منذ 10 سنوات ارتكب أحمد جريمة قتل عندما حاول الارتباط بفتاة ورفض والدها إتمام تلك الزيجة، فلم يجد أحمد أمامه حلا سوى التخلص منه لإزاحته عن طريقه؛ فقتله رميًا بالرصاص وهرب، حتى صدر ضده حكم غيابي بالإعدام، وظل لمدة 10 سنوات يتنقل بين عشرات الأماكن، وشبح القبض عليه جراء جريمته يطارده في كل لحظة، وكلما تذكر جريمته ظل حبل المشنقة ماثلا أمام عينيه.. وفي الوقت الذي اعتقد فيه أنه أصبح بعيدا عن قبضة العدالة بعد أن اعتاد حياة الهروب؛ فوجئ بحملة أمنية على أحد الأوكار الصحراوية التي يلجأ إليه الخارجون عن القانون تداهم المكان وتلقي القبض عليه ضمن المجرمين المختبئين في المكان، لتعاد محاكمته من جديد وتصدر المحكمة ضده حكمًا جديدًا.. فكيف أمضى أحمد السنوات العشر، ولماذا ارتكب جريمته من الأساس؟، وكيف سقط في قبضة العدالة؟ وما هو الحكم الجديد الذي أصدرته المحكمة ضده؟.. تفاصيل مثيرة نسردها في السطور التالية. منذ 11 عامًا، انتقلت أسرة أحمد بطل قصتنا هذه للعيش في محافظة المنيا، وتحديدًا مركز سمالوط، وفي أحد الأيام وقعت عين أحمد على فتاة جميلة الملامح، في مقتبل عمرها، تملكته مشاعر الحب منذ الوهلة الأولى، سرح بخياله في مستقبله وهو زوج لها، سأل عنها وعرف أسرتها، فاتخذ قراره سريعا بالذهاب لوالدها وطلب يدها بعد أن هام عشقا بها، فأخبره الأب أن يمهله فرصة للسؤال عنه وعن أسرته، خصوصا أنه ليس من أبناء المنطقة، عاد أحمد لبيته، ينتظر قرار والد حبيبته، وهو يشعر بالسعادة معتقدًا أنه سيفوز بها ولن ترفضه أسرتها، وبعد عدة أيام ذهب إليه ليعرف رده، ففوجئ برفض والدها إتمام تلك الزيجة بعدما فشل في أن يعرف اصله وفصله كما يقولون، جن جنون أحمد، سيطرت عليه ملامح الغضب، أصبح لا يرى أمامه سوى الانتقام والتنكيل، وبدلا من أن يفكر في طريقة لإقناع الأب أو أن يغير من نفسه حتى يكون جديرا بالموافقة عليه، سلم عقله للشيطان وقرر قتل الأب ليزيحه من طريقه نهائيًا، معتقدا بأنه إذا قتله سيظفر بحبيبته. هروب فكر أحمد وخطط وقرر التنفيذ، أخذ سلاحه الناري وتوجه لمنزل حبيبته، وما أن شاهد والدها يخرج منه أطلق عليه الرصاص ليسقط غارقًا في دمائه، ويفر هاربًا. مات الأب المسكين دون ذنب، تاركا خلفه زوجة أصبحت أرملة، و6 أطفال أكبرهم هي تلك الفتاة والتي تبلغ من العمر 17 عاما، يعانون ظلمة اليتم والحرمان، فقدوا في لحظة والدهم وعائلهم الوحيد. بدأت النيابة تحقق في القضية وتستمع لشهود العيان، الذين أجمعوا أن أحمد هو القاتل والسبب هو رفض الأب الضحية زواج ابنته له، وأصدرت محكمة الجنايات حكمًا غيابيًا بإعدام المتهم الهارب. ظل أحمد هاربا، يتنقل بين عشرات الأماكن بصحراء وجبال الصعيد، مشاعر الخوف تتملكه في كل لحظة، خوفا من أن يتم القبض عليه. ترى ماذا كان يفكر هذا القاتل وهو يهرب من مكان لمكان أن يذهب لآخر بقعة في مصر حتى ولوفعل هذا وذهب