فوز مجموعة الحملة الدولية للقضاء علي الأسلحة النووية بجائزة نوبل للسلام لعام 2017 يعني إعلاء صوت العقل وروح المسئولية واتخاذ موقف حاسم للدفاع عن الإنسانية. تقول »بيريت رايس اندرسون» رئيسة لجنة نوبل النرويجية المانحة للجائزة إن هذه المجموعة فازت بالجائزة لجهودها غير العادية التي استهدفت إبرام معاهدة دولية لحظر استخدام الأسلحة النووية، وكذلك تقديرا لجهودها في لفت الأنظار إلي العواقب الكارثية التي تلحق بالإنسانية في حالة أي استخدام للأسلحة النووية. وتوضح بيريت اندرسون: إننا نعيش الآن في عالم يتزايد فيه خطر الأسلحة النووية أكثر من أي وقت مضي. والحقيقة ان الرطانة المتعجرفة يمكن ان تقودنا بسهولة إلي رعب وأهوال تفوق الخيال. ولا يمكن الفصل بين منح جائزة نوبل للحملة الدولية للقضاء علي الأسلحة النووية.. وبين الخطر المتزايد لنشوب حرب نووية بين الولاياتالمتحدة وكوريا الشمالية وكذلك التهديدات بالتراجع عن الاتفاق النووي مع إيران. كذلك تجيء هذه الجائزة بمثابة توبيخ رسمي للدول النووية التي قاطعت المفاوضات التي تستهدف التوصل إلي معاهدة دولية لحظر الأسلحة النووية، وهي المعاهدة التي وافقت عليها 122 دولة غير نووية عضواً في الأممالمتحدة في 7 يوليو 2017. وجاءت الجائزة قبل أيام من تنفيذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهديده بسحب توقيع بلاده علي الاتفاق النووي مع إيران بحجة انها »لا تلتزم بروح هذا الاتفاق». وقال ترامب »اننا الآن في مرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة». بينما أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ان الاتفاق النووي مع إيران يصب في مصلحة الولاياتالمتحدة، وان مصالح أمريكا القومية تقضي بالحفاظ علي هذا الاتفاق، وهو تصريح يناقض ما قاله ترامب! ويقول السير ريتشارد دالتون، السفير البريطاني السابق في إيران، ان جائزة نوبل للسلام »تشكل تحديا للمجتمع الدولي بقيادة مجلس الأمن حتي يمكن حماية الاتفاق النووي مع طهران الذي يمثل ضرورة حيوية للسلام الإقليمي». ورغم ان لجنة نوبل أعلنت ان شبح حرب نووية يخيم في الأفق، وان هذه هي اللحظة التي ينبغي ان يعلن فيها العالم تحريم الأسلحة النووية.. إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية صرح بأن واشنطن لا تعتزم التوقيع علي معاهدة حظر الأسلحة النووية، ذلك ان مثل هذه المعاهدة »لن تجعل العالم أكثر سلاما ولن تؤدي إلي نزع سلاح نووي واحد، ولن تعزز أمن أي دولة»، من وجهة نظره! والحقيقة إن إصرار تسع دول في العالم علي احتكار السلاح النووي، ومنع أي دولة أخري من دخول النادي النووي، لا يحقق أية نتائج بل يزيد من مخاطر حصول دول أخري علي أسلحة نووية. والضمان الوحيد الذي يكفل عدم الانتشار النووي هو حظر انتاج وتحريم استخدام الأسلحة النووية بحيث يصبح عالمنا بلا أسلحة نووية، خاصة ان المعلومات التي تساعد علي انتاج أسلحة نووية لم تعد سراً مغلقاً، كما أن هناك دولاً كثيرة تملك مفاعلات للطاقة أو الابحاث النووية يمكن تحويلها لانتاج أسلحة نووية. وليس من المتصور ان يتحمل العالم أكثر من ذلك استمرار امتلاك تسع دول لحوالي 15 ألف سلاح نووي، تملك أمريكا منها 6800 رأس نووي وتملك روسيا 7000 وبريطانيا 215 وفرنسا 300 والصين 270 والهند 110-120 وباكستان 120-130 وإسرائيل 80 وكوريا الشمالية 10. وهناك دول توجد بها مخازن لأسلحة نووية هي بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا. ومعروف ان الأسلحة النووية الآن أقوي بكثير جداً من قنبلتي هيروشيما وناجاساكي اللتين ألقتهما أمريكا علي المدينتين اليابانيتين في عام 1945، وان الاشعاعات الذرية تبقي لعشرات السنين.. ومجرد تفجير رأس نووي واحد فوق مدينة كبيرة يمكن ان يقتل ملايين الناس، ومع ذلك، فإن أكبر الدول النووية مستغرقة الآن في تحديث ترسانتها النووية!