رئيس الوزراء يوجه بوضع مستهدفات محددة لشركات قطاع الأعمال العام    محافظ أسيوط يشهد تسليم شنط مدرسية للطلاب الأولى بالرعاية    الإسكان: جهاز المنيا الجديدة يحصل على شهادة الأيزو في الجودة والتوافق البيئي    السيسي ورئيس جزر القمر: مواصلة العمل المشترك لتطوير العلاقات الثنائية    مصدر أمني في كييف: مسيّرات أوكرانية تقصف مستودعا للأسلحة في غرب روسيا    نادي روما الإيطالي يعلن إقالة المدير الفني دي روسي    فتوح يطلب من أسرة الشبكي السماح له بزيارتهم    تين هاج بعد السباعية أمام بارنسلي: نريد التحسن هذا الموسم    المشدد 7 سنوات لمتهم بخطف طفل وهتك عرضه في الشرقية    "هدايا السماء"| تفاصيل رصد ظواهر فلكية الليلة الماضية.. فيديو    خلافات سابقة.. التحقيق في مقتل حارس عقار خلال مشاجرة في الجيزة    جهز حاسبك.. أنت مدعو إلى جولة افتراضية في متاحف مكتبة الإسكندرية    جامعة الوادي الجديد تشارك بفعاليات المبادرة الرئاسية بداية    بحضور السفير الياباني.. معهد «تيودور بلهارس» يُنظم ورشة عمل في مناظير الجهاز الهضمي    هاري كين يوجه التحية لروني بعد تحطيم رقمه في دوري أبطال أوروبا    نقابة الأطباء: إعداد قاعدة بيانات للأعضاء فوق ال60 عامًا للتواصل الفعال معهم    رئيس جامعة الإسكندرية: تأهيل الكليات والمرافق لتناسب احتياجات الطلاب ذوي الهمم    باكستان تدعو الأمم المتحدة إلى دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غدا الخميس 19 - 9 -2024    الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025 في جامعة الأزهر.. ينطلق 28 سبتمبر    6 برامج دراسية جديدة باللغة الإنجليزية ب"زراعة بنها"    زاهي حواس يقدم كتابا لمصمم الأزياء الشهير ستيفانو ريتشي    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكرم المنتج هشام عبد الخالق    حلاوة زمان .. عروسة وحصان    ما حكم التوسل بالنبي؟.. «الإفتاء» تستشهد بأدلة من القرآن والسنة    هل يجوز بيع المشغولات الذهبية بالتقسيط بزيادة في الثمن عن السعر الأصلي؟.. الإفتاء تُجيب    جامعة القناة: تفعيل منصة الكتاب الجامعي وربطها بنظام دفع الكتروني    وزيرا الزراعة والتموين يبحثان ضبط أسعار بيض المائدة بالتعاون مع اتحاد منتجي الدواجن    مرور مفاجئ على عيادات التأمين الصحي بالشرقية    أفكار للانش بوكس، أفضل أطعمة يمكن أن يتناولها الأطفال خلال اليوم الدراسي    كرة نسائية - سالي منصور تكشف أسباب رحيلها عن الأهلي بعد إعلان التعاقد معها    إدانة كورية جنوبية أمريكية يابانية لإطلاق كوريا الشمالية صواريخ باليستية    ترامب يعرب عن غضبه بسبب "لطف" بايدن وهاريس.. ذا هيل تكشف التفاصيل    تفاصيل مقتل وإصابة 9 جنود إسرائيليين فى انفجار ضخم جنوبى قطاع غزة    تفاصيل خدمات مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان.. هدفها تكثيف الخدمات للمواطن    عبدالباسط حمودة ضيف حلقات منى الشاذلي.. تعرف على الموعد    رئيس جائزة القلم الذهبى: فريدة من نوعها وترفع راية اللغة العربية    تداول 9 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    لا يمثل إلا نفسه.. مشيخة الطريقة التجانية تتبرأ من شيخ إمبابة- بيان رسمي    ختام فعاليات التدريب البحري «النسر المدافع» بين القوات المصرية والأمريكية بنطاق البحر الأحمر    ضبط عامل ديليفري تحرش بأجنبية في المعادي    محافظ أسيوط يغلق دار مسنين لتردى الأوضاع الصحية والنفسية للنزلاء    «عز يسجل تراجعا جديدا».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024    ظهر في ألمانيا- أمجد الحداد يوضح الفئات الأكثر عرضة لمتحور كورونا الجديد    خبير: الدولة تستهدف الوصول إلى 65% من الطاقة المتجددة بحلول 2040    نادي الأسير الفلسطيني: حملة اعتقالات وعمليات تحقيق ميداني واسعة تطال 40 مواطنا من الضفة    جامعة القاهرة تتصدر قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم 2024 محليا    زهران: تم الاستئناف على براءة رمضان من المنشطات.. والسعيد تلقى 60 ألف دولار من الأهلي    وزيرة البيئة تلتقى السفير الياباني بالقاهرة لبحث سبل تعزيز التعاون    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ولايبزيج في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    اقتراح برغبة لوزير التعليم لتحديد التنسيق للمدارس الثانوي بموجب إعلان واحد فقط    حبس سائق لسرقته مقر شركة بمنطقة شبرا    دعاء خسوف القمر اليوم.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    محامي رمضان صبحي يكشف تفاصيل استئناف منظمة مكافحة المنشطات ضد براءته    تامر أمين: "الخيانة" وراء سلسلة التفجيرات التي ضربت حزب الله    هل يدخل تارك الصلاة الجنة؟ داعية تجيب: «هذا ما نعتقده ونؤمن به» (فيديو)    احتفالية دينية في ذكرى المولد النبوي بدمياط الجديدة.. صور    حظك اليوم| الأربعاء 18 سبتمبر لمواليد برج الحمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من القاهرة إلى نيويورك مرورا بمدريد.. ثلاث محطات باتجاه تحقيق الحلم

