"آلو.. ابنك موجود عندنا في الحفظ والصون، لو عايزه يرجع لك ادفع 50 ألف جنيه ولو كنت خايف عليه إوعى تبلغ البوليس ".. ماذا تفعل أي أسرة تتلقى اتصالا مشئوما مثل هذا ؟ بالتأكيد هذا موقف لا يتمناه أحد حتى لأعدائه، لكنه للأسف أصبح مشهدا متكررا نصادفه بصورة شبه يومية، حيث تقع مئات الأسر ضحايا لجرائم عصابات خطف الأطفال التي تستغل حالة الفلتان الأمني الذي تشهده البلاد حاليا، فتظن أن الظروف مهيأة لارتكاب جرائم الخطف وطلب الفدية من الوالدين الذين لا يملكان في أغلب الأوقات إلا الانصياع لرغبات هذه العصابات وأول ما يفكرون فيه هو تدبير المبلغ المطلوب . سيناريو متكرر وينبع هذا السلوك الذي يعتبره البعض سلبيا من شدة خوف الأبوين على الابن الذى وقع في براثن أحد المجرمين الذين لا يعرفون رحمة ولا أخلاقا ، فتبدأ دوامة بيع ما يملكون والاستدانة من الأهل والأقارب والأصدقاء لاستكمال المبلغ المطلوب ، وغالبا ما يطلب الأبوان من هذه الدائرة عدم إبلاغ أجهزة الأمن بل قد يصل الأمر لتكتم الوالدين أنفسهما على الخبر حتى لا يعرضان حياة طفلهما المخطوف للخطر . بعدها يتلقى رب الأسرة اتصالا من هذا المجرم ليحدد المكان والزمان لأخذ النقود ثم يفي بوعده إن كان مجرما لديه بعض الشرف، أو يبدأ في إملاء مطالب أخرى كما يحدث في أغلب الأحوال خصوصا إذا ما أحس أن الأسرة قادرة على تدبير المطلوب فتقع الأسرة البائسة في دوامة أخرى لتأكد المجرم أنه كلما أشعل استمالات التخويف لدى الأبوين كلما سارعا لتنفيذ طلباته . وبعد فترة لا يعلم مداها إلا الله يسترد الأبوان طفلهما بعدما يكونا قد باعا ما ورائهما وما خلفهما ، والملاحظ أنه رغم ذلك فإنهما يواصلان عملية التكتم على جريمة الخطف حتى بعد أن يعود لهما المخطوف، خوفا من بطش وانتقام المجرمين ما يشجع تلك العصابات على التمادي في جرائمها. وعلى العكس من نظرة التفكير السلبية هذه توجد أسر تستطيع التغلب على تلك المشاعر وتتحلى بالشجاعة والقوة والذكاء في آن واحد، وتقوم بمسايرة أفراد هذه العصابة فيما يتولى أحد أفرادها سرا إبلاغ أجهزة الأمن التي لديها خبرة جيدة في تقديم الإرشادات المناسبة للتعامل مع مثل هذه الأزمات، فتدل الأبوين على ما يجب فعله عن طريق هذا الفرد الذي يقوم بدور الوسيط ، فيما تقوم هي بدورها بالمراقبة والتتبع حتى تنجح في الإيقاع بهؤلاء المجرمين ، وفي أغلب الحالات يكون الخيط واحد هو ارتكاب هذه الجريمة عبر مقربين للضحايا هم الذين يستطيعون انتقاء الأسر القادرة على دفع الفدية وبالتأكيد يكون معهم أرقام هواتفهم التي يمكنهم مساومتهم من خلالها . احنا في زمن الخطف فمن واقع صفحات الحوادث نجد أن أجهزة الأمن تلقت منذ أيام ثلاث بلاغات خطف في يوم واحد، كان أولها ما أفاد به المواطن شحاتة كامل ، من حي الأميرية ، والذي أكد تلقيه مكالمة تليفونية من مجهول يخبره بخطف طفله عامين ونصف العام، وطلب فدية لإطلاق سراحه قدرها 150 ألف جنيه، وبتكثيف تحريات المباحث توصلت إلى أن وراء الجريمة أبانوب مرزوق نجل خالة الطفل، وهو طالب بأكاديمية طيبة، وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعة بالاشتراك مع مينا رضا، طالب فى الصف الثالث الثانوى، وعماد رضا، وبضبطهما، عُثر على الطفل المخطوف فى شقة مفروشة فى الزيتون. كما تلقى مأمور قسم شرطة الساحل بلاغا من هانى عياد، صاحب محل مجوهرات، بقيام ثلاثة أشخاص باختطاف نجله هادى، 8 سنوات، ثم تلقيه اتصالا هاتفيا من مجهول يطلب منه فدية قدرها 4 كيلو ذهب لإطلاق سراح الطفل، وقد أسفرت التحريات عن أن وراء الواقعة صاحب محل ملابس على خلاف مع الجواهرجى واسمه رفيق.