الشعبة تكشف حقيقة فرض ضريبة جديدة على الذهب    اليوم، قطع الكهرباء عن قرى عين عيش ومرزوق ببلاط في الوادي الجديد    شعبة المخابز تحدد موعد ارتفاع أسعار الخبز السياحي (فيديو)    موعد بداية فصل الشتاء 2024.. وتوقيت فتح وغلق المحلات قبل تطبيق التوقيت الشتوي    عاجل - زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر 2024 وخطوات التقديم عبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل    الحمصاني: لن نتخلى عن المواطن.. ونطبق الحماية الاجتماعية من خلال ضبط الأسعار    اعتقال ليبي في ألمانيا بشبهة التخطيط لمهاجمة السفارة الإسرائيلية    أخطر رسالة ل نتنياهو .. استهداف منزله المحصن | ماذا يحدث؟    الشرطة الألمانية تستخدم الكلاب لتفريق متظاهرين منددين بجرائم الاحتلال    فلسطين.. 5 إصابات في قصف الاحتلال لخيمة تؤوي نازحين في دير البلح    وزير الدفاع الإيطالي يكشف عن توقعاته بشأن أهداف حروب المستقبل    فتح: غزة تتعرض إلى مجزرة حقيقية بسبب عدم معاقبة المجتمع الدولي للاحتلال الإسرائيلي    لوكا مودريتش يحطم إنجاز بوشكاش    يوفنتوس يتصدّر الدوري الإيطالي بفوزه على لاتسيو 1-0    انتخابات رابطة الأندية قبل انطلاق الدوري الممتاز    نوة رياح الصليب وأمطار غزيرة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الأحد    أهالي شارع عمر بن الخطاب بمصر الجديدة يستغيثون ويُناشدون وزارة التنمية المحلية    معرض فرانكفورت للكتاب: توزيع جوائز تيك توك بوك للمنطقة الناطقة بالألمانية    ملتقى القاهرة الدولي للمسرح يكرم الفنان الراحل فؤاد المهندس بحضور نجله    «احتفالا بحملها».. سلمى أبوضيف تظهر بفستان أبيض من جديد (صور)    «زي النهارده».. اندلاع ثورة القاهرة الأولى 20 أكتوبر 1798    غدًا.. عبد الرحيم علي ضيف برنامج «كلام في السياسة» على «إكستر نيوز»    هل تذكيري لأصدقائي بتلاوة القرآن وذكر الله عليه أجر؟.. دار الإفتاء تجيب    اللهم آمين | أثر الدعاء للشهداء وأهلهم    منها الجوع الشديد..تعرف على أعراض مرض السكري عند الأطفال    نقص الفيتامينات والضغط العصبي.. تعرف على أهم أسباب الشيب المبكر    تظل سليمة بعد الموت.. كيف يؤثر نمط الحياة على صحة العظام؟    للمسافرين كثيرًا.. كيفية الصلاة في المواصلات ومعرفة اتجاه القبلة |الإفتاء تجيب    اليونسكو تساعد الأجيال المستقبلية على صون التراث الثقافي غير المادي    الكشف عن حكام مباريات الأحد بدوري المحترفين    عاجل - من المركز الوطني للأرصاد: ضباب كثيف وأمطار تضرب المنطقة الشرقية والرياض.. احتمالية تعليق الدراسة واردة!    سعر التفاح والموز البلدي والمستورد بالأسواق اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    الغرف التجارية: لا زيادة في أسعار السلع الغذائية بعد تحريك المحروقات    مستشار رئيس فلسطين عن قتل إسرائيل ليحيى السنوار: نتنياهو ليس له عدو شخصي    مصرع شخص وإصابة 20 آخرين في حادث تصادم سيارة برصيف بالفيوم    بسبب مكالمة هاتفية.. مقتل سائق على يد شقيقان وزوج شقيقتهم بشبرا الخيمة    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    أبو جريشة رئيسا لقطاع الكرة بالإسماعيلى.. وعماد سليمان مشرفا على الفريق الأول    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    صداع نصفي يصيب كندية بسكتة دماغية وشلل وعمى.. ماذا حدث لها؟    مين فين ؟    