علي الرغم من حرص مصر البالغ علي الحفاظ علي العلاقات المصرية السودانية إلا أن الشقيقة السودان وخلال السنوات الثلاث الماضية تعمل علي تصعيد المواقف مع مصر بلا مبرر منذ تأييدها المطلق لاثيوبيا في بناء سد النهضة وتبنيها للمواقف الاثيوبية كاملة ثم اثارتها لتبعية مثلث حلايب وشلاتين من وقت للآخر وأخيرا الإعلان عن حظر استيراد الخضروات والفاكهة من مصر وتبعتها بقرار حظر جديد للمعلبات والاغذية المحفوظة، وفي خطاب الرئيس السيسي الشهر الماضي أخبرنا الرئيس بأنه سأل الرئيس السوداني عن أسباب ايقاف السودان لاستيراد الخضروات والفاكهة من مصر فرد البشير بأن السبب هو ما يكتب ويتردد في وسائل الاعلام المصرية عن استخدام مياه الصرف الصحي في الري في مصر وبما يعني ان الرئيس السوداني ليس لديه اسبابا علمية ومعملية مقنعة لايقاف استيراد الغذاء من مصر ولا توجد دولة في العالم تأخذ مثل هذا القرار الخطير دون تحاليل معملية موثقة تخطر بها الطرف الآخر وتوضح نوع الميكروب الملوث ومصدره والسلعة التي وجدت فيه. الأمر كله يعود الي تفشي مرض الكوليرا في الشقيقه السودان واطلقوا عليه تحايلا »الاسهال الزائد» خلال الشهرين الماضيين ولم تجد الحكومة السودانية مبررا لمخاطبة الشعب السوداني الا بالدعاء بأن سبب المرض جاء من الخارج وليس نتيجة لتقصير من الحكومة السودانية ولم يجدوا الا مصر ليحملوها السبب دون بينة ولا علم وبإدعاء الرئيس السوداني وجهاز الاعلام بأن السبب يعود الي الخضروات المصرية المستوردة والتي تروي بمياه غير نقية وهذا غير صحيح جملة وتفصيلا، فكل اهالينا في السودان وطبقا لتقرير منظمة الاغذية والزراعة الصادر في عام 2014 فإن مصر تستخدم نحو 75 مليار متر مكعب من مياه النيل في الزراعة بنسبة 10٪ من حصتها من مياه النيل وتعتمد في تدبير احتياجات الصناعة والمنازل علي المياه الجوفية ومياه الصرف الزراعي المعالج، فكيف يكون الادعاء بأن مصر تروي أراضيها بمياه الصرف الصحي وهي التي تستهلك كامل حصتها من مياه النيل وأكثر في الري؟! وأن الزراعة تستهلك وحدها 85٪ من اجمالي موارد مصر المائية سواء السطحية أو الجوفية.لقد احترمنا قرار المملكة العربية السعودية في الشهر الماضي حين رفضت استلام شحنة من الفلفل الاخضر وارفقت معها تقريرا علميا معمليا يشير اي تجاوز نسبة متبقيات المبيدات في الشحنة وبدأنا فعلا في مراجعة دقة وكفاءة أجهزة القياس في معمل متبقيات المبيدات بوزارة الزراعة المصرية والاتجاه الي تحديثها بشكل عاجل. أما الأمر السوداني فقد أوقفوا استيراد الغذاء والمعلبات من مصر دون تقديم تقرير علمي معملي موثق بنوع التلوث والميكروب المسبب للتلوث، ومبلغ علمنا كأهل تخصيص أن الكوليرا والاسهال الزائد والنزلات المعوية تنتشر بسبب تلوث مياه الشرب بشكل أساسي وتلوث الخضروات الطازجة غير المطبوخة بشكل ثانوي وأنها ميكروبات ضعيفة يتم التخلص منها بسهولة اثناء عملية غسيل وتطهير منتجات التصدير وأن الاجهزة المصرية تستخدم أحدث المنظفات والمعقمات بغسيل المنتجات قبل تعبئتها وتصديرها كما وأن المعلبات تخضع لكشف يومي وعينات تحلل دوريا للتأكد من سلامة الغذاء واستحالة التلوث. تستطيع مصر التصعيد الدولي ضد الشقيقة السودان لو رغبت وطلب تعويضات كبيرة واتهام السودان بتعمد الاساءة الي المنتجات المصرية بدون دليل علمي والنشر في وسائل الاعلام السودانية بتلوث المنتجات المصرية وتأليب الشعب السوداني ضد مصر ومحاولة فصلهم عن جذورهم سواء لأسباب سياسية لنزاع علي تبعية أراضي أو بسبب التأييد المطلق لاثيوبيا والتي لا تعترف من الاصل بوجود السودان وتعتقد عن يقين بأن حدودها تمتد حتي مدينة الخرطوم بل وتمتد وشمالا حتي التقاء نهر عطبرة القادم من اثيوبيا مع النيل الموحد شمال الخرطوم بنحو 330 كيلو متر بالقرب من الحدود المصرية وأن حدود مصر تبدأ بعد ذلك وبالتالي فأطماع اثيوبيا في ولايات النيل الازرق وكسلا والخرطوم وعطبرة واضحة وجلية وغير منكورة وانها تعمل دوما لكي يكون لديها حدود تماس مع مصر وراجعوا تاريخ الصراعات المصرية الاثيوبية في عهد محمد علي من 1805 وحتي 1845 ثم بعد ولاية الانجليز علي مصر والسودان لتعودوا الي الجذور المصرية التي أسست السودان واخضعت مملكتي كردفان ودارفور للسودان وانشأت شبكة الترع وأدخلت زراعة القطن الي السودان وعينت كبير خبراء الري المصري في السودان وكانت حريصة دوما علي وجود دولة السودان وحمايتها من الاطماع الاثيوبية.