نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم، مقالا للدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، حذر فيه من حالة الاستقطاب السياسي التي تشهدها مصر مؤخرا، بسبب مسودة الدستور الجديد المقرر التصويت عليها في 15 ديسمبر المقبل، والصدام الحاد بين جماعة الإخوان المسلمين والقوى الليبرالية. وتساءل البرادعي، في مقاله، عما أخطأت فيه الثورة المصرية، قائلا: "ما الخطأ فيما حدث؟ الجيش، الذي سعى للحفاظ على امتيازاته التي حصل عليها وتفادى أي ملاحقات قضائية، أفشل المرحلة الانتقالية التالية للثورة. وسمح للإخوان المسلمين، الذين حرصوا على استغلال عمر جماعتهم وتنظيمهم الذي وصل إلى 80 عاما، بالسيطرة على الانتخابات البرلمانية، فكان انتصار الإسلاميين أكبر بكثير من قوتهم على أرض الواقع". وقال البرادعي: "هل يكون هذا هو أفضل ما يمكننا فعله بعد أكثر من 23 شهرا من الصراع من أجل الديمقراطية في مصر؟ هل تكون النهاية رئيس يسعى لسلطات ديكتاتورية؟"، مشيرا إلى أن مسودة الدستور تم "ترقيعها" على عجل دون الحفاظ على أبسط الحقوق الخاصة بالنساء والأقباط والمصريين بشكل عام. وأكد البرادعي في خلال مقاله، أن ضربة سياسية أخرى تلت قرار المحكمة الدستورية بحل البرلمان بعد مراجعة القوانين الخاصة بإعلان فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية، حيث سعى المجلس العسكري إلى الصراع على القوى المطلقة، إلا أن الرئيس استطاع تفادي اللكمة القاضية، من خلال انقلاب "ناعم" على جنرالات المجلس العسكري من خلال إضافة السلطة التشريعية إلى دوره التنفيذي. وتابع وكيل مؤسسي حزب الدستور: "كان الإعلان الدستوري الأخير لمرسي، بمثابة تحييد للسلطة القضائية ومنع لأي مراجعة أو طعن لقراراته"، مؤكدا أن سلطات الرئيس محمد مرسي حاليا، تخطت سلطات الرئيس السابق حسني مبارك في ذروة ديكتاتوريته. وفي هذه الأثناء، اكتظت الجمعية التأسيسية للدستور بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، حيث كانوا جنبا إلى جنب الإسلاميين، مسؤولون عن كتابة الدستور الجديد. واحتجاجا على ذلك، انسحب ممثلو الأحزاب الليبرالية والأقليات ومنظمات المجتمع المدني من الجمعية التأسيسية، وأصدرت الجمعية بعدها مشروعا يخرق كافة الحريات الدينية وحرية التعبير، وفشلت في فحص وإعادة النظر في السلطات التنفيذية للرئيس. وأضاف البرادعي: "لهذا نحن نحتشد في ميدان التحرير، الوضع متقلب، فمصر مقسمة بين الإسلاميين وبقية الدولة، والباب مفتوح للسيناريوهات المختلفة مثل التدخل العسكري، أو ثورة فقراء، أو حتى حرب أهلية. والخوف يسيطر على أغلبية المصريين، الذين يرغبون في ديمقراطية حقيقية بدلا من الدولة الثيوقراطية. دخل القضاة في إضراب. وعزم شباب الثورة الذين قدموا التضحيات على رفض استبدال الديكتاتورية العلمانية بالطغيان الديني. كان صراعهم، ومازال، من أجل الحرية والكرامة للشعب المصري". وحذر البرادعي من أن أربع قنابل موقوتة تحيط بالبلاد حاليا، أولها هو تصدع الاقتصاد المصري، والثانية فرض النظام والقانون في الشارع المصري وتأثير السياحة والاستثمارات الأجنبية، والثالثة.. السيطرة على شمال سيناء وتحولها لأرض معارك مهددة من قبل الجماعات الإرهابية والجهادية الآتية من أفغانستان، ورابعها الصخب المصاحب لمسودة الدستور الجديد. وأكد البرادعي أن جميع الأحزاب السياسية غير الإسلامية تقريبا تحالفت واتحدت على هدف واحد، هو خلاص الجبهة القومية، داعيا الرئيس مرسي إلى إلغاء إعلانه الدستوري الأخير الذي أدانته الأممالمتحدة، والعديد من الحكومات ومجموعات حقوق الإنسان الدولية. كما دعا الإخوان المسلمين للبدء في حوار مع كافة الأحزاب السياسية في مصر بشأن كيفية التعامل مع التحديات الصعبة التي تواجه مصر، والموافقة على تأسيس جمعية جديدة لكتابة الدستور تحظى بتوافق يليق بالديمقراطية، وإلا ستكون مصر في طريقها إلى مياه "ضحلة".