الغيني نابي كيتا يتدرب مع فريق تحت 23 عاما في فيردر بريمن الألماني    وسائل إعلام عبرية تكشف مفاجأة بشأن عملية اغتيال السنوار    رئيس الوزراء يتابع مع رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس عددا من ملفات العمل    باريس سان جيرمان يمدد عقد لويس إنريكي    اصطدم بلودر، النقل تكشف تفاصيل حادث قطار البدرشين    السكة الحديد تكشف سبب حادث قطار بضائع مطروح    12 فيلما تشارك في مسابقة الأفلام الدولية القصيرة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    زيلينسكي يحذر من مجيء جنود من كوريا الشمالية ويضغط لانضمام أوكرانيا للناتو    التنمية الصناعية: تدريب أكثر من 1700 طالب وطالبة بكليات الهندسة والحاسبات في مختلف المحافظات    رئيس جامعة بنها يجري حوارا مع الطلاب بمقر العبور (تفاصيل)    أحمد مالك يعترف بمشاعره لهدى المفتي ويكشف عن وصفة المولد في مطعم الحبايب    «زواج وعلاقات».. أفضل 3 أبراج تتوافق مع برج الدلو    مرتدين زي الأزهر.. طلاب معهد أزهري في ضيافة قصر ثقافة العريش    رئيس الإنجيلية يهنئ الوزير عباس كامل بمنصبه الجديد    سويلم يلتقي المدير التنفيذي للجنة الوطنية لمياه الشرب والصرف الصحي بدولة ليبيريا    مهند مجدي يُوجه الشكر لرئيس جماعة العيون المغربية ويهديه درع الأهلي    توفير 250 طن تقاوى شعير لمزارعى مطروح بنصف الثمن دعما من الدولة    محور بديل خزان أسوان.. نقلة نوعية في البنية التحتية المصرية -فيديو وصور    ضبط 45 طربة حشيش قبل توزيعها في احتفالات مولد السيد البدوي    رئيس الوزراء يفوض وزير الزراعة في مباشرة اختصاصاته بشأن الاتحاد العام للتعاونيات    من هو حسن محمود رشاد رئيس المخابرات العامة الجديد؟    الخارجية الإيرانية: مصر وإيران بلدان مهمان ولاعبان إقليميان مؤثران    كازاخستان: لا ننوي الانضمام إلى مجموعة "بريكس" في المستقبل القريب    "معلومات الوزراء" يوقع مذكرة تفاهم مع جامعة الدول العربية في مجالات التوثيق الاستراتيجي والتحول الرقمي    هل تقبل الصلاة بالأظافر الصناعية أو الهارد جيل؟.. أمين الفتوى يجيب    أضف إلى معلوماتك الدينية.. هل إطالة الركوع في الصلاة أفضل أم السجود؟    الصحة: فرق تفتيش تتفقد مستشفى حميات الإسماعيلية لإعادة توزيع الأجهزة الطبية    وزير الري يطلق حملة «على القد» ضمن فعاليات أسبوع القاهرة السابع للمياه    «القاهرة الإخبارية»: جوزيب بوريل يضغط على الاحتلال الإسرائيلي بملف قطع العلاقات    «تعليم القاهرة» تعلن جداول امتحانات شهر أكتوبر لطلاب صفوف النقل    جدول حفلات أوبرا الإسكندرية لشهر نوفمبر 2024.. طرق الحجز وضوابط الحضور    وزير الثقافة يُسلم حاكم الشارقة جائزة النيل للمبدعين العرب    البحيرة: ضبط 8 آلاف طن مواد بترولية بكفر الدوار    شوبير يكشف مفاوضات الزمالك وبيراميدز لضم محمد شريف    جامعة حلوان تطلق اليوم الرياضي للياقة البدنية بكلياتها لتعزيز قدرات الطلاب    الكشف على 776 مواطنا في قافلة بداية الطبية المجانية بمركز حضري أسيوط    برلمانية تتقدم ببيان عاجل لرئيس الوزراء للإفراج الفوري عن سيارات المعاقين في الموانئ    "تعليم القاهرة" تعلن جداول اختبارات شهر أكتوبر    وزير التعليم يتفقد مدرستين بإدارة السيدة زينب لمتابعة انتظام الدراسة    الإدارة العامة للمرور: ضبط 36186 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    رئيس مصلحة الضرائب: تفعيل المقاصة المركزية للتسهيل علي الممولين وتشجيعهم    إصابة مدنيين بجروح جراء عدوان إسرائيلى على إحدى النقاط بمدخل مدينة اللاذقية    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف لتاجر الهيروين بالشرقية    ضبط 22 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    من هو الدكتور الطيب عباس الرئيس التنفيذي الجديد لمتحف الحضارة؟    