وزراء دفاع مجموعة السبع يعقدون اجتماعا فى نابولى لبحث تعزيز التعاون الأمنى ودعم أوكرانيا    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    موعد مباراة الزمالك وبيراميدز والقنوات الناقلة في كأس السوبر المصري 2024    السيارة اصطدمت بالكارتة.. إصابة 3 أشخاص بالمنيا الجديدة    لماذا رفضت المحكمة إلزام إمام عاشور بدفع 5 ملايين جنيه لفرد الأمن بواقعة خناقة المول؟ (انفراد)    تامر عاشور يطرب جمهور مهرجان الموسيقى العربية بأغنية هيجيلى موجوع    حدث بالفن| وفاة والدة فنانة وخالد الصاوي يحذر من حقن التخسيس لهذا السبب    «مش هفتح بطني عشان بُقي».. خالد الصاوي يرفض عمليات التخسيس|وهذه أهم المخاطر    بالصور.. احتفالية لتكريم حفظة القرآن الكريم بالمنيا    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهند قوة اقتصادية تضع أقدامها الراسخة علي أعتاب القرن 21

المنسوجات الهندىة علامة تجارىة بقوة التارىخ وتسهم صناعة النسىج الهندىة بنحو 41٪ من الإنتاج الصناعى و71٪ من عائدات التصدىر الهند التي أصبحت قوة اقتصادية آسيوية صاعدة في عالم القرن الحادي والعشرين هي نموذج يختلف عن غيرها من القوي الاقتصادية الصاعدة في نطاق دول العالم الثالث فهي دولة تجمع مابين الأصالة والحداثة ومابين التمسك بالتقاليد العريقة والقيم والأخذ بالأساليب العلمية والتكنولوجية الحديثة وهي دولة تؤمن بأهمية دعم التعاون بين الجنوب والجنوب ولاننسي أن الهند ومنذ إعلان استقلالها عام 1947 اتخذت من النظام الديمقراطي البرلماني أسلوبا لحكم البلاد فكان ذلك من أهم الأسباب التي ساعدتها في دعم انطلاقها الاقتصادي والذي بدأته مع عملية إصلاح شامل في بداية التسعينات من القرن المنصرم تلك الانطلاقة التي اتضحت معالمها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وذلك مع توقعات واثقة بأن الهند ستكون خامس أكبر اقتصاد في العالم مع حلول 2020.
عزيزي القارئ دعني أصحبك إلي معرفة صورة عن قرب لما يجري علي أرض دولة الهند الصديقة والتي تعتز بروابطها الوثيقة مع مصر والتي تمتد عبر سنوات طويلة عبر التاريخ القديم والحديث لاسيما أنني لمحت ذلك علي أرض الواقع خلال زيارتي الأخيرة للهند بناء علي دعوة رسمية من الحكومة الهندية في إطار وفد من كبار الصحفيين الممثلين لدول الشرق الأوسط في غرب آسيا وشمال أفريقيا وقد كانت رحلة ممتعة بالفعل من حيث برنامج العمل المكثف الذي شمل لقاءات هامة مع كبار المسئولين ورجال الصناعة والإعلام بخلاف زيارة معالم التراث الهندي القديم وعلي رأسها تاج محل في مدينة أجرا.
قصة نجاح
في صيف عام 1991 بدأت الهند عملية إصلاح اقتصادي عرفت بالتحرير تضمنت إزالة قيود أنظمة النقد والاستثمار الأجنبي ودرجة من الحرية في منح تراخيص الصناعة وإعطاء مساحة هائلة للقطاع الخاص والمشاركة الدولية في الاقتصادي الهندي وقد أدي ذلك إلي تبديل عقلية الدولة وأعطي دفعة لأحلام وآمال وطموحات وتطلعات وروح المبادرة لم يسبق للهند أن عاشتها.
وبحلول أواخر التسعينات برزت الهند في العديد من الصناعات من بينها صناعة السيارات وانطلقت كقوة تكنولوجية في مجال الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات ويعتقد المسئولون عن قطاع الاقتصاد والصناعة في نيودلهي أن نجاح الهند في تجربة انظلاقها الاقتصادي ودعوتها للانضمام إلي مجموعة العشرين وشغل مقعد علي مائدة الكبار في الاقتصاد العالمي يرجع إلي روح المبادرة وهي جزء من تراث يعود إلي عمق تاريخها وإلي دور القطاع الخاص الذي يعد بمثابة ذراع الهند القوية القادرة علي عبور القارات وقدرته علي المخاطرة ومهاراته الإدارية.
