شائعات واتهامات وتكسير عظام يستعر لهيبها الآن بين أنصار الفريق أحمد شفيق وأنصار الدكتور محمد مرسى. حرب وقودها وقائع مختلقة، وتشويه للحقائق، الذمم المالية والقيم الأخلاقية ،تضلل المجتمع وتوقع به فى حيرة، خاصة ان حملات التشويه المتبادلة والتخوين .. والزج بالشعب المصري. منطقة مليئة بالتوتر. وهناك نماذج من حملات التشويه المتبادلة والتخوين بين كل جبهة تحاول تحسين صورة مرشحها امام المجتمع، ومنها فى احد تصريحات مرسى بأنه سيدوس بالأحذية من لم ينتخبه وانتخب شفيق وخصوصا أبناء المنوفية. وهذا يعتبر كذباً ومحاولة لاستعداء الجماهير ضده، فهو يعلن فى كل لقاءاته المسجلة احترامه لاختيارات الناس كما لا يعقل أن مرشحا للرئاسة يخطئ فى حق الناخبين أو أهل محافظة بأكملها، وجاء نص حديثه "يمضى الجميع ويدوس بالأقدام بقايا النظام الساقط الفاسد الذى أفسد وأضر هذا الوطن ضررا بالغا لا يخفى على أحد". وشائعة اخرى بان مرشح الاخوان سوف يحبس النساء فى البيوت ويمنعهن من العمل رغم ان الكثيرات ينفقن على بيوتهن، وسيفرض عليهن زيا محددا وهى محاولة ايضا لتشويه صورة المرشح الاسلامى وقد صرح الدكتور مرسى بوضوح بأن كافة المناصب متاحة للمرأة ذات الكفاءة بما فيها نائب رئيس الجمهورية، كما يؤمن بأن العبادات تتصل بعلاقة الفرد بربه و ليس لأحد أن يتدخل فيها، ولذلك لن يسعى لفرض أى زى أو أى عبادة أخرى . واما عن الفريق شفيق فقد تردد انه المسئول عن موقعة الجمل وقتل الثوار، بينما كان من اول القرارات التى اتخذها أثناء رئاسته للوزراء العمل بكل حسم على محاسبة كل من تسببوا فى ازهاق أرواح المصريين. ومن أهمها تشكيل لجنة تقصى حقائق رأسها المستشار عادل قورة قدمت المتهمين الى المحاكمة فى القضية. كما اتهم البعض شفيق بتهريب المليارات أثناء رئاسته للوزارة، بينما اكد انصاره انه عندما كان رئيسا للوزراء لم يتأخر فى تنفيذ قرارات جهات التحقيق بالتحفظ على الثروات أو المنع من السفر، و ذلك بناء على محاضر رئاسة مجلس الوزراء. وانتشار شائعة ان داعمي حملة الفريق شفيق مالياً هم رجال مبارك و رجال الحزب الوطنى المنحل فى جميع المدن والقري. وكان رد حملة شفيق ان الذين يسوقون هذه الأكاذيب لا يقدمون اسما واحدا او دليلا على ذلك، وان جميع مقار الحزب الوطنى المنحل تمت مصادرتها بحكم قضائى، بالاضافة الى ان رموزه من الفاسدين اما مدانون أو يحاكمون الآن أمام القضاء. واخيرا الفريق شفيق سيحذف آيات القرآن من مناهج اللغة العربية إرضاء للمسيحيين. وهو ما اعتبره البعض تشويهاً متعمداً لانه فى لقاء تليفزيونى تحدث عن أنه لا يجوز أبدا إجبار الطفل المسيحى على حفظ آيات القرآن او عقابه على عدم فهمها . واكد الخبراء انه رغم ما تثيره الشائعة من حالة تشتيت وفقدان الثقة بين الشعب والجهات المسئولة إلا أن هناك من يعتمد عليها في الوقت الحالي لتحقيق اغراض ذاتية، وتعتبر حالة التكتم وعدم إذاعة الحقيقة من الأمور التي تساعد علي انتشار الشائعة. أكدت الدكتورة عزة كريم استاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن الشائعة من أخطر الأسلحة التي يمكن أن تدمر أي مجتمع، كما انها تساعد علي إشاعة الفوضي، وعلم الشائعات يستخدم لتفكيك المجتمع وهو أخطر ما يذاع في المجتمع. وأشارت «كريم» الي أن انتشار الشائعات يعني عدم قدرة المجتمع علي العطاء وتحويله الي حالة عدم اتزان، واضافت أن النظام السابق غرس في المجتمع علم أساليب الفساد والخداع والتدليس، مما أدي الي سهولة التأثير في نفوس الشعب المصري واشارت الى استخدام النظام السابق بعد نجاح ثورة 25 يناير خاصة في الشهر الأول شائعات معينة للقضاء علي هذه الثورة من خلال إذاعة الفوضي والاضطراب. اعتبرت «كريم» سلاح الشائعات أقوي وأخطر من سلاح الجريمة والبلطجة الذي بدأ ينشرها النظام السابق وأعوانه في المجتمع لعمل صراع بين الشعب والإخوان والجيش والحكومة.... الخ، وكذلك بين الجرائم المنتشرة. طالبت «كريم» وسائل الإعلام بالتحقق من المعلومة قبل إذاعتها والتأكد من مدي جدية الضيوف في استقرار الدولة. وقالت «كريم»: الثورة سجنت في الشائعات منذ شهرها الثاني من قبل النظام الفاسد لتدميرها. اكد الدكتور سمير نعيم استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ان الشائعات ظاهرة عرفت على مدار التاريخ وفى كل المجتمعات ،استخدمت من اجل تحقيق أهداف جماعة سواء كانت هذه الاهداف ذات طابع ايجابى او سلبى، مثل اثناء الحروب تطلق شائعات لرفع روح المعنوية