قد يكون سبتمبر الحالى هو شهر فلسطينى بامتياز على خلفية المارثون السياسى على الصعيد العربى والإقليمى والدولى لوضع حد للعدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى والذى يدخل عامه الثانى بعد ثلاثة أسابيع فقط وكذلك الاتجاه إلى حل نهائى للصراع العربى الإسرائيلى بإقرار حل الدولتين وإعلان الدولة الفلسطينية والبداية كانت من القاهرة يوم الثلاثاء الماضى من خلال نتائج اجتماعات وزراء الخارجية العرب الذى تم تخصيص اجتماعاته إلى البحث فى آليات الحل مع تأجيل البحث فى بقايا القضايا الأخرى رغم أهميتها وخلالها تم الاتفاق على خريطة طريق باتجاه تحقيق الهدفين وفى مقدمتها حشد الدعم الدولى للقضية الفلسطينية لم تمر سوي
أقل من 24 ساعة على اجتماع وزراء خارجية الدول العربية حتى تم عقد اجتماع مع سفراء وممثلى أمريكا اللاتينية والكاريبى المعتمدين فى القاهرة للتوافق على دعم نيل فلسطين العضوية وكانت المحطة الثانية فى العاصمة الإسبانية مدريد أول أمس الجمعة حيث تم عقد اجتماع شارك فيه عدد من وزراء الخارجية الأوربيين مجموعة الاتصال العربية والإسلامية التى تم تشكيلها فى قمة جدة العام الماضى مع مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوربى جوزيب بوريل ويبدو أن أوربا تساهم بدور مهم فى هذا المجال فهناك ثلاث دول إسبانيا والنرويج وأيرلندا سبق لهم أن اعترفوا بالدولة الفلسطينية فى 28 مايو الماضى وأثمر الاجتماع عن توافق فى وقف نزيف الدم والمطالبة بانسحاب إسرائيل الكامل من غزة بما فيها محور صلاح الدين ويدين الإجراءات الأحادية غير القانونية والمستوطنات وعمليات التهجير القسرى ويؤكد ضرورة الالتزام المشترك بتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدوليين ونحن فى انتظار المحطة الثالثة فى نيويورك.
حيث تم التوافق على عقد اجتماع موسع حول الوضع فى غزة على هامش الدورة الحالية فى 26 سبتمبر الحالى وكل التوقعات بأنه سيحظى باهتمام ومشاركة غير مسبوقة حيث سيتم البناء على ماتم إنجازه منذ أيام بعد أن شهدت قاعة بدايات اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الطهو الأول لمندوب فلسطين وهو يجلس فى مقعده لأول مرة بعد الدعم الذى حصلت عليه فى مايو الماضى للانضمام كعضو كامل فى الأمم المتحدة
وهذا محاولة للاقتراب من كل ما يجري
خارطة طريق عربية لتعزيز حل الدولتين
يخطئ من يعتقد أن العرب بعيدون عن تسوية القضية الفلسطينية بشكل عادل وشامل وصولاً للهدف المنشود بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. فمنذ صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم الأراضى الفلسطينية إلى دولتين عربية ويهودية فى نوفمبر عام 1947، وتناضل الدول العربية ليتنفس الفلسطينيون الحرية ويتمتعوا بحقوقهم المشروعة كسائر شعوب الأرض، بل ويخوض العرب حروباً دبلوماسية عنيفة فى كافة المحافل الدولية والإقليمية من أجل قيام دولة فلسطين المستقلة وحماية الحقوق الفلسطينية المنهوبة من الإسرائيليين على مدار عقود.
اقرأ أيضًا| مجرد من الإنسانية.. أبو الغيط: الاحتلال يعتبر نفسه باق أمد الدهر
واليوم، نحن أمام حراك عربى هو الأقوى من نوعه منذ عشرات السنين، وخاصة مع التئام أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة حالياً فى نيويورك. فربما تحمل هذه الدورة اختراقاً جديداً فى التعنت الإسرائيلى المستمر ضد قيام دولة فلسطين واعتراف المؤسسات الدولية والأممية بها. فمنذ أيام قليلة، طلبت المجموعة العربية فى الأمم المتحدة من الجمعية العامة للمنظمة الدولية، التصويت على مشروع قرار فلسطينى يطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانونى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، خلال 6 أشهر.
والهدف الرئيسى لمشروع القرار هو التأكيد على الرأى الاستشارى الذى أصدرته محكمة العدل الدولية فى يوليو الماضى وجاء فيه أن احتلال إسرائيل للأراضى والمناطق الفلسطينية غير قانونى ويجب أن تنسحب منها. هذه الخطوة الفلسطينية «الجديدة القديمة» تحظى بقوة دفع عربية غير مسبوقة داخل أروقة الأمم المتحدة، إلى جانب مسار الضغط العربى على كافة دول العالم لدعم فلسطين فى حصولها على العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية.
خاصة أنها تأتى بعد أيام من انعقاد أعمال الدورة 162 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، التى خصصت كل أعمالها لدعم القضية الفلسطينية ومواجهة العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، مما جعل تلك الدورة (فلسطينية بامتياز).
