لعلنا لا نأتي بجديد إذا ما قلنا إن الملمح الرئيسي للمسيرة الوطنية المصرية في المرحلة الجديدة التي نخوضها الآن، هو الانطلاق المتسارع والجاد والمدروس علي طريق الاصلاح الشامل، علي جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. هذا الإصلاح الشامل يعني في جوهره ومفهومه، النهوض الشامل بجميع مقومات ومجالات الحياة الإنسانية للمواطن المصري، والتي تضم في محتواها كل النواحي والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية،...، ولا تتوقف علي الاطلاق عند حدود معالجة الأزمة الاقتصادية التي أحاطت بنا طوال السنوات الماضية. وفي هذا الإطار يجب الادراك بوعي بأن هذه النهضة الشاملة وذلك الاصلاح الشامل، لا يمكن ان تقوم له قائمة أو يستقر له حال، دون اصلاح حقيقي وفاعل لمنظومة التعليم، التي وصلت بالفعل إلي حال بائس ودرجة خطيرة من التدهور، وكانت دون شك السبب الرئيسي فيما وصلنا إليه من تخلف في جميع مناحي الحياة وعلي جميع المستويات. وطالما اننا نؤمن بالحقيقة التي تؤكد ان التعليم هو الأساس الذي تقوم عليه نهضة الأمم، وترتقي علي أساسه كل الشعوب وتبني عليه كل الحضارات، فقد آن الأوان ان نبدأ بالفعل في الخطوات الايجابية علي هذا الطريق. واحسب انني لا اذيع سرا اذا ما قلت، بأن هذه القضية هي الطريق الوحيد والصحيح لبناء الإنسان في كل مكان من العالم وفي كل الدول، وفي مصر أيضا بالطبع،...، ولكننا للأسف تأخرنا في السير فيه بجدية طوال ما يزيد عن نصف قرن من الزمان، فكان ما كان من تدهور عام وتخلف شديد حتي وصلنا إلي ما نحن عليه اليوم. ولذلك فإننا نحمد الله علي اننا قد تنبهنا أخيرا، وبدأنا في السير بجدية واصرار علي هذا الطريق عملا بالحكمة القائلة: »ان تأتي متأخرا.. خير من ألا تأتي علي الاطلاق».