لا ينتهي الحديث أبدا.. عن ضربة عسكرية ربما ستوجهها إسرائيل أو الولاياتالمتحدة أو الاثنان معا إلى المفاعلات النووية الإيرانية، المفترض أنها ستنتج خلال سنوات معدودة سلاحا نوويا. ولكن كل فريق يضع حسابات دقيقة لكل خطوة.. وفيما يقدمان على خطوة يتراجعان خطوات جديدة. ولكن من وراء الغرف، تدار رحى حرب في اتجاه آخر هي حرب الفيروسات.. أو ما يمكن أن يطلق عليه الحرب الإلكترونية، التي ربما تلغي صور الحرب التقليدية المعتادة. وقالت صحيفة "الشرق الاوسط" إنه قبل فترة قصيرة نشرت اعترافات لمسئولين استخباراتيين أمريكيين، لم تذكر أسماؤهم، بأن الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وراء إنتاج آخر أنواع الفيروسات العملاقة وهو فيروس «فليم» (اللهب) الذي اشتكت إيران، ودول أخرى، بأنه تغلغل في أجهزتها الإلكترونية، خاصة في المفاعلات النووية. وفي الوقت نفسه، رفضت أي جهات رسمية أمريكية تأكيد ذلك. وكانت أخبار قد قالت أيضا إن الفيروس نوع جديد قادر على دخول الكمبيوترات وينصب نفسه جاسوسا، ويلتقط الصور والرسائل وحتى الأصوات، ويرسلها إلى مراكز المراقبة. وقال المسئولون إن وراء الفيروس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ووكالة الأمن الوطني الأمريكية (إن سي إيه) والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. مسئول سابق في «سي آي إيه»، أيضا طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته السابقة قال «هذا الاعتراف، على الرغم من أنه لم يصدر في صورة بيان رسمي، هو أول دليل على أن الحكومة الأميركية دخلت في حرب فيروسات ضد عدو مجهول. هذا الاعتراف مؤشر لنوع جديدة من الحروب». إيران التي اعترفت بوجود الفيروس، عادت لتؤكد أنها أنتجت نوعا مضادا، يمكن تصديره إلى أميركا والغرب. هذه تبدو البدايات ولكن متابعون يرون أن الأمر لن بتوقف عند حد.. فمن خلال غرف ضيقة من أحد المنازل في أفريقيا أو آسيا أو أوروبا يمكن أن تدار حروب، قد تكون أكثر فتكا مما تفعله جيوش جرارة. فهل تشهد السنوات المقبلة تغيرا في خارطة القوى.. بتطور تقنيات الفيروسات الفتاكة؟ الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر له رأي نشره في صحيفة «نيويورك تايمز» انتقد فيه الرئيس باراك أوباما في موضوعين: الأول: طائرات «درون» (من دون طيار) التي تستعملها الولاياتالمتحدة في أفغانستان، وباكستان، واليمن، والصومال. والثاني: فيروس «فليم». ووصف كارتر هذين النوعين الجديدين من الأسلحة الأميركية بأنهما «خطوة في اتجاه غريب على المبادئ الأخلاقية التي أسست عليها الولاياتالمتحدة». وقال إنهما يخرقان التزامات الولاياتالمتحدة بمواثيق حقوق الإنسان، والحروب، وحماية المدنيين. تقول شركة «سمانتيك» للفيروسات والفيروسات المضادة من مقرها الرئيسي في ماونتين فيو (ولاية كاليفورنيا)، إنها طورت فيروسات مضادة تتولى توزيعها على زبائنها. كما أشارت إلى أنها تقوم بإعطاء أوامر إلى فيروس «فليم» بأن يدمر نفسه. وقال خبراء كومبيوتر في الولاياتالمتحدة، وروسيا، وشرق أوروبا، ودول أخرى، إن فيروس «فليم» متطور 20 مرة بالمقارنة مع فيروس «ستوكسنيت»، الذي عطل قبل عامين أجهزة الطرد المركزي في منشأة نووية إيرانية. لكن، عكس «ستوكسنيت» الذي يستعمل للتدمير، يستخدم «فليم» للتجسس. ويسمى، أيضا، «سكاي وايبر» (ماسح السماء)، إشارة إلى قدرته على التجسس ربما على أي شيء. وهو يمسح الأرض والسماء بميكروفونات وكاميرات جهاز الكومبيوتر الذي يدخله ويسيطر عليه. وهو أكبر فيروس، وأكثر تعقيدا من أي فيروس آخر. وعلى الرغم من عدم إعلان أي مسؤول أميركي ملكية الحكومة الأميركية لهذا الفيروس، قال هؤلاء الخبراء العالميون إنهم يعتقدون أن الاستخبارات الأميركية، بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية، هي التي أنتجت الفيروس، وأنها فعلا تستعمله، منذ سنوات، في «غزو» كومبيوترات إيران، خاصة الكومبيوترات الحكومية والعسكرية والنووية. وفي حين أن المسؤولين الأميركيين كانوا يرفضون الاعتراف بأن الاستخبارات الأميركية تملك الفيروس، يفعل ذلك أعضاء الكونغرس. مثل ذلك الذي انتقد إدارة الرئيس باراك أوباما، وحملها مسؤولية كشف وجود الفيروس، ثم قال: «أنا افترض أنني لا أعرف الحقيقة».