ورسم وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم فى القاهرة الأسبوع الماضي، خارطة طريق واضحة المعالم ومحددة الاتجاهات لدعم نيل الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، والاعتراف الدولى بدولتهم المستقلة، وحصولهم على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة. وخلص الوزراء إلى 21 قراراً لنصرة الفلسطينيين وقضيتهم، لعل أبرزها هو تكليف المجموعة العربية فى نيويورك ببدء خطوات تجميد مشاركة إسرائيل فى الجمعية العامة للأمم المتحدة لعدم التزامها بمقاصد ومبادئ ميثاق المنظمة الدولية وتهديدها للأمن والسلم الدوليين، إلى جانب دعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، ودعوة مجلس الأمن إلى قبول هذه العضوية وبعد يوم من اجتماعات وزراء الخارجية العرب الماراثونية، استضافت الجامعة العربية اجتماعاً فريداً من نوعه لدعم الاعتراف الدولى بدولة فلسطين.
حيث عُقد اجتماع موسع لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين مع سفراء وممثلى دول أمريكا اللاتينية والكاريبى المعتمدين لدى مصر، والهدف الرئيسى منه هو حشد دعم دول العالم لحصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة. وقد أكد سفراء وممثلو دول أمريكا اللاتينية والكاريبى فى ذلك الاجتماع، على دعم بلادهم الكامل للحق الفلسطينى المشروع فى نيل فلسطين العضوية الكاملة.
مقاربة جامعة الدول العربية لدعم الفلسطينيين ونيلهم حقوقهم المشروعة، دلل عليها الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط خلال المؤتمر الصحفى الذى أعقب اجتماعات وزراء الخارجية العرب يوم الثلاثاء الماضي، بوصفه ذلك اليوم بأنه يوم فلسطيني، معلناً توافق وزراء الخارجية على تأجيل جميع المسائل السياسية الخاصة بالعمل العربى المشترك استثنائياً حتى شهر مارس المقبل، لإعطاء فرصة التركيز على نقاش مكثف بشأن فلسطين، والتخطيط للتحركات العربية فى مجلس الأمن والأمم المتحدة ويبقى القول والتأكيد.
أن العرب مستعدون لبذل كافة الجهود فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأيام القادمة؛ دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين، ومواجهةً للصلف الإسرائيلى المعهود. وربما يُكتب فى نهاية الشهر الحالي، الفصل الأخير لمسيرة الاعتراف الدولى بفلسطين المستقلة وحصولها على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.
سوريا.. فى عين الخطر..وتل أبيب تستعد لفتح الجبهة الرابعة
بجانب قطاع غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، دخلت سوريا نطاق بنك الأهداف الإسرائيلى، واستحالت إلى جبهة رابعة، تتأهب تل أبيب بدعم أمريكى لاجتياحها، اعتمادًا على استنساخ اتهامات معلَّبة، سبق واستخدمتها واشنطن مع عراق صدام حسين، حين اتهمته ب «امتلاك أسلحة دمار شامل». ويؤشر الواقع الميدانى فى سوريا إلى تجاوز إسرائيل استراتيجية «معارك ما بين الحروب»، التى ناورت فيها منذ عام 2011 بعمليات عسكرية نوعية داخل العمق السورى، وانتقالها حاليًا إلى مرحلة «المواجهة المباشرة مع نظام بشار الأسد»، والتمهيد لها عبر اتهامه بامتلاك أسلحة كيماوية، ومصادقة الإدارة الأمريكية بطبيعة الحال على تقدير الموقف الإسرائيلى.
وفى إطار التعتيم على عملياتها العسكرية فى سوريا، لم تعلن إسرائيل أى مسئولية عن قصف مركز أبحاث فى مدينة «مصياف» جنوب غرب حماة، ولا عن تزامن القصف مع عمليات إغارتها الجوية الأخرى على 12 موقعًا فى دمشق، وحمص، وحماة، وطرطوس. وبينما نقلت آلة الإعلام العبرية عن مصادر وصفتها ب«الأجنبية» استهداف إسرائيل «معمل» لإنتاج الأسلحة الكيماوية فى مدينة «مصياف»، كشفت على لسان المصادر ذاتها تطور عمليات إسرائيل النوعية فى سوريا، وانتقالها من القصف إلى إسقاط قوات كوماندو جوًا؛ إذ حلقت مروحيات إسرائيلية فى سماء المناطق السورية المستهدفة، وهبطت عناصر الكوماندو باستخدام الحبال، وتحت غطاء جوى كثيف. وحسب موقع «نتسيف» العبرى، أسفرت العمليات الإسرائيلية عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين السوريين، بالإضافة إلى مقتل خبير روسى، وأسر ضابطين إيرانيين، اقتادتهما قوات الكوماندو إلى إسرائيل.
ونقل الموقع المقرب من دوائر أمنية فى تل أبيب تقديرات «أجنبية»، تؤكد أن عملية قصف 12 موقعًا سوريًا هى الأكبر والأعنف منذ عام 2017، فضلًا عن «تمهيدها لحدث ربما يعد الأكبر من نوعه» منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، وفقًا للتسمية الإسرائيلية.
تأهبًا ل«الحدث الأكبر»، وتطمينًا للجبهة الداخلية، خاصة فى منطقة الشمال، أفادت تسريبات عبرية بامتلاك إسرائيل قدرات تمكنها من توليد الكهرباء عبر أكثر من مصدر فوق وتحت الأرض وبحرًا؛ فإذا تعرضت شبكة الكهرباء الإسرائيلية للتدمير، يعود التيار خلال 7 دقائق عند تشغيل مولدات هائلة فى أكثر من موقع. وتناغمًا مع برامج التأهب، دشَّنت إسرائيل على مدار الأشهر الماضية عددًا من الخنادق والملاجئ لمئات الآلاف من البشر، واعتبرت الخنادق بمثابة خط دفاع آخر بعد منظومة «القبة الحديدية» حال اختراقها. وفى ظل تلاقى بنك أهداف إسرائيل مع نظير أمريكى، غرقت سوريا فى وادى معلومات مضللة، ضاهت إلى حد كبير ما أشيع فى حينه عن العراق.
