17 سنة زواج.. حياتهما تبدو مثالية ومستقرة.. يعمل الزوجان بجد ويدخران المال لبناء منزل يجمعهما بأولادهما الخمسة.. 17 سنة حب واستقرار، وفي لحظة تغير كل شيء، السعادة البادية أمام الجميع تخفي وراءها توترات وخلافات حادة، لكن لم يكن أحد يتوقع أن نهاية تلك الخلافات هو ارتكاب جريمة قتل بشعة، راح ضحيتها الزوج، وكاد الابن الأصغر أن يفقد حياته هو الآخر لولا العناية الإلهية التي أنقذته من الموت المحقق، والقاتل هو الأم التي أصبحت طبلية عشماوي في انتظارها، وتبقى الأبناء الخمسة في ظلمة اليتم، يعانون العار وضياع الأسرة.. ماذا حدث؟، ولماذا ارتكبت الزوجة تلك الجريمة البشعة؟.. تفاصيل واعترافات مثيرة أمام النيابة واعترافات أخرى أمام المحكمة أدلت بها المتهمة.. وإلى التفاصيل. داخل قرية مسارة التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، بدأت القصة منذ أكثر من 17 عاما، وتحديدا عام 2006 عندما تزوجت بطلة قصتنا، أمل محمد، تلك المعلمة في مدرسة القرية الابتدائية، من يسري، الذي يعمل هو الآخر مدرسًا، قصة حب نشأت بين الاثنين، عاشا في بيت صغير، حتى رزقهما الله بخمسة أبناء، أدركا وقتها أنه لابد من أن يبنيا بيتا أكبر لهما، وقفت أمل بجانب زوجها وساعدته ماديًا ومعنويًا، حتى أسسا البيت الذي يحلمان به، من هنا انقلبت حياة هذين الزوجين، تبدلت من السعادة للحزن، ومن الهدوء للصخب، دون أن يدري أحد ما السبب؛ لتستيقظ القرية الهادئة في يوم من الأيام على خبر مفزع، وهو قتل الزوج يسري، وأن القاتل هي أمل، حالة من الصدمة انتابت الجميع، لا أحد يصدق ما فعلته أمل، فهي مشهود لها بالطيبة وحسن الخلق، كيف تُقبل على ارتكاب تلك الجريمة وتلوث يدها بالدم، كيف تجرؤ على طعن نجلها الصغير بالسكين، أسئلة كثيرة محيرة دارت بعقول أهالي القرية، لكن الإجابة المؤكدة والنهائية كانت عند أمل نفسها. اعترافات المثير أن اعترافات المتهمة أمام المحكمة جاءت مختلفة عما اعترفت به أمام النيابة، دعونا في البداية نسرد اعترافاتها أمام النيابة وقت التحقيق معها. اسمك وسنك وعنوانك؟ أمل محمد، 41 سنة، معلم أول بمدرسة مسارة الابتدائية، مقيمة قرية مسارة مركز ديروط. متى وأين حدثت جريمة القتل؟ ارتكبت الجريمة يوم الخميس 16/11\2023، حوالي الساعة 12:30 صباحًا في بيتنا بقرية مسارة. متى تحديدا نشأت العلاقة الزوجية بينك وزوجك يسري عيد؟ تصمت قليلًا وتجيب أمل قائلة:منذ 2006. وما هي طبيعة العلاقة بينك و زوجك المتوفى إلى رحمة مولاه؟ كانت علاقة زوجية قائمة على الحب والمودة. هل لديكما أبناء؟ نعم.. خمسة أبناء أكبرهم 17 سنة وأصغرهم 5 سنوات. هل ثمة خلافات فيما بينك و زوجك؟ الحياة بيننا زمان كانت زي أي اتنين متزوجين بس من حوالي سنتين أو تلاتة بدأ يطلب مني الممارسات التي تغضب الله وأنا كنت بختلف معاه فيها. هل كانت تلك الممارسات الشاذة دافعًا في إزهاق روح زوجك؟ تعود أمل لصمتها ثم تقول:أيوه. هل دار في ذهنك كيفية إنهاء حياة زوجك؟ أيوه.. أنا كنت مقررة أموته بس الطريقة ماكنتش جاية في دماغي. متي قومتي بإعداد السلاح الأبيض المستخدم في واقعة قتل زوجك؟ أنا اشتريت السكين ده من شهر بس كنت مشترياه عشان السكاكين اللي عندنا في البيت باظت مش عشان أقتله به. كيف ارتكبتي جريمتك؟ اليوم بدأ طبيعيا جدا مثله مثل أي يوم في حياتنا، أعددت الطعام وذهبت لعملي في المدرسة، لما جات الساعة 10 مساء صليت قيام الليل لمدة ساعة، وبعدها زوجي طلب مني نطلع الدور التالت لممارسة العلاقة الزوجية، وقتها أخدت السكين من النيش وطلعت وراه وكنت مخبياها ورا ضهري، وأول ما دخلت زقتها تحت الدكة ومارسنا العلاقة عادي، لكن طلب مني العلاقة المحرمة بعدها، فقولتله غمض عينيك، وأخدت السكين من تحت الدكة بهدوء عشان ميحسش وروحت دبحاه بيها وأول ما لاقيت الدم نزل منه كتير خوفت ورميت السكينة وطلعت أجري ونزلت الدور التاني وكنت مرعوبة وبعد دقيقتين قولت أطلع أشوفه فيه النفس ولا لأ، ولو عايش أخده على المستشفى ولما طلعت لاقيته مرمي قدام الباب في وضع السجود، جات في دماغي فكرة أني أحط السكينة في إيده اليمين وأنزل تحت اضرب ابني عمر وأقول للناس إن هو ضرب ابنه وانتحر.. نزلت تحت دخلت المطبخ وطلعت سكينة ودخلت الأوضة على ابني عمر وكان نايم وضربته في بطنه وهو صحي يصرخ، وإخواته صحيوا فقولتلهم عمر بينزل دم وبطنه مفتوحة وخدت ابني ونزلت تحت علطول لاقيت ابن عمي وطلعنا على مستشفى القوصية. ألم تحاولي إسعاف زوجك؟ أنا لما طلعت تاني قولت لو فيه الروح هطلع به المستشفى بس هو كان مات. هل من مقاومة بدرت من زوجك المجني عليه؟ لأ. وما الذي حال دون ذلك؟ عشان أنا طلبت منه يغمض عينه وهو غمض وماكنش شايفني وأنا باخد السكينة وروحت دبحاه. ألم تعدلي عن قرارك حال قيامك بوضع السكين على رقبة زوجك ونحره؟ لأ.. أنا كنت واخدة قرار وهنفذه إني أقتله. وما الذي قومتي به تحديدا عقب قيامك بالتأكد من وفاة زوجك؟ جت في دماغي فكرة أني أخلص على ابني عمر وأقول إن هو ضرب ابنه وانتحر وروحت ماسكة السكينة اللي ضربته بيها وحطيتها في إيده اليمين عشان تبان إنها واقعة انتحار. وهل كانت تلك الفكرة متولدة إليكي من قبل؟ لا الفكرة دي جاتلي وأنا واقفة قدام زوجي لما أتأكدت إن هو مات. كم طعنة كلتيها للمجني عليه نجلك عمر يسري؟ أنا مشيت السكينة على بطنه مرة واحدة. ألم يحثك مشاهدة نجلك نائمًا أمنًا في فراشه من عدم التعدي عليه واحداث ما به من إصابات؟ أنا قعدت جنبه دقيقة أو دقيقتين مترددة أضربه بس الشيطان غواني وضربته واتخلصت من السكينة وأخدته ونزلت به الشارع علطول. لماذا استقر الاختيار على نجلك عمر؟ عشان هو أصغر حد في عيالي. وفي نهاية التحقيق مع المتهمة، وجهت لها النيابة تهمة قتل زوجها عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، كما وجهت لها تهمة الشروع في قتل ابنها الطفل عمر، وهي أقرت بالاعتراف. اقرأ أيضا: تأجيل محاكمة كتيبة إعدام شاب بالشرقية للمرافعة أمام المحكمة ثم تحولت القضية لمحكمة الجنايات، وعلى مدار 4 جلسات فقط كانت هناك مفاجآت عدة. في الجلسة الأولى، تم عرضها على الطب الشرعي لبيان صحة إذا كانت هناك ممارسات شاذة حدثت كما قالت في اعترافاتها، لكن جاء تقرير الطب الشرعي والذي أكد أنه لا يستطيع أن يجزم إذا كانت هناك ممارسات شاذة من عدمه ولذلك بسبب طبيعة تلك المنطقة الرخوة. وفي الجلسة الثانية، استمعت المحكمة لمرافعة النيابة ودفاع المتهمة. أما في الجلسة الثالثة فكانت كلها مفاجآت، وفيها طلبت المتهمة التحدث للمحكمة، وهنا تغيرت اعترافاتها تمامًا ظنًا منها أنها ستفلت من العقاب. وقفت أمل وهي ترتدي الملابس البيضاء، لتحكي كيف تحولت حياتها من الاستقرار والهدوء للقلق والصخب، فقالت وهي ترتعش من الخوف والعقاب المنتظر الذي سوف تنزل به المحكمة عليها فلم تكن لديها القدرة هنا على تماسك أعصابها قالت:»أنا كنت أعيش مع زوجي وأبنائنا ال 5 حياة مستقرة وكان زوجي أيضا يعمل معلم أول بالمدرسة وادخرنا رواتبنا من أجل بناء منزل يجمعنا نحن وأبنائنا.. وبالفعل ادخرنا مبلغ بنينا المنزل وقال لي زوجي وقتها: أنا حاسس إننا مش هنقعد في المنزل ده، لأن الناس كانت تحسدنا على العز اللي كنا فيه وإننا استطعنا جمع المال لبناء المنزل وحياتنا مستقرة». وأكملت أمل كلامها: «في أحد الأيام أعطتني إحدى زميلاتي كتابًا وقالت لي أنه سوف يحفظنا ويحمينا من الحسد وبالفعل أخذت الكتاب وبدأت القراءة فيه ولكن وجدت فيه عبارات غير مفهومة لم استطع فهمها ودخل علي زوجي وأنا اقرأ في الكتاب وعندما نظر فيه قال لي أنه سحر وسوف يقلب حياتنا ويدمر منزلنا ولكن لم أكن أؤمن بالسحر والشعوذة ولكن بالفعل تبدل الحال وبدأت الخلافات بيننا وذهبت إلى أطباء نفسيين وأجمعوا إنني لا أعاني من مرض عضوي ولكن أعاني من مرض نفسي وزاد الأمر تدهورًا حتى يوم الواقعة طلب مني زوجي ممارسة العلاقة الزوجية وبعد نوم أبنائنا كنت في طريقي للصعود للطابق الثالث بمنزلنا لممارسة العلاقة ولكن بدون إدراك وجدت نفسي ذهبت إلى المطبخ وأخذت «سكين» وأخفيتها خلفي وصعدت بعد ذلك إلى زوجي وأخفيت السكين أسفل الكنبة التي كنا نجلس عليها وبعد انتهاء علاقتنا الزوجية أخرجت السكين وذبحت بها زوجي دون أن أدري». ثم صمتت قليلا وكأنها تتذكر ذلك المشهد المأساوي الذي أنهت فيه حياة زوجها، ثم قالت: «عندما رأيته وهو ينزف غارقا في دمائه ارتعشت من الخوف وذهبت إلى غرفة ابننا عمر أصغر أبنائنا وطعنته بالسكين في بطنه وصعدت مرة أخرى للطابق الثالث، كنت اعتقد أن زوجي على قيد الحياة وعندما وجدته توفى في وضع السجود وضعت السكين في يده ونزلت مرة أخرى حملت ابني وخرجت به إلى الشارع في محاولة لإنقاذه». وتابعت المتهمة قائلة: «أنا كنت بحب زوجي جدا وذهبت لإنقاذه لأنني لم أدرك ما فعلته وهل يعقل أن اقتل ابني وحتى الآن لا استوعب ما حدث». بعدها انهارت المتهمة ودخلت في نوبة من البكاء، وكان قرار المحكمة هو عرضها على الطب النفسي لبيان مدى سلامة قواها العقلية. وفي الجلسة الرابعة، كانت نتيجة تقرير الطب النفسي؛ فكشف تقرير إدارة الطب النفسي الشرعي التابع لإدارة المجلس