اعتبر موقع فورين بوليسي الذي يعد أحد أهم الوسائل الإعلامية المعبرة عن السياسة الخارجية الأمريكية أن الاتفاق النووي بين الغرب وإيران تسبب في أزمة سياسية كبري بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية، خاصة بعد التقارب الكبير بين واشنطن وطهران، الذي يهدد أمن المنطقة. أما عن نتائج هذا التوتر، فإن فورين بوليسي تري أن سباقاً للتسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط سيبدأ قريباً جداً في المنطقة، وقد نسمع في أي لحظة عن امتلاك السعودية السلاح النووي في مواجهة الخطر الإيراني. فورين بوليسي: سيناريوهات الحرب النووية غير بعيدة عن الشرق الأوسط وكان أكثر ما أغضب السعودية من الاتفاق النووي نقطتين رئيسيتين، أولاهما، أن الاتفاق يعترف رسمياً بحق إيران في تخصيب اليورانيوم وامتلاك السلاح النووي، والثاني أن هذا الاتفاق مؤقت، وبعد مفاوضات طويلة قد تستمر عاماً أو عامين، قد تنسحب إيران من الاتفاق بعد أن يكون رفع العقوبات الاقتصادية عنها قد خفف الضغوط عليها، وبالتالي تصنع القنبلة النووية. وبالنسبة للرياض، فإن امتلاك إيران قنبلة نووية هو الأمر الأكثر خطورة، لأنه سيساهم في تعزيز وضع إيران الإقليمي . كما أن إيران قد تسعي لزعزعة الاستقرار في الخليج، كما تفعل اليوم في أكثر من منطقة في العراق ولبنان وسوريا. لقد وصلت أزمة الثقة بين واشنطنوالرياض لأعلي المستويات علي الإطلاق، خاصة بعد تصريحات مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس التي قالت إن هناك عالما بأكمله خارج منطقة الشرق الأوسط يستحق مزيدا من الاهتمام من الولاياتالمتحدة، في حين أن الولاياتالمتحدة استثمرت كثيراً من جهودها في هذه المنطقة دون الحصول علي نتائج مرضية" واعتبرت السعودية هذا التصريح بأنه إعلان واضح أن الولاياتالمتحدة تريد أن تتخلي عن التزاماتها في المنطقة، والانسحاب منها. وأياً كانت مسببات الموقف الأمريكي، سواء كان ضعف أوباما أو الضغوط السياسية الداخلية التي يتعرض لها، أو رغبته في تحقيق الاستقلال في مصادر الطاقة، فإن هناك اقتناعا متزايدا في الرياض أن الولاياتالمتحدة ليس لديها صبر كاف في مواجهة القضايا المتعلقة بحلفائها في الشرق الأوسط وهو أمر مخيف، كما أنها تريد أن تجد حلولاً مؤقتة بشأن قضايا مثل سورياوإيران، لا لحل هذه المشكلات، ولكن لتأجيل حسمها إلي ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وعمل ما يشبه الخروج الآمن للولايات المتحدة من المنطقة. لقد وصل الاستياء السعودي من الأمريكيين لمستويات مرتفعة جداً، بل وامتد إلي استياء علي المستوي الشخصي أيضاً، من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري علي وجه الخصوص. ففي الأيام التي تلت 21 أغسطس، التاريخ الذي استخدم فيه بشار الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، بدأت علي الفور سلسلة من الاتصالات بين جون كيري وكبار المسئولين السعوديين، أكد فيها وزير الخارجية الأمريكي أن بشار الأسد تجاوز الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس أوباما، وأن هجوماً أمريكياً علي سوريا أصبح مؤكداً، وعلي هذا الأساس بدأ السعوديون الاستعداد للمعركة التي كانوا ينتظرونها لحسم الصراع مع إيران في هذا الملف. لكن المفاجأة جاءت في 31 أغسطس، عندما أعلن أوباما أنه سيحيل قرار ضرب سوريا للمشورة في الكونجرس، وهو ما أثار غضب المسئولين السعوديين الذين تحدثوا إلي جون كيري، ورد عليهم قائلاً إنه لم يكن يعرف قرار الرئيس الأمريكي، وهو إما دليل علي الكذب أو عدم الكفاءة، وهما أمران متساويان لدي السعوديين. ولم يكن الملف السوري سبب الغضب السعودي الوحيد، فقد قامت الولاياتالمتحدة بالتعامل مع عديد من الملفات في المرحلة الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط دون التشاور مع السعودية، ويكفي أن قرارات مثل خفض المساعدات العسكرية لمصر، وصفقة إيران مع الغرب، عرفها السعوديون من خلال مشاهدة التلفزيون، وليس من خلال اتصالات مباشرة بين الإدارتين. كما أن الاتصالات الثنائية المباشرة بين إيرانوالولاياتالمتحدة في الفترة الأخيرة أرسلت مؤشرات غير طيبة للإدارة السعودية. وبالتأكيد ستفعل السعودية كل ما في وسعها للحفاظ علي مصالحها. ولديها أدوات كثيرة، فهي قد تفتح الباب لروسيا والصين للاستثمار في منطقة الخليج علي حساب الولاياتالمتحدة، كما أن الملك عبد الله كان واضحاً فيما مضي، حين قال أنه إذا امتلكت إيران القنبلة النووية، فستمتلك السعودية أيضاً القنبلة النووية. وهو ماقد يؤدي إلي سباق تسليح في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن الصراع بين السعودية وإيران ذو طابع طائفي ديني، وليس من الممكن التكهن بما سيحدث في حال الصدام بين البلدين، وتأثير ذلك علي عجلة الاقتصاد العالمية. ويري الكاتب أن أوباما يستطيع أن يمتص غضب السعوديين بعدة خطوات، الأولي هو الضغط علي إيران من أجل ضمان دائم لعدم امتلاكها السلاح النووي، وهو ما قد يخفف حدة التوتر، وأيضاً العمل لحل الأزمة السورية والإطاحة ببشار. لكن أوباما لن يفعل ذلك، وكل تصريحاته وقراراته في الفترة الماضية تؤكد أنه لم يعد يكترث كثيراً بالعمل في هذه المنطقة، وأن كل مايريده هو أن تخرج الولاياتالمتحدة من دائرة الضوء في المنطقة.