غموض كبير حول مصير يحيى السنوار الرجل الذي طالما وصفته إسرائيل ب"الميت الحي"، إذ أعلن الاحتلال أنه يجري فحوصات DNA لجثة يعتقد أنها تعود للسنوار، في عملية نفذت بمنطقة تل السلطان برفح. جاء ذلك بالتزامن مع تداول وسائل الإعلام الإسرائيلية صوراً قالت إنها للسنوار بعد مقتله دون اي تأكيد أو نفي سواء من جانب إسرائيل أو من جانب حركة حماس. من جهتها نقلت القناة 12 الإسرائيلية على لسان وزير كبير في الحكومة، قوله: "يبدو أنه تمت تصفية زعيم حماس يحيى السنوار هذا يوم إغلاق الحساب"، موجها رسالة إلى المقاومة قائلا فيها "سنطاردكم حتى آخر يوم لكم في أي مكان في العالم" النشأة من رحم المعاناة في أوائل الستينيات، ولد يحيى السنوار في أحد مخيمات اللاجئين بقطاع غزة، ليعيش طفولته وشبابه متأثراً بواقع اللجوء والحرمان، كما نشأ السنوار نشطاً في العمل الطلابي، وسرعان ما تطور نشاطه ليصبح مقرباً من الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، الذي كان له تأثير عميق على توجهاته وأفكاره. مع تحول حماس لجماعة مقاومة مسلحة خلال الانتفاضة الفلسطينية في أواخر الثمانينيات، برز دور السنوار في تأسيس الجناح العسكري للحركة، كما أسس وحدة الأمن الداخلي التي عملت على مكافحة العملاء، إلا ان مساره تغير في عام 1988 حين ألقي القبض عليه وحُكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات. سنوات السجن قضى السنوار 23 عاماً في السجون الإسرائيلية، محولاً محنته إلى منحة، إذ استغل وقته في تعلم اللغة العبرية ودراسة المجتمع الإسرائيلي عن كثب، وقراءة سير القادة الإسرائيليين. وفي مفارقة لافتة، أنقذ الأطباء الإسرائيليون حياته عندما أصيب بمرض دماغي داخل السجن، ليعود أقوى وأكثر تصميماً. الحرية والصعود السياسي شكلت صفقة تبادل الأسرى عام 2011 نقطة تحول في حياة السنوار، إذ أُفرج عنه ضمن صفقة جلعاد شاليط، وخلافاً لتوقعات الاستخبارات الإسرائيلية التي ظنت أنه سيتقاعد ويكتب مذكراته، صعد السنوار سريعاً في سلم قيادة حماس، ليصبح رئيساً للمكتب السياسي في قطاع غزة عام 2017، وأخيراً رئيساً للمكتب السياسي للحركة خلفاً لإسماعيل هنية. عُرف السنوار باستراتيجيته المزدوجة في التعامل مع إسرائيل، مكتسباً سمعة "المتشدد الواقعي"، وفي جانبه الإنساني، كان حريصاً على قضاء وقت مع أطفاله الذين أنجبهم بعد خروجه من السجن، حتى أنه كان يصطحبهم معه في اجتماعات رفيعة المستوى، قائلاً إنه أمضى عقدين في انتظار إنجاب أطفال أثناء سجنه. العقل المدبر وآخر الفصول اعتبرت إسرائيل السنوار العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر، ووضعته على رأس قائمة المطلوبين، وعلى الرغم من تصريحاته في مقابلة نادرة عام 2018 بأن الحرب ليست في مصلحة حماس أو إسرائيل، إلا أن المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن هجوم 7 أكتوبر استغرق عاماً على الأقل من التخطيط، في عملية خداع استراتيجي أذهلت العالم.