تزايدت خلال الأيام القليلة الماضية، ووفقا لشهادات شخصية استمعت إليها ولشهادات تداولها الإعلام، الاعتداءات الجسدية والتهديدات اللفظية للنساء غير المحجبات وغير المنتقبات على امتداد مصر. واقترن ذلك بترديد المعتدين والمهددين لكلمات وعبارات عنيفة ومهينة مثل «احتشمن»، و«تعلّمن الأدب»، و«الزمن تغير ولن يقبل لا مرسى ولا جماعة الإخوان بهذا الانحلال»، وغيرها. هنا، ودون تفزيع من الرئيس المنتخب الذى استدعى البعض اسمه، ودون إخافة من الجماعة التى ينتمى إليها، ودون اصطناع لأزمات، نحتاج كمجتمع ورأى عام لوقفة جادة وحقيقية. فهذه الاعتداءات والتهديدات تمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق النساء وانتقاصاً بيّناً من حرياتهن ومن قدرتهن على الحركة فى المجال العام دون قيود. ومن المرفوض تماماً أن نترك المرأة، وهى نصف المجتمع الأكثر فعالية وجرأة والتزاماً بالدفاع عن الحقوق والحريات، فريسة وضحيّة لمن يفسد عليها حضورها ودورها المجتمعى. ومن المرفوض تماماً أن يوظف البعض فهماً زائفاً للقيم الدينية السامية وللعادات والتقاليد لقمع النساء وتعريضهن لممارسات ذكورية ولامتهان لكرامتهن الجسدية ولحرياتهن. ومن المرفوض تماماً أن يسعى البعض لأن يفرض على مصر تصوراً أحادياً لسلوك النساء فى المساحة العامة ويربط بينه وبين المقبول المجتمعى الوحيد فى تزييف غريب لتاريخنا وحضارتنا وثقافتنا، فمصر دوماً ما قبلت التعددية والتنوع والاختلاف، إن فى الحياة الشخصية أو الحياة العامة. ومن المرفوض تماماً أن يتراخى المجتمع، وليس فقط النساء، عن الانتصار لحقوق وحريات المرأة، فهى خط الدفاع الأول عن حقوق وحريات الجميع. وإن تراخينا اليوم ولم نقف بحزم فى مواجهة الهجمة على النساء، سنخسر تدريجياً حرية الإبداع والفكر والتعبير عن الرأى وسينتقص من حقوقنا السياسية. أدعو نساء مصر للشروع فوراً فى تنظيم وقفات احتجاجية على امتداد مصر والتظاهر ضد الاعتداءات والتهديدات التى تعرضن لها خلال الأيام الماضية وما سبقها من محاولات منظمة للانقضاض على حقوق وحريات المرأة الشخصية والعامة، وعليهن العمل المنظم لمواجهة ذلك. وواجبنا - نحن المؤمنين بالمساواة الكاملة والرافضين للتمييز - التضامن والمساعدة الكاملة. فالحقوق والحريات تُنتزع، ولا تقدم ولا تُضمن بتعهدات من رؤساء أو حكومات أو قوى سياسية. نعم من حق النساء إثارة النقاش العام حول الأمر، ومن حقهن مطالبة أحزاب الحكم وأحزاب المعارضة والمجتمع المدنى بتعهدات واضحة للانتصار لحرياتهن، ومن حقهن أن يطالبن الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى (والذى بالتأكيد يستدعى اسمه دون إقرار أو موافقة منه) أن يطمئن نساء مصر وينحاز لهن. إلا أن العمل الفعلى والمواجهة الجادة على الأرض أولى وأبقى.