كان خُلقه القرآن.. هكذا لخصت السيدة عائشة رضى الله عنها مكارم أخلاق النبى، عندما سألها الصحابة عن أحوال النبى صلى الله عليه وسلم. أخلاقه الكريمة واحدة من أسرار عظمته وإحدى معجزاته الشريفة، ومن خلالها استطاع أن يُحوِّل قبائل متناحرة إلى خير أمة أُخرجت للناس، وربى رجالا ونساءً بأخلاق القرآن نجحوا فى قيادة العالم ونشر الدين الحنيف فى شتى بقاع الأرض. سيد الخَلق محمد صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين، فليس من العجيب أن تجتمع لديه مكارم الأخلاق وخير الصفات وأن تكون هى المقياس الذى نرجع إليه فى تقييم أحوالنا وأخلاقنا مع المولى عز وجل ومع مخلوقاته جميعًا. مهما تغيرت الأزمنة وتعددت الثقافات فهى الفطرة السليمة لكل البشر. وتأتى عظمة أخلاقه صلى الله عليه وسلم فى تكاملها، فقد اجتمعت لديه كل الخصال والصفات الحميدة بدون أن يؤثر أحدها على الآخر زيادةً أو نقصانًا، فالصدق مثل الرحمة والشجاعة مثل التواضع، ولم يكن جمال الأخلاق مع أتباعه، بل كان الصادق الأمين قبل البعثة وبعدها، وكان جميل الأخلاق مع الكبير والصغير والرجل والمرأة والغنى والفقير والحيوان والجماد وحتى مع أعدائه. ويكفى أن الله سبحانه وتعالى مدح نبيه بقوله: «وإنك على خُلقٍ عظيم» سورة القلم - وأوصانا المولى عز وجل بأن نتأسى برسول الله فى قوله: «لقد كان لكم فى رسول الله أُسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر» سورة الأحزاب. فاتباع سنته والتأسى بأخلاقه وصفاته ليس فقط طريق النجاة، بل أمر إلهى، لذا لم يترك النبى المسلمين وشأنهم، بل حَبَّب إليهم التحلى بالأخلاق والخصال الطيبة وجعل دخول الجنة مُعلقًا بها، فقال عن أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحُسن الخُلق، وقال صلى الله عليه وسلم: «أحبكم إليَّ وأقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحاسِنكم أخلاقًا».