يا أخى سبحان الله! نفس الذين شاركوا فى لجنة صياغة الدستور هم الذين يشاركون فى انتخابات البرلمان! هو الذيل الذى لا ينعدل أبدًا إذن.. المجموعة التى تمثل أحزابا وهمية وتدَّعِى أنها قوى معارضة أو مدنية التى خالفت الإجماع على مقاطعة لجنة الدستور وزعم متزعموها أن المشاركة مهمة وأنهم سينجحون فى إقناع الإخوان والسلفيين بدستور لكل المصريين واستعرضوا على الناس عضلات منفوخة هواءً تافهًا، وقد حشوا أحزابهم الوليدة بما اعتادوا أن يحشوا أحزابهم به دائما بالمخبرين والمدلّسين وضباط المباحث السابقين كأنه داء مولود معهم بولادة أحزابهم، وكانت النتيجة أن بعضهم انسحب من اللجنة بينما تركوا من يبقى دائما منهم على المداود. الآن يكررون نفس اللعبة ويمثّلون الفصل الثانى فى المسرحية حيث يشاركون بهزالهم المعتاد وبمخبريهم ومباحثهم واختياراتهم التافهة فى انتخابات لا يمكن أن تكون إلا مهزلة مضافة إلى مهازلنا منذ 25 يناير. والحجج البليدة المكررة هى نفسها كذلك، أننا يجب أن لا نترك الساحة للإخوان والسلفيين. طيب ما انتم قلتم كده فى الدستور، عملتم إيه بقى يا حيلة الليبرالية وأمل المدنية الخائب؟ ولا أى حاجة، لقد منحوا شرعية للإخوان والسلفيين لصياغة هذا العار الدستورى، وكلما انتفخ واحد من الإخوان وآخرهم مرسى شخصيا ليتحدث عن الدستور فيزعم مستندا إلى مشاركتهم أن الدستور تمت صياغته بالتوافق وأن الذين انسحبوا وقّعوا على وثيقة اتفاق على المواد كلها ما عدا أربعًا فقط عليها الخلاف (طبعا كل هذا كذب، لكن مَن يهتم من الإخوان بالصدق؟). لم ينقذوا الدستور ولن ينقذوا البرلمان، بل هى الرغبة فى دور الكومبارس الناطق الذى يجد نفسه فى أى دور بجوار بطل المسرحية، وستنتهى المسألة كلها بمسخرة جديدة يشارك فيها هؤلاء، حيث سنشهد انسحابهم من جلسات البرلمان احتجاجا على تمرير قانون يرفضونه اسم الله عليهم وعلى خيابتهم، أو يقفون وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان ضد تغوُّل الأغلبية، أو يعتصمون فى البهو الفرعونى اعتراضا على رئيس المجلس. وكل هذا الكلام الفارغ الذى يحترفه العاجزون عن الخيال من أصحاب الضمائر المواربة والممسكون بالعصا من المنتصف. كتب الله على مجموعة من السياسيين المصريين أن يكونوا طول عمرهم منبتِّين.. لا ظهرًا أبقَوا ولا أرضًا قطعوا، يعنى لا هم زعماء أو مناضلون ولا هم فى السلطة، ومدلدلين رجليهم. الحكام يتعاملون معهم كما يتعامل الباشا مع خولى الأنفار.. والناس تتعامل معهم كما يتعامل الأنفار مع كلب السراى. المؤكد أننا سنسمع نُباحًا فى البرلمان القادم إذا جرت فعلا الانتخابات، فلا أحد يعرف بما تجرى به المقادير...
