العمل مستمر فى سد النهضة رغم تأثيراته قضية سد النهضة الأثيوبي هي قضية علي درجة كبيرة من الأهمية ولابد أن تظل القضية الأولي بالرعاية في سلم اهتمامات الأمن القومي المصري ولاسيما أنها ترتبط بالأمن المائي للبلاد وهذا هو ما أكدت عليه مصر مرارا وبصفة رسمية في مخاطبتها للجهات الرسمية الدولية والرأي العام العالمي فهي قضية لا تحتمل المساومة أو التنازل أو التجاهل علي الإطلاق.. ومصر من خلال سعيها للحفاظ علي حقوقها التاريخية والقانونية في نصيبها من مياه النيل لا تهدف للإضرار بحق الآخرين في التنمية ومازالت تعتقد أن الحل التفاوضي الذي يصل إلي حل يرضي كافة الأطراف هو الحل الأمثل وعلي الطرف الأثيوبي أن يعي مثل هذه المعادلة الهامة فلأديس أبابا حقها في التنمية ولكن علي ألا يتعارض ذلك مع حقوق الآخرين في مياه النيل تلك الحقوق المكفولة طبقا للمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تدركها كافة دول حوض النيل.. من هذا المنطلق دار الحوار مع السفيرة مني عمر مساعدة وزير الخارجية السابقة للشئون الأفريقية.. ٭ في بداية الحوار دار التساؤل حول كيفية التعامل مع التصميم الأثيوبي علي الاستمرار في بناء سد النهضة وكيف يمكن التوصل إلي نتائج ناجحة للتحرك المصري الذي نراه الآن علي كافة المستويات الدولية والإقليمية؟ علينا أن نواجه الجانب الأثيوبي الذي يقوم هو الآخر بتوجيه حملة للرأي العام الدولي بشأن أهمية سد النهضة بالنسبة له ولابد أن يتسم التحرك المصري بسرعة كبيرة وفورية ولعل أن يكون هذا التحرك بالأمس أو أول الأمس لأن عملية بناء سد النهضة مستمرة وعلينا من خلال التحرك المكثف والسريع التوصل إلي حل مؤقت إن لم يكن نهائيا حتي يتم حل كافة المشاكل العالقة بيننا وبين أثيوبيا.. فنحن بحاجة ماسة إلي بناء رأي عام عالمي مؤيد وقوي لنا مع توضيح وجهة نظرنا بحيث نصل إلي مساندة كل من يملك أداة للضغط علي أثيوبيا لكي يساعدنا في التوصل إلي حل يرضي كافة الأطراف دون الإضرار بمصالح أي منهما.. وساطة مرفوضة ٭ لكن ماذا بشأن ما تردد عن أن إسرائيل ترغب في الوساطة بين مصر وأثيوبيا بشأن سد النهضة وهو أمر مثير للريبة وماذا بشأن أهمية الوسطاء الآخرين مثل روسيا والمنظمات الدولية أو الدول المانحة؟ ليس لدي ثقة في صحة ما تردد عن رغبة إسرائيلية في الوساطة بشأن سد النهضة ولكن علي كافة الأحوال فإن إسرائيل بالنسبة لنا ليست لها أي مصداقية ولن تعمل لصالح مصر بالتأكيد.. وعلي الصعيد الآخر فإن وساطة طرف آخر مثل روسيا فهي مرحب بها وليس لدينا أي مانع بشأنها لأنها دولة عظمي ومحايدة في مواقفها في هذا الخصوص ولن تساند مصالح طرف ضد طرف آخر أي أنها لن تأخذ مواقف منحازة.. وأضافت موضحة: ونحن نتحدث في هذا الشأن علينا ألا ننسي ما سبق أن طرحته إسرائيل مع أثيوبيا في الماضي بشأن رغبتها في نقل مياه النيل خارج الحوض ونقلها إليها وهذا ما تم معارضته بقوة من جانب مصر ودول الحوض وتم اتخاذ قرار جماعي بعدم نقل المياه خارج دول حوض النيل.. وعلي حد قول السفيرة مني عمر فإن مثل هذا الموضوع أيضا ينقلنا لموضوع نهر الكونغو فبخلاف التكلفة العالية لمثل هذا المشروع إلا أنه من الناحية القانونية والأخلاقية لا يمكن اتخاذ قرار بنقل مياه نهر من خارج الحوض إلي مسار آخر فإن ما ينطبق علي حوض النيل ينطبق علي الأنهار الأخري.. وعلي كافة الأحوال فإن الوساطة الإسرائيلية مرفوضة ولا سيما ونحن لدينا وساطة دول العالم الأخري مثل روسيا والدول المانحة في نطاق مشروع سد النهضة كالصين وإيطاليا وهولندا وكندا كما يمكن اللجوء إلي بعض المنظمات المانحة كالبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي.. أهم حقوق الإنسان وأكدت السفيرة مني عمر أن المطلوب الآن التأثير علي كافة هذه الدول وتلك المنظمات وإيضاح