يواجه الرئيس محمد مرسى أزمات صعبة وهو يدير مصر، ليس فقط بسبب الانهيار الاقتصادى والسياسى، ولكن لأنه مطالب ببذل جهود جبارة للحفاظ على الشركاء والأصدقاء القدامى الذين أتوابه إلى كرسى الحكم والتعامل مع خصوم على أقل تقدير لديه لن يكونوا عوناً له، إن لم يحاولوا إفشال فترة حكمه. الدكتور محمد مرسى ابن ريف الشرقية، المتشبع بفكر جماعة الإخوان المسلمين حتى أصبح أحد قادتها، يستطيع التكيف والتعامل مع ثقافات مختلفة ومتضادة أحياناً، درس فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولم يجد مانعاً لحصول ابنيه على جنسيتها على الرغم من الصدام الفكرى والسياسى المعلن بين الإدارة الأمريكية والجماعة، وقد يكون لهذه الفترة التى قضاها هناك دور فى الترحيب الأمريكى به على كرسى رئاسة مصر. ومن أمريكا بلد الحريات إلى المملكة العربية السعودية انتقل مرسى وعاش مع أسرته سنوات التكوين المادى والأمان السياسى. لم يكن محمد مرسى فى جماعة الإخوان المسلمين من الصقور الظاهرين، ليس هو عبدالمنعم أبوالفتوح ولا محمد حبيب، هو حالة خاصة، هادئ، محب، مطيع، فاعل داخل الجماعة، لذا لم يكن غريباً أن يعتقل ويسجن أكثر من مرة. شخصية مرسى ساعدته على أن يتقدم الصفوف ويرأس حزب الحرية والعدالة، ومنه إلى كرسى الرئاسة، هذا المنصب الذى أسعد الجماعة حتماً وإن كان من الطبيعى أن يثير غيرة قيادات أخرى ترى نفسها فى هذا المنصب العظيم. فهل ينجح الرئيس فى خلع عباءة التنظيم، فلا يرضح لإملاءات قياداته السابقة، ويثبت أنه رئيس لكل المصريين، ولا يسعى لنشر فكر الجماعة أو توفير حماية خاصة لها، مع احتفاظه بما يعتقد ويؤمن؟ وهل ستقبل قيادات الجماعة نجاح مرسى بصورة تحسب له ولا تصب فى رصيد الجماعة كتجربة حكم غير مسبوقة فى العالم؟ من ناحية أخرى يواجه مرسى -مرغماً أو مرحباً- القوى الثورية التى ساندته فى الانتخابات بشروط معلنة، هذه القوى الحالمة التى قد تصطدم رغباتها وأولوياتها بواقع قاس هو وحده سيخبر مداه وقد يكون نجاحه مرهوناً بتقديم تنازلات لن ترضى هذه القوى وسيكون الميدان هو خيارها الأول، ووقتها لن يجد الرئيس أمامه إلا الاحتماء بدعم جماعته لحماية المشروع.. فبمن سيضحى الرئيس، وهل ينجح فى جمع المتناقضات؟! أما ثالث الأزمات الكبرى، فتتمثل فى النظام القديم المتغلغل فى كل أجهزة الدولة، جذروه ثابتة فى الأرض، له شبكته ومصالحه الخاصة، لا يرى أماناً مع الإخوان، ولا يصدق أن الرئيس فى حل من البيعة، وسيقاوم كثيراً، ولن يجدى العنف مع خصم غير ظاهر، لا يحصى ولا يعد، يحتاج إلى تأهيل وتغيير وفرص مشاركة مشروعة.. فهل ينجح الرئيس بالقانون والمحبة والحرص على مصلحة البلاد أن يستأصل الخوف من قلوب هؤلاء، ويعيد جمع الشعب بلا أيديولوجيات أو تمييز بدفع الثمن لأصحاب الدعم والرعاية.. فتنجح تجربة مرسى لا تجربة الجماعة؟ الأسئلة سهلة، لكن الإجابات تبدو مستحيلة وإن كانت ممكنة!!