دشنت إسرائيل مرحلةً جديدةً في حربها المفتوحة في المنطقة، والتي فتحت خلالها جبهاتٍ عدةً، منذ السابع من أكتوبر الماضي، بدايةً من قطاع غزة ومرورًا بالضفة الغربية والأراضي اللبنانية، عطفًا عن استهداف مواقع في الأراضي السورية، كان أبرزها ما جرى في الفاتح من أبريل الماضي من استهداف مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق، والذي أسفر عن مقتل 16 شخصًا، من بينهم قائد كبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، ومع اقتراب مرور عام من الحرب المستعرة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، اكتسبت الحرب منعطفًا جديدًا تمثل في عملية اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لجماعة حزب الله اللبناني، والذي قضى خلال قصف إسرائيلي غير مسبوق، أمس الجمعة، استهدف المقر الرئيسي لحزب الله في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانيةبيروت. وأعلن حزب الله مقتل زعيمه حسن نصر الله، وتوالت بعدها بيانات النعي والتنديد من الفصائل السياسية اللبنانية، إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية، التي تُحارب في غزة والضفة الغربية، وسط عبارات وعيد بالانتقام للشهداء، الذين سقطوا خلال الحرب الإسرائيلية، وعلى رأسهم حسن نصر الله وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي اغتُيل في إيران في 31 يوليو المنصرم. وإلى جانب اغتيال حسن نصر الله، قُتل قائد فيلق القدس في لبنان عباس نيلفروشان خلال الهجوم الإسرائيلي على مقر حزب الله رفقة نصر الله وعددٍ من قادة حزب الله. إمكانية حرب إقليمية وفتح اغتيال حسن نصر الله المجال للحديث عن إمكانية اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، وبات الحديث الذي كان مستبعدًا في أيامٍ قريبةٍ قد ولت، مطروحًا بقوة الآن أن يؤخذ محمل الجد بعد أن اغتالت إسرائيل زعيم حزب الله، بعد أقل من شهرين من اغتيالها زعيم حركة "حماس". وفي أول تصريح له على العلن بعد عملية اغتيال نصر الله، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قطع زيارته لواشنطن وعاد مسرعًا إلى إسرائيل فور ورود أنباء اغتيال نصر الله، إن إسرائيل قد "صفت حسابها" باغتيال نصر الله، مضيفًا: "أغلقنا الحساب مع الذي قتل ما لا يحصى من الإسرائيليين"، وذلك حسب وصفه. وأردف نتنياهو أن "تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى ديارهم وإعادة المخطوفين"، معتبرًا أن اغتيال نصر الله خطوة ضرورية لتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط، حسب قوله. وتصريح نتيناهو حول تغيير موازين الشرق الأوسط ليس بجديد، فقد صرح به نتنياهو قبل أيام مع شروع جيش الاحتلال في توسيع عمليات العسكرية في المنطقة وقصفه الضاحية الجنوبية لبيروت في 20 سبتمبر، حيث قال حينها: "لقد بدأنا للتو.. وسنعمل على تغيير الشرق الأوسط". اقرأ أيضًا: خاص| برًا وبحرًا وجوًا.. سيناريوهات الحرب الإقليمية المحتملة حال فشل التوصل لصفقة في غزة «نتنياهو يقود لتصعيد خطير» وفي غضون ذلك، فتح الخبير العسكري الفلسطيني اللواء واصف عريقات الباب أمام جميع الاحتمالات المتعلقة بإمكانية اندلاع حرب إقليمية شاملة في المنطقة، وتحديدًا بعد اغتيال نصر الله. وقال واصف عريقات، في تصريحٍ ل"بوابة أخبار اليوم"، "إذا ما واصل نتنياهو تنفيذ مخططاته بحسب ما صرح فيه في بداية العدوان على قطاع غزة بأنه سيغير وجه الشرق الأوسط لخمسين سنة قادمة وما أفصح عنه بالأمس في الجمعية العامة للأمم المتحدة والخارطة التي عرضها وشرحه عليها كقائد للمنطقة يشير ذلك إلى أننا أمام تصعيد خطير ربما لا يستطيع أحد السيطرة عليه". وأردف قائلًا: "يأتي ذلك خاصة وأننا أمام قيادة حمقاء - يقصد القيادة الإسرائيلية - ارتكبت حماقات في السابق ويمكن أن ترتكب حماقات كبيرة وجديدة". حزب إقليمية «مستبعدة» وعلى النقيض من ذلك، رأى أيمن الرقب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن تكون المنطقة على شفا حرب إقليمة هذا "مستبعد"، لأن حرب إقليمية لها مقومات في دول تخوض الحرب، متسائلًا: "أين الدول التي ستخوض الحرب؟". وقال الرقب، في تصريح ل"بوابة أخبار اليوم"، "إيران لن تخوض حربًا لعدة أسباب، أولًا لبعدها عن الحدود الفلسطينية الإسرائيلية، وثانيًا لن تدخل حرب تخشى من خلالها التدمير بشكل كامل من الولاياتالمتحدة وحلف الناتو، وبالتالي واضح بأنها لن تذهب لتلك الحرب، فإذًا لا حرب إقليمية في الأفق، وهذا ما قلته قبل عدة أيام، حتى مع اغتيال حسن نصر الله استمر رد الفعل بنفس الدرجة". ورأى الرقب أن عملية التضخيم لقوة المقاومة اللبنانية كان خطأ إستراتيجيًا نتج عنه هذه الحالة من الإرباك في المشهد. وتابع قائلًا: "عملية اغتيال حسن نصر الله لن يشعل المشهد أكثر بشكل أو بآخر ستستمر الاشتباكات وسيحاول الاحتلال اقتحام المناطق اللبنانية الجنوبية وقد يصل إلى مشارف بيروت، ووقتها سيفرض شروطه للحل بإبعاد كل تكتلات حزب الله في العمق حتى مسافات تضمن له شمال أمن فلسطين".