زيلينسكي يدعو قادة الاتحاد الأوروبي إلى تقديم المزيد من المساعدات قبل حلول فصل الشتاء    مستشار الرئيس للصحة: لم يكن هناك بديل أو مثيل لبعض الأدوية خلال الأيام الماضية    سعاد صالح: من يتغنى بآيات القرآن مرتد ويطبق عليه الحد    موعد مباراة الهلال والفيحاء في الدوري السعودي.. القنوات الناقلة والمعلقين    "سيب ابنك في حاله".. تعليق ناري من شوبير بشأن ما فعله ياسر ريان وتوقيع ابنه للزمالك    عضو ب«الشيوخ»: مؤتمر الصحة والسكان منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار    محافظ المنوفية يتفقد انتظام سير العمل بمستشفى الجراحات المتخصصة.. صور    بعثة الزمالك تسافر إلى الإمارات استعدادا للسوبر المصري    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    مسؤولة أممية: مستوى المعاناة في غزة يتحدى القدرة على الوصف والاستيعاب    انفوجراف.. الأزهر للفتوى: تطبيقات المراهنات الإلكترونية قمار محرم    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد الخولي يكتب: والله زمان يا دراسة!
كل أسبوع
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 24 - 09 - 2024

وبدأت الدراسة وانطلقت مئات الآلاف من التلاميذ الصغار يبدأون مشوارهم مع التعليم، مستشعرين بداية دخولهم قفص تحجيم الحرية وتحمل أعباء التعلم وقيوده.
وتتداعى ذكريات اليوم الأول من الدراسة كما تعيها الذاكرة وقد غاب عنها كثير من التفاصيل، لكنها تحتفظ بما حفر نفسه فى أخاديدها واستقر فى قاعها.
أوائل خريف العام 1966 بمقاييس ذلك الزمان الجغرافية، خريف بطعم الشتاء فقد كنا غالبا حتى أول أكتوبر من كل عام نكون قد استقبلنا رخات من المطر تتراوح خفة ودلالا حينا وثقلا وزحلقة للشوارع حينا آخر.. وطبعا لم يعد هناك مقارنة بين احتباس زمننا الحرارى وجفاف طقسه مع ليونة وطراوة طقس تلك الأعوام من ستينيات وسبعينيات وثمانينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي.
على باب مدرسة الفريدية الابتدائية فى حى منشية الصدر التصاقا وتمسحا فى حى حدائق القبة، كنت أقف مع والدتى وسط مئات التلاميذ والأمهات فى يومنا الدراسى الأول الذى كان فى مثل هذه الأيام تقريبا.
الشوارع المتفاوتة للحى الشعبى العتيق كانت تكتظ بالذاهبين رفقة أمهاتهم أو آبائهم لاستقبال العام الدراسى، لكنهم عن بكرة أبيهم على حد التعبير المعروف يرتدون نفس القماش وذات التفصيلة من «المريلة» للصبيان والبنات وقد تعلقت حقائبهم من ذات القماش «تيل نادية» فى أيادى الأم للصغير تلميذ الصف الأول أو فى يد التلميذ أو التلميذة إن كانا أكبر من ذلك.
ولست أنسى ما حييت ذلك المشهد من محاولة تملص الصغير أو الصغيرة من يد أمه بشق الأنفس وهو يعاكس خطواتها رافضا تلك الخطوات إلى المجهول بالمدرسة الغريبة عليه وعلى خياله المحدود. لم يكن من الوارد أن ترى اختلافا فى زى أى مدرسة عن أخرى، ولم تكن حكاية الزى المدرسى قد شاعت وتحولت إلى «سبوبة» مفروضة ترهق الميزانيات المنهكة بفعل كل ماحولها.
نعم كان قماش «تيل نادية» هو الزى العام بما يشبه «اليونيفورم» بلغة العصر، ومعه استكمالا لكساء القدم أحذية «باتا»، لا تفاوت سوى بعض التميز لدرجة القماش أو تميز الحذاء للولد أو للبنت.
