صدام وشيك بين الفاتيكان واليهود بعد إحراق الإنجيل في إسرائيل محيط - وكالات نسخ الإنجيل أثناء إحراقها في إسرائيل عواصم: بدأت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في إجراء تحقيق موسع على خلفية قيام يهود إسرائيليين بإحراق المئات من نسخ الإنجيل وهو الكتاب المقدس عند المسيحيين، ردا على حملات التنصير التي تجتاح الأحياء الفقيرة في الدولة العبرية. وجاء حرق نسخ الإنجيل بعد أيام قليلة من دعوة بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر، إلى ضم كل البشر للمسيحية واصفا هذا الأمر ب "الواجب" و"الحق الثابت". وذكرت تقارير صحفية إن عوزي اهارون مساعد رئيس بلدة اور يهودا القريبة من تل أبيب والعضو في حزب شاس الديني المتشدد أحرق نسخا من "العهد الجديد" أمام المئات من طلبة مدرسة دينية يهودية في البلدة. وقال المتحدث باسم وزارة العدل الإسرائيلية موشيه كوهين إن "مدعي عام الدولة مناحم مزوز طلب من الشرطة التحقيق في الواقعة باعتبارها مساسا بالمشاعر الدينية". وجرى إحراق نسخ الإنجيل يوم الخميس الماضي في ساحة كنيس "مصلاوي" اليهودي في حي "نافيه رابين" في البلدة. وبالإضافة إلى اهارون، فقد شارك مئات الطلاب من المعهد الديني المتشدد "رسالة من الياهو" في جلب وإحراق الإنجيل، حيث أقاموا احتفالا حول "الكتب المقدسة" المحترقة. وردا على سؤال لصحيفة "معاريف" العبرية التي كشفت القضية، برر مساعد رئيس البلدية حرق نسخ الإنجيل مؤكدا انه جاء ردا على حملات التنصير التي تنتشر في الضاحية الفقيرة لتل أبيب. وقال اهارون، إن المبشرين المسيحيين دخلوا أحد أحياء هذه البلدة التي يغلب على سكانها البالغ عددهم 34 ألف نسمة التدين، وقاموا بتوزيع مئات من نسخ العهد الجديد ومواد تبشيرية أخرى. وقام اهارون بجولة في المنطقة فور وصول شكاوى المواطنين، واستخدم مكبرات الصوت لحث السكان على إعادة نسخ الإنجيل والمواد الأخرى المصاحبة لها إلى الطلاب اليهود الذين جابوا المنطقة بيتا بيتا لجمعها, بعدها تم تكديس هذه الكتب في ساحة كنيس يهودي وأضرمت فيها النيران. وقالت "معاريف"، إن عددا كبيرا من الطلاب اليهود شاركوا في عملية حرق هذه الكتب, لكن آهارون الذي نفى حضوره هذه العملية, قال إنه لم يحضرها سوى عدد قليل من الطلبة, مشيرا إلى أن الكتب التي تمت مصادرتها لم تحرق كلها وإنما مئات منها فقط. في غضون ذلك، طالب كالي مايرز محامي الطائفة اليهودية التي ترى في المسيح مخلصا لها، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية بأن تتم محاكمة كل الذين شاركوا في عملية الحرق، مشيرا إلى أن الطائفة التي يمثلها والمعروفة أيضا باليهود من أجل المسيح يبلغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف شخص. ويرى محللون إن هذه القضية سوف تمثل إحراجا للحكومة الإسرائيلية، خاصة أنها تذكر بما قام به النازيون من حرق لأكوام كبيرة من الكتب اليهودية أثناء ما يسمى "محرقة الحرب العالمية الثانية". ويبلغ عدد المسيحيين في إسرائيل 148 ألف نسمة، ويشكلون 2.1% من مجمل سكان الدولة البالغ 7 ملايين نسمة، غالبيتهم (81%) عرب، بينما يتواجد بها 28 ألف مسيحي أجنبي أتوا إلى البلاد وفق قانون العودة. دعوة لتنصير كل البشر كان بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر، دعا مجددا في وقت سابق من هذا الشهر إلى ضم كل البشر للمسيحية واصفا هذا الأمر ب "الواجب" و"الحق الثابت". وقال البابا خلال لقاء مع المجلس الأعلى للأعمال البابوية الرسولية أن الطابع المركزي لرسالة الكنيسة الكاثوليكية يكمن في رسالة التبشير بالانجيل. ونقل الموقع الالكتروني لاذاعة الفاتيكان عن البابا قوله: "إن الدعوة إلى تلمذة كل الأمم المنقولة عن يسوع في الإنجيل لا تزال تشكل مهمة إلزامية بالنسبة إلى كل الكنيسة وبالنسبة إلى كل مؤمن بالمسيح". وأضاف "هذا التعهد الرسولي هو واجب وأيضا حق ثابت وتعبير عن الحرية الدينية بأبعادها الأخلاقية والاجتماعية والسياسية". وليست هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها بابا الفاتيكان صراحة إلى التنصير، فقد سبق ونشر الفاتيكان في شهر ديسمبر الماضي وثيقة أطلق عليها "حق الكنيسة الكاثوليكية في نشر رسالتها التبشيرية" بين غير المسيحيين وأصحاب المذاهب المسيحية الأخرى، ودعا لبذل الجهد في سبيلها حتى الموت. وأعتبر الفاتيكان أن الوثيقة "ضرورية لكي تواجه الأفكار التي تحاول إقناع الآخرين بأن اعتناق المسيحية أو الكاثوليكية يقلل من حريتهم". وقالت الوثيقة الموقعة من البابا بيندكت السادس عشر: "هناك حالة من الارتباك المتزايدة التي دعت الكثيرين للتخلي عن العمل التبشيري".
وكتبت الوثيقة من قبل مجلس الفاتيكان للمبادئ الدينية الذي يترأسه البابا بنديكت السادس عشر منذ توليه كرسي البابوية في عام 2005. وتدعو الوثيقة أيضًا المسيحيين غير الكاثوليك إلى تحويل مذهبهم إلى الكاثوليكية قالت: إن "عالم الإنجيل" يحتاج لتجنب الضغط في نشر رسالته.
وذكّر الفاتيكان في وثيقته المسيحيين بأن "المسيحية دائمًا متداخلة مع تنصير غير المسيحيين حتى لو كان الثمن هو الشهادة" على حد تعبيره العلاقة بين الكنيسة واليهود بابا الفاتيكان كانت نظرة الكنيسة لليهودية على مدار القرون الماضية على أنها دين الماضي، فهي لم تعد شريعة سارية بعد أن نسخها العهد الجديد. كما اتهمت الكنيسة اليهود بأنهم قتلة المسيح؛ وهو ما جعل الأرض ممهدة لكراهية اليهود. كما استمر توتر العلاقات بين الفاتيكان وإسرائيل منذ الحقبة النازية حتى حلول عام 1994 عندما أقيمت علاقات دبلوماسية بين البلدين، إلا أن الفاتيكان أصر على رأيه بأن سيطرة اليهود على القدس أمر غير أخلاقي وغير قانوني، وهو الموقف الذي يصعب التخلي عنه في ظل رعاية الفاتيكان للمسيحيين العرب هناك. ولكن بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثاني، وفي خطوة تاريخية لم يكن يحلم بها اليهود، اعترف عام 2000 بذنب الكنيسة تجاه معتنقي الديانة اليهودية في العالم، وطلب صفحهم عن كل ما حاق بهم من آلام على مدار القرون الماضية، لكنه لم يحمل الباباوات السابقين مسئولية توسيع رقعة الفكر النازي والهولوكست ومعاداة السامية. وفي أغسطس 2005 أثبت البابا بنيديكت ال 16 أنه