الإقليمي للصحة النفسية بوزارة الصحة، أن المتهمة «أمل . م . ز» حالتها لا تستدعي حجزها بمستشفى الصحة النفسية لعدم ثبوت اصابتهابالمرض النفسي أو العقلي. النهاية وفي تلك الجلسة كانت نهاية الحكاية التي بدأت بحب وانتهت بجريمة قتل، فأصدرت محكمة جنايات أسيوط، الدائرة السادسة؛برئاسة المستشار طارق محمود وصفي رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين أحمد عبد الناصر دبوس، ومحمد أبو سداح نائبا رئيس المحكمة، وأمانة سر سيد علي بكر وناصر فؤاد؛ بإحالة أوراق المتهمة للمفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامها، وحددت جلسة 24 سبتمبر المقبل للنطق بالحكم. محامى المتهمة: اموكلتى اعترفت بجريمتها.. ولا يزال هناك استئناف ونقضب تولى مصطفى الحملي المحامي، الدفاع عن المتهمة، فقال خلال مرافعته أمام المحكمة: «موكلتي أقرت بارتكاب الواقعة ولم تدفن رأسها في الرمال كالنعام ومنذ بداية التحقيقات أمام النيابة العامة قالت حدث ما حدث وقصت القصة كاملة في التحقيقات، ولكن هل سلوك المتهمة يسود عليها الإجرام أم نفس سوية؟!، نحن الآن أمام أمرين أولهما أسرة قد تركتها المتهمة أكبرهن ابنتها في سن السابعة عشر من عمرها وبعد عام أو عامين سيكون هناك خطيب لابنتها للزواج منها وهناك ثلاثة أبناء آخرين؛ هذه الأسرة التي تركتها المتهمة وانقطعت عنها من يساعدها على ذلك». وأضاف: «موكلتي لم تحمل بداخلها النفس الإجرامية هي حافظة لكتاب الله معلمة لأولادها وللغير وكان زوجها المجني عليه حافظا لكتاب الله وكلا منهما معلم خبير والجميع يشهد بحسن سلوك موكلتي وما حدث منها كان طارئا وجاء بعد زيارتها لمحافظة المنيا والتقت بأحد الأشخاص ودار الحديث بينها ومن التقت معه ومنحها كتابًا وبعد قراءتها لهذا الكتاب تبدل الحال إلى حال وهي الآن باكية ندمًا والدموع تنهمر من عينيها وأطلب من حضراتكم أن تبعثوا الأمل في أمل قبل أن يموت بداخلها الأمل؛ بشأن أولادها التي تركتهم ومرافعتي اليوم ليست مرافعة قانون بل هو حديث قلب وأعلم أن المحكمة إن عزفت على وتر قلبها في الأمور الإنسانية ستتجاوب لأن بين الضلوع قلب مرهف الحس وما دفعني لقبول هذه القضية للترافع فيها لأنني أعلم أن قاضيها طبيب والحكم في هذه القضية هو عبارة عن روشتة لعلاج يرد الأمور،ويلملم شتات من تبقى منها». هذا كان جزء من مرافعة محامي المتهمة أمام المحكمة، تواصلنا معه ليسردنا لنا تفاصيل أكثر، فقال: «هناك من يتعاطف مع القاتلة، فجميع الشهود شهدوا بأخلاقها الحسنة وسمعتها الطيبة، فكانت تصلي وتصوم وعلاقاتها بجيرانها وزمايلها طيبة، لذلك الكل مصدوم مما حدث، وبالتأكيد منزعجون مما فعلته حتى ابنائها، المؤسف والموجع في تلك القضية هم الأبناء الضحايا، فالأب مات وصعدت روحه لخالقها، والأم حكمت عليها المحكمة بإحالة أوراقها للمفتي، وتبقى الأبناء سيحملون عار ما فعلته الأم بدون وعي أو إدراك منها، لكن حكم الإحالة للمفتي ليس نهاية المطاف، فهناك استئناف ونقض ونحن على ثقة بالقضاء العادل»