبيات في قصيدة قصيرة كشرح مبسط للحديث فمثلا حديث "إن الله لاينظر إلي صوركم ولا إلي أجسادكم ولا إلي أقوالكم ولكن ينظر إلي أعمالكم" كتب في الصفحة المقابلة للحديث يقول: الدين لايعلو بتطويل الذقون ولا بملبسنا القصير أو التفرغ بالمساجد الدين يعلو بالتعاضد الدين يعلو بالتراحم والتواد وبالنجابة في الزراعة والحصاد الدين يعلو بالجهاد بكل حقل من حقول الاجتهاد وفي ديوانه الثاني كتب يقول: تحت السياط: لو الجلاد يرحمني/ويرفع سوطه عني لتهدأ ناره حينا/ لو الجلاد ينزلني يحل القيد من قدمي كإنسان، ولاكالشاة يجعلني ومربوطا من الأقدام في السقف وتطفأ في حنايا الجسم مجمرة لفاف التبغ آثاره السوداء في جلدي أنا كل الذي أذنبت/أن صدقت ماقالوا بأن الظلم قد ولّي وأن لكل مخلوق ../حق النقد ياقوما وقلت: دستور السماء/أحق أن نبقيه ديدننا ودين الله يأبي العهر والخمرا ويأبي رشوة الحكام/ والطغيان والإثما وقلت: بأن حاكمنا/ سيسأل لحظة عنا فقالوا إني مجرم متآمر/سليط لايعرف الأدبا..