وبينما روَّجت تل أبيب لما وصفته ب«برنامج صواريخ بالستية، ومعامل أسلحة كيماوية فى سوريا»، ادعى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن انفتاح طهران على موسكو بشكل غير مسبوق، وحصولها خلال الآونة الأخيرة على معدات أسلحة غير تقليدية (نووية، وكيميائية، وبالستية) روسية، ولم يستبعد نقل هذه المعدات من إيران إلى سوريا.
وفيما بدا أنه إشارة من واشنطن لتحريض آلة الإعلام العبرية على تسويق الفكرة، تبنَّى موقع «نتسيف» حملة دعائية، حاول من خلالها الترويج ل«سيولة الحركة على جانبى الحدود السورية مع العراق»، وأن هذه السيولة سمحت بعبور 25 حافلة إلى مدينة البوكمال بقيادة ميليشيات عراقية موالية لإيران.
ولم تستنكف صحيفة «وول ستريت جورنال» هى الأخرى تحالفًا مع تل أبيب فى الحملة، مشيرة فى نفس توقيت التقرير العبرى إلى أن «الميليشيات الإيرانية فى سوريا استقدمت إلى مدينة البوكمال خلال الآونة الأخيرة «أعدادًا هائلة» من مقاتليها فى العراق؛ لكن الصحيفة المحسوبة على التيار الأمريكى المحافظ، ألمحت إلى نقل مواد غير تقليدية من إيران إلى سوريا عبر القوافل التى يدور الحديث عنها. ورغم تزامن الحملة الإسرائيلية الأمريكية مع إعلان إيران وعناصر «حزب الله» انسحابًا مرحليًا من سوريا، وصفت تقديرات تل أبيب الخطوة ب«الانسحاب التكتيكي»، لكن الواقع على الأرض يشى باستراتيجية إسرائيلية أعمق، تؤكد مفرداتها: أنه إذا واجهت آلة تل أبيب العسكرية مواقفًا مناوئة (حتى ولو كانت مائعة) لعمليات الإبادة فى قطاع غزة والضفة الغربية، فلن يتردد معسكر الغرب فى التحالف مع إسرائيل عند اتهام نظام الأسد بامتلاك أسلحة غير تقليدية، لاسيما عند إشراك إيران ومعها روسيا فى الوقوف وراء البرامج غير التقليدية.
عندئذ لن يعوِّل بنيامين نتانياهو فى بقاء حكومته على الانشغال بجبهات غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان فقط، وإنما يساعده فتح الجبهة السورية ودواعى العمل المسلح فيها ضد إيران والميليشيات المحسوبة عليها فى تأهيل الداخل والخارج الإسرائيلى لحتمية بقاء ائتلافه حتى آخر مدته فى 2026، والبحث خلال هذه المدة عن آليات يمكن من خلالها إنقاذه من المحاكمة فى ملفات الفساد، أو الإخفاق فى حرب «السيوف الحديدية» بقطاع غزة.
تحول دراماتيكى باتجاه إحياء مباحثات الملف النووى الإيرانى
سميحة شتا
فى تحول لافت للنظر، أبدت إيران رغبتها فى العودة للمفاوضات النووية مع الغرب، فقد أرسلت إيران فى الأسابيع الأخيرة إشارات إلى الاتحاد الأوروبى، تؤكد فيها حرصها على إعادة إحياء المفاوضات المتوقفة منذ سبتمبر 2022.
وقد أعلن بيتر ستانو المتحدث باسم السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى أن الاتحاد لا يزال يسعى لإحياء المفاوضات النووية مع إيران. وذكر ستانو أن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى على اتصال بجميع أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة بما فى ذلك إيران لإبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة لاستئناف مفاوضات تخفيف العقوبات.
وقد أبدى المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى استعداده للتعاون مع الولايات المتحدة بشأن طموحات طهران النووية. ففى الأسبوع قبل الماضى، وخلال اجتماعه التمهيدى مع الحكومة الإيرانية التى تشكلت حديثاً، صرح خامنئى بأنه «لا ضرر» فى التفاوض مع ما أسماه «العدو»، فى إشارة إلى الولايات المتحدة والغرب، مُستدركاً بأنه «لا ينبغى أن نعلق آمالنا على العدو»، ومُحذراً -فى الوقت نفسه- من الوثوق به. وترى مجلة «فورين بوليسى إن فوكاس»، أنه لم يكن مفاجئًا أن تؤدى لفتة خامنئى الأخيرة، وإن كانت خفية، إلى إعادة إشعال التكهنات حول احتمال إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. وتشير هذه المبادرة، وإن كانت متواضعة بعناية، إلى احتمال أن تفكر إيران فى العودة إلى طاولة المفاوضات. ويشبه هذا التحول المحتمل الاتفاق النووى التاريخى لعام 2015، حيث وافقت إيران على تقليص برنامجها النووى فى مقابل تخفيف العقوبات بشكل كبير.