يسير على خطى سلفه في التقرب من اليهود، حيث دخل للمرة الأولى في تاريخ البابوية معبدا يهوديا داخل ألمانيا، معقل النازية. ولم تكن مصادفة أن ذلك اليوم كان يوم إحياء ذكرى مقتل يهود مدينة كولونيا في فترة النازي. وأطلق الإعلام الألماني حينئذ على بنديكت لقب "البابا الثاني لليهود". فقد وصف يوحنا بأنه بابا اليهود بسبب تعاطفه معهم وكذلك بنديكت. كما وصف دادفيد روزين رئيس اللجنة الدولية للعلاقات الدينية مع اليهود الأمريكيين أن اعتلاءه كرسي البابوية سيكون عاملا مؤثرا في مكافحة معاداة السامية ومخاطرها، وكذلك في العفو بين اليهود والكاثوليك. وأن العلاقة بين اليهود والكنيسة ستمر بوقت لم تشهده من قبل. وعادت العلاقات الكاثوليكية اليهودية للتوتر مجددا في فبراير الماضي، عندما نشر الفاتيكان صلاة جديدة لقداس الجمعة الحزينة في الشعيرة اللاتينية القديمة التي تدعو الى تحول اليهود. واصدر الفاتيكان بيانا قال ان النص"لا يهدف بأي حال للاشارة الى تغيير في احترام الكنيسة الكاثوليكية لليهود." وجاء في البيان الذي أقره بنديكت السادس عشر وصاغ جزءًا منه بحسب ما أكدته مصادر بالفاتيكان: "إن علاقات الكنيسة مع اليهود لا تزال تستند إلى البيان التاريخي لمجمع الفاتيكان الثاني عام 1965 الذي نبذ مفهوم المسئولية الجماعية لليهود عن دم المسيح ودشن حوارًا معهم. وأضاف أن الكنيسة "ترفض أي موقف ازدراء أو تمييز ضد اليهود.. وتنبذ بشدة أي نوع من معاداة السامية". وقالت مصادر كاثوليكية ويهودية: إن البيان سُلّم إلى أمانة مكتب كبير حاخامات إسرائيل. وقال الفاتيكان: "إنه يأمل أن تساعد التوضيحات التي وردت في هذا البيان على تصفية أي سوء فهم. إنه يجدد التأكيد على رغبة لا تتزعزع في أن يستمر تطور التقدم الملموس الذي تحقق بخصوص التفاهم المتبادل ونمو الاحترام بين اليهود والمسيحيين". وتقول الصلاة والتي انتقدها زعماء اليهود: "اللهم سلّم اليهود من ظلامهم واجعل لهم دليلا في عماهم"، كما أسقط الفاتيكان عبارة تطلب من الله أن "يزيل الحجاب عن قلوبهم". ويحتفل المسيحيون بيوم الجمعة الحزينة سنويًّا، حيث يعتقدون أن اليهود قاموا بصلب المسيح في هذا اليوم، ويتم الاحتفال به في يوم الجمعة الذي يسبق عيد الفصح مباشرة. اعتذار وتنازلات وبعد بيان الفاتيكان وعودة الهدوء مر جديدة للعلاقات بين اليهود والكنيسة، استقبل بندكت بحفاوة كبيرة عند زيارته معبد يهودي بنيويورك الشهر الماضي جاءت خلال زيارة قام بها للولايات المتحدة. وهذه الزيارة التي قام بها البابا عشية عيد الفصح اليهودي هي ثالث زيارة يقوم بها بابا لمعبد يهودي. وزار بنديكت معبدا في كولونيا بألمانيا عام 2005 وقام سلفه البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة معبد روما في عام 1986. وقال البابا المولود في المانيا "انه من دواعي سروري ان اتي الى هنا قبل بضع ساعات من الاحتفال بعيد الفصح عندكم لأعرب عن احترامي وتبجيلي للطائفة اليهودية في مدينة نيويورك. إقرأ أيضا بابا الفاتيكان يجدد دعوته إلى تنصير كل البشر بابا الفاتيكان يشكر الرب لامتلاك اليهود أرض أجدادهم