ص، وبضبطه ومواجهته اعترف بارتكابه الجريمة بالاشتراك مع ياسر.م، فنى تبريد، وأحمد.م، مسجل خطر بلطجة، وعمرو.م، وبمواجهة المتهمين اعترفوا بخطف الطفل، فأحيلوا إلى النيابة التى أمرت بحبسهم. وفي طنطا تلقى قسم شرطة أول بلاغا من ربة منزل مقيمة بدائرة القسم بأنه حال تواجدها أمام العقار محل سكنها وبرفقتها نجلها عمرو خالد الشريف – البالغ من العمر 5 سنوات لإنتظار السيارة لتوصيله للحضانة، فوجئت بشخصان مجهولان يستقلان سيارة ملاكى بدون لوحات وقاما بخطف نجلها وإستقلالهم السيارة والهرب . أما في محافظة المنوفية فقد تلقى مركز شرطة قويسنا بلاغا من المواطن أحمد محمد مرضى عبد المطلب مقيم بدائرة المركز بإختطاف نجله زياد البالغ من العمر خمس سنوات ، وتلقيه إتصال تليفونى من مجهول يتضمن طلب مبلغ مالى قدره مائة ألف جنيهاً مقابل إعادة نجله .. وبتكثيف التحريات من قبل أجهزة الأمن تم تحديد الجناة المشتبه في قيامهم بالواقعة ونجحت الشرطة في إعادة الطفل إلى أسرته . روشتة للحماية ولكي نحمي المجتمع من هذه الجرائم التي باتت تثير القلق في كل بيت مصري يقدم المختصون مجموعة من النصائح : - أهمية تعامل المواطنين مع الشرطة وعدم الخوف من البلطجية والتأكد أن مصر مازالت بها شرطة قوية قادرة علي حماية الأطفال والأسر المصرية من هذه الجرائم، فالمعلومات تشير إلى أنه في أغلب الحالات التي يتم إبلاغ الأمن فيها تكون نسبة النجاح عالية جدا لأنه لا توجد جريمة كاملة على الأرض. - التشديد علي ضرورة تواجد الشرطة في تجمعات الأطفال، كالمدارس والنوادي والمناطق الشعبية وضرورة وجود الدوريات الراكبة في مختلف المحافظات. - تعديل العملية التنظيمية للإبلاغ عن المفقودين والتي تنص على إعطاء فرصة 48 ساعة قبل أن تتحرك الشرطة، ليكون البدء في فتح المحضر والتحرك فور البلاغ لسرعة ضبط المختطفين قبل أن يصاب الطفل بمكروه. - تشديد العقوبة ،التي تبدأ ب 3 سنوات وتصل إلي عشر سنوات ،لتصل للإعدام علي كل من يقوم بخطف طفل، حتي يكون هناك رادع للمجرمين. - تركيز الإعلام علي مثل هذه القضايا، حتي ينتشر الوعي بين الأسر المصرية لحماية أبنائهم، ومشاركة المدارس في الاضطلاع بهذه المهمة وعدم تسليم الأطفال الصغار إلا لذويهم. - أن يشكل الرأي العام الجماعي وعي المواطنين نحو التصدي لمثل هذه الظواهر، والضرب بيد من حديد وبقوة علي كل من تسول له نفسه القيام بهذه الجريمة. - وأخيرا إذا كانت المسئولية الملقاة على عاتق أجهزة الأمن والاعلام والمدارس كبيرة فإن على الأسرة أيضا المسئولية الأولى في الحفاظ على أبنائها بعدم ترك الصغار وحدهم في الشوارع سواء في المناطق الخالية أو حتى المزدحمة ، وتوعية الأبناء جيدا لعدم الذهاب مع من لا يعرفونهم إلى أي مكان ، وطبعا هناك مسئولية مهمة على إدارات المدارس.