الأسبوع الماضي ودعت والدى الى مثواه الأخير فى وداع لم أفكر فى تفاصيل السيناريو الأخير له. فى طفولتى كان والدى فى نظرى البطل الذي يبهرنى دائماً لأنه كان يحقق كل الأمنيات التى احلم بها, فى سنوات الصبا كنت اعامل معامله جيده لأننى ابنه عند ذهابى الى المركز كنت اجد افضل معامله من اصحاب المحلات لأنهم اصدقاء واصحاب له. ودون ان ادرى ورثت عنه اشياء عديده وتعلمت منه الكثير، علمنى ان يكون قلبى عامراً بالحب نحو الغير ولا اتأخر فى مساعدة كل محتاج وان اكون صاحب مواقف فى اللحظات الحاسمة. ومرت سنوات قليلة حببنى والدى رحمة الله عليه فى بلاط صاحبة الجلالة دون ان أدرى، بعد أن عرف اننى متعلق بقراءة الصحف، كان كلما ذهب الى المركز كان يشترى الصحف اليومية الثلاث.فكانت قصة غرامي مع بلاط صاحبة الجلالة وبعد نجاحى فى الثانوية العامة عارضنى الكثير فى ان ادخل قسم الصحافة إلا هو الذى قال توكل على الله، رفض نصائح الآخرين بأن التحق بقسم اللغة الإنجليزية الذى يجد خريجه وظيفه مرقومة فى محافظة سياحية. وعندما جربت طعم الغربة عرفت الحنين الى والدى ومرت سنوات الجامعة وتركت قريتى الجميلة وحملت حقائبى قاصداً القاهرة وانا لا املك سوى دعائه ودعاء والدتى, وبفضل الله ودعاء ابى وامى ومساعدة الأيادى البيضاء لى كان التوفيق يلازمنى فى مشوارى. وعندما اكرمنى الله بإبنى باسم تعلقت به ومنحته كل الحب لحظتها عرفت كم الحب الكامن فى قلب ابى نحوى, عرفت مقدار غلاوتى بعد انجابى لإبنى الذى هو الآن كل حياتى وبدأت اقارن بين ما افعله مع ابنى والذى كان يفعله والدى معى، ساعتها تأكدت ان والدى كان يقدم لى كل شئ من اجل سعادتى فقط. ومرت السنوات وتخطى عمرى النصف قرن وكان دعائى الدائم فى صلاتى ان يطل عمر والدى الذى آخر 10 سنوات منح والدى كل حنانه لأحفاده الذين كانوا اصدقائه وكان صاحب الرأى والشوره لهم. شاهدت ارتباط احفاده به الذين كانوا يفرحون بشهور الصيف للإقامة الدائمة معه وعندما كان يحل عليه المرض كانوا يلازمونه فى المستشفى وكل امانيهم ان يعود سليماً معافياً. وأعترف ولن يغضب اشقائى اننى اعتبر احباء ابنائه الى قلبه ربما اننى الغائب الدائم عن الحياة معه، ورثت عنه العديد كل صفاته الحسنه وكنت اشعر بمقدار غلاوتى عنده من معاملته لإبنى باسم الذى كان يحصل على اكبر رقم فى العيديات التى يوزعها لأحفاده صباح يوم العيد. ولظروف العمل اعترف اننى قصرت فى حقه كثيراً آخر 4 سنوات، سرفتنى الدنيا ومشاغل العمل كان هو الأكثر اتصالاً بى من اجل سماع صوتى والإطمئنان علىَ خلال امتحانات ابنى فى الثانوية العامة العام الماضى كان يتصل بى وبه 3 مرات فى اليوم. فى عيد الأضحى الماضى هزمه المرض واحتار الأطباء ولم اشعر بطعم وحلاوة العيد ولكن منحنى الله فرصة ان ارد شئ من جميله وتحولت الى الممرض الخاص به, وكان لا يريد الأكل ولكنه لأنه يحبنى كان لا يرفض لى طلب. وصباح الخميس الماضى حملت جثمان والدى الى مثواه الأخير وبعد دفنه جلست على قبره اتكلم معه اطلب منه ان يسامحنى رغم كثرة كلامى لم يرد علىَ لأن روحه صعدت الى السماء ولكننى متأكد انه يسمعنى واعلم تماماً انه سوف يسامحنى لأنه يحبنى. رحم الله والدى الذى كانت وفاته سبباً فى مشاعر حب غمرتنى بعد تواصل زملائى فى المؤسسة ووقوفهم بجوارى غير اقاربى واصحابى فى قريتى الذين كانوا معى خلال ايام العزاء. اللهم ارحم والدى، ارجو ان يسامحنى الله ان كنت مقصراً فى حقه، ولكن والدى يعلم مقدارى حبى له.