اخبار مصر أعلنت دعوة أهل السنة والجماعة قبولها للدستور الجديد، داعية الشعب للموافقة عليه شرعا وجاء نص البيان "تعلن دعوة أهل السنة والجماعة على طريق إحياء الأمة أنها تنظر إلى الدستور الحالي من نواحي متعددة" منها.. أولا: تعلن الدعوة عن تمسكها بما تمليه عليها عقيدة الإسلام من صرف حق التشريع لله تعالى بلا شريك، وأنه أحد أركان توحيد العبادة الذي لا يصح الإسلام إلا به، وأن قبول شرع الله ورفض ما سواه هو قاعدة العبودية لله تعالى، وأن أي دستور لا يتضمن صرف حق التشريع لله تعالى وحده ورده إليه دون ما سواه، ولا يتضمن إبطال أي حكم يخالف شريعة الله تعالى فهو من هذه الناحية باطل، وما أضيف في الدستور من وضع شريعة الله لم يرق إلى إفراد الله تعالى بحق التشريع ولم يرق إلى أن تكون الشريعة ملزمة فلم يحدث تغير في درجة إلزام الشريعة، ولذا فنحن نتحفظ على الدستور من هذه الناحية. ثانيا: من ناحية الحقوق والحريات فالدستور الحالي يتضمن جملة مهمة تمثل نقلة وضمانة للحريات والحقوق، وهي على الأقل توفر حرية الدعوة وتوفر حقوقا أساسية للإنسان المصري حُرم منها عقودا طويلة وكافح لينالها. وتضمن أيضا جملا مهمة لضمان نهضة البلاد في الفترة الانتقالية الحرجة التي تمر بها بما يسمح أن يكون أساسا مناسبا للتنمية والخروج من المعضلات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الأمة. ثالثا: من ناحية نظام الحكم تضمن توازنا جيدا بين السلطات بما لا يسمح بتغول السلطة بعد هذه الفترة الطويلة من الاستبداد. وهذا لا ينفي خلوه من بعض التحفظات، كما أنه أبدى قدرا من الاحترام للدين ولدوره واحترام القيم الدينية في الأسرة والمجتمع، وإن كان أقل من المسودة المعروضة أولا بسبب ضغوط العلمانيين. رابعا: استجدت أحداث وظروف جديدة فرضت على الشعب المصري الخيار بين قبول هذا الدستور وبين الفوضى وانهيار المؤسسات وانقسام البلاد، بسبب ضعف الوعي بالمنهج الرباني الذي يحكم الحياة ومدى لزومه للأمة على وجه جماعي عام، كما أن هناك خللا في استقرار البلاد وتآمرا واستهتارا بأمنها في سبيل أغراض شخصية ضيقة، واستعداء الإعلام على المشروع الإسلامي بل وعلى مستقبل البلاد واستقرارها بطريقة فجة متخطيا كل الحدود المهنية والأخلاقية. كما أن البلاد في حالة من فراغ القوة وافتقاد التنمية بما يُخشى معه من الانهيار، ويخشى أن تكون الفترة التي ستمر في حالة التصويت بالرفض لمشروع الدستور أو تعطيل الاستفتاء عليه، لا يؤمن فيها على البلاد من تلاعب أطراف عديدة لتمزيق البلاد فلا يبقى أمامنا كيان الدولة الذي يحفظ الحرمات من الدماء والأموال والأعراض. ولا بد للمشروع الإسلامي من استهداف الأمرين معا: بناء قوة الدولة مع وضوح المشروع الإسلامي، والقدرة على التطبيق الصحيح المعاصر. وتمالأ العلمانيون والليبراليون لمعاداة مشروع الدستور لما أبداه من احترام قيم هذا الدين وما نص عليه من الانتماء العربي والإسلامي بل والنص على مذهب أهل السنة فيه والإشارة إلى القواعد والأحكام، وإن كانت هذه الأمور لم ترق لمستوى إفراد الله تعالى بحق التشريع ولم ترق إلى مستوى إلزامية الشريعة وأحكامها في المجتمع، ولكن العلمانيون تكاتفوا من أجل رفضها معاداة لهذا الدين برغم ما يكذبون في شأن احترامه، ودفعهم هذا العداء إلى المقامرة بمستقبل البلاد وأمنها ووحدتها. خامسا: من أجل ما تضمنه الدستور.. من احترام لقيم الدين، وإعطائه الحريات والحقوق التي تفتح المجال للعمل الإسلامي وتعطي احترام أكبر لحقوق الإنسان، ولغلق الطريق أمام تكتل قوى علمانية كثيرة وأطراف مشكوك في علاقاتها الداخلية والخارجية من أجل الوصول إلى انهيار البلاد وإدخالها في حالة فوضى يفترضون فيها أن يملأها العسكر مرة ثانية ليمنع المشروع الإسلامي بالقوة أو لتتمزق البلاد بين قوى داخلية متآمرة أو قوى حمقاء أو تربص خارجي بسيناء لإنهاء الدولة المصرية قلب العروبة والإسلام. سادسا: لهذه الاعتبارات فإن الدعوة تعلن عن ضرورة نجاح هذا الدستور والتصويت عليه بالموافقة، وهي اعتبارات خادمة للمشروع الإسلامي ومشروع التنمية لبلادنا، وهو المشروع الذي نتمسك به، ونهب له عمرنا، ولا نقبل سواه، ونرفض ما يعارضه أو يعطله.. كما نؤيد ما يخدم هذا المشروع من باب السياسة الشرعية. سابعا: ينبغي أن يُعلم جيدا أن الموافقة على مشروع الدستور لا تعني قبول كل ما فيه مما يتعارض مع قضية التشريع والولاء، بل وما يتعارض مع رؤيتنا للنظام السياسي الإسلامي في العصر الحديث. ثامنا: ندعو جموع الأمة إلى المشاركة في الاستفتاء والموافقة على مشروع الدستور بما يخدم صالح البلاد ويخدم قضية هذا الدين من باب السياسة الشرعية، وهو أمر واجب خادم لقضية الإسلام ومشروعه، والتفريط فيه يعود بالوبال على الحركة الإسلامية وعلى شعب مصر بأكمله، مع احتفاظنا بالمفهوم العقدي الإسلامي وما يمليه وما يخدمه.