هام جداً أن تكون قضية مياه النيل حاضرة بقوة في اتصالاتنا الإقليمية والدولية. التصريح الهام الصادر عن وزير خارجية ألمانيا »زيجمار جابرييل» أثناء زيارة وزير خارجيتنا سامح شكري للعاصمة الألمانية قبل يومين يعطي اشارة واضحة علي نجاح دبلوماسيتنا في شرح الموقف المصري، وتفهم ألمانيا لهذا الموقف. الوزير الألماني كان حاسماً في التأكيد علي دعم الموقف المصري، والتفهم الكامل لحقيقة أن النيل هو قلب مصر وهو مسألة وجودية لها، وأن أي مشروع في أعالي النيل ينبغي أن يكون بالتنسيق مع مصر والتوافق معها.. وأن أي مشروعات في حوض النيل ينبغي أن تراعي المصالح المصرية. لقد قدمت مصر كل ما يمكن لخلق الثقة المتبادلة بين كل دول حوض النيل، وقالت بوضوح ان من حق الدول أن تنفذ مشروعات للتنمية، ومن واجبها أن تتعاون للخير المشترك. ولم تطلب إلا تنفيذ ما أشار إليه الوزير الألماني من قواعد دولية تحكم العلاقات بين الدول التي تتشارك في نهر واحد، ولم تطلب إلا عدم المساس بحقها التاريخي في حصتها من ماء النيل والتي كانت تحصل عليها وعدد سكانها أقل من عشرين مليون نسمة، والتي يتوهم البعض أن في إمكانهم العبث بها وهم يدركون أن مصر وقد بلغ سكانها المائة مليون لا يمكن أن تسمح بهذا العبث. بل إنها تعرض التعاون مع دول حوض النيل للاستفادة من المياه التي تذهب هدراً في زيادة نصيب كل دول الحوض من المياه. كان المفروض أن يكون حسن النوايا المصرية طريقاً لحسم أي خلافات بما يحقق مصالح الجميع وبما يضمن الحقوق التاريخية لدول النيل. لكن يبدو أن البعض لم يستوعب ذلك، وأراد تسويق الموقف المصري لاجتذاب مساهمات الدول الأجنبية في مشروع مثل »سد النهضة» ولمحاولة إضفاء الشرعية علي أي تصرف حتي ولو أضر بمصالح مصر ومس حقوقها التاريخية!! وجود ملف المياه في مباحثات وزير خارجيتنا مع أطراف دولية فاعلة يعني أن مصر لن تسمح بالمراوغة ولا بكسب الوقت ولن تتنازل عن حقوقها التاريخية المشروعة. وتصريح وزير خارجية ألمانيا يعني احترام الموقف المصري بكل ما أبداه من مرونة، وفي نفس الوقت الإقرار بأن هذه »القضية المركزية بالنسبة لشعب مصر» كما وصفها الوزير الألماني هي و قضية عادلة وأن حقوق مصر فيها هي ما يقرره بالفعل القانون الدولي، وأن الإقرار بها هي ما يضمن الاستقرار في علاقات الدول والتعاون بينها من أجل خير الجميع. والسؤال هو: هل يقرأ الأصدقاء في إثيوبيا الرسالة جيداً؟!.. وهل يتم إدراك الجميع للحقيقة الأساسية وهي أن سياسة التسويف لن تجدي في قضية مصيرية مثل مياه النيل، وأنه لا بديل عن المعادلة الواضحة والقاطعة التي طرحتها مصر: التنمية والتقدم للجميع بما لا يمس -بأي صورة من الصور- الحقوق التاريخية المشروعة لمصر في مياه النيل. أيدينا ممدودة بالخير.. فليكن الرد خيراً لمصلحة الجميع!!