«أرنى ما الجديد الذى جاء به (النبى) محمد؟ لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية، مثل أمره بنشر الدين الذى كان يبشر به بحد السيف» كلمات استدعاها بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر خلال زيارته إلى مسقط رأسه فى ألمانيا عام 2006، بعد أشهر من اعتلائه الكرسى البابوى، من حوار دار بين إمبراطور بيزنطى و«فارسى مثقف» فى القرن الرابع عشر لتفتح جرحاً لدى مسلمى العالم لم يندمل ألمه إلى الآن رغم جهود البابا وكرديناله جان - لوى توران مسئول الحوار بين الأديان فى الفاتيكان المهدئة والمناديه بضرورة التعايش بين الأديان السماوية. هذه التصريحات لم تستطِع الحفاظ على النجاح الذى حققه سابقه على الكرسى البابوى البابا الراحل، يوحنا بولس الثانى، فى إقامة علاقات ثقة واحترام مع الديانات الأخرى حول العالم مما أكسبه شعبية جارفة بين صفوف معتنقيها. ويبحث اليوم البابا بندكت السادس عشر عن فتح صفحة جديدة مع البلدان العربية بتوقف طائرته فى محطة لبنان فى زيارة مؤجلة هى الأولى من نوعها تحمل اسم «السلام أعطيكم». إنه البابا الخامس والستون بعد المائتين يعتلى الكرسى البابوى فى الكنيسة الكاثوليكية، ولد باسم جوزيف راتزنجر فى ماركتل بألمانيا، فى 16 أبريل 1927، انتخب لمنصب البابوية عن عمر 78 عاماً فى 19 أبريل 2005، ليكون بذلك البابا الأكبر سناً منذ البابا كلمنت الثانى عشر عام 1730، كما أنه البابا الألمانى التاسع الذى يتولى هذا المنصب فى الفاتيكان. درس بندكت السادس عشر اللاهوت والفلسفة عام 1947، وحاضر فى عدة جامعات ألمانية أبرزها جامعة ريجينسبرج، وأصبح كاهناً عام 1951، ثم رئيس أساقفة ميونيخ، فكاردينالاً عام 1977، ولاحقاً فى عام 1981 انتقل إلى روما ليترأس مجمع العقيدة والإيمان فى الفاتيكان الذى يعتبر من أهم المؤسسات فى الكنيسة الكاثوليكية، والذى ظل على رأسه حتى انتخابه بابا عام 2005. وكسابقه البابا يوحنا بولس الثانى، يعتبر بندكت السادس عشر من المحافظين فى الكنيسة الكاثوليكية فى تعليمه اللاهوتى والاجتماعى، وقد كتب قبل انتخابه عدداً كبيراً من المؤلفات فى شرح العقائد الكاثوليكية والقيم المسيحية، ويرى البابا أن الابتعاد عن الله وفقدان المبادئ الأخلاقية هما المشكلة الأساسية فى القرن الحادى والعشرين. يتقن البابا بندكت السادس عشر عدداً من اللغات أبرزها الألمانية والإيطالية والفرنسية ويجيد العزف بالبيانو ويفضل المواد العلمية وبخاصة العلوم الإنسانية. يعتبر الكثيرون زيارة البابا إلى لبنان بمثابة الزيارة الخارجية الأصعب خلال فترة ترؤسه الكنيسة الكاثوليكية إذ تأتى فى وقت تشهد فيه سوريا نزاعاً دامياً خلَّف الآلاف من الضحايا، كما أنها تأتى وسط موجة غضب عارمة تجتاح العديد من البلدان العربية والإسلامية على خلفية الفيلم الأمريكى المسىء إلى الرسول (محمد) صلى الله عليه وسلم، لكن هل ينجح البابا فى تحقيق الهدف الأسمى من زيارته وهو السلام.