في الخامسة والعشرين من عمره.. أو قبل ذلك قليلا اختارته السيدة خديجة بنت خويلد ليكون راعيا لتجارتها في الشام ومعه غلامها ميسرة، الذي عاد من رحلته الشامية بما يبهره من شخصية محمد بن عبدالله وأمانته وحسن خلقه، والذي أجري الله علي يديه الخير فربحت تجارة السيدة خديجة.. فحدًّث بذلك سيدته التي رغبت فيه زوجا، وتزوجته وهي في الأربعين من عمرها وهو في الخامسة والعشرين من عمره. وكانت أول من آمن به من النساء، وشاهدت كيف سطعت الرسالة الخالدة تحت سماء مكة، وكيف انضم إلي هذه الدعوة عدد قليل من الناس، بينما عاني الفقراء والمستضعفون العذاب علي يد أسيادهم.. وبعدها فقد أعظم رسل الله عمه أبوطالب وزوجته السيدة خديجة وكان ذلك في السنة العاشرة من البعثة النبوية.. وتمضي الأيام.. ويهاجر الرسول إلي المدينة، وتنتشر الدعوة، إلي أن يدخل الرسول وأصحابه مكة نفسها.. وينتشر نور الإسلام في كل مكان، ولم ينس الرسول الأعظم أبدا مواقف زوجته السيدة خديجة، حتي ذكرت عائشة في حديث لها: ذكر رسول الله خديجة يوما من الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت له صلي الله عليه وسلم : هل كانت إلا عجوزا أبدلك الله خيرا منها؟ فغضب رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال: »لا.. والله ماأبدلني الله خيرا منها: آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني في مالها، إذا حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء«. فقالت عائشة: فسقطت من الخوف حين رأيت غضب الرسول صلي الله عليه وسلم لها. وقلت في نفسي »اللهم أذهب غيظ رسولك، اللهم إني لم أعد أذكرها بسوء مابقيت«. ثم قلت لرسول الله في رفق وأناة: »والذي بعثك بالحق، لا أذكرها بعد هذا إلا بخير« وكان عليه الصلاة والسلام يحتفي بصديقات زوجته الراحلة وعندما كان يُسأل عن ذلك كان يقول: إنهن كن يزرننا أيام خديجة. منتهي الوفاء.. صلي الله عليه وسلم