وقفت أمام المحكمة ترتدي النقاب الذي حاولت أن تخفي تحته خيانتها وإجرامها، تذرف من عينيها بعض قطرات دموع التماسيح، التي لم تلق أي اهتمام أو تعاطف من الحضور داخل القاعة وبجوارها يقف شريكها في الخيانة وفي جريمة القتل، تطلب المتهمة من القاضي أن تتكلم قالت بعد أن سمح لها بالكلام: «أنا متجوزة عبدالله وأنا عندي 15 سنة خلالها انجبنا ثلاثة أبناء ومش عارفه انا عملت ليه كده»!، ثم دخلت في نوبة من البكاء.. وما بين كلامها والنطق بالحكم في قضيتها البشعة، والتي راح ضحيتها الزوج المجني عليه، تفاصيل مثيرة ومأساوية نسردها في السطور التالية. أحداث تلك القصة بدأت في قرية كوبري 10 بالبرلس، التابعة لمحافظة كفر الشيخ؛ حيث تزوج بطل قصتنا محمود عبدالله، من أم هاشم، عاشا سويا أيامًا من السعادة والحب، كان زوجًا مخلصًا لا يبخل عنها بشيء، يبذل قصارى جهده حتى يوفر لها ما تحتاجه، إلى أن رزقهما الله بثلاثة أبناء.. حياتهم كانت طبيعية وهادئة حتى تلك اللحظة التي سلمت فيها الزوجة عقلها لوسواس الشيطان. في يوم من الأيام، وقبل عامين ونصف من الآن، خرجت أم هاشم من بيتها متجهة لإحدى القرى المجاورة لشراء بعض الاحتياجات، وقفت على الطريق تنتظر سيارة تقلها حيثما تشاء، إلى أن وجدت شخصًا يقود سيارته، وليست هناك أي صلة بينهما، فأشارت له بالوقوف ثم طلبت منه توصيلها، وفي الطريق بدأت تتحدث معه، نظرات إعجاب وكلام معسول ومن هنا بدأت الحكاية، أخذت رقم هاتفه، وبدأت تتحدث معه ليلا ونهارا.. فأصبحا يتبادلان النظرات والهمسات، يراسلان بعضهما البعض؛ لتبدأ الخيانة، وطريق اللاعودة، ربما وجدت فيه روحًا لحياة لم تعشها، حالة تمرد دفعتها للوجود معه، فجأة أدركت أن زوجها لم يملأ عينيها وقلبها، فاندفعت وراء نزواتها الرخيصة، وانصاعت وراء دقات قلبها، وطوفان العشق والشهوة، ولم تكن الزوجة الخائنة تعلم أن نهاية ما تفعله ستكون جريمة ترتكبها بيدها مع شريكها.. تناست دورها كزوجة وباتت تجرى وراء شهواتها حتى وقعت في براثن ذئب بشري أوهمها بحبه لها ودخلا سويًا في علاقة محرمة أفسدت حياتها الزوجية، أصبحت الزوجة بطلة الواقعة تمارس الحب الحرام مع عشيقها كلما أتيحت لهما الفرصة، دنست شرف زوجها المخدوع في التراب، تناست أنها أمًا؛ وتغافلت عن 20 سنة عاشتها مع زوجها؛ الذي لم يبخل عنها بشيء. عام ونصف وهي غارقة في بحر الخيانة، ومن جبروتها عرفت عشيقها على زوجها للعمل سويا، وحتى تتيح لها الفرصة لمقابلته في أي وقت وداخل بيتها.. يأس الخائنان من فكرة طلاق الزوجة فقررا التخلص من الزوج بالقتل حتى تحصل المتهمة على لقب أرملة وتتيح الفرصة للعشيق، بدأت ترصد تحركات زوجها وموعد حضوره وانصرافه من وإلى المنزل وأبلغت عشيقها واتفقا على ساعة الصفر لتنفيذ الجريمة. استدراج وقتل في الليلة الأخيرة التي جمعت المتهمين اتفقا على طريقة التنفيذ على أن ينفذ العشيق جريمته، استدرج الزوج المخدوع بحجة العمل، وداخل أرض زراعية سدد ضربات قوية