جاءت المبادرة التي أطلقها الدكتور محمد سليم العوا المرشح الرئاسي السابق مؤخراً، التي تطرح تشكيل حكومة مؤقتة يكون لها كامل صلاحيات رئيس الجمهورية لتفتح باب الجدل حول ما يدور داخل أروقة جماعة الإخوان المسلمين بعد الرفض الشعبي الواسع الذي ظهر في الميادين أكثر من مرة. وللحقيقة فإن مجيء المبادرة من جانب الدكتور العوا كان محل تساؤل الكثيرين، خاصة لكونه كان مستشاراً للدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية المعزول في كثير من الأمور خاصة القانونية. كما جاءت تصريحات ناصر أمين، رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء، وأحد أعضاء الوفد الحقوقي الذي زار الدكتور مرسي منذ أيام التي أكد فيها أن الدكتور مرسي رفض مقابلة الوفد الحقوقي بعد أن أصر مرسي علي تفويض السفير رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق لمقابلة الوفد بل قال مرسي - بحسب تصريحات أمين - إنه يشترط أن يكون من بين الحضور الدكتور سليم العوا. وتجاهل «العوا» الإرادة الشعبية التي خرجت لإسقاط حكم نظام جماعة الإخوان المسلمين الذي كان يؤيده بقوة واعتقد أنه طوق النجاة من خلال هذه المبادرة التي تعود بالوطن للوراء، متناسياً أنه مرشح رئاسي سابق جاء ترتيبه من حيث الأصوات في ذيل قائمة المرشحين وهو ما يعني فشله في الحصول علي ثقة المصريين كمرشح بدلاً من أن يعتقد أنه طوق النجاة للوطن. والواقع المصري يؤكد أن مبادرة سليم العوا التي يطرحها لم ولن تكون طوق نجاة للوطن وإنما طوق نجاة لجماعة الإخوان المسلمين التي تيقنت الآن من هزيمتها أمام التيار الشعبي الكاسح ومن ثم تريد قيادات الجماعة الخروج الآمن دون أي محاسبة لها مستغلة في ذلك دماء شبابها القادمين من المحافظات في لعبة سياسية رخيصة لا تهدف سوي إلي خروج قياداتها برغم يقينهم أن عودة مرسي للحكم لم تعد فيها نقاش. كما أن تأييد بعض الشخصيات مثل المستشار طارق البشري لهذه المبادرة يؤكد خروجها من داخل الجماعة نفسها، خاصة أن البشري كان أداة التشريع الأولي لنظام الجماعة بدءاً من الإعلان الدستوري الذي صدر عقب 25 يناير أثناء فترة حكم المجلس العسكري في وقت كانت الجماعة تعتقد فيه أنها أقوي من المجلس العسكري، بالإضافة إلي تفصيل البشري للإعلان من خلال لجنة وضع الدستور التي تركها «عائمة» حسب الغرض سواء من انتخاب اللجنة من داخل البرلمان أو خارجها لكنه ترك المادة الخاصة باختيار أعضاء لجنة الدستور لحين انتهاء الانتخابات البرلمانية حتي تتضح نسبة التيار الديني به، فإذا جاءت الأغلبية دينية يتم تفسير المادة حسب الهوي ويتم الاختيار من داخل البرلمان وإذا جاءت الأغلبية عكس ذلك يتم تشكيلها بأكملها من الخارج ونجح بالفعل مخطط البشري لكنه لم يدم طويلاً. وقال الدكتور تقادم الخطيب، مسئول الاتصال السياسي بالجمعية الوطنية للتغيير: إن مبادرة الدكتور سليم العوا لا تتماشي مع الواقع الذي تعيشه مصر الآن قائلاً: «مبادرة باطلة ومحاولة يائسة لا تهدف سوي لإنقاذ جماعة الإخوان المسلمين والخروج الآمن لقياداتها». وأضاف الخطيب: «لا يمكن أن يعود الشعب المصري للوراء فقد تم تعطيل العمل بالدستور ومن ثم لابد من وضع دستور جديد ثم إجراء انتخابات رئاسية أمام ما يطرحه البعض من مشاورات تهدف لعودة العمل بالدستور أو عودة الدكتور محمد مرسي ولو بشكل روتيني لن يقبلها الشعب». وقال شريف الروبي، منسق حركة 6 أبريل «الجبهة الديمقراطية»: إن المبادرة التي يسعي لها الدكتور سليم العوا لم تكن سوي وسيلة لإنقاذ جماعة الإخوان المسلمين فقط وضمان الخروج الآمن لها، مؤكداً أن المبادرة تحمل في طياتها عودة مرسي لمنصبه وهو أمر مرفوض تماماً - بحسب قوله. وشدد الروبي علي أن شباب الثورة لن يقبلوا بالعودة إلي الوراء خاصة بعد امتلاء شوارع وميادين مصر بالرافضين لنظام حكم جماعة الإخوان خلال الفترة الماضية واصفاً إياه بالسقوط الشعبي السريع قبل السقوط الفعلي للنظام. وأضاف الروبي أن مرسي تم عزله وهناك رئيس مؤقت للبلاد وحكومة تعمل برغم وجود بعض الملاحظات عليها، واصفاً مبادرة العوا بالمستحيلة وغير المقبولة من قبل أغلبية الشعب المصري.