ويعكس انفتاح خامنئى على المفاوضات فى ظل حكومة بيزيشكيان الإصلاحية التفاؤل الحذر الذى أحاط بالاتفاق الأصلى. وتظل قدرة بيزيشكيان على إدارة هذا الموقف الحساس غير مؤكدة، وخاصة فى ظل صراع الشرق الأوسط مع التوترات المتزايدة الناجمة عن الصراع بين إسرائيل وحماس. فضلاً عن ذلك، تضيف الانتخابات الرئاسية الأمريكية الوشيكة فى نوفمبر طبقة أخرى من التعقيد. ومع تلميح خامنئى إلى مفاوضات محتملة، يظل السؤال مطروحاً: هل يمكن التوصل إلى تفاهم جديد يعالج المخاوف الأمريكية والإيرانية على حد سواء؟
هناك ثلاثة عوامل قد تفسر هذا التحول. أولاً، قد يكون هذا تكتيك استراتيجى لكسب الوقت. فالانخراط فى المحادثات قد يسمح لطهران بتأخير التدخل الدولى لفترة كافية فقط لدفع برنامجها النووى إلى نقطة اللاعودة. وإذا أعلنت إيران نفسها دولة مسلحة نووياً، فإن خيارات الغرب فى الرد سوف تكون محدودة للغاية. وعلى هذا فإن استعداد إيران للتفاوض قد لا يكون مرتبطاً بالدبلوماسية الحقيقية بقدر ما يرتبط بتأمين مكانتها على الساحة العالمية.
وثانياً، تختنق إيران تحت وطأة ضغوط اقتصادية شديدة. فقد أدى التضخم الشديد، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض قيمة عملتها بسرعة إلى دفع الإيرانيين العاديين إلى صراع لا هوادة فيه من أجل البقاء. وفى مثل هذا الوضع المحفوف بالمخاطر، ربما يكون موقف خامنئى المخفف يهدف إلى تأمين الإغاثة الاقتصادية من رفع العقوبات الدولية، خاصة بعد تهديد واشنطن ودول أوروبية حليفة لها بفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب مبيعات صواريخ باليستية مزعومة لروسيا، وربما توفر احتمالات استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة شريان حياة، وهو ما قد يخفف من الاضطرابات الاقتصادية التى اجتاحت البلاد. وبالنسبة لخامنئى، ربما لا يشكل التعامل مع الغرب تحولاً أيديولوجياً، بل محاولة براجماتية لمنع الاضطرابات الداخلية وتأمين بقاء النظام فى أوقات مضطربة على نحو متزايد.
إن العامل الثالث قد يتعلق بتصعيد التوترات بين إيران وإسرائيل. فقد أثار التدهور الأخير فى العلاقات بين إيران وإسرائيل مخاوف من اندلاع صراع إقليمى أوسع نطاقاً. وبالنسبة لطهران فإن تأمين الموارد المالية لدعم قواتها العسكرية وقواتها بالوكالة لم يكن أكثر إلحاحاً من أى وقت مضى. ويزيد من هذا الإلحاح التهديد المستمر بشن ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
ومن منظور طهران، يبدو أن إسرائيل والولايات المتحدة على استعداد لاتخاذ إجراءات لمنع إيران من التحول إلى دولة مسلحة نووياً. وقد يدفع هذا التهديد الوشيك إيران إلى إعادة النظر فى موقفها المتشدد واستكشاف السبل الدبلوماسية، على الرغم من عدم ثقتها العميقة فى الغرب. وفى هذا السياق المتقلب، قد تنظر القيادة الإيرانية إلى المفاوضات باعتبارها ضرورة استراتيجية وليس مجرد لفتة دبلوماسية.
وقد يكون التعامل مع الغرب وسيلة لدرء العمل العسكرى وتأمين الإغاثة الاقتصادية، وبالتالى تثبيت استقرار النظام فى ظل ضغوط داخلية وخارجية متزايدة.
ورغم أن تعليقات خامنئى الأخيرة بشأن المفاوضات المحتملة تعكس خطاب إدارة روحانى، فإن السياق مختلف تماماً. ذلك أن التوترات المتصاعدة مع إسرائيل، إلى جانب المقاومة السياسية العميقة الجذور فى كل من البلدين، والحالة المتقدمة التى بلغها البرنامج النووى الإيرانى، تجعل احتمالات التوصل إلى اتفاق جديد بعيدة المنال على نحو متزايد. وفى هذه البيئة المتوترة، تبدو فرص تكرار نجاح عام 2015 ضئيلة، حيث لم تعد الظروف الأساسية التى جعلت ذلك الاتفاق ممكنًا قائمة.
صراع الحق والفيتو.. فلسطين تصنع التاريخ فى الأمم المتحدة
نوال سيد عبدالله
«هذه أرضنا، ولن نرحل عنها، وسنبقى نقاوم حتى تتحرر فلسطين، كل فلسطين.».. بهذه الكلمات التى قالها الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، والتى تجسد إصرار الشعب الفلسطينى على حقوقه، نستعيد مشهد جلل بالأسبوع الماضى يمثل لحظة تاريخية لفلسطين فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
حيث حصلت لأول مرة على مقعد بين الدول الأعضاء. اعتُبر هذا الإنجاز خطوة هامة نحو الاعتراف الدولى بحقوق الفلسطينيين، حيث جلس مبعوث السلطة الفلسطينية، رياض منصور، على طاولة تحمل اسم «دولة فلسطين» بين دولتى سريلانكا والسودان. هذا التحرك، الذى أثار مشاعر الفخر والاعتزاز لدى الفلسطينيين والعرب وكل المتضامنين، لم يمر دون اعتراضات من قبل إسرائيل، التى رأت فيه محاولة لتكريس شرعية الدولة الفلسطينية على الساحة الدولية، بينما اعتبرته دول أخرى دعمًا مستحقًا لحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
وشاركت البعثة الفلسطينية الدائمة لدى الأمم المتحدة مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعى يظهر فيه سفير جمهورية مصر العربية ورئيس الجمعية العامة يؤكدان على ترتيب الجلوس الجديد لوفد دولة فلسطين. وقال السفير المصرى أسامة عبد الخالق: «هذا ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو لحظة تاريخية بالنسبة لنا.»
