هل نحن شعب يحترم تراثه وتاريخه؟ هل نستحق ما تركه لنا السابقون من كنوز معمارية، أثرية عظيمة القيمة؟ الإجابة بكل أسف : لا! فما يحدث في العديد من مزاراتنا الأثرية من إهمال، وإهدار، وسوء استخدام يندي له الجبين، ويعد عارا علي كل مصري. آخر حكاية من تلك الحكايات التي تجسد تلك الجريمة في حق تراثنا، سمعتها من الصديقة فريدة مسلم، من دولة الكويت الشقيقة، وهي واحدة ممن يعشقون تراب مصر، ودائمة الحضور إلي مصر أكثر من مرة كل سنة، وتعتبرها وطنها الثاني. زارت فريدة عددا من المساجد الأثرية الإسلامية، وبهرها المعمار الفريد والزخارف البديعة التي تدعو إلي الفخر والتقدير لمبدعيها الأوائل، من تلك المساجد مسجد الرفاعي، الذي يعد تحفة معمارية نادرة، ويضم في صحنه مقابر أسرة محمد علي، العائلة المالكة المصرية، رفات الملك فاروق الذي أمر الرئيس السادات بنقله إلي مصر حسب وصيته بأن يدفن في بلده، وكانت هذه الوصية مجمدة عندما رفض الرئيس جمال عبد الناصر طلبه، لكن السادات حقق أمنية فاروق، وبذلك نقل رفاته من إيطاليا إلي مسجد الرفاعي بمصر. زارت كذلك مسجد الصالح طلائع، وقالت لي : شعرت بجمال وروعة الأثر الإسلامي الذي أنشئ عام 555 هجرية،1160 ميلادية، لكني حزنت، وملأ قلبي الغضب وأنا أري البدروم في المسجد وقد حوله المارة في الشارع إلي مقلب زبالة ! لا تستطيعين الدخول إلا إذا غاصت قدماك في أكوام القذارة ! لماذا يا أستاذة نوال لا تحافظون علي آثاركم الخالدة؟! هذا حرام! العنكبوت أيضا يتسلق الجدران، والنجف القديم الذي يزين المسجد، والمحزن في الأمر أن السائحين الأجانب يدخلون، ويتجولون في المسجد، وبالتأكيد يستوقفهم كم الاهمال والقذارة التي تحيط بأثر إسلامي عريق، ونفيس، ومن الطبيعي أنهم يتساءلون لماذا يفعل الشعب المصري هذا بآثاره؟ ألا يدرك قيمتها؟ ألا يعرف أنها لو كانت في أي بلد متقدم لاحتفي أهلها بها، وصانوها؟ الحقيقة تملكني الغضب والخجل في آن معا وأنا أسمع القصة المخزية من فريدة مسلم، وهنا أسأل : أين وزير الآثار؟ أين وزيرالأوقاف؟هل هانت علينا آثارنا النفيسة إلي هذا الحد، أم أننا فعلا لا نستحق أن ننتمي إلي هذا التراث العظيم؟ من فضلكما أجيبوني!