مثلا الى السلوم أيضا في النهاية كان سيقع في قبضة الأمن، فمهما طال غياب أي مجرم فلن ينجو من جريمته؛ وهذا ما حدث مع أحمد، مع الفرق أن أحمد لم يكن هاربا لأن عليه مثلا ثأر بل محكوم عليه بالإعدام في جريمة قتل ارتكبها عامدًا متعمدًا، أخذ احمد يتنقل من مكان لآخر، فكلما شعر بأن يد المباحث تقترب منه يهرب الى مكان ابعد، وصلت سنوات هروبه لعشرة أعوام، اعتقد أن المباحث نسيته، وأن يد العدالة لن تطوله، فحذره أصبح أقل، وقتها أحس بأنه ارتكب الجريمة الكاملة، وبدأ ينسج أحلامه الوردية، وفي لحظة استيقظ على كابوس مفزع ورجال المباحث يقبضون عليه، لأنه ببساطة ليست هناك جريمة كاملة ولابد من أن تأخذ العدالة مجراها في النهاية. اقرأ أيضا: انتهاء أسطورة «ستورة» بالصعيد| هارب من قضايا شروع في قتل وتجارة سلاح محاكمة جديدة قصة القبض على المتهم جاءت بالصدفة، عندما كان مختبئًا في وكر في الصحراء مع الخارجين عن القانون واللصوص، كانت هناك حملة أمنية لمطاردتهم وإنهاء سطوتهم، وتم بالفعل القبض عليه معهم، وأثناء الكشف على بطاقته وجدوه هاربًا من حكم إعدام غيابي، لتبدأ إجراءات محاكمته من جديد في جريمة القتل التي ارتكبها منذ سنوات. تواصلنا مع أسامة الجمل، محامي الضحية ليكشف لنا تفاصيل أكثر، فقال: «المتهم ارتكب جريمته في شهر أغسطس عام 2014م، والسبب أن الضحية رفض زواج ابنته منه، فقرر أحمد قتله بدم بارد، مات الأب وهو في منتصف الثلاثينيات من العمر، تاركا خلفه 6 أبناء صغار، توليت الدفاع عن حق المجني عليه وصدر حكم بالإعدام على القاتل، لكنه غيابي بسبب هروب المتهم». أما عن كيفية القبض على المتهم بعد 10 سنوات، فقال: «كان هناك مجموعة من اللصوص سرقوا كابلات كهرباء وهربوا لأحد الأوكار أعلى الجبل بالمنيا، في مسافة حوالي 25 كيلو فوق الجبل، الأجهزة الأمنية داهمت هذا الوكر للقبض عليهم، وبالصدفة أحمد كان متواجدًا معهم داخل الوكر، فأخذوه للمركز وبالكشف على بطاقته اكتشفوا صدور حكم بالإعدام غيابيا ضده، فتم ترحيله وإعادة إجراءات محاكمته من جديد، وأصدرت المحكمة حكما ضده بالمؤبد، لكن أسرته تسعى لتقديم الدية لعائلة المتوفى». فسألناه عن مصير القاتل في حالة قبول أسرة المجني عليه الدية، وهل دفع الدية سيخفف من العقوبة؟، فقال: «الدية لها تأثير على التعويض المدني في جرائم القتل الخطأ، إذ يتنازل أهل المجنى عليه عن الحق المدني فقط أما في قضايا القتل العمد فالأمر مختلف، وقبول أهل المجنى عليه الدية قانوني، وقد يؤثر في قضايا القتل العمد لكن ليست وجوبية وعملية تقديرية لهيئة المحكمة». هذه كانت التفاصيل كاملة، المتهم الذي ضيع من عمره 10 سنوات في الهروب من مكان لآخر، وفي النهاية تم القبض عليه والحكم بالمؤبد؛ هذا يعني أنه ضيع عمره كاملا بسبب لحظة طيش منه، لم يفكر فيها بالعقل، تلوثت يده بالدماء ويتم 6 أبناء ولم يفز بشيء في النهاية.