وبالرغم من هذه الانطلاقة فإن هناك قطاعا من السكان مازال يعيش في ظروف سيئة ولذلك فإن العديد من الصناعات والزراعة الهندية ينتظر تحقيق ثورات تكنولوجية لتصل رياح التنمية إلي كافة فئات المجتمع.
ولقد أكدت »باوان شابرا« المديرة بمركز معلومات الجمعية الهندية للترويج للصادرات والتي أسستها وزارة الاقتصاد والتجارة الهندية منذ عشر سنوات العديد من الحقائق الهامة وهي أن الجمعية تركز علي الترويج للمشروعات المتوسطة والصغيرة وهناك 26 مجلسا لتصدير المنتجات الهندية مثل الأدوية والشاي وأن دور الجمعية هو تشجيع هذه المجالس كل في مجاله وتدريب العمالة لجذب فرص الاستثمار وأشارت شابرا في لقاء مع الوفد الزائر إلي أن الطبقة المتوسطة الهندية الواسعة تعد اليوم هي القاطرة التي تدفع عجلة التنمية الاقتصادية وذلك بخلاف أن الهند تعد دولة شابة ف 40٪ من سكانها ينتمون لقطاع الشباب وهذا عامل آخر يدفع بالهند إلي الأمام.
كذلك أكد المسئولان في الجمعية »آبارنا شارما« و»فيرات بهري« أن الشركات المتعددة الجنسية قد لمست أن مواطني الهند لديهم قدرة كبير علي استيعاب التدريب علي الوسائل التكنولوجية الحديثة والمهارات اللغوية مما دفع هذه الشركات لإقامة مقرات لها في المدن الصغيرة.
إن التغييرات الجوهرية في المدن والريف الهندي والتقدم الملحوظ في صناعة البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والسيارات والأدوية وغيرها والسوق الكبيرة المتاحة في الهند والتي يبلغ عدد سكانها مليارا و200 مليون نسمة كلها عوامل أثرت في دفع عجلة النمو الاقتصادي بالهند ووضعت قدمها علي الطريق الصحيح حتي أصبح للهند مساهمة كبيرة في شركات متعددة الجنسيات عبر العالم وأصبحت مساهما كبيرا في الاقتصاد العالمي.
نحو مزيد من تطور العلاقات
تعتز الهند بالروابط الاقتصادية والتجارية مع الدول العربية والتي وصفها »سودرسانا ناتشيابان« وزير التجارة والصناعة الهندي والذي يعتبر عضوا هاما في حزب المؤتمر الهندي بأنها علاقات وثيقة للغاية وأن الهند تأمل في تطور هذه العلاقات ودعمها باستمرار.
وأوضح وزير التجارة والصناعة الهندي في لقائنا معه بأن الهند تتذكر دائما الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر والذي كان مؤسسا مع الزعيم الهندي نهرو لحركة عدم الانحياز وبالتالي فإن الهند تتطلع لتطوير العلاقات التجارية والصناعية مع مصر ودول المنطقة العربية بصفة مستمرة وإنني أرحب بكم علي أرض الهند بالنيابة عن 1.2 مليار نسمة في بلادنا.. وفي حقيقة الأمر فإن الاستثمارات الهندية في مصر يبلغ حجمها 2.5 مليار دولار وقد حرصت الهند علي دعم هذه الاستثمارات واستمرارها حتي في اللحظات الصعبة التي مرت بها مصر طيلة الثلاث سنوات الماضية.. وهي تتركز في صناعات البتروكيماويات والنسيج والأدوية وغيرها مثل مشاريع الطاقة الشمسية.. وخلال لقاء مع مديري شركة »رانبكس« لصناعة الدواء والتي تنتشر منتجاتها في أكثر من 150 دولة عبر العالم ولها ابتكارات عديدة في علاج الأمراض مثل الملاريا أوضحوا أن الشركة لها تواجد قوي في كل من مصر والمغرب وعندما سألته عن مستقبل تطوير التعاون مع مصر أشار إلي أن هناك مراكز للبحوث للشركة في مصر وأن هناك ترحيبا بتطوير التعاون في هذا المجال لاسيما أنهم يعتقدون أن مصر تمثل نافذة لهم علي القارة الأفريقية في تصدير منتجاتهم.
