قبل أكثر من 40 عامًا كان هناك طفل يذهب يوميًا إلى السوق الكبير بالحى الشعبى متجاوزًا الباعة الأقرب لقضاء احتياجات أسرته من الخضراوات وغيرها بهدف توفير عدد من القروش لاستثمارها فى شراء ما يتاح له من الصحف والمجلات - كان سعر الجريدة وقتها 20 قرشًا - وكانت (الأخبار) اختياره الأول وكلما زاد كم ونوع المشتريات كانت هناك فرصة لإضافة إصدارات أخرى من (الأهرام أو الجمهورية والوفد والشعب)، وتمر الأيام وتتوثق علاقته بالصحافة وتستحوذ عليه درتها (الأخبار) ويصبح الحلم الذى قرر هذا الطفل أن يطارده هو التواجد فى رحاب مصطفى أمين مريدًا متصوفًا فى عشق صاحبة الجلالة بعدما تحول الإعجاب إلى عشق فرض ارتباطًا أبديًا بعقد زواج كاثوليكى لا يحله إلا الموت. هذا الطفل هو صاحب هذه السطور الرجل الخمسينى المتيم بمحبوبته التى فتحت أبواب دارها له قبل ربع قرن وأكرمتنى بفرصة كتابة المقال قبل ما يقارب العقدين من خلال ملحق الإذاعة والتليفزيون واليوم طغى عطاء محبوبتى فأصبحت أكتب إليكم من ناصية أحمد رجب وأسفل عطفة (عزيزى) نبيل عصمت وجار (علامة تعجب) عصام بصيلة،، فأنا الآن ملازم لجوار الأحباب،، تتشابك مشاعرى بين الفخر والمسئولية وتتشتت الأفكار والمعانى وتتوه الكلمات بحثًا عن أول ما أكتبه ويترنح القلم بين النشوة والقلق. حلم جديد تحقق لا ينقصه شيء إلا غياب الفلاحة التى كنت أتمنى أن تكون أول قراء هذه الكلمات (أمى) التى عرفت دروب الدنيا ببوصلتها وأيقنت الله بقلبها ونصحتنى فطرتها بأن من يضع على فمه لجامًا عن قول الحق سيجد من يضع سرجًا على ظهره. رحمة الله عليكِ يا أمى وعذرًا على ذاتية كلماتى وشكرًا للحبيبة (الأخبار) التى منحتنى شرفًا أرجو أن أستحقه.