يمثل موسم البلح تراثًا اجتماعيًا في شمال سيناء، حيث اعتادت الأسر التي تمتلك أشجار النخيل التجمع كل عام لجني محصول البلح والرطب لصناعة العجوة، ويتسابق المزارعون إلى بساتين النخيل لجمع الثمار الحمراء والصفراء المزروعة في مختلف مناطق المحافظة. ويُعد هذا الموسم من أهم الفصول الزراعية في سيناء، حيث يساهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد المحلي، ويوفر فرص عمل للعاملين في جني وتجارة البلح، كما يستثمر الأهالي موسم جني البلح في صناعة العجوة، خاصة وأن كميات الإنتاج من المحصول تكفي للاستهلاك المحلي فقط وليس للتصدير. ويعتبر أبناء سيناء، موسم حصاد البلح بمثابة فترة استجمام وقضاء وقت ممتع وسط مفردات الطبيعية بعيدًا عن ضغوطات الحياة العصرية وتجديد النشاط، فهم يمضون لياليهم في السهر والسمر والتواصل فيما بينهم، ويتعلم النشء والشباب من الأهالي فنون هذه الهواية المتوارثة عبر الأجيال. وقال أحمد علي من حي أبي صقل، مزارع، تتنوع أصناف البلح، مثل "الحيانى" و"المجهل" و"بنت عيش"، وتُزرع في المناطق الساحلية المنخفضة التي تعرف ب "السراديب"، حيث تعتمد على تدفق المياه الجوفية بشكل طبيعي، وأنه يتم استئجار عامل متخصص ليصعد النخلة لقطف ثمار النخيل، باستخدام "المطلاع" وهو عبارة أداة مصنوعة من ليف النخيل، للصعود أعلى النخلة ومعه آلة حادة " الشرخ"، وكذلك "المشنة "وهي وعاء مصنوع من سعف النخيل لوضع البلح أو الرطب بداخلها، ويتم نقل كميات البلح والرطب إلى مكان محاط بسياج من جريد النخيل يطلق عليه اسم "المشرة" لصناعة العجوة، كما يتم قطع قنوان البلح الذي اكتمل نضجها. وقال نصار عيد سالم من أبناء مركز بئر العبد، إن محصول البلح يمثل لدى كثير من الأسر في مركز بئر العبد، مصدر رزق، وهذا يتيح فرص عمل لأفراد الأسر والشباب بالتوسع في زراعات النخيل، وإضافة أصناف أخرى غير تقليدية. وأضاف أن "العجوة"، تعتبر أهم منتج محلي في أسواق شمال سيناء، خاصة في مدينتي العريش وبئر العبد، خلال شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام بعد جمع البلح، ونشره في حرارة الشمس حتى يصبح شكله أسمر ويطلق عليه الرطب، لتجهيزه لصناعة العجوة بالطريقة اليدوية، ويترك في الشمس لمدة تزيد عن 3 أيام حتى يجف ليصبح لين، وذلك لصناعة أقراص العجوة والتي يوجد عليها إقبال شديد لاستخدامها كغذاء رئيسي لطلبة المدارس خلال فصل الشتاء، فهي تزود الجسم بالطاقة. وطالب نصار بتبني مبادرة لتشجير النخيل على غرار مبادرة الزيتون باستخدام شتلات النخيل "الحِيَّاني"، مؤكدًا أهمية إنعاش أشجار النخيل ورعايتها التي تشكّل رمزاً بيئياً ومهمًا لإنعاش لاقتصاد المحلي. من جانبه، يستعد جهاز تعمير شمال سيناء، لجني محصول البلح البرحي من المزارع النموذجية بالتجمعات التنموية بمركزي الحسنة ونخل بوسط سيناء ضمن خطة التنمية الشاملة في سيناء، على الرغم من حداثة عمر أشجار النخيل، إلا أن إنتاجية النخلة تفوق التوقعات، ويرجع ذلك لخصوبة التربة، والمناخ المناسب. وقال المهندس ناجي إبراهيم مدير منطقة تعمير شمال وجنوب سيناء، إنه تم إطلاق إشارة بدء جني محصول البلح البرحي لنخيل من المزارع التابعة للجهاز، وتبلغ مساحة المزرعة 55 فدانًا، وتضم 500 نخلة بارحي، و110 نخل حياني، على مساحة 5 أفدنة، ويتعدى متوسط إنتاج الفدان 4 أطنان. اقرأأيضا|مصر على خريطة التمور العالمية 15 مليون نخلة تنتج 1٫8 مليون طن سنويًا وقال المهندس محمد الدع وكيل وزارة الزراعة بشمال سيناء، إن محصول النخيل يعد ثروة قومية في المحافظة، وتنتشر زراعته في مناطق المحاذية لساحل البحر المتوسط من رفح شرقًا مرورًا بمناطق الشيخ زويد والعريش، وكذلك قرى المثلث الأخضر ببئر العبد.