واللافت للنظر من خلال اللقاءات المتعددة مع الجهات الاقتصادية بالهند فإن العمل الخيري والرامي إلي تحقيق العدالة والرفاهية الاجتماعية هو جزء لايتجزأ من أي مشروع فالجميع يخصص جزءا من منتجاته أو دخله لكي يتبرع بها للمواطنين غير القادرين وهناك إيمان بأهمية أن المال ليس غاية في حد ذاته وإنما يجب أن يخصص جزء من الأرباح لخدمة المجتمع ومن خلال هذا الجانب الخيري يمكن المساهمة في تنفيذ أهداف الألفية والتي حددتها الأمم المتحدة وهذا المفهوم أيضا تأكد لدينا من خلال اللقاء مع المسئولين في مجموعة شركات »تاتا« الهندية وكذلك خلال لقائنا مع مالكي صحيفة »سياسات ديلي« بمدينة حيدر أباد والتي تصدر باللغة الأوردية وهي الأوسع انتشارا هناك حيث يتواجد عدد كبير من المسلمين في المدينة فالقائمون علي الصحيفة لديهم برنامج خيري لمحو أمية المواطنين وتعليمهم اللغات ليكونوا قادرين علي اقتحام سوق العمل وتعليمهم بعض الحرف وتسويق منتجاتهم وكافة هذه الأمور من خلال تمويل ذاتي حيث يرفضون أي مساعدات خارجية من أي دول أخري وكان الهدف الرئيس الذي يسعي مالكو الصحيفة إلي الترويج له هو إقناع مسلمي الهند بأن هذه الدولة هي وطنهم وعليهم الارتباط بها وألا يفكروا في مغادرتها إلي أي دولة أخري حتي وإن كانت دولة الباكستان المجاورة والتي انفصلت عن الهند.
وخلال المناقشات مع أعضاء اتحاد الصناعات الهندية اتضح مدي حرص الهند علي تطوير ودعم علاقاتها مع الدول العربية مشيرين إلي أن الروابط التاريخية بين الهند ودول منطقة الشرق الأوسط تعزز من هذا التوجه وأن هناك فرصا كبيرة لتنمية العلاقات مع دول الخليج ومصر مؤكدين أن عجلة التنمية الاقتصادية في الهند وبالرغم من التباطؤ الذي يواجه الاقتصاد العالمي تسير بخطي كبيرة وأن الهند سوف تصبح علي المدي القريب ثالث اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.
احترام إرادة الشعوب
الهند دولة ديمقراطية عريقة في القارة الآسيوية تنبع سياستها الخارجية من مبادئ ثابتة تؤمن بها وهي دولة تحترم إرادة الشعوب في التغيير ولا تحبذ التدخل في الشئون الداخلية للدول ومن هنا جاءت كلمة سلمان خورشيد وزير الخارجية الهندي خلال لقائه معنا كانت معبرة عن هذه التوجهات بوضوح حيث أكد خلالها أن المنطقة العربية التي ينتمي وفدنا الزائر إليها تموج بالكثير من التغييرات والتطورات لاسيما فيما يتعلق بعملية التحول الديمقراطي ونحن لدينا علاقات صديقة وتاريخية مع دول المنطقة ونحن نحترم إرادة الشعوب في التغيير وما يقرره الشعب نحن نؤيده لأن الشعب هو صاحب القول الفصل في تحديد مصيره.
وقال خورشيد لدينا 7 ملايين هندي يعملون في بلادكم ولدينا روابط اقتصادية قوية معكم وهؤلاء الهنود الذين يعملون لديكم يدرون دخلا سنويا علي الهند بما يقرب من 70 مليون دولار وهذا مبلغ كبير كما أن 60٪ من احتياجاتنا البترولية تأتي من منطقتكم فنحن شركاء وأصدقاء.