للجنود والشعب او للنيل من الروح المعنوية لدى العدو. واشار نعيم الى ان الشائعات تستخدم ايضا للنيل من نظام الحكم سواء كانت بالتأييد او احداث حالة من البلبلة العامة فى المجتمع حتى يتم اخفاء الحقيقة . واضاف ان هناك اجواءً تساعد على انتشار الشائعات او اختفائها فهى تنتشر فى البلاد التى لا تتسم الحكومات فيها بالشفافية وتقل جدا فى المجتمعات ذات الشفافية كالمجتمعات الغربية . واوضح نعيم ان النظام الذى ثار الشعب المصرى من اجل اسقاطه والذى مازال يعيد انتاج نفسه فانه يتبع نفس اساليب الغموض والتعتيم، ويقوم بنشر الاشاعات من خلال وسائل الاعلام المسيطر عليها وفى المقابل يعطى فرصة للاطراف المعارضة له بنشر اشاعات مضادة ايضا". واضاف نعيم ان مصر يسودها الآن حالة من الغموض والتخبط والفوضى الاجتماعية والفكرية التى تفنن النظام القائم فى نشرها بين الناس حتى يخفى حقيقة ما اتخذ من اجراءات للقضاء على الثورة واستمراريته فى الحكم العسكرى فى البلاد . وأشار حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع الي خطورة الشائعة قائلا: إنه رغم الحرية المتاحة في مصر حاليا إلا أن هناك الكثير من الحقائق غائبة قبل الثورة وبعدها، مؤكدا أن الوضع الحالي يعد من أكثر المنافذ لخروج الشائعات وأكد أن الشائعات هي البديل الوحيد عندما تغيب الحقائق خاصة في فترات الصراع السياسي العنيف قبل الثورة وكذلك في مراحل الانتقال التي تلي أي ثورة. ورفض عبد الرازق اعلان كل من حملتى الفريق احمد شفيق والدكتور محمد مرسى فوز مرشحها فى الانتخابات الرئاسية ؛موضحا ان ما يحدث يزيد الموقف تعقيدا خاصة مع تأجيل الاعلان الرسمى للنتيجة، الامر الذى ادى الى دخولنا فى مأزق خطر ؛ واشار الى ان اعلان حملة الدكتور محمد مرسى فوزه فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد مرور6 ساعات وكذلك اعلان حملة الفريق شفيق فوزه اثار الجدل وخلق فوضى فى الساحة السياسية ومن ثم احتشاد ميدان التحرير تأييدا للدكتور محمد مرسى. وأشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الاسبق الي خطورة الشائعات في أوقات الأزمات والثورات، حيث تصيب المجتمع بالتوتر الشديد خاصة في أيام الثورة المضادة، وأكد الجمل أن هناك عناصر تريد إجهاض ثورة 25 يناير لتحقيق مصالح خاصة بها، بالإضافة الي فقدان الثقة وانعدام الشفافية في وسائل الإعلام المختلفة لإذاعتها أخبارا غير صحيحة وعدم تقصيها الدقة فيما تنشره من أخبار يساعد علي انتشار الشائعات، وعدم تكذيب هذه الشائعات من قبل العناصر المسئولة يؤكد الشائعات. واضاف الجمل ان المادة 28 من الدستور المؤقت الصادر عن المجلس العسكرى بناء على الشرعية الدستورية ينص على ان اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة هى الجهة المختصة بإدارة انتخابات الرئاسة وهى التى يحق لها اعلان النتيجة، واشار الى ان اعلان حملتى الفريق شفيق والدكتور محمد مرسى فوز مرشحهم فى مؤتمر صحفى قبل اصدار النتيجة الرسمية لا يتفق مع الشرعية الدستورية والقانونية ولا مع الاعراف السياسية الديمقراطية ؛مؤكدا ان هذه الامور تثير الجماهيرية وتنشر الاحتقان على نحو يهدد السلام فى البلاد ،الامر الذى يعارض مصلحة البلاد وكذلك مرشحى الرئاسة. وقال جورج إسحاق المنسق السابق لحركة كفاية إن الشائعة تعني إرسال اتهامات دون سند كاتهام شباب ثورة 25 يناير بالتمويل الخارجي والأجندات الخاصة، كما اعتبر تخوين أناس بأشياء خطيرة للغاية يخرب العلاقات بين الشعوب. وأضاف إسحاق: ما زلنا نعيش في عصر مبارك حيث تتناثر علينا الشائعات من حين لآخر من جهات مجهولة بهدف تشتيت الرأي العام وفقدان الثقة في المسئولين. وأكد إسحاق ضرورة تغيير الشعب المصري الذى يصل نسبة الأمية فيه 40٪ وهى من أهم أسباب انتشار الشائعة بالإضافة الي رجال الثورة المضادة ورجال الأعمال السابقين. ويري اسحاق أن الوسيلة الوحيدة للقضاء علي هذه الشائعات هي بث الحقيقة وعدم إذاعة أخبار غير صحيحة عبر وسائل الإعلام المختلفة والتأكد من صحة كل خبر قبل نشره. ومن جانبه أوضح النائب محمد جمال حشمت أن الشائعات دائما ما تخرج من الأضعف تواجدا أو من لا شعبية له داخل الساحة السياسية، والراغب في توصيل صوته الزائف بطرق غير شرعية، وأكد حشمت أن الهدف من الشائعات هو تشويه الصورة وإرباك الموقف والرغبة في الثأر فيما حدث لهم، لا يجدون فرصة إلا علي صفحات الجرائد ووسائل الإعلام التي تروج الشائعات وتبث أخبارا قبل التحري من مدي دقتها.