للمجني عليه على رأسه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بين يديه، استكمل المتهم جريمته وحمل الجثة بعد تكبيلها في سواد الليل مستغلا هدوء الشوارع وخلوها من المارة وتخلص من الجثة وألقاها بإحدى الترع القريبة.. واتصل بعشيقته يفرحها بأنه انتهى من جريمته وتخلصا نهائيًا من العقبة التي تقف في طريق حبهما. اختفى الزوج عن البيت، بدأ الأولاد والجيران يسألون عنه، تظاهرت الزوجة بأنها لا تعرف شيئا، وأوهمت الجميع بأنها تشعر بالقلق، بل وإمعانا في تصديقها ذهبت لمركز الشرطة لتحرر محضرًا باختفاء زوجها بعدما فشلت عائلته وأصدقاؤه في العثور عليه. اقرأ أيضا: زوج يقتل زوجته في ظروف غامضة بأسيوط جثة طافية بالصدفة وبعد 40 يومًا من اختفاء عبدالله، عثر الأهالي والمارة على الجثة طافية على الماء، أخطروا الأجهزة الأمنية التي انتقلت لمسرح الجريمة لفحص الأمر، وحددوا هويته، وتشكل فريق بحث لكشف لغز الجريمة وهل هناك شبهة جنائية أم حادث قضاء وقدر؟ تحقيقات موسعة من قبل رجال المباحث، واستماع لشهود العيان ولأقوال الزوجة وأشقاء المجني عليه، ونفت الزوجة في البداية علاقتها بالجريمة وتظاهرت بالمفاجأة وبحبها لزوجها واستكملت تمثيلها بالبكاء بدموع التماسيح لإبعاد الشبهات عنها.. شك رجال المباحث في تصرفات الزوجة، واستمروا في جمع التحريات والمعلومات حتى توصلوا إلى خيط مهم وأيقنوا أن الزوجة تربطها علاقة غير شرعية برجل آخر، وأنهما وراء الجريمة.. بتضييق الخناق عليها لم تستطع الصمود طويلا وانهارت واعترفت بجريمتها، وتم القبض عليها وعلى عشيقها، بالتحريات تبين؛ أن الزوجة اشتركت بطريق الاتفاق والتحريض، والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمته بعدما أمدته بخاتمها الذهبي لبيعه وتمويل خلاصها من زوجها المجني عليه، واتفقا على إزهاق روحه في سبيل إفساح السبيل لعلاقتهما الآثمة فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة، وأحالتهما النيابة للجنايات، ومن الجلسة الثانية قالت المحكمة كلمتها الأخيرة في تلك القصة. النهاية قررت محكمة جنايات كفر الشيخ، الدائرة الأولى، برئاسة المستشار شريف عبدالوارث فارس، رئيس المحكمة والدائرة، وعضوية المستشارين يوسف عدلي خليل، ومحمد السيد قزامل، وسكرتارية محمد أحمد خليفة، وبإجماع آراء أعضائها بإحالة أوراق المتهم والزوجة للمفتي لأخذ الرأي الشرعي لإعدامهما، وحددت المحكمة جلسة 27 من شهر سبتمبر 2024 موعدًا للنطق بالحكم. تولى جميل أبو العنين، المحامي الدفاع عن المتهم، قائلا: "جريمة القتل تمت يوم 1 ديسمبر عام 2023م، بعدما عثر الأهالي على جثة الزوج بعد 40 يومًا من الاختفاء، وبتضييق الخناق على الزوجة اعترفت بأنها اشتركت واتفقت مع المتهم على قتله، وفي الجلسة الثانية لمحاكمة المتهمين، أصدرت المحكمة حكمها بإحالة أوراق المتهم والزوجة للمفتي وحددت جلسة 27 سبتمبر للنطق بالحكم، لكن لا يزال امامنا النقض وسنسعى جاهدين لنقض الحكم".