وهنا ومع تزامن الزيارة مع الاستفتاء علي دستور مصر الجديد سألت وزير الخارجية الهندي سلمان خورشيد عن موقف بلاده تجاه هذه الخطوة الهامة وهي إقرار دستور مصر الجديد بعد أن تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة زادت نسبتها علي 98٪ قال خورشيد إن مصر والهند دولتان صديقتان ونحن نؤيد مايريده الشعب المصري ونرغب في الاستقرار الآمن لمصر وفي إطار سعي مصر نحو إنجاز التحول الديمقراطي فنحن نري ذلك تحولا إيجابيا وكما تعلمين فإن الهند لها خبرة طويلة في مجال التعددية والتجربة الديمقراطية ونحن علي استعداد لتبادل هذه الخبرة معكم وأنتم مقبلون علي عملية التحول الديمقراطي الهامة الآن.. وعلي صعيد آخر أكد »انيل وادهوا« وزير الشرق الأدني في لقاء آخر نجاح الزيارة التي قام بها وزير الخارجية نبيل فهمي مؤخرا لنيودلهي واصفا إياه بأنه دبلوماسي حاذق وحكيم وهناك العديد من القضايا المشتركة والهامة التي تم بحثها بخلاف الاتفاق حول إجراء حوار استراتيجي بين البلدين ولاننسي أن هناك ثلاثة آلاف من الهنود يعملون في قطاع الاقتصاد في مصر ونحن نعتبر أن مصر دعامة هامة للاستقرار في المنطقة ونحن نلاحظ أن الوضع يستقر تدريجيا لديكم ونحن نأمل في استمرار العمل علي توطيد العلاقات مع مصر في كافة المجالات.
وأعرب سلمان خورشيد وزير الخارجية عن تأييد بلاده للحل السلمي للأزمة السورية وأن الهند من الدول التي تقدم مساعدات للاجئين السوريين وبأنه من المشاركين في مؤتمر جنيف 2 لحل الأزمة السورية.
أما وزير شئون الشرق الأدني فقد أكد علي مواقف بلاده الثابتة من القضية الفلسطينية، وأعرب عن ترحيبه باستئناف مفاوضات السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تحت مظلة الولايات المتحدة ونحن نؤيد الحل القائم علي تنفيذ قراري الأمم المتحدة 242 و338 الصادرين من مجلس الأمن اللذين يؤديان إلي قيام دولة فلسطينية موحدة مستقلة في حدودها جنبا إلي جنب مع إسرائيل وتؤيد المبادرة العربية للسلام والانسحاب الإسرائيلي إلي حدود عام 1967 وإزالة المستوطنات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية ولدينا دور كبير في حشد التأييد للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية ونحن دائما نساهم في المساعدات الاقتصادية للشعب الفلسطيني.. فليس هناك أدني شك في موقفنا ودعمنا القوي للقضية الفلسطينية..
أما فيما يتعلق بإسرائيل فإن هذه العلاقات تسير حسب المقتضيات الاقتصادية فحسب.. فعلاقاتنا معهم تنحصر في الجانب الاقتصادي ولدينا سفارة لديهم لتيسير هذه الأمور..
مصر والهند
عندما يأتي ذكر مصر علي مسامع المسئولين في الهند أو المواطن الهندي فإنك لابد أن تلمس مشاعر الاحترام الكبير والتقدير لها لما تمثله من حضارة وثقافة عظيمة ولارتباطها في العصر الحديث مع الهند في حركة كفاح الشعوب ومناهضة الاستعمار ولا تنسي الهند ذاكرتها التاريخية أبدا وهناك تقدير كبير تلمسه للصداقة التي جمعت بين الزعيمين جمال عبدالناصر ونهرو في تأسيس حركة التضامن الأفروآسيوي وحركة عدم الانحياز لمواجهة القطبية الثنائية في هذه الحقبة والتي سيطرت علي النظام العالمي.. ولقد حرص الهنود علي تدوين هذا التقدير في الواقع العملي فتجد واحدا من أهم شوارع نيودلهي يطلق عليه اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر..
ومع تزايد الاعتراف بأهمية التعاون الاقتصادي بين الدول النامية بات من الضروري العمل علي إيجاد أدوات جديدة للتنسيق فيما بينها فإن كلا من مصر والهند سعت لدعم تعاون الجنوب.. الجنوب ليكون بمثابة لحوار الشمال مع الجنوب.. وبالرغم من أن الهند تعد قوة نووية بحكم الضرورة والتهديدات المحتملة من حولها إلا أنها تؤمن بأهمية حل أي نزاع ينشأ بينها وبين الدول المجاورة عن طريق الحوار وهي تدير علاقاتها مع دول الجوار الباكستان وبنجلاديش والصين وغيرها بالحوار..