وجاهة الموقف المصري في إطار قضية سد النهضة وصحته واستناده للمعاهدات الدولية التي تم توقيعها في هذا الصدد بالإضافة إلي استناد موقفنا إلي كافة المعايير الاقتصادية والإنسانية بحيث أنه لا يجوز حرمان شعب من المصدر الوحيد للمياه بالنسبة له.. وفي هذا النطاق من الضروري التأكيد علي مبدأ هام وأن يكون شعارا هاما في حملتنا القادمة وهو «أن المياه من أهم حقوق الإنسان» وأن من يقف ضد هذا المبدأ ينتهك حقا من أهم هذه الحقوق.. ماذا بشأن التحكيم ٭ في إطار حديثنا عن هذه الأزمة علينا ألا نغفل الحديث عن إمكانية اللجوء إلي التحكيم بشأن مشكلة سد النهضة إذا ما فشلت كافة مساعي التفاوض والوساطة ولكن حتي نلجأ للتحكيم؟ هناك مسألة هامة وهي كيفية إقناع الطرف الأثيوبي بالموافقة عليه فما هو تعليقك علي ذلك وكيف السبيل؟ إذا ما استطاعت مصر خلق رأي عام دولي مساند لموقفها فإن هذا الضغط الدولي قد يدفع الدولة الأثيوبية لقبول مبدأ التحكيم.. ولكن في هذا الإطار أود أن ألفت الانتباه إلي شيء هام وهو أن هناك قرارا ناتجا عن تحكيم دولي خاص بالنزاع بين أثيوبيا وأريتريا علي المنطقة الحدودية المتنازع عليها وجاء هذا القرار في صالح أريتريا وحتي هذا اليوم وبالرغم من مرور سنوات عديدة علي صدور هذا الحكم فإن أريتريا مازالت تناشد في كل وقت المجتمع الدولي لكي يدعو أثيوبيا لتنفيذ هذا الحكم الذي لم ينفذ بعد وحتي الآن.. وهنا فإنني في إطار تقديري للحكومة الأثيوبية وللمسئولين الذين تعاملت معهم وأعتقد أن لديهم حسن النية أن يعملوا علي إبداء شيء من المرونة من أجل التوصل إلي حل يرضي الطرفين ولا سيما أن أفضل السبل لحل أي أزمة هو مواصلة التفاوض الجاد ولا سيما أن مصر لا تعارض في حق الشعب الأثيوبي في التنمية بما لا يتعارض مع حقنا المكفول طبقا للقانون في حصتنا من مياه النيل.. مصر متواجدة بقوة ٭ وأخيرا متي تتوقعين عودة مصر إلي ممارسة أنشطتها في الاتحاد الأفريقي لاسيما أن هناك تغييرات إيجابية في الكثير من المواقف الأفريقية تجاه القاهرة؟ قالت السفيرة مني عمر: قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي بتعليق ممارسة مصر لأنشطتها في الاتحاد الأفريقي كرد فعل لما يسمي بالتغييرات غير الدستورية بالتأكيد سوف يتم التراجع عنه ولا سيما أن هذا القرار قد تم اتخاذه بشكل متسرع وخاطئ وكان المبرر لهذا القرار حينئذ بأنه جاء وفقا لما يقرره ميثاق الاتحاد الأفريقي.. ومما لا شك فيه أن صدور هذا القرار علي أساس ما يسمي بالتغييرات غير الدستورية يجعل من الصعب علي الجانب الأفريقي التراجع عنه الآن بدون إنجاز ما تبقي من خارطة الطريق المعلنة وهي التي تعللوا بها لرفع الحظر عن مصر وبالتالي فإنه بمجرد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سوف تعود مصر لممارسة أنشطتها في الاتحاد الأفريقي.. وأضافت ما نرجوه في هذا الشأن ألا يشغل بالنا هذا الموضوع كثيرا لأن مصر متواجدة وبقوة علي الساحة الأفريقية فعلاقاتنا الثنائية مع كافة دول القارة السمراء مستمرة وقوية ومصر كانت حاضرة في اجتماعات الكوميسا ودول الساحل والصحراء ونالت الكثير من الترحيب والإشادة من الزعماء الأفارقة.. وأشارت السفيرة مني عمر في ختام حوارها مع آخر ساعة إلي أنه ربما يكون ذلك فرصة لمصر للحصول علي فترة هدنة لتسوية الأمور الداخلية وفي نفس الوقت فإن ذلك بمثابة إشارة لهم بأهمية مصر لأن غيابها في أنشطة الاتحاد الأفريقي محسوس وكل الوفود الأفريقية تشعر بفقدان الدور المصري وبأنه ليس من مصلحة الاتحاد الأفريقي غياب دولة في حجم مصر بعد أن سبق لهم التسبب في غياب دولة في حجم المغرب.. وعلي كافة الأحوال وعلي حد قول السفيرة مني عمر فإن مصر سوف تعود أقوي مما كانت للاتحاد الأفريقي وإلي القارة السمراء والجميع يتطلع إلي عودتها سريعا..