«اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24» و»ضرب الحبيب زى أكل الزبيب».. وغيرها من المقولات التى نسمعها كثيرا بين الرجال فى تعاملاتهم مع زوجاتهم ليبرروا لأنفسهم الثقافة السيئة للضرب.. لكن هل هى صحيحة أم لا، وهل التعامل بالعنف والضرب من شيم الرجال فى وقتنا هذا وأصبح مباحا فى البيوت؟؟.. وهل الدين والقانون والتربية الصحيحة يسمحون بهذا التصرف ضد المرأة، أم انها خُلقت لتكرم وليس لتهان. فى هذا التحقيق تحدثنا مع بعض الحالات التى تعرضت للضرب من قبل أزواجهن، ومنهن من قررت الاستمرار فى العلاقة وأخرى طلبت الطلاق لعدم تحمل هذا التصرف ممن كانت تعتبره مصدر الأمان لها. تقول مريم أحمد - 37 عاماً - أم لطفلين ولد وبنت، أنها تعرضت للضرب بالحذاء من زوجها بسبب المشاكل الحياتية اليومية، وبالإضافة إلى تدخل والدته فى شئون منزلها بحكم السكن فى بيت العائلة، وفور أن علم والدها بالأمر كان رد فعله أنه ضرب الزوج رداً لحق ابنته، ظلت فترة غاضبة فى بيت عائلتها، وفى تلك الفترة حاولت الاستعانة باستشارى علاقات زوجية لحل المشكلة قبل الانفصال ولكن الزوج قابلها بالرفض وتم الطلاق النهائى وتشتتت العائلة، وحتى الآن المشاكل لا تزال مستمرة حول متطلبات الأولاد المادية ورفض الأب تحملها بالكامل.. أما «ماجدة محمد» فقد تعرضت أيضا للضرب من زوجها الذى لم يتمالك أعصابه بسبب خلاف صغير، وقام بطردها من المنزل ومنعها من رؤية أبنائها، لعدة أشهر حتى تدخلت عائلتها وأصلحت بينهما وعادت لبيتها لتكمل معه حياتها ويتربى أبناؤهما معهما بعد أن أبدى ندمه على ما فعل، وتأكيده على رغبته فى العيش معها، وقبوله بشروطها التى فرضتها عليه لضمان حقوقها، وتعهده أمام العائلة بعدم تكرار هذا الفعل مرة أخرى. وأوضحت د. «حسنية البطريق» استشارى الطب النفسى والعلاقات الأسرية أن ما يحدث ليس مرضا يعانى منه الرجال، ولكنه اضطراب نفسى ينتج عن أسس من الطفولة تربى عليها أولها المفاهيم الخاطئة فى التعامل مع الزوجة وأنه يجب أن يتعامل معها بعنف حتى لا تخرج عن طوعه، بالإضافة إلى احتمالية رؤيته لوالده وهو يضرب والدته فورث هذه الصفة الكريهة منه وبدأ فى تطبيقها مع زوجته ليضمن حياة مستقرة مدى الحياة.. وأضافت استشارى العلاقات الأسرية: «المرأة خلقت لتكرم وليس لتهان مثل ما علمنا الله ورسوله ، فلا يوجد مبررات للضرب، والإهانة تعتبر خطيئة فى حق الإنسانية بشكل عام والمرأة بشكل خاص، وهناك بعض الرجال يتمسكون بالشرع ولكن وفقا لأهوائهم مثل «الشرع محلل أربعة» ولكن يتجاهلون قول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما أكرمهن إلا كريم وما اهانهن إلا لئيم». وأكدت: «هناك بعض الخطوات الأولى التى لابد أن تفعلها الزوجة فى بداية الأمر وهى التفكير فى أسباب الضرب ولماذا يرى الرجل زوجته الكائن الضعيف التى لا تستطيع الرد عليه، وأن التهاون معها لهذه الدرجة فهو يمثل قوته، وأن إثبات رجولته يكتسبه من ضعفها، وهذا الشعور له دلالات بين السطور فى نفسية الرجل فهو لابد أن يدل على نقص داخلى به مثل الضعف الجنسى أو المادي، ومن ناحية أخرى قد تكون للزوجة شخصية مستفزة تجبره على التعامل معها بأسوأ ما فى الرجل، ورغم هذا لا يوجد مبرر للضرب، وفى كل الأحوال لا يجب ان يكون الرجل رد فعل فالقوامة التى منحها الله له أهم ما فيها قدرته على قيادة الأمور بالحكمة». واستكملت د. حسنية: « نحن نعمل أولا على معرفة السبب وراء الضرب للزوجة ثم البحث عن الحلول، والمشاكل المادية موجودة منذ قديم الأزل وليس فى وقتنا هذا فقط، ولكن أصبح الدارج الآن هو ظهور بعض الاضطرابات الشخصية منذ الطفولة، ولحلها ممنوع تماما اللجوء للأهل من جانب الطرفين لأن هذا التدخل يزيد من تفاقم المشكلة عن طريق كشف أمر الزوج وفضحه أمامهم، ما يجعله يتمادى فى العند والعنف فى رد الفعل، فيبدأ فى الدفاع عن مبدئه وليس الرجوع عنه، مع العلم أن هناك بعض الرجال يشعرون بالندم بعد ضرب زوجاتهم، ويريدون الصلح بعدها مباشرة، ولكن الزوجة فى هذا الوقت تأخذ الأمر على كرامتها ولا تتقبل منه أى اعتذارات، لهذا ممنوع تماماً التدخل من أى طرف ثالث، وضرورة الاستعانة باستشاريين متخصصين لخلق لغة من التفاهم والحوار بينهما وكيفية حل مشاكلهما الأسرية، فأحياناً الضغط على الزوج بطريقة ما يغير من سلوكه الجيد بداخله وليس الاستفادة منه فهنا ينطبق مثل «اتقى شر الحليم إذا غضب»، وهناك أنواع من الرجال لا تجيد لغة الحوار، والحجة التى يتعامل معها والنقاش مع زوجته فيها، فيصبح التعامل بالند فيما بينهما. وتنهى حديثها قائلة: «علاج اضطرابات الطفولة يساعد بشكل كبير فى حل المشاكل الزوجية، حيث إن لها أثرا كبيرا على الحالة النفسية للطرفين، ومن المهم عدم الاستماع لمشاكل المحيطين، لأن الأشخاص يختلفون عن بعضهم فى الصفات والطباع، فالحل بالنسبة لشخص لا يفيد مع غيره، وعدم الانسياق وراء المجموعات الخاصة بالمشاكل الزوجية على وسائل التواصل الاجتماعى وطرح المشاكل عليها وعدم الأخذ بالنصائح منها لأنها لا تفيد بأى شكل من الأشكال بل قد تتسبب فى تفاقم المشكلة، ولابد أن تقوم الزوجة بمعرفة مفاتيح شخصية زوجها لأن الحياة تدار من المرأة وليس الرجل كما يفهم الكثير».