قالت «إذاعة راديو فرنسا» إن خطاب الرئيس مرسى، أمام مجلس الشورى، بمناسبة تبنى الدستور الجديد كان «مخيباً لآمال أغلبية المصريين»، فى إشارة إلى ضرورة عدم الانخداع بتصفيق «الأغلبية»، التى وافقت على الدستور، الممثلة فيمن هم تحت خط الفقر. وأشارت «الإذاعة» إلى أن مرسى قد دعا جميع الأحزاب للحوار مستثنياً «جبهة الإنقاذ الوطنى»، واتهم المعارضة، بطريقة ضمنية، بأنها السبب فى الأزمة الاقتصادية. وتابعت «الإذاعة» أن ما يبعث على الإحباط أيضاً هو أن الرئيس لم يذكر «المرأة» أو «الأقباط» فى حديثه عن المساواة، بالإضافة إلى خيبة الأمل الكبيرة لدى الفقراء والعاطلين عن العمل. واستنكرت «الإذاعة» عدم تقديم أى إجراءات ملموسة رغم حديث «مرسى» عن أمره بإجراء تعديل وزارى، فهو لم يتطرق مثلاً إلى زيادة الحد الأدنى للأجور واكتفى بذكر أرقام وحسابات اقتصادية «غير معقولة» أحياناً. وتعجبت «الإذاعة» من تصريح «مرسى» بأن السياحة قد شهدت نمواً «ملحوظاً» فى حين أن ثلاثة أرباع الفنادق فى القاهرة غير مشغولة. من ناحية أخرى قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فى تعليقها على خطاب «مرسى» إنه فى كلماته شديدة اللهجة بدا كأنه يبعث رسالة بالأساس إلى المعارضة العلمانية والليبرالية كى لا تشارك فى أى احتجاجات جديدة، فالاضطرابات تمثل تهديداً لأولوية إعادة بناء الدولة. وأضافت أن «مرسى» بدا كأنه يوبخ المعارضة حين قال: «يجب أن ندرك احتياجات اللحظة والعمل فقط من خلال الديمقراطية الناضجة مع تجنب العنف، هل لنا أن نعرف جميعاً مصلحة الأمة، هل أحد منا سيكون سعيداً إذا أفلست؟». نشرت مجلة «فورين بوليسى» العالمية مقالاً كتبه «مارك لينش» معلقاً على الوضع الحالى فى مصر، حيث شبه مارك الإخوان وما يفعلونه الآن بلعبة «Calvin ball»، (وهى لعبة مشهورة عالمياً، ويكمن سبب شهرتها فى أنها ليس بها أى قواعد أو ضوابط واضحة، بل إن اللاعب هو الذى يحدد القاعدة التى يريدها أثناء اللعب ويدفع مقابل ذلك مبلغاً من المال). وصف لينش تمرير الدستور بأنه عملية بها خلل عميق، وقال إن «الأزمة المصرية تدخل فى مرحلة جديدة الآن مما يعطينا الفرصة للرجوع للوراء والبعد عن التكهنات والاتهامات المتبادلة وتحليل الأحداث بشكل منطقى». «ما يحدث فى مصر الآن ليس مجرد أزمة أخلاقية أو صراع بين الخير والشر بل هو «خطة مدبرة للإسلاميين»، فقد لعب الإخوان فى مصر أسوأ لعبة «Calvin ball» سياسية قاسية، ومثّل الإخوان «مسرحية سياسية متقنة» وأثبتوا أنهم دهاة فى سياسة الاستقطاب، خاصة مع عدم وجود قواعد واضحة تحكم اللعبة أو مؤسسات مستقرة، فبإمكانهم صنع القاعدة التى يريدونها والتفلت من المساءلة بسبب انعدام الثقة حالياً فى الشارع المصرى والمعلومات المنقوصة التى يصروا على أن يوجهوها للمصريين». ولكن رغم سوء الأسابيع الماضية فى مصر ورغم القرارات الخاطئة التى تم اتخاذها من كل الفصائل والتى أثبتت سوء إدارة المرحلة الانتقالية، والذعر الذى اجتاح المجتمع المصرى على حد قول لينش، فإنه متفائل بعض الشىء بأن مصر لا يزال أمامها فرصة لتدبر أمرها والانتهاء فى المكان الذى تستحقه هذا العام. وأشار إلى أن الوضع الانتقالى فى مصر الآن «فوضوى» وأقرب ل«فيلم الرعب» منه إلى أى شىء آخر.. «ولكن تخيل معى الوضع الآن، فهناك رئيس منتخب ولكن قوته تضعف يوماً بعد يوم، والإخوان المسلمون مسيطرون على الحكم ولكنهم لا يستطيعون إغفال دور المعارضة التى لا تغمض عينها عن أى فعل للرئاسة. وهذا ما يقرب مصر من رؤيتى المتفائلة». ويرى لينش أن جوهر المشكلة فى مصر هو الفراغ المؤسسى وعدم وجود قواعد تحكم المشهد السياسى الحالى. وقال إن «وجود دستور للبلاد، حتى وإن لم يكن مثالياً وضامناً لكل الحقوق، له بالتأكيد بعض النتائج الإيجابية. فلأول مرة منذ اندلاع الثورة فى مصر سيكون هناك قواعد تحكم اللعبة السياسية وتنظمها».. فالفراغ فى مؤسسات السلطة كان دائماً مصدر خوف للمصريين من هيمنة الإسلامين على السلطة، وهذا الخوف كانت تغذيه التحركات المتهورة والخطابة من مجموعة واسعة من الشخصيات الإسلامية من الإخوان وغيرهم، فمرسى كان من الممكن أن يدعى السلطة المطلقة بسبب عدم وجود دستور يحكم البلاد، ولكن الآن ستبقى عيون العالم كله ليس فقط معارضوه مفتحة على ما يتخذه من أفعال أو قرارات بموجب الدستور. وبالنظر إلى سياسات مرسى السابقة نجد أنه حتى عندما كان يريد الانفراد بالسلطة المطلقة، لم يستطع ذلك، وسرعان ما رجع فى قراره بسبب الضغط الشعبى وهو ما أثبت قلة حكمته فى اتخاذ قراراته، فالمعارضة الآن فى مصر أكثر اتحاداً والإخوان جعلوا الشارع المصرى كله فى تناغم ضدهم، «لذلك ينبع تفاؤلى من إيمانى بأن المعارضة لن تتركه يتصرف بدكتاتورية أبداً بعد الآن». وأضاف أنه «يتمنى ألا تقاطع المعارضة انتخابات البرلمان الجديد، لأنه يمكن لاكتساح الإسلاميين فى البرلمان السماح لبعض التجاوزات التشريعية المقلقة على الحريات الشخصية والحقوق المدنية».. «وعلى المعارضة أن تستفيد من الطاقة السلبية ضد الإخوان ووحدة الصفوف المكتشفة حديثاً ضدهم ومشاعر الكراهية تجاه الجماعة للمنافسة بفعالية فى الانتخابات البرلمانية القادمة». وأنهى لينش مقاله قائلاً: «إن الأحداث الجديدة كشفت عن «الطبيعة الحقيقية» للإخوان المسلمين، فالسنوات التى قضتها الجماعة فى المعارضة لم تهيئها للعمل السياسى» وإن «الإقبال الضعيف فى الاستفتاء على الدستور يشير إلى أن الإخوان سيعاقبون فى صناديق الاقتراع فى الانتخابات البرلمانية القادمة، لهذا يجب أن تستغل المعارضة هذه النقطة».