فى المقابل، لم تكن إسرائيل سعيدة بهذه الخطوة، وقال جوناثان ميلر، نائب السفير الإسرائيلى لدى الأمم المتحدة: «أى قرار أو إجراء يحسن من وضع الفلسطينيين هو حاليًا مكافأة للإرهاب بشكل عام ولإرهابيى حماس بشكل خاص.» ويأتى المقعد لوفد فلسطين فى ظل محاولات متكررة من قبل إسرائيل لعرقلة محادثات السلام التى قد تؤدى إلى قبول دولى لدولة فلسطين، التى أعلنتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988. وتم الاعتراف بها من قبل 145 من أصل 193 دولة عضو فى الأمم المتحدة، لكن إسرائيل وكثير من حلفائها لا يزالون يرفضون قبول الدولة الفلسطينية، رغم وجود أشكال أخرى من الاعتراف. وفى ظل هذه التحديات، تنعقد الدورة التاسعة والسبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة برئاسة فيليمون يانج فى نيويورك، وفى هذا السياق، لم تُمنح فلسطين العضوية الكاملة بعد، لكنها تواصل السعى بقوة للحصول على هذا الاعتراف فى الأمم المتحدة.
ففى أبريل الماضى، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد محاولة سابقة لفلسطين للحصول على العضوية الكاملة. ومع ذلك، وفى خطوة إيجابية أخرى، دعمت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10 مايو الماضى محاولة فلسطين للانضمام كدولة عضو كاملة، وأوصت مجلس الأمن الدولى «بإعادة النظر فى الأمر بشكل إيجابى.» وأكدت الجمعية أن الفلسطينيين يستحقون العضوية الكاملة.
مما يمنحهم حقوقًا إضافية، مثل صفة المراقب والقدرة على تقديم مقترحات وتعديلات. تمت الموافقة على القرار بأغلبية 143 صوتًا مقابل تسعة أصوات معارضة، بما فى ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتناع 25 دولة عن التصويت. ورغم هذا الدعم الكبير، يتطلب حصول فلسطين على العضوية الكاملة تصويتًا من الجمعية العامة وتوصية من مجلس الأمن. من المرجح أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل على مشروع قرار فلسطينى يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني» فى الأراضى الفلسطينية المحتلة فى غضون ستة أشهر.
وتلعب الجمعية العامة للأمم المتحدة دوراً حيوياً فى دعم حقوق الفلسطينيين من خلال اتخاذ قرارات تعزز من مكانة فلسطين على الساحة الدولية، وتؤكد على حقهم فى تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة. وتعتبر الجمعية العامة منبراً مهماً للفلسطينيين لعرض قضيتهم، خاصة فى ظل عدم قدرة مجلس الأمن على اتخاذ قرارات ملزمة فى هذا الشأن بسبب حق الفيتو الذى تستخدمه الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة.
إيران..أول إطلالة على العالم من «النافذة العراقية»
مروى حسن حسين
فى مستهل أول زيارة رسمية خارجية بعد تسلمه مهام منصبه فى يوليو الماضي، وصل الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان إلى بغداد يوم الأربعاء فى زيارة امتدت لثلاثة أيام، فى فترة تشهد العلاقات بين البلدين كثيرا من التعقيدات، كما أنها تتزامن مع توترات إقليمية عديدة أبرزها حرب غزة التى تُلقى بظلالها على الأوضاع السياسية فى العراق والمنطقة كلها، إذ إن بعض الفصائل العراقية المسلحة القريبة من إيران أبدت دعمها العلنى للفصائل الفلسطينية، ما رفع من حدة التوترات مع القوى الإقليمية والدولية.
استقبل رئيس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى الرئيس الإيرانى فى مطار بغداد، وعقد بزشكيان مباحثات موسعة مع السودانى ركزت على تعزيز ملفات التعاون الاقتصادى والأمنى والتجارى والشراكة فى عدد من قطاعات التنمية، كما وقع الجانبان 14 مذكرة تفاهم فى مجالات مختلفة شملت الاقتصاد والاتصالات والزراعة والموارد الطبيعية والسياحة وتبادل الخبرات وقطاعات تنموية واستثمارية اخرى. كما عقد لقاءات مع التجار الإيرانيين المقيمين فى العراق، وقام أيضا بزيارة بعض المشاريع التى تنفذها الشركات الإيرانية فى البصرة.
وفى أول زيارة لرئيس إيرانى لإقليم كردستان العراق، وصل بزشكيان إلى أربيل، فى ثانى محطة من زيارته للعراق، حيث التقى القيادات الكردية من رئيس الإقليم نيجيرفان البارزانى ورئيس الحكومة مسرور البارزاني. كما التقى بزشكيان ممثلى الأحزاب الكردية والأقليات، وأجرى اجتماعا خاصا مع مسعود البارزانى رئيس الحزب الديمقراطى الكردستاني. وتم التأكيد خلال اللقاء على التنسيق وتعزيز العلاقات بين إقليم كردستان وإيران فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، كما تم توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس مسعود البارزانى لزيارة إيران والتى أصبحت مثار اهتمام كبير من قبل الجانب الكردي، خاصة أن مسعود البارزانى لم يزر إيران لأكثر من 12 سنة.
ويتوقع المراقبون أن تعيد هذه الزيارة العلاقة بين طهران وأربيل إلى سابق عهدها من الود والتعاون قبل استهداف الإقليم. حيث قد وصل التوتر فى العلاقة بين الطرفين إلى مستويات غير مسبوقة بعد أن قصفت إيران مواقع داخل أربيل بالصواريخ الباليستية فى 11 يناير الماضي، بحجة أنها مواقع تابعة للموساد الإسرائيلي، الأمر الذى نفاه إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية فى بغداد.
