خلال شهر مارس من العام 1954 شهدت الساحة السياسية المصرية توترًا كبيرًا على إثر محاولة اغتيال جمال عبدالناصر في حادث المنشية الشهير، وكان وقتها الرجل الثاني في تنظيم الضباط الأحرار، ولكنه كان في حقيقة الأمر يسعى لأن يكون الرجل الأول. محاولات عبدالناصر تمثلت في تقليص دور أول رئيس مصري بعد ثورة يوليو 1952 وهو اللواء محمد نجيب، وحجب جميع أخباره وتصريحاته الإعلامية، حتى تم إبعاده عن السلطة تمامًا وتحديد إقامته خارج القاهرة وحرمانه من مباشرة الحقوق السياسية لمدة 10 سنوات. نجيب ظل رهينًا بفيلا المرج، وهي فيلا زينب الوكيل زوجة مصطفى النحاس باشا، لا يزوره أحد بما في ذلك أقاربه وإخوته، وإذا حدث يكون في وجود ضابط بالمخابرات، ولم يخرج إلا عند العدوان الثلاثي على مصر عام 1956؛ حيث تم نقله إلى منفى آخر بمحافظة سوهاج بعد أن أشيع تخطيط الإنجليز لإعادته إلى السلطة بعد هزيمة عبدالناصر. الرئيس الراحل أضرب وقتها عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة التي تلقاها، كما أكد في مذكراته الشخصية، لذلك تم إعادته إلى فيلا المرج ولكن بعد انتهاء الحرب. شائعة وجود علاقة بين نجيب وبين قوات الاحتلال الإنجليزي لم تكن وقت العدوان الثلاثي فقط بل كانت قبل الإطاحة به؛ حيث أشيع أنه سوداني وأن قوات الاحتلال اختارته على رأس السلطة في مصر بدلًا من الضباط الشبان أعضاء مجلس قيادة الثورة، الذين يعادون فكرة التحالفات مع الغرب. ولكن كتاب «الأوراق السرية لمحمد نجيب أول رئيس جمهورية في مصر» للكاتب الصحفي محمد ثروت أكد أن جذوره ترجع إلى قرية النحارية بمركز كفر الزيات- محافظة الغربية، حيث نشأ والده اليوزباشي يوسف نجيب، أما الأم فهي السيدة زهرة محمد عثمان ابنة الأميرالاي محمد عثمان وهو ضابط مصري كبير بالجيش المصري بالسودان، وقد أنجبا ثلاثة أبناء هم: محمد، علي، محمود بالإضافة إلى ست بنات. محمد نجيب ارتبط طبيعيًا بالسودان، حيث عاش به طفولته وصباه وبدأ حياته العملية أيضًا كضابط بالجيش المصري عقب تخرجه في الكلية الحربية بالقاهرة.
