القهوة هي ذلك المشروب السحري الذي يحض العقل والروح علي اليقظة والاستفاقة بفعل محتواه من الكافيين ورائحته الزكية الخلابة.. وبفعل القهوة أنتجت البشرية أناسا يعتبرونها دافعا لهم علي الإبداع والثورة.. ولقوة حضورها أصبحت اسما لأماكن التجمعات الحميمة.. فالمقهي هو المكان الذي يجمع الناس تحت مسمي مشتق من القهوة. وفي فرنسا وبالأخص العاصمة المنيرة باريس تتعدد المقاهي التي تحمل ذكريات الثوار والأدباء والمبدعين وتحرص هذه المقاهي علي وضع صورهم علي الجدران فتكتسب بذلك بعدا تاريخيا ونفحة أسطورية، فهناك جلس جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار وماتيس وبيكاسو ومودلياني ورودان وغيرهم الكثير ممن وشموا بإبداعهم تاريخ الحركة السياسية والأدبية والفنية في باريس والعالم. وفي إحدي زياراتي لباريس شاهدت تمثالا خلابا للأديب الشهير أونوريه دو بلزاك الذي كان عاشقا لمشروب القهوة.. وقد صنع له هذا التمثال الفنان الفذ رودان ووضعته بلدية باريس أمام أشهر مقاهيها واسمه مقهي »الدوم« أي القبة، ومن المعروف أن بلزاك كان لا يفرغ فنجانه من القهوة خصوصا وهو يكتب إبداعاته الأدبية وأشهرها »الكوميديا الإنسانية«. وفي مصر يعتبر مقهي ريش شاهدا علي أحداث أدبية وسياسية كثيرة مثل التحام الطلبة بالمبدعين في ثورة الطلبة ضد حالة اللاسلم واللاحرب عام 1972 والتي كتب خلالها الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم قصيدته الشهيرة الورد اللي فتح في جناين مصر. وإبان ثورة 25 يناير 2011 شهد مقهي زهرة البستان الذي يرتاده المبدعون والشباب خروج الثوار منه أيضا لتكون المقاهي في عمومها شاهدة علي الأحداث الوطنية الكبري.