وقد كانت تشارك مصر دائما الاهتمام بقضية نزع السلاح والأمن الدولي.. ولقد كان زعماء كل من الهند ومصر في طليعة قادة العالم الذين طالبوا بنزع السلاح بصورة شاملة وتامة وقدموا اقتراحات ملموسة في هذا الشأن علي المستويين العالمي والإقليمي ولاقت كل من اقتراحات الهند بإيجاد عالم خال من الأسلحة النووية ومبادرات مصر لضمان إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل تقديرا عالميا..
وفي هذا النطاق أكد السفير خالد البقلي سفير مصر لدي الهند أهمية الزيارة التي قام بها وزير الخارجية نبيل فهمي مؤخرا.. مشيرا إلي أنها فرصة هامة لشرح أبعاد التطورات في مصر فيما بعد ثورة 03 يونيو وتبادل وجهات النظر حول القضايا الهامة في المنطقة وعلي وجه الخصوص الأزمة السورية والقضية الفلسطينية والسعي نحو تدشين حوار استراتيجي بين الدولتين الصديقتين..
وخلال استقباله لي وزميلي في الأهرام الكاتب الصحفي محمود النوبي نائب رئيس التحرير في لقاء ودي علي العشاء في مقر إقامته بنيودلهي وصف السفير خالد البقلي بأن الهند هي دولة تسعي من أجل المستقبل ولا تنظر خلفها وأوضح أن هناك مجالات عدة يمكن لمصر الاستفادة منها في مستقبل علاقاتها مع الهند مثل مجالات الزراعة المتقدمة والاتصالات والأقمار الصناعية وتكنولوجيا المعلومات.. وتحلية المياه والبتروكيماويات وغيرها..
وأوضح أنه يمكن لمصر أن تعتمد في إطلاق أقمارها علي محطة الأقمار الصناعية الهندية بدلا من الاعتماد علي فرنسا في هذا المجال لأن ذلك سوف يوفر علي مصر مبالغ طائلة وبعث السفير البقلي برسالة إلي المسئولين في مصر للطيران بأهمية دعم خطوط الطيران المباشرة مع الهند لدعم الحركة السياحية الهندية الوافدة لمصر ودعم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين.. وأخيرا أوضح البقلي أن انطلاق مصر أفريقيا يمكن أن يكون من خلال آسيا أي عدم اقتصار التعاون بين مصر والهند علي النطاق الثنائي بل يمكن أن يكون تعاونا ثلاثيا بحيث تكون مصر هي المعبر الهام للمنتجات الهندية في القارة السمراء.
ديمقراطية بضوابط
البرلمان الهندي من أعرق البرلمانات في العالم وهو الهيئة التشريعية العليا في البلاد والسلطة العليا بها وطبقا لما قالته »مانجو شارما« المتحدثة باسم البرلمان فإن البرلمان الهندي يضم في عضويته رئيس البلاد ويتكون من غرفتين مجلس الشعب ومجلس الشيوخ والنظام السياسي للهند هو ما يعرف بالديمقراطي البرلماني وهذا هو ما سارت عليه البلاد علي مدار 56عاما.
وقد تحدث معنا وأدار الحوار واحد من المحررين البرلمانيين القدامي في الهند ويدعي »بارساد« مشيرا إلي أن الإعلام الهندي هو إعلام متقدم ويأخذ بأهم الإنجازات التكنولوجية في العصر الحديث وقد لمسنا ذلك بالفعل من خلال زيارتنا لمجموعة إعلامية هامة تضم محطة تليفزيون خاصة وعدة صحف ومجلات وتمتلك كاميرات تعمل بنظام الروبوت وأحدث وسائل التكنولوجيا لنقل الكلمة المكتوبة والمرئية والمسموعة..
