بكلمات رنانة قال محمد بديع، مرشد الإخوان، إنه يؤيد تكليف «الجنزورى» بتشكيل حكومة إنقاذ.. وبعد مرور 100 يوم فقط أقام المرشد وجماعته وحزبه الدنيا على ذات الحكومة التى اتهمومها بالفشل الذريع فى مهماتها الثلاث: توفير الأمن وتحسين الاقتصاد واسترجاع حق الشهداء، إلى حد التمسك بتشكيل حكومة بديلة من قيادات الأغلبية البرلمانية. وفى طريق ذلك.. لجأت الجماعة إلى إلقاء اللوم على المجلس العسكرى فى تيئيس المواطنين والتشكيك فى وجود نية لتزوير الانتخابات فى ظل هذه الحكومة. بادرة الخلاف وأسبابه يرجعها عدد من المراقبين إلى طمع الجماعة فى الانقضاض على السلطة من كل الجهات، وكانت أحداث بورسعيد ذريعتهم لإظهار الحكومة فى موقف الضعيف بالسخرية من بيان الجنزورى أمام البرلمان، والتهديد بسحب الثقة من حكومته، ولكن مساندة المجلس العسكرى لها زادت من حدة العناد، فضلا عن فوبيا الإخوان من وجود مؤامرة من هذه الحكومة لتسليم الرئيس القادم خزانة عامة خاوية لمفاقمة ورطتهم فى تحسين أحوال البلاد وزيادة نسبة فشلهم المتوقع. وعندما حاول الإخوان الخروج عن الخط المعلن والتراجع عن تأييد الحكومة فور توليها، لوح المجلس العسكرى بتفعيل الإعلان الدستورى وتطبيق مواده على الانتخابات البرلمانية التى أوصلت الإخوان لأغلبية البرلمان، ليتبين أن التهديد بحل البرلمان الذى أثير مؤخراً لم يكن الأول من نوعه ضد الجماعة حيث رضخت الجماعة فى سوابق عديدة. ومن هنا تكررت توصيات مجلس الشعب بسحب الثقة من الحكومة وكان فى مقابلها إصرار غير عادى للرد عليها من جانب الحكومة بعناد لافت، إلى درجة التصريح بأن البرلمان لا يستطيع سحب الثقة من الحكومة وأن من يملك هذا وحده هو المجلس العسكرى. ومع مرور الوقت فشلت الجماعة فى تمكين القيادى الإخوانى خيرت الشاطر من تولى الحكومة فاستخدمته كسلاح أشد ضد المجلس العسكرى الذى يحمى الجنزورى، لتوصيل رسالة مفادها نيتهم السيطرة على البيت الرئاسى وجعل مقاليد الحكم بأيديهم، حتى وصل الأمر إلى المقايضة على سحب الشاطر من السباق الرئاسى فى مقابل سحب الثقة من الحكومة إلا أن الرد جاء سريعا فى اليوم التالى بتصريح فايزة أبو النجا أن لا أحد يملك الإطاحة بالحكومة غير المجلس العسكرى، الذى يريد بقاء الحكومة حتى نهاية الفترة الانتقالية. الحكومة منذ توليها السلطة وهى من سيئ إلى أسوأ ومن فشل إلى آخر وتقوم بتصدير مشاكلها إلى مجلس الشعب مما يحرج المجلس أمام الرأى العام ويظهره فى موقف غير قادر على حل أزمات المواطن الذى وثق فيه ومنحه صوته فى الانتخابات البرلمانية. وساعد هذا الأداء على تشجيع الاخوان على الهجوم وكسب أرض جديدة والطمع فى الرئاسة بخلاف ما قطعت على نفسها من وعود، ويقول النائب ممدوح إسماعيل إن الحكومة تفتقد الرؤية المستقبلية وليس لديها أى خطة تنموية تقدمها بل تتعامل باستهتار وبياناتها أمام البرلمان مجرد بيانات صحفية تتلوها دون فهم الأبعاد السياسية لها، رغم الأزمات الطاحنة واستمرار الفساد والظلم. وحول الانقلاب المفاجئ فى علاقة الجماعة بالحكومة يرى «إسماعيل» أن إشكالية الجماعة الآن أن رؤيتها أصبحت غير منضبطة وكل يوم تتطلع إلى ماهو جديد بعد السيطره على كل شئ فهى متقلبة وتريد أن يسير مزاجنا وفقا لمزاجها وهذا أمر مرفوض، مضيفا: الإخوان يسعون الآن إلى تشكيل حكومة ائتلافيه بدلا من حكومة الجنزورى لتنفذ خططها وأمالها. الباحث السياسى محمد الجوادى يرى أن الحكومة الآن صورة لا قيمة لها، وقال: سبب الخلاف بينها وبين جماعة الإخوان تعود إلى «غباء» الجنزورى السياسى لأنه يتعامل بجفاء ويصمم على إحراج الاغلبية بمجلس الشعب أمام الرأى العام ولا يمنحها الأمل لحل الأزمات، بينما الإخوان منحوا الجنزورى فرصة تصل100 يوم، بجانب الطمع الإخوانى فى السلطة والسيطرة على السلطة التنفيذية إلى جانب البرلمان، موضحا أن القشة التى قصمت ظهر الجماعة يتمثل فى تعيين محمد عطية فى منصب وزير شئون مجلسى الشعب والشورى وعدم مراعاته لرأى الأغلبية، فضلا عن رفع نسبة الضمان الاجتماعى إلى 25% واحراج مجلس الشعب فى حال عدم الوفاء بهذه الزيادة. فيما يرى عمار على حسن الباحث فى الشئون الإسلامية أن التقليد السياسى الطبيعى هو الصراع بين الحكومة والبرلمان بشكل دائم لأن من وظيفة البرلمان مراقبة الحكومة.. وأوضح حسن أن العلاقة بين الإخوان والجنزورى أخذت 3 مراحل: لجأ حزب الحرية والعدالة إلى مساندته وإعلان تأييده، وتطور الأمر إلى مرحلة أخرى وهى الدفاع عنه واحتواؤه أمام المعارضة التى طالبت برحيل حكومته بالكامل، ووصل الأمر فى النهاية إلى حالة خصومة ومواجهه بين الطرفين. وأكد حسن أن اكتشاف جماعة الإخوان وأعضائها بالبرلمان بأنهم لا يملكون أى سلطة للإطاحة بالحكومة واتخاذ أى قرار سيادى مسئول وهو مايهز موقفهم أمام الرأى العام وعدم امتلاكهم لحق سحب الثقة من الحكومة لأن المجلس العسكرى هو وحده له الحق فى ذلك من خلال الإعلان الدستورى وعلى الطرف الآخر فتصرفات الحكومة نابعة من شعورها بالتبعية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو أمر اثار حفيظة أعضاء البرلمان. وأضاف: رفض المجلس العسكرى الرضوخ لرغبة الإخوان فى الإطاحة بالجنزورى فجرت الخصومة بين الجانبين، عقب أحداث بورسعيد فى أول فبراير الماضى تحديدا، فى ظل شكوك الإخوان حول تآمر الحكومة ضدهم ورغبتها فى ترك خزانة الدولة خاوية بعد رحيلها بمجرد تولى الرئيس القادم الحكم، لرفع درجة الحرج التى تواجه الإخوان فى تجربة السلطة والعبور بمصر إلى بر آمن، وهذه الشكوك تصاعدت فى الأسابيع الماضية وأدت إلى رفض كامل للحكومة ورفض جميع بياناتها التى رأتها الجماعة مجرد بيانات بلاغية.. وفى النهاية المجلس العسكرى قادر على إقالة هذه الحكومة إلا أنه يتمسك بها لأنه قادر على التعامل معها وتحقق له أهدافه. بينما وصف كمال الهلباوى القيادى السابق بجماعة الإخوان الخلاف بين الحكومة والبرلمان بالخلاف «الموضوعى» بسبب الأداء السيئ والفاقد للاستراتيجية لدى حكومة الجنزورى رغم أخذ فرصتها الوقتية كاملة، وقال: الحكومة لم تضع خطورة الوضع الاقتصادى فى الاعتبار، وعلى الجانب الآخر فإن البرلمان هدد بسحب الثقة فى البداية دون أن يلتفت إلى أنه لا يملك سندا دستوريا لهذا، كما أن تصلب المجلس العسكرى رأيه بوضعهم فى موقف حرج أدى إلى زيادة العناد بين الطرفين. ويرى الهلباوى أن هذا الصراع سيستمر حتى يكون هناك دستور جديد ورئيس منتخب يوضح اختصاصات الحكومة ويتم اختيارها على هذا الأساس، مشيراً إلى أن كلا من الطرفين يسعيان إلى تحقيق الأفضلية، فالجماعة كان لديها رؤية لم تحققها الحكومة، فاتجهت إلى التفكير فى تشكيل حكومة تحقق أهدافها. وأضاف الهلباوى: البرلمان العاجز عن سحب الثقة من الحكومة كان عليه أن يلجأ إلى الشارع الثائر ضد الاوضاع المتردية، ليحقق هدفه فى الإطاحة بالحكومة كما جرى مع حكومة عصام شرف، فميدان التحرير هو الحل ولكنها لم تستطع مواجهة التغيير المطلوب، مشيراً إلى أن الكتلة الإسلامية أخطأت حينما تخلت عن الاتجاه الثورى وسارت فى الاتجاه الديمقراطى فقط. كتبت: أمانى زكى