زيارة الرئيس الإيرانى إلى إقليم كردستان لها أهمية كبيرة، حيث يتمتع إقليم كردستان بأهمية جيوسياسية خاصة بالنسبة لإيران، حيث إن للإقليم حدودا مع إيران تمتد لأكثر من 450 كيلومترا، وعلى الصعيد الاقتصادي، هناك تبادل تجارى ضخم يصل إلى 6 مليارات دولار سنويا بين الجانبين، وطهران بحاجة كبيرة لهذا التبادل التجارى مع الإقليم.
كما تعد هذه الزيارة مهمة جدا للجانبين من الناحية الأمنية، فهى مهمة لإقليم كردستان لأن إيران تستطيع استخدام مجموعات الحشد الشعبى والجماعات المقربة من إيران داخل العراق كتهديد ضد الأمن والاستقرار الاقتصادى لإقليم كردستان. بالإضافة إلى إمكانية قيام الجماعات الكردية الإيرانية بتشكيل تهديد للأراضى الإيرانية، أو دول مثل الولايات المتحدة، ودون إرادة إقليم كردستان، لهذا فهى زيارة مهمة وليست زيارة بروتوكولية.
مما لا شك فيه أن اختيار العراق لتكون المحطة الخارجية الأولى للرئيس الإيرانى الجديد تنطوى عليها دلالات مهمة، ومؤشر إلى حقائق جوهرية، حول رؤية طهران للعلاقات العراقية-الإيرانية، بصرف النظر عن هوية من يشغل منصب الرئيس فى إيران، وبصرف النظر عن الكثير من التجاذبات والمشاكل والأزمات فى المشهد السياسى العراقى العام. حيث تولى طهران أهمية كبيرة جدا لبغداد، مثلما تولى الأخيرة ذات الأهمية لطهران، لاعتبارات ودواع وأسباب مختلفة، لا سيما إدامة وتعزيز العلاقات والروابط مع البلدين الجارين فى كل الجوانب والمجالات، بما ينسجم مع مصالح الطرفين، وبما يسهم فى تعزيز الأمن والسلام فى المنطقة، وكذلك تقوية وترصين جبهة المقاومة، التى يعد كل من العراق وإيران، أطرافا محورية ومؤثرة فيها.
ومن خلال تتبع مسيرة العلاقات العراقية-الإيرانية على امتداد العشرين عاما الماضية، يمكن تحديد ثلاثة مستويات لهذه العلاقات، مستوى يتمثل بالتوافق والتفاهم والانسجام فى الرؤى والمواقف والتوجهات فى الإطار العام الشامل، رغم وجود العراقيل والمعوقات من هنا وهناك، وقد برز ذلك واضحا على صعيد التعاون والتنسيق فى محاربة الإرهاب، سواء تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش، إذ إن دور إيران فى مساعدة العراق بهذا الجانب، كان محوريا وحاسما فى كثير من الأحيان، وهذا ما أقر به الساسة والمسئولون العراقيون قبل الإيرانيين.
أما المستوى الآخر، فيتمثل بوجود عقد وإشكاليات إلى جانب التوافقات والتفاهمات، وهذا نجده فيما يتعلق بالملفات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتلك العقد والإشكاليات غالبا ما يكون طابعها فنيا، وإن كانت بعض دوافعها ومحركاتها سياسية، وهذه لا تؤثر فى الثوابت والمبادئ التى تستند إليها، ويتحرك على ضوئها إيقاع العلاقات بين بغداد وطهران، كما هو الحال مع ملف تصدير الغاز الإيرانى للعراق واستحقاقاته المالية المتلكئة فى أغلب الأحيان. فى حين يتمثل المستوى الثالث، بقضايا خلافية عالقة تعود جذورها إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ترتبط بترسيم الحدود وتعويضات الحرب (1980-1988)، ومصير ما تبقى من الأسرى والمفقودين من الطرفين، فضلا عن مشكلة الحصص المائية فى الأنهار المشتركة.
وبالرغم من عدم حسم ملفات المستوى الثالث، إلا أنها فى واقع الحال، لم تشكل عائقا حقيقيا أمام استثمار الفرص والآفاق المتاحة لتحقيق أكبر قدر من المنفعة لكلا الطرفين، فحجم المبادلات التجارية السنوية، الذى تجاوز العشرة مليارات دولار خلال الأعوام القلائل الماضية، إلى جانب ذلك، فإن بغداد اضطلعت بدور إيجابى فاعل فى حلحلة الأزمات بين طهران وأطراف إقليمية ودولية، علما بأنها، خلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة الماضية، تحركت بهذا الاتجاه، ونجحت فى جمع ممثلين عن الحكومتين الإيرانية والسعودية حول طاولة واحدة، وسط ترحيب وارتياح من طهران والرياض. ولا شك أن انفراج الأزمات وحلحلة المشاكل بين هذين الخصمين التقليديين، كان له انعكاس إيجابى ملموس على مجمل الوضع العراقى وأوضاع المنطقة.
وكلما كانت علاقات بغداد وطهران راسخة، ومساراتها محددة وواضحة، وطبيعتها استراتيجية عميقة، انعكس ذلك إيجابيا على مجمل الحراك فى الفضاءين الإقليمى والدولي، وبالتالي، حلحلة الكثير من العقد والاشكاليات.
وهنا فإن حكومة بزشكيان، لابد أن تحرص على عدم التفريط بما تم تحقيقه من مكاسب وإنجازات فى مسيرة العلاقات مع بغداد، وهذا ما أشار إليه الرئيس بزشكيان،.