وقال بارساد إن الهند تؤمن بحرية الرأي لكافة المواطنين وليس الإعلام فقط وذلك وفقا للمادة 91 من الدستور الهندي ولكن مادة 91 فقرة »ب« تتضمن بعض القيود القليلة علي هذه الحرية والتي تحمي البرلمان دستوريا.. فالصحفي البرلماني الذي يكتب تقريره بصفة موضوعية وبمصداقية لا يمكنه بأي حال من الأحوال مواجهة مشكلة قانونية ولكن إذا سعي إلي تشويه الحقيقة فإنه يتعرض للمساءلة من جانب البرلمان الهندي ويحق معاقبته وعلي مدي ال56عاما الماضية لم يكن هناك عقوبات تذكر في هذا المجال وتتراوح العقوبات من الغرامة إلي الحرمان من حضور جلسات البرلمان أو السجن إن حرية الصحافة والرأي مكفولة لدي الهند ولم يحدث أن تعرضت لأي انتهاكات إلا في حالة الطوارئ في البلاد عام 7791..
هناك 49 ألف جريدة مسجلة بالهند منها 21 ألف جريدة يومية وما عدا ذلك أسبوعية وشهرية وهناك 071 قناة للإذاعة وهناك 068 قناة تليفزيونية وتشمل القنوات الأجنبية والهندية والمحلية وهناك مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت..
وقد قررت حكومة الهند إنشاء قناة خاصة للبرلمان الهندي لنقل مداولاته ولا يسمح لأي كاميرا بدخول البرلمان وهناك ضوابط في نقل ما يدور داخل البرلمان والبرلمان الهندي الآن علي أعتاب نهاية البرلمان في دورته الخامسة عشرة والدورة مدتها 5 سنوات وعدد الدورات السنوية ثلاث دورات.. دورة لمناقشة الميزانية ودورة شتوية لبحث تشريعات القوانين ودورة مانسون أي الرياح الموسمية لاستكمال مناقشة ما تبقي من قوانين.. ويبلغ عدد أعضاء مجلس الشعب الهندي 545 عضوا ولكن الانتخابات تجري ل345 عضوا ومقعدان يتم تخصيصهما للمجتمع الأنجلو هندي ويتم ترشيحه من قبل الحكومة ويبلغ عدد أعضاء الشيوخ 542 عضوا وقد تم تخصيص 33٪ من مقاعد البرلمان للمرأة..
أجواء انتخابية ساخنة
وعام 4102 في الهند هو عام الانتخابات البرلمانية الساخنة وبناء علي النتائج التي سوف تظهر خلال شهر مايو أو يونيو القادم يتم تشكيل الحكومة الهندية الجديدة من الحزب الذي ينال الأغلبية في البرلمان والانتخابات البرلمانية تتم علي مراحل علي أساس الانتهاء من خمس ولايات هندية لانتقال الانتخابات إلي ولايات أخري..
وعدد الأحزاب في الهند 007 حزب ولكن أشهرها علي الإطلاق حزب المؤتمر برئاسة سونيا غاندي وراؤول غاندي نائب الرئيس وهو الحزب الذي يحكم الهند الآن وخلال العام الماضي برز علي سطح الأحداث حزب جديد في ولاية دلهي يعرف بحزب رجل الشارع أو المواطن العادي برئاسة »آرفند كيجريوال« وهو ينتمي إلي الشباب الهندي الصاعد ويعتقد كثيرون بأن هذا الحزب له مستقبل في المنافسة في الحياة السياسية الهندية..
وعلي كافة الأحوال فإن الهند تؤمن بالتعددية السياسية وبرغم تعددية اللغات والأديان في المجتمع الهندي إلا أن دولة الهند عرفت كيف تستوعب هذه التعددية وتوظفها لصالح البلاد.. وهناك هيئة الانتخابات وهي هيئة دستورية يقوم رئيس الجمهورية بتعيين المدير الرئيس لها ومدراء الانتخابات الآخرين في الولايات وفق القانون الذي يسنه البرلمان في ذلك الشأن ويتم التصويت في الهند وفقا لجهاز التصويت الإلكتروني وهو جهاز يسهل التعامل معه من أبسط الناخبين وليس به أي تعقيدات..
هذه هي ملامح موجزة عن الهند في القرن الحادي والعشرين التي انطلقت نحو الفضاء وأبهرت العالم بثورة حققتها في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وطفرة اقتصادية تسعي من خلالها إلي رسم آفاق الهند في المستقبل وفي الوقت نفسه لم تنس الأمة الهندية أصالتها وتقاليدها الموروثة التي مازالت تحافظ عليها حتي يكون لها شخصيتها المستقلة التي تميزها عن الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.