لذلك كانت الشوارع فى شبرا هى ذاتها فى العباسية والمطرية وحدائق القبة تكتسى باللون «البيج» فوق أجساد كل التلاميذ والتلميذات لتدرك من خلالها أنهم تلاميذ المرحلة الابتدائية. أما الحقيبة فمن ذات القماش تقوم بحياكتها الخياطة أو الخياط بيدين طويلتين تتعلقان بكتف التلميذ أو التلميذة، وفيها أدواته البسيطة بقلمها الرصاص و»البراية»، التى لم تكن تتاح للجميع، فالأب غالبا يقوم ببرى القلم لابنه أو ابنته بالموس، وفى حالات الترفيه «بالبراية» التى تعطى لسن القلم شكلا جذابا يغرى الصغير أو الصغيرة بتعمد كسره أحيانا ليقوم الأب باستخدام البراية، وكم كان كسر سن القلم «المبرى» مدعاة لضرب الصغير المشاغب، وبالتالى عدم تمكينه من حمل «البراية» معه فى حقيبته حفاظا على القلم، وبالطبع هناك الأستيكة «الممحاة» فى جيب الحقيبة الداخلى مع القلم، ولم تكن أقلام الرصاص ذات الأستيكة قد انتشرت فى تلك السنوات التى بدأت معها رحلتى مع الدراسة والتعليم 1966.
كانت المدرسة وقتها بالفعل مكانا لتلقى التعليم وللتربية الوجدانية والبدنية والمعيشية، فمازالت قاعة الاقتصاد المنزلي تفوح روائحها وقد تعلمنا فيها ثقافة الحياة العملية طهوا وحياكة وتطريزا أيضا للصبيان مع البنات ومازالت حصص التربية الزراعية تترك أثرها فى حب الطبيعة وعشق الزراعة وماتزال حصص الخط العربى تقاوم تكنولوجيا الاستغناء عن القلم اليدوى، وماتزال قاعة الموسيقى ترن نغماتها، وماتزال حصص الألعاب تترك بصمتها على أجساد من عايشوا تلك الفترات من التعليم.
وكان من أقدارى مع التعليم أن أعايش العملية التعليمية فى العاصمة وفى القرية، فلظروف عائلية استدعت عودة عكسية إلى القرية بعدما تركناها قبل ذلك بأعوام، وفى مدرسة القرية الابتدائية كان موضوع الزى المدرسى غير وارد ولا مطروح وقتها اللهم إلا تلاميذ وطلاب المعاهد الأزهرية بزيهم الرسمى التقليدى التاريخى؛ فقد كان تواضع الحال فى القرية يدفع بالتلاميذ إلى المدرسة بجلباب أو بيجاما وصندل باتا و»مِخْلة» كيفما اتفق من بواقى أى تفصيل جلباب رجالى أو جلابية حريمى.
أما أجمل ما كان بمدرسة القرية وقتها فكانت فصول التقوية عقب اليوم الدراسى مباشرة فى دار أحد المدرسين بالمدرسة، وكان من حظى أن عايشت هذا الأمر فى دارنا بالقرية وقد كان عمى رحمه الله مدرسا للغة العربية، فكان طاقم التدريس للشهادة الابتدائية يلتئم كله عقب اليوم المدرسى ومجموعة تلاميذ الصف السادس وأنا بينهم لمعاودة شرح نفس الدروس التى تم شرحها خلال اليوم بالمدرسة، وهى تجربة تعليمية إنسانية فريدة لايمكن نسيان جمالها فضلا عن جدواها وفائدتها لمجموعة التلاميذ التى حصل أكثر من نصفهم على مجاميع أعلى من 95% نتيجة إخلاص مدرسيهم لرسالتهم السامية ورغبتهم المستمرة فى رفع شأن مدرستهم وقريتهم.
والحديث يظل ذا شجون مع استهلال أبنائنا وأحفادنا لعامهم الدراسى فى أسبوعه الأول وسط محاولات وقرارات لوزير التربية والتعليم الأستاذ محمد عبد اللطيف يحاول من خلالها التعامل مع معطيات معلومة ومطلوب منها كثير من الآمال، لكن لابد من تناول الأمر داخل معطياته حسب الفترة التى نحن فيها مقارنة مثلا بما تناولته من ظروف التعليم فى عقد الستينيات لكن هذا لايمنع أبدا من مراجعة مستمرة لسياسات التعليم تبعا لكل مرحلة ومعطياتها وتحدياتها ؛ فالتعليم هو مشروع أمن قومى بالدرجة الأولىلا مراء في ذلك ولا جدال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.