ألمانيا.. مخاوف من التورط أكثر فى دعم أوكرانيا
محمد جمال الزهيري
عقب سلسلة من الإخفاقات فى الانتخابات الإقليمية والأوروبية يبدو أن المستشار الألمانى أولاف شولتس قد قرر إعادة ترتيب أوراقه من جديد عن طريق اللجوء إلى اللعب بورقة «الحرب الروسية الأوكرانية» فى محاولة لتعزيز موقفه، وذلك بعد تفوق حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى المتطرف، فى انتخابات محلية شهدتها مقاطعتان بشرق البلاد مؤخرا، وتراجع فيها ائتلاف شولتس حيث إن من ضمن أهداف الحزب أن يتم وقف الدعم العسكرى الألمانى لأوكرانيا منذ بدء الحرب فى فبراير 2022، الذى تؤكد جميع المؤشرات الداخلية فى البلاد أنه بدأ يثير سخط الشعب الألماني.
وأكد المستشار الألماني، أولاف شولتس، فى مقابلة مع شبكة «زد دى إف» الألمانية العامة أن «الوقت قد حان» لتكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل إحلال السلام فى أوكرانيا بشكل أسرع، وأن روسيا يجب أن تحضر القمة المقبلة للسلام، بعدما تم استبعادها من الاجتماع الدولى الذى عقد بسويسرا فى يونيو الماضي.
وتعد برلين حاليا هى ثانى أكبر مساهم فى تقديم المعونات العسكرية لكييف بعد واشنطن، وتعهدت حكومة شولتس فى العديد من المناسبات بمواصلة هذا الدعم، حيث أكد شولتس فى تصريحات سابقة، أن بلاده لن تتراجع عن دعمها العسكرى لأوكرانيا، وقال إن بلاده اتخذت الترتيبات اللازمة، وأبرمت صفقات (دفاعية) وحصلت على التمويل الذى يضمن أن تتمكن أوكرانيا من الاعتماد على ألمانيا بالكامل فى المستقبل، وذلك فى أعقاب تقرير لصحيفة (فرانكفورتر ألجماينه سونتاجس تسايتونج) يفيد بأن وزارة المالية الألمانية لن توافق على طلبات إضافية للمساعدات العسكرية بسبب قيود الميزانية، وهو ما نفاه متحدث باسم الحكومة الألمانية مؤكدا أن هذا التقرير «غير صحيح» وأن برلين ستظل تدعم كييف «طالما كان ذلك ضرورياً».
ويرجح العديد من الخبراء أن المستشار الألمانى يعكف حاليا على إعداد وطرح خطة جديدة لإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا والتى قد تقوم بناء على اتفاقيات «مينسك»، حيث إن تلك الخطة «لا تستبعد نقل أراض أوكرانية إلى روسيا»، فى صراع قارب على إتمام عامه الثالث ومازال ينتظر الحسم لإنهاء معاناة ملايين المتضررين جراء الحرب بين البلدين.
من جهته، صرح الكرملين بأنه لا يرى أن هناك حالياً أى أساس لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا، وقال دميترى بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فيما يتعلق بالتسوية السلمية للصراع فى أوكرانيا أنه لا تبرز حتى الآن «أى ملامح ملموسة»، وأشار إلى أن بلاده تسمع تصريحات من دول أوروبية مختلفة، ولكنها لا ترى شيئاً من الدولة التى تقود هذه العملية والتى توجه الغرب الجماعي، فى إشارة إلى الولايات المتحدة. فى الوقت نفسه، ذكرت العديد من التقارير أن روسيا مستعدة لإجراء مفاوضات مع كييف على أساس المحادثات التى عُقدت فى عام 2022.
بعدما كانت موسكو تستبعد أى مفاوضات على خلفية الهجوم الأوكرانى الذى بدأ فى أغسطس الماضى فى منطقة كورسك الحدودية الروسية، وفى وقت سابق، أكد ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلنطى «الناتو» نية الحلف تزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية مستقرة وطويلة الأمد بحد أدنى «40 مليار يورو» للعام المقبل، وأشار إلى أنه يتم إنشاء قيادة منفصلة لحلف الناتو فى فيسبادن بألمانيا وسيتم إطلاق مركز لوجستى فى الجزء الشرقى من الحلف لتسليم المساعدات إلى أوكرانيا.
كما أعلن المتحدث باسم البنتاجون الجنرال بات رايدر، أن وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، تعهد بتقديم حزمة مساعدات إضافية لأوكرانيا بقيمة 250 مليون دولار تشمل قدرات مثل صواريخ الدفاع الجوى وذخائر أنظمة الصواريخ والمدفعية والمركبات المدرعة والأسلحة المضادة للدبابات.
وميدانيا، اشتعلت حرب الطائرات المسيرة بين البلدين حيث يواصل الجيش الروسى محاولاته للتقدم والسيطرة على مزيد من الأراضى الأوكرانية، فى وقت تقاوم فيه كييف لمحاولة استعادة أراضيها بدعم عسكرى من الغرب.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن وسائل الدفاع الجوى أسقطت مئات المسيرات الأوكرانية خلال الأيام القليلة الماضية، بينما دعا وزير الخارجية الأوكرانى أندرى سيبيا فى المقابل أن تتدخل دول الغرب لإسقاط الطائرات الروسية بدون طيار فوق أوكرانيا وبعض دول الحلف مثل رومانيا ولاتفيا فى غضون ذلك، قالت الحكومات الفرنسية والألمانية والبريطانية ومعهم الولايات المتحدة الأمريكية إن روسيا تسلمت صواريخ إيرانية لاستخدامها فى أوكرانيا «خلال أسابيع»، وأن هذا التطور يهدد الأمن الأوروبي، وهو ما دفع هذه الدول إلى فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا وإيران تشمل شركات ومنظمات تربطها صلات بقطاع تصنيع